أبي الذي أكره. من العنوان تتوقع أنها مجرد دراسة حول علاقة الأب بالابن أو الابنه مع إضافة بعض حالات الإضطراب، أو نماذج حياتية لعدة تجارب وأشخاص، ولكنك ستجد بها سرد لعدة اضطرابات يمر بها الطفل الذي ينشأ في وضع عائلي غير مستقر.
احصل علي نسخةالآباء الغاضبون ليسوا سوى أطفال غاضبين يتنمرون على الأطفال الأصغر سناً. والذين صودف أنهم أبنائهم. “
في أبي الذي أكره، يوجد: السجن. التكوين. الإساءة. مراحل التعافي. وأخيراً رسالة إلي الحبيسين في أنفسهم .
خمسة أقسام. وضعهم لنا الكاتب عماد رشاد عثمان في أهم مؤلفاته؛ ليروي لنا في كل قسم عدة اضطرابات يمر بها مجموعة من الأطفال الذين ينشئون في جو عائلي غير مستقر.
السجن.
في ذلك الجزء من أبي الذي أكره يتناول الكاتب تسعة قصص مختلفة لأشخاص كانوا أطفالاً يوماً ما، أطفال قد احتجزوا داخل زنزانات الأبوة والعائلة، زنزانات صُنعت بأوتاد من مشاكل قد حدثت من الأباء أنفسهم، أو حدثت من طريقة تعامل الآباء مع أبنائهم، مما أدى إلى خلق سجن بداخل الأبناء، سجن لا يخرجون منه مهما حدث، يظلون حبيسين به ويعانون منه حتى نهاية العمر.
التكوين.
إنما في هذا الجزء يتحدث الكاتب عن الإساءات وما قد تؤدي إليه، يوضح لنا أنواع الإساءات المختلفة الصادرة من الأهالي والتي يقع ضحيتها فقط الأطفال حتى إذا كانت تلك الإساءات لا يشعر الآباء كونها تشكل عبء نفسي على ذلك الطفل، ظهرت عبقرية الكاتب في طريقة تناوله أشكال تلك الإساءات إن كانت نفسية أو روحية أو جنسية، أمثلة من ذلك كما أدرجها الكاتب: جرح الهجر، والاستياء والصدمات التي قد لا تظهر حينها على الطفل، ولكنها تترك آثار بداخل أولئك الأطفال.
الإساءة.
يُوكد لنا الكاتب في أبي الذي أكره أن أثر هذه الاضطرابات السابقة التي تسببها الإساءة أمام عائلتك, بل قد تمتد فيما بعد لتصبح قصة لا تنتهي، قصة تستمر بإساءات مُستمرة من أب غاضب لطفله، ليكبر الطفل ويتزوج ويصبح بدوره أب غاضب، لا انتهاء لدائرة الغضب سوى التعافي، ولكن إن استمرت يصبح بها شخصاً يُعاني ويجعل من حوله يُعانون بدورهم.
يتحدث أيضاً عن أنواع صدمات الارتباط مع الأهل كجرح الغياب والإهمال، أو جرح الإيذاء والإساءة، جرح عدم وجود الأب رغم وجوده، ولم يكتف فقط بذلك في تلك الجزئية. بل أوضح نتائج تلك الصدمات وتأثيرها على العلاقات فيما بعد للطرفين.
مراحل التعافي.
” إن التعافي للشجعان ولا تكمن الشجاعة في عدم الخوف، وإنما في اتخاذ القرار ورد الفعل رغم الخوف”
مراحل التعافي سردها الكاتب موضحاً أن هناك خطوات للإقدام علي أمرٍ ما تخاف منه أو ترتعب حتى من ذكره، ولكن بالرغم من ذلك تفعلها. لا تتوقف بالرغم من شعور الإنكار والغضب والصدام حتى الوصول لاستعادة الذات والتجاوز والغفران .
في تلك المرحلة من أبي الذي أكره تحدث الكاتب بإستفاضة عن كل مرحلة وأهميتها موضحاً أنه علينا أن نعلم أنه لا تعافي دون اعتراف، فلا بد من البوح .
رسالة إلى الحبيسين في أنفسهم.
في النهاية. يترك الكاتب رسالة إلى كل شخص حبيس زنزانته.
“اترك قفصك وحلق بعيداً وأهلاً بتعلم لغات جديدة للحب، لن يصبح الطير يوماً من الزواحف مهما طال سجنه، أنت تستحق الحب، هذا الطفل يحتاج من يطمئنه فلا تبخل عليه، كل يوم يمر في طريق تعافيك قوة أنت لا تفتقر لها”.