وُلِد الغيطاني في التاسعِ من شهرِ مايو عام 1945 لأسرةٍ مُتوسطةِ وعاش وترعرع في منطقةِ الجماليّة وأمضى فيها ثلاثين عامًا. التحق الغيطاني بمدرسة العباسيّة الفنية ودرس تصميم السجاد وصباغة الألوان، وظلت هذه الحِرفة تؤنسّه طوال حياتِه. وفي عام 1985 نُشرت له رواية “الزيني بركات” وكانت هذه الرواية بمثابةِ القفزة الأولى له في عالمِ الكتابة.
ومن ثمّ توالت أعمالُه وألقى بنا في جُعبةِ أفكارِه المُختلفة التي أعطى لكلٍ منها حقُها. تزوج الغيطاني عام 1975 من “ماجدة الجندي“، رئيسةُ تحرير مجلة علاء الدين آنذاك. انتقل جمال من رسمِ السجادِ بحرفيةٍ إلى نسجِ الأحرفِ والكلماتِ بحرفيةٍ أكبر، وبين هذا وذاك؛ فقد كان يؤمن أن لكلٍ حِكايتُه التي سيحكيها حتمًا يومًا ما، مهما اختلفت الطرق وتعددت الحِرَف.
تصنيف روايات الكاتب: تاريخية – سياسية – تُراثية
وُلِد الغيطاني في التاسعِ من شهرِ مايو عام 1945 لأسرةٍ مُتوسطةِ وعاش وترعرع في منطقةِ الجماليّة وأمضى فيها ثلاثين عامًا. التحق الغيطاني بمدرسة العباسيّة الفنية ودرس تصميم السجاد وصباغة الألوان، وظلت هذه الحِرفة تؤنسّه طوال حياتِه. وفي عام 1985 نُشرت له رواية “الزيني بركات” وكانت هذه الرواية بمثابةِ القفزة الأولى له في عالمِ الكتابة.
ومن ثمّ توالت أعمالُه وألقى بنا في جُعبةِ أفكارِه المُختلفة التي أعطى لكلٍ منها حقُها. تزوج الغيطاني عام 1975 من “ماجدة الجندي“، رئيسةُ تحرير مجلة علاء الدين آنذاك. انتقل جمال من رسمِ السجادِ بحرفيةٍ إلى نسجِ الأحرفِ والكلماتِ بحرفيةٍ أكبر، وبين هذا وذاك؛ فقد كان يؤمن أن لكلٍ حِكايتُه التي سيحكيها حتمًا يومًا ما، مهما اختلفت الطرق وتعددت الحِرَف.
تصنيف روايات الكاتب: تاريخية – سياسية – تُراثية
ولد في مُحافظةِ سوهاج، في منطقة الجمالية، وفي قلبِ حارةِ ”درب الطبلاوي“ نشأ الغيطاني وترعرع. تلقى تعليمَه الابتدائيّ في مدرسة “الجمالية” وفي عام 1959 أنهى دراسته الإعدادية ثم التحق بمدرسة “الفنون والصنائع” الثانوية حيث تعلم رسمَ السجّاد وأتقنه. ويقول الغيطاني عن أيام طفولتِه:
”كنتُ مولعًا بالحكيِ منذ الصِغَر، أحكي قصصًا لجدتي ولجميعِ أفراد عائلتي“.
”الشيءُ الوحيد الذي يُمكنه مُقاومةِ العدمِ هو الكـتابة“
كان جمال يتطلعُ إلى كتابةِ شيءٍ لم يُكتب مثلَه من قبل، أراد أن يعود للوراءِ ويأتي بتراثٍ ما عاد أحد يتذكره، وقد كتب دراساتٍ كثيرة حول هذا المنهج الجديد الذي أراد اتباعّه أو بالأحرى ابتكاره. أخذ يُوظفّ منهجيته ببراعةٍ وتنوع في آنٍ واحد، فبعدما كتب “الزيني بركات” بنكهتها التاريخية الفريدة جاء بعدها بـ”وقائع حارة الزعفراني” والتي تختلف كليًا عن ما سبقتها.
كتب الغيطاني كتاب التجليات في نفسِ الوقت الذي كان قلمُه يُبدع “رسالةِ البصائر في المصائر” وكأنه يُخبرنا بطريقةٍ غير مُباشرة أن للكتابةِ أساليبٌ شتّى وهو بارعٌ في جميعِها. يكتبُ الغيطاني عندما يمتلئُ داخله بواقعِه، فإذ به يكتبُ عن الزمنِ ويُعزز العلاقة التي لطالما استوقفته بين الكـتابة والزمان، فيعودُ إلى التراثِ العربيّ لعله يُصمِت تساؤلاتِه تلك أو يُهدئَ من روعِه، يعود إلى الحضارة الفرعونيَة وينتقل إلى الدولة العثمانيّة؛ ولكن لا فائدة، فالسؤال قائمٌ ما دمنا نحيا ونتوالى في الزمنِ ويتوالى فينا.
كتب الغيطاني عنِ التراثِ لأنه رأى أنّ على أحدهم تقوية دعائم الهويّة القوميّة في زمنٍ بتنا نتعرضُ فيه لغزوٍ فكريّ واحتلالٍ مُمنهجٍ للعقول، عاد الغيطاني للماضي لأن لا مُستقبلٍ يُبنى على أنقاضِ ماضٍ مجهول. أراد الغيطاني أن يُعيدَ لذلك الزمانِ وتلك الهويّة التي اندثرت رونقَها؛ فإذا كان هُناك ما ألهمَه حقًا للكتابة.
سيتلخصُ كله في كلمةِ “الزمن“ فقد قال: ”أنا ابنُ المرحلة، ولكـن لديّ همٌ شديدٌ بالزمنِ، قد يبدو ذلك مُنطلقًا غريبًا ولكنه شديدُ التعلقِ بالمسارِ الذي اتخذتُه، كان عندي تساؤلٌ منذ الصِغَر، أتساءلُ إن كان بمقدورِنا استرجاعِ الأمسِ أو أن نصلَ إلى اللحظةِ التي انقضت“ كان الغيطاني يرى أن الأزمنة تتجاورُ ولا تتوالى، أمضى عُمرَه وهو شديدُ التعلقِ بما يُفقَد، يبحثُ عمّا يُمكنه التعلقَ به في ظلّ واقعٍ مُتلاشٍ. ورُواية ”هاتف المغيب“ -في رأيي- هي أكثر رُواياته تجسيدًا لفكرةِ انشغالِه الشديد بالزمن.
كتب الغيطاني أول قصّة قصيرة له وهو لم يتعدّ الخامسةِ عشر من عُمرِه وقد عنونها ”نهاية السكير“ وتُعتبر هذه الشرارة الأولى التي جعلته يُلاحظَ موهبته الدفينة. وإذا أردنا أن نُلقي نظرةً عن قُربٍ لمشوارِه الأدبيّ، سنجدُه حافلًا بكل أنواعِ الكتابة من قصصٍ قصيرة ورُواياتٍ إلى الكتب الطويلة والمُذكرات، فلم يُرد الغيطاني أن يتمّ حصرَه في نطاقٍ مُحدد. يُصنف جمال نفسه من الكُتاب الذين لا ينتظرون لحظةَ الكتابة كي تطرقَ أبوابِهم، بل يذهبُ إليها ركضًا كلما واتته الفُرصة.
عندما بدأ الكتابة، كانت مقاييسُ القصّة القصيرة مُستوحاة من الغربِ، من قصصِ همنغواي وتشيخوف وعندما أصدر رُوايته الشهيرة “أوراق شاب عاش من ألفِ عام” قيلَ له أنه يسيرُ في طريقٍ مسدود ولكن الغيطاني كان له رأيٌ آخر فقد صرّح في إحدى اللقاءات قائلًا: ”أنا الآن بعد عمرٍ من المجهود الروائيّ أقول لقد طرقتُ بابـًا ضخمًا؛ فُتحَ قليلًا ليتسرّب لي من خلالِه ضوءٌ خفيف“
تُعد رُواية ”الزيني بركات“ لجمال الغيطاني واحدة من أشهر الرُواياتِ في الأدبِ والتُراث العربيّ، ويرجع ذلك إلى تناول الغيطاني من خلالها ظاهرة القمع السياسيّ والخوف، وجسّد فيها تجربته الشخصية مع القهر البوليسي في مصر، وتدورُ الرواية حول الزيني بركات والذي كان يعمل كبيرًا للبصاصين أو رئيسًا للمخبرين، في فترةٍ كان الشعبُ يعاني من سطوةِ السُلطان وخوفهم من بطشِه.
ويقول الغيطاني عن رُوايتِه: ”جاءت الزيني بركات؛ نتيجة لعوامل كثيرة، أهمها في تقديري هو تجربة مُعاناة القهر السياسي في مصر خاصةً خلال فترة الستينات“ ويكشف الغيطاني كيف كانت الرقابة في الستينات ومفهموم القمع السياسي، وكان ذلك دافعًا له للتعمقِ في قراءةِ التاريخ، ليربطَ الغيطاني من بعدها بين ما قرأه وعايشه، ويستنتج أن لطالما كان التاريخُ يُعيد نفسه ولا تتعلمُ الشعوب أبدًا من أخطائها.
ويختتم صاحب ”الزيني بركات“ أسباب تناوله لقضيّة البصاصين تحديدًا قائلًا:
”سياحتي في التاريخِ استقرت في العصر المملوكي، وكنت مهمومًا بأمرِ الرقابةِ وهاجس المُطاردة“
صرح الغيطاني من قبل قائلًا: ”شكلت رُواية شطح المدينة بالنسبة لي نُقطة تحول في الكـتابة“ وأرجِع الأمر -في رأيي- لأن في الأشكال الأخرى كان الغيطاني يُحاكي نماذجًا موجودة بالفعل في الأدب العربيّ القديم، أما في هذه الرُواية؛ فقد كانت وكأنها فصيلةٌ نادرة، تُحلق بعيدًا عن السربِ وتنطلق، من ألفِها ليائها؛ كانت لا تُشبه أيًا مما كتب هو أو كتب أحدهم. ويُكمل الغيطاني:
”في شطحِ المدينة، خرجتُ من الاستلهامِ القديم، به ومعهُ في نفسِ الوقت وحققتُ عبرها خُصوصية كاملة في النظرةِ والشكل والمنظور، أظن أن شطحَ المدينة من أهم ما كتبت، لأنها تُشكل مُنعطفًا في مساري الكتابيّ ولكنها لم تأخذ حقها الوافي في النقد“
وفي هذه الرُواية، تدور الأحداث حول مُسافرٍ يزور مدينةٍ لأول مرة، فتصفُ علنا الرواية بعينِ السائح المدينة ومبانيها، ولكن المدينة التي تبدو عادية قابلة للتصديقِ تبدأ في اتخاذ مجرًى ٱخر منكهٌ بطابعٍ أسطوريّ. ويقول أحدهم عن الرُواية: ”أتعجبُ أحيانا عندما أرى رُوائيين كُثر يستنفدون جهودًا وأوقاتًا في أعمالٍ لا يستطيع القارئ أن يُدرك لا الفكرة التي تدور حولها الرُواية ولا المغزى منها“
أهم المحطاتِ التي مرّ بها جمال الغيطاني في حياتِه كانت فترة سجنه، ففي عام 1966 تمّ اعتقالِه أثناء حُكم ”جمال عبد الناصر“ وترجع الأسباب إلى اتهامه بالانتماء لتنظيم ماركسي سري، مما ترتب عليه تعرضّه للتعذيب والحبس الانفرادي حتى تم إطلاق سراحه عام 1967. وتجربته القاسية هذه قد أثرت بشكلٍ كبير على نمطِ كتابته فيما بعد، وتعمقه في تاريخ القمس السياسيّ أكثر فأكثر.
أما المحطة الثانية، والتي لا تقل أهميةً عن الأولى فهي علاقته مع الرُوائي ”نجيب محفوظ“ فكان صديقًا لهُ ورفيقًا لكل إبداعاته، كانت تجمعهم القهاوي القديمة التي يحفها التراث من كل جانب والحكايات التي لا تنتهي أبدًا. وقد قال د.صلاح فضل عن تلك العلاقة التي جمعت الأديبَيـن: ”الأسلوب الذي اختاره جمال الغيطاني قـد كان مُختلفًا تمامًا عن نجيب محفوظ والغريب في الأمر أنه وهو تلميذُه البارّ والأول؛ فلم يُقلده في شيءٌ على الإطلاق، واختطّ طريقًا خاصًا به..“
في نهايةِ الأمر، جمال الغيطاني كان حكاءً بارعًا، وقد استطاعَ الخروجَ من عباءةِ نجيب محفوظ ولكن بعدما اغترف من خبرتِه الواسعة، استطاع أن يعودَ بنا إلى الماضي والولوج في حكايته الخاصّة، استطاع أن يُضفي لغةً مُختلفة للغة ومعانٍ مُختلفة للمُفردات. وقد تُوفيّ الغيطاني في الثامن عشر من أكتوبر، عام ٢٠١٥، عن عُمرٍ ناهز السبعين. فكما قالت كلماته من قبل؛ الخُلودُ وهمٌ.. ولكن برأيي أنا بعضُ الأفكار تبقى خالدة مهما مرّت عليها الأزمنة وتوالت.
”أنا أعتبرُ اللغة مثل الكـائن الحيّ، ولكـنه كائنٌ لا يُكرر“
”كل رُواية بالنسبة لي تقتضي لُغةً مُختلفة“
”المعرفة مُقلقة، فكلما عرفتَ أكثر كلما ازدادَ قلقُـكَ“
”إنما الكلامُ هواءٌ تُقيده الكتابة“
”أصعبْ شيء في الكتابة هو أن تُحاول تجاوزَ نفسَك“
”الخلودُ وهمٌ، فكلّ منا يبقى إلى حينٍ، وكذلك أعمالُنا.. لديها تاريخُ انتهاءِ حتمًا“
”لكلٍ منّا مدينتُه وما عليهِ إلا بذلِ الجُهدِ لاكتشافِها، إما بالرحيلِ إليها والوُلوجِ فيها وإما باستحضارِها، والبعضُ يفني عُمرَه من أجلِ دُخولِها ولا يصل“
أعماله خارج العالم الأدبي
كانت للغيطاني وجوهًا مُتعددة، فقد عمل مُراسلًا حربيًا لمؤسسة أخبارِ اليوم وكان شاهدًا على كل تفاصيلِ حرب الاستنزاف، وعبر مع العابرين في أكتوبر 1973. أمّا وجهُه الثاني فقد لمّحتُ له من قبل؛ ألا وهو عملُه في صباغة الألوانِ ونسجِ السجاد والذي لقنّه الإتقان والصبر؛
وقد أشار الغيطاني من قبل أن فنّ السجاد من أكثرِ الفنونِ تعلقًا بالتراثِ والحضارة العربيّة. وبصيغةٍ إبداعيّة مُتفردة، استطاع أن يجمع الغيطاني بيـن حِرفية صانعِ السجاد ودقة مُراسلٍ حربيّ وإبداع كاتبٍ مُتمرّس، استطاع أن يجمع بين اللغة والفنّ ووضعهما في لوحةٍ واحدة لتُبقي الجميع من خلفِها مبهورين.
أسماء المؤلفات:
أشهر شخصية في رواياته: الزيني بركات.
لا يوجد محتوى مشابة
لا يوجد محتوى مشابة