ابنة القس هي رواية من تأليف الكاتب الإنجليزي جورج أورويل نُشرت في عام 1935. تحكي قصة دوروثي عندما انقلبت حياتها رأسًا على عقب بعدما أصيبت بنوبة فقدان الذاكرة. وتُعد أهم رواية تجريبية لأورويل.
احصل علي نسخةبعد قدوم جورج أورويل من باريس، بقيَّ لخمسة أعوام في بيت والديه بلندن، مُتنقلًا بين عدة وظائف؛ فعمل في إحدى المدارس، ثم تركها ليعمل في مدرسة أكبر، وفي عام 1935م، شرع في كتابة تلك الرواية، أقصد ابنة القس والتي أنهاها في شهر أكتوبر من نفس العام.
تدور أحداث رواية ابنة القس حول فتاة اسمها “دوروثي”، ابنة قس بخيل مُنحط أخلاقيًا يُدعى “تشارلز هير”؛ يُلقي الأب القسيس على ابنته الحمولَ كلَها، فصارت الفتاة المسكينة مُحاصرة بالمتاعب من كل ناحية، وكانت لديها خادمة بلهاء، تُزيد من الطين بلة في كل مرة، فانتهى الأمر بالفتاة إلى أن تفقد الذاكرة، وتهرب من البيت، وتتحول لفتاة اعتمادية؛ تستعين بالناس في حياتها كلها: اعتمدت على والدها في توفير مسكن لها أول الأمر،
ثم على صديقها نوبي في توفير سبل الحياة، ثم على زملائها في العمل لتوفير الطعام في حقول الجنجل، حين كانت تعمل في الحقل، ثم على ابن عم والدها في إتاحة فرصة عمل لها، بعدما كانت مُشردة تنام في الشوارع بين المُشردين، واعتمدت على السيدة كريفي التي أتاحت مدرستها وظيفة واحدة لها، وأخيرًا على السيد واربتون الذي ساعدها على العودة لمنزلها.
مرت الأيام والشهور على تلك الفتاة المسكينة التي شاهدت الصعاب في رحلتها؛ كانت الرحلة بمثابة منظار (تليسكوب) سلّطه جورج أورويل على المُجتمع ليفحص أدق تفاصيله، وكم التناقضات الحادثة فيه؛ فيعكس جورج أورويل من خلال رحلة الفتاة المجتمع الإنجليزي في ظل محاولات العلمنة والتشبث بالصراع الكنسي، كما يعكس صراعات الكنيسة المذهبية بين البروتستانتية والكاثوليكية.
ويسرد لنا فظائع المجتمع الرأسمالي المتوغل في بريطانيا وكيف حُوّل النظام المدرسي من نظام يسعى للتعليم إلى نظام لا يأبه إلا بالمال. كما يجلد الطبقية جلدًا مُبرحًا في روايته؛ مُتخذًا شخصية السيدة واربتون مثالًا على الانتهازيين الذين يعشقون التمسّح بالأغنياء، حيث أرست قواعد الطبقية في مدرستها؛ فقد كانت تخص أطفال الأغنياء بمعاملة أفضل من الفقراء، وتخصهم بلحوم وطعام طازج،
بينما تخص الفقراء بالدهن فقط، كما كانت تحبس الفقراء في غرفة للأكل بعيدًا عن صالات الأغنياء، وبالتالي، كانت مثالًا واضحًا لتلك الشخصية الانتهازية الرأسمالية.
العجيب أن تلك الرواية رغم الإبداع الواضح فيها، والتصوير الواقعي للمجتمع الإنجليزي وقتذاك، إلا أن جورج أورويل بعد عدة طبعات بدأ يخجل من تلك الرواية دون سبب يُذكر، فقد اشترط على صديقه أن يمنع طبع تلك الرواية في حال موته! لكن الناشر رفض ذلك، وخالف وصية أورويل وطبع الرواية، ولكنها طبعات رخيصة كي تعود مبيعاتها على الورثة بالخير.
رواية ابنة القس حسب رأيي، إن أردتُ تقييمها، لا يسعني أن أهديها سوى 9/ 10، وذلك لما اتسمت به من الواقعية، وإن كان واقعًا مأساويًا قليلًا، كما ظهر نقد جورج أورويل المُعتاد للأنظمة القمعية الاستبدادية في تلك الرواية، والصراعات المذهبية الكنسية التي لا تعود بالخير على الناس أبدًا.