هو كتاب يؤرخ فيه صلاح عيسي قصة حياة محمد محمود منصور الشهير بخُط الصعيد، صياد السمك الفقير المسالم والذي تحول إلي مجرم وسفاح، يثير ذكره الرعب لدي العامة من المواطنين والمسئولين
احصل علي نسخةيسرد كتاب أفيون وبنادق الظروف السياسية التي أدت لظهور خط الصعيد وأولاد الليل بصفة عامة وكيفية احترافهم الإجرام مع انتشار السلاح في مصر مع انتهاء الحرب وهزيمة الألمان في العلمين تركوا وراءهم ترسانة اسلحة عملاقة، و نزوح الإنجليز من المدن الكبري وتمركزهم في القناة تاركين وراءهم أسلحة أكثر، حيث كان يباع المسدس ب ٣٠ قرش والطلقات النارية موجودة بمدد بلا حاكم لها.
مع وجود طبقات اجتماعية من الأعيان والعمد والمشايخ مكروهين بشدة من عامة الناس بسبب معاملتهم الناس بالسخرة و سرقة معاشاهم و انتشار فكرة الثأر بالصعيد، أصبح أولاد الليل ظاهرة وأصبح لهم من القوة لدرجة إنهم كانوا يفرضون الإتاوات ويحكمون الصعيد رغما عن أي قانون وأي سلطة أخرى،
قصة حدثت في خمسينيات القرن الماضي مسجلة بتتابع أدبي بديع بقلم أستاذ و كاتب عملاق هو صلاح عيسى الذي تخصص في مثل تلك الأعمال.
الحكاية هنا في أفيون وبنادق لا تكتفي بالجانب الإجرامي من الخُط فقط، وقد سمي بالخُط لأن جده كان شيخ أزهري ملقب بسر الختمة نسبة إلي ختمة القرآن ثم تحور الاسم للخت ثم الخُط. يبدع صلاح عيسى في كتابة سيرة ذاتية تفصيلية عن الرجل باهتمام لا يحظى به في عالم الكتابة في الغالب سوى عظماء التاريخ! ماذا كان يأكل وأين يسكن ومن تزوج،
يحكي عن عشيقاته، ماذا يلبس وكيف وأين ينام، عن حبه لمشروب الزبيب، وتدينه المتناقض مع إجرامه! عن مكانته وسط أبناء الليل وعصابات الصعيد المتعددة، وعن أمه التي تلاعبت بأعدائه بشكل ماكر يثير السخرية والإعجاب بذكائها.
كتاب أفيون وبنادق ليس فقد سرد لأحداث جريمة بشكل بوليسي توثيقي لمحاولات القبض على محمد منصور والإيقاع به، و لكنه أعمق من ذلك فهو كما يتضح من عنوانه هو سيرة سياسية و اجتماعية لحال البلاد وقتئذ بأسلوب أدبي ممتع و مشوق. الكاتب صلاح عيسى يقدم شكلا جديدًا في كتابة التاريخ يجمع بين مزايا الكتابة التاريخية الأكاديمية من حيث الدقة ومقارنة الحكايات ببعضها بعض،
وبين جمال الحكي و القص الأدبي واستخدام بعض تقنيات الرواية كالفلاش باك وغيرها، بالإضافة إلى العديد من الصور من مجلات وجرائد مصرية أضافت جانب توثيقي هام للكتاب وأعطته المزيد من المصداقية والثقل عند نقل تلك الأخبار البعيدة.
نقتبس من كتاب أفيون وبنادق ” تلك المشاعر العادية بين الإنسان والإنسان- إلى كائن يبادله الآخرون مشاعر غريبة، مشاعر لا تكون إلا بين الإنسان والوحش؟
والمشاعر العاديـة ليست دائمًا “حبًا”، إنهـا قـد تـكـون كراهيـة، أو حقدًا،
أو لامبالاة؛ لكنهـا تظـل في إطـار العـلاقة بين الإنسان والإنسـان، بمعنى أن طرفيهـا يتبادلان علاقات “بشرية” بين اثنين ينتميان لنفـس النـوع، لكـن الخُـط خـلـق بينـه وبين الآخريـن نوعًا غريبًا مـن العلاقـة، طرفاهـا: التجبر گـوحـش مـن ناحيته، والخـوف الغريـب مـن ناحيـة النـاس،
وهكـذا تعامـل الناس مـعـه كمـا لـو كانـوا يتعاملون مع “كائن”، لا ينتمي لدنيا البشر، يخافونه أبلغ ألوان الخـوف، ويرهبون مجـرد ذكـر اسـمه، ويتعاملـون مـعـه كظاهـرة مرعبة مـن ظواهر الطبيعـة؛ لا يستطيعون لها صدًا، ولا يقدرون على مواجهتها”.