"""عزبة العبيد"" ، ""عزبة العلمين""، ""عزبة الصباح"" يقعن جميعهن في قرية واحدة، لكل واحدة قصة كانت سبباً في تسميتها، وسكان لهم صفات خاصة بهم كيف جمعهم خيري شلبي في أحداث واحدة من خلال روايته، و ماهي علاقتهم ب العراوي؟ هذا ما نعرفه بعد قراءة تلك الروايات.
احصل علي نسخة“.. إن شغل العراوي فيه فن كبير يجب أن أتعلمه قبل أي شيء في هذه الصنعة …… وبحث في الدرج عن كستبان صغير يليق بإصبعي، فلما وضعه في بنصري شعرت بنشوة بالغة، إذ أحسست بأنني قد صرت صنايعياً بحق يلبس الكستبان …..
حين أشد الخيط لابد أن تكون شدة قوية وبرفق في نفس الوقت، وأن تتجاور الغرز وتتلاحم حتى لتبدو في النهاية أنها خيوط متجاورة منسوجة بالماكينة تحتمل دخول وخروج الذرار في العروة مدى حياة الثوب … أشهد أني بعدها صرت أسطى في شغل العراوي، وصار معلمي يزعم أن الماكينة ليست بأفضل مني في إتقان العروة …” خيري شلبي – العراوي..
رواية العراوي هي رواية احتار النقاد في تصنيفها، هل هي رواية مكان تعمد فيها “شلبي” أن تلعب “القرية المصرية” دور البطولة، أم أنها رواية تاريخية مثلت صفحاتها حقبة تاريخية هامة وشهدت كلماتها على ثورة يوليو ١٩٥٢، أم رواية اجتماعية اتخذت من مشاكل البسطاء والمهمشين حبكة درامية لأحداثها وجعلت من عباراتها سجلاً يروي سيرتهم الذاتية.
ولماذا اتخذ “شلبي” كلمة العراوي لتعبر عن روايته؟ هل كان يقصد كما ذكر على لسان أبطاله “تتجاور الغرز وتتلاحم حتى لتبدو في النهاية أنها خيوط متجاورة منسوجة بالماكينة تحتمل دخول وخروج الذرار في العروة مدى حياة الثوب …
” أن المصريين في تلاحمهم و اتحادهم يستطيعون الحفاظ على بلادهم وطرد المستعمرين؟ أم كان يقصد أن الإخلاص والإتقان والمهارة في العمل تؤدي إلى اكتساب شرف المهنة ومن ثم شرف الوطن بخروج الاحتلال؟
رواية العراوي طُبعت لأول مرة من خلال دار المستقبل العربي،
ثم أعيد نشرها عام ٢٠٠٤ من خلال الهيئة المصرية العامة للكتاب، ثم قامت دار الكرمة بإعادة نشرها عام ٢٠٢٢ حيث شاركت بها في الدورة الثالثة والخمسين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب وحققت أعلى مبيعات للدار خلال فترة المعرض.
بدأ “شيخ الحكائين” روايته مع بطله الرئيسي “أبو سماعين” ذلك الشحاذ المرتزق الذي يحصل على النقود مقابل البلطجة ثم يدخرها من أجل الحصول على المخدرات، ويصحبنا خلال صفحات الرواية إلى مجموعة من العزب داخل القرية لكل منها حكاية مختلفة فهناك “عزبة العبيد” التي لم ينتهِ عندها زمن السخرة والاستعباد،
فنجد فيها أفراد يعملون يطلق عليهم اسم “التملية” وهو مصطلح يطلق على الفلاح الذي يعمل طيلة النهار في إصلاح الأرض دون مقابل، فلا يقتضي سوى وجبته من الغذاء مقابل العمل، ونلتقي في تلك العزبة أيضاً “نظيمة المغنية” التي يعشقها جميع الرجال المحيطين بها، ولكنها لا تلقي إليهم اهتماماً لأن قلبها مغلق على رجل واحد هو “أبو اسماعين”،
وبجوار “عزبة العبيد” نجد عزبة أخرى هي “عزبة الصباح” التي كانت تمثل حلم أهل القرية في تحويلها إلى مزرعة كبيرة، ولكن لم يرى ذلك الحلم نور الصباح وتحولت إلى مجرد سوق صغير لبيع البيض، وجوار تلك العزبة توجد “عزبة العلمين” تلك العزبة التي احتوت على الآثار الفرعونية التي تحمل قصص التاريخ الفرعوني.
تُرى من هو “أبو اسماعين” وما هو اسمه الحقيقي، وكيف ظهر هكذا بمفرده في القرية، ولماذا هجر أسرته؟ وهل تزوج من “نظيمة المطربة”؟ وما هي معركة السوق؟ وكيف استطاع “أبواسماعين” أن يفض اشتباكها؟ وكيف لشحاذ مثله أن يحكي لتلاميذ قصص أبطال التاريخ بأسلوب أبلغ من أستاذتهم؟ ومن هو “زايطة” ؟ هل هو لقب أم اسم لشخص ما؟ وما هي قصة العمدة الفاسد؟
ولماذا لم يعلم أهل القرية بأحداث ثورة يوليو في بدايتها؟ ربما تجد إجابات تلك الأسئلة في الرواية، وربما تجد أيضاً الإجابة على أهم سؤال وهو ما علاقة كل تلك الأحداث ب العراوي.