التداوي بالفلسفة هو كتاب لسعيد ناشيد يطرح فيه أفكار حول أهمية الفلسفة وأهدافها وطبيعة علاقتها بالحياة الإنسانية، ويرفض القول القائل بأن الفلسفة هي نوع من أنواع الترف الفكري.
احصل علي نسخةالتداوي بالفلسفة، قلّما نجد كُتبًا يُعيرنا أصحابها فيها نصائحًا عملية وقيّمة، على عكس كُتب التنمية البشرية وتطوير الذات، التي يعتمد أصحابها على الخداع والتزوير وغرس الأحلام والأوهام في أذهان القراء.
يُقدم لنا الفيلسوف المغربي سعيد ناشيد في ذلك العمل قراءةً مُغايرةً للحياة؛ فليس عليك أن تكون عظيمًا، ولا ناجحًا كـ “ستيف جوبز، بيزوس، بيل غيتس، وإيلون ماسك”، إنما عليك أن تكون إنسانًا؛ فغاية الحياة ليست أن تكون ناجحًا فيها، بل أن تتعلم كيف تعيشها: فن العيش والحياة، وفي ذلك العمل يشرح لنا الكاتب معانيَ الحياة.
في مُقدمة كتاب التداوي بالفلسفة ، يُقدم لنا الفيلسوف سعيد ناشيد فرقًا بين من المعرفة ووهم المعرفة؛ فمن يتحدث كالفلاسفة ويحفظ أسماءهم وكلماتهم وكُتبهم دون تطبيق عملي، فهو إنسان حالم يسبح في وهم المعرفة، أما من يُطبق تلك الرؤى والفلسفات على حياته، مُخرجًا إياها من الحيز النظري للحيز العملي التطبيقي، فهذا هو الفيلسوف بحق.
ثم ينتقل الكاتب ليشمل ثلاثة موضوعات في كتابه “الذات، الحب، الحياة”، واختصارًا لتلك الموضوعات سنتناول الخطوط العريضة فيها.
الذات، ما الإنسان سوى كينونة – ذات، مُحاصرة بين عالمين، داخلي وخارجي، ليس باستطاعته فرض السيطرة على عالمه الخارجي: القدر، المجتمع، الجسد، الصحة، الحياة والمستقبل، لكن باستطاعته السيطرة على عالمه الداخلي: الرغبات، التفكير، الأحلام؛ فليس عليه أن يطوّع العالم الخارجي ليتناسب مع رغباته وأحلامه الداخلية؛ فهذا خرف، بل عليه أن يتأقلم هو مع العالم الخارجي، فهو لا يملك تغيير المُجتمع، بل يملك تغيير ذاته.
الحُب، ينصحنا الكاتب بأن علينا الارتقاء بالحب إلى المصاف الروحاني الهيغلي، أي أن نُحرره من كل ضروريات الحياة، أي من الرغبة الجسدية الجنسية، فلا يكون محصورًا فيها على الدوام، بل يكون رغبة في الكمال والانسجام، وينهانا الكاتب عن دراسة الحب دراسة علمية، فذلك يضر به، داعيًا إيانا بتحريره من نظرتنا العملية العلمية، كي لا يلحقه مصير القمر، الذي كان مضرب الأمثال في الأدب الرومانسي،
وما لبث بعد إخضاعه للتليسكوب، أن تبينت شقوقه ومعايبه فنفر المحبون الراغبون عنه فازعين إلى غيره. كما دعانا إلى وضع مهام الحُب في يد المرأة لا الرجل؛ لأن المرأة لا تتجاوزه على عكس الرجل، الذي يستطيع التقبيل والمعاشرة والإنجاب دون حب، أما المرأة فلا، وحسب رأيي، فتلك دعوة نسوية واضحة، وقد سبقه إليها الشيخ الأكبر ابن عربي حينما قال: “المكان الذي لا يؤنث لا يعول عليه”.
الحياة، علينا تقبل الحياة كما هي، وليس علينا تغييرها، بل تغيير أنفسنا، تقبّل حياتك بحلوها ومُرها، وتخلص من كل الأهواء الحزينة – بلغة سبينوزا – التي تؤدي إلى غرائز الانحطاط – بلغة نيتشة – فتنتهي بنا إلى الاكتئاب والأحزان والموت أي الثاناتوس (بلغة فرويد)، وعليك بالأهواء المُبهجة التي تؤدي إلى غرائز الارتقاء فتنتهي بالحب، كالقبول والرضا فالسعادة.
يُقدم الكاتب نصائحه، ومن أهمها؛ لا يقين أو حقيقة مُطلقة، فما اليقين المُطلق هذا إلا وجهة نظر تختلف من شخص لآخر، وقد قال أبو العلاء المعري:
“أما اليقين فلا يقين وإنما ** أغلب ظني أن أظن وأُحدسا”
لم يُخلق العالم على سجيتك ورغبتك، فعليك تقبله كما هو.
لست كائنًا سوى في الحاضر، فلست بالنسبة للماضي سوى شخص ميت، أما المُستقبل فلم تولد بعد، وقد قال عُمر الخيام: “يومان ما عشت لا أعني بأمرهما، يومٌ تولى، ويومٌ بعدُ لم يردِ”.