رامبو الحبشي

حجي جابر

رامبو الحبشي؛ هي روايةٌ ملونةٌ تمامًا كغلافِها، منح فيها حجي جابر العنانَ لخياله ليكملَ أطراف الصورة التي قرر التاريخ تهميشها، قرر أن ينظر للذي جرى بعينين متطلعتين، تخترقان جدارَ التاريخ، تقتنصُ منه الشخصيات فقط وتختارُ هي صُنع الحكاية، تسردُها وتحييها دون أن تُفقدها أصالتها

احصل علي نسخة

نبذة عن رامبو الحبشي

رامبو الحبشي، يبدو الأمل أحيانًا حبلًا يقود الهاوية، فيما نظنه المنقذ منها. وكيف كان سيبدو كل شيء مختلفًا لو استطعنا أن نخرج من أنفسنا للنظر إليها مجردين من ذلك الأمل. بقدر ما يتعلّق الأمل بالمستقبل؛ فإننا لا نراه على تمامه إلا حين يُصبح ماضيًا.

الأملُ، شعورٌ قد تجرعته بطلةُ رواية رامبو الحبشي -ألماز- حتى الثمل، نسجَ لها الأملُ أحلامًا فأخذت ترتديها وحدها، خبأت ذاك الصليب الموشوم فوق جبينها بحرصٍ وسلكت طريقها الوعِر تجاه الحُلم؛ تجاه هَرر. تلك المدينة الشامخة التي لم تكن تطأ أرضها سوى أقدام المسلمين.

في رواية رامبو الحبشي ، يقلبُ حجي جابر الهامش إلى متنٍ مُبقيًا على أصلِ الحكاية، يمنحُ ألماز صوتًا واسمًا ونبضًا بعدما كانت مُجرد فتاةٍ قد نُقش حضورِها على هامشِ الورقة وسقط من التاريخ. تتداخلُ أحداث حياةَ الشاعر الفرنسيّ ٱرثر رامبو الحقيقية مع حياةِ ألماز المتخيلة من ألفِها ليائِها.

يقول حجي جابر أن في أعماله السابقة لاحظ أن الشخصيات الأنثوية لطالما طغى عليها صوته، وكانت تبدو وكأن صوتُ الأنثى ينبع من رجلٍ، أما في رامبو الحبشي؛ فقد استطاع أن يتغلب على هذه العقبة ويضع مسافةً كافية بينه وبين شخصية ألماز، فخرجت كلماتها صادقة ومؤثرة. وكأنها صارت ألماز التي لم تكتبها أنامل حجي بل ألماز التي كتبت نفسها وأعطاها أحدهم أخيرًا فرصة التحدث بلسانِها الشخصيّ.

رامبو الحبشي هي روايةٌ تمرّ داخلَ التاريخ ولا تلتفتَ له، تعبر من خلاله ولا تطبع ٱثاره عليها، روايةٌ قد رأت الأحداث من منظورٍ ٱخر وهي مُبقيةٌ على ذاك التناقض الذي كان يحفّ شخصية رامبو من كل جانب. فراحت تتمرجحُ شخصيته على أحبال التناقض، فإذ بك تلعنه في صفحةٍ وتتعاطفُ معه في التي تليها.

❞ الذاكرة، ذلك الدهليز المخبَّأ داخل كل واحد منا، لا يعرف سوانا ما يوجد بداخله، وحتى الواحد قد تختلط عليه أشياؤه، بين الحقيقي وما سعى لأن يكون حقيقيًّا وما سعى لإنكاره كأنه لم يحدث. ❝

بين ذاكرةِ ألماز الحافلة بخيباتِ الأمل والأحلامِ المبتورة وبين ذاكرةِ رامبو المتخَمة برغبته التي لا تنتهي في تجربة كل شيء، أن يزورَ كل البلاد، أن يمتهنَ كل الحِرَف، فتارةً تجده شغوفًا بالتصوير حدّ الجنون وتارةً يرغب في أن يكون حدادًا ماهرًا؛

بين الذاكرتيْن تأتي ذاكرةُ المدينة لتمدنا بصورةٍ أوسع، أوضح وأصدق. فذاكرة المدن تبقى على حالِها وإن تغير كل الأناس المتواجدين على أرضها، فالمدن وحدها من تمتلك تلك القدرة على إمدادك بتاريخها، دون أن تنتقصَ منه شيئًا أو تزين فيه حدثًا.

اعتمدَ حجي جابر في هذه الرواية على استحضارِ الأماكن وإن لم يزُرها، فوصفَ هَرر وكأنها مدينته التي ينتمي إليها وتنتمي إليه، ليخرجَ لنا روايةً لن تشعرك أسطرها بأنك غريبٌ عنها ولن تشعر بالنصّ غريبًا عنكَ.

ستجدُ نفسك تتبع ألماز في تلصصها على رسائل رامبو لأمه وأخته في فرنسا لا بغرضِ الفضول بل طمعًا منها في أن تجدَ شيئًا من الاهتمام ولو على الورق، طمعًا في أن يذكرَ اسمها ولو لمرةٍ واحدة على هامشِ رسالةٍ ما، طمعًا منها في أن يتحقق حلمٌ ما بدل أن يُبتَر

كيف كان منشورنا؟

دوس على النجمة لمشاركة صوتك

متوسط التقيم 0 / 5. عدد الاصوات 0

لا يوجد تصويت

اترك تعليقاً

كتب مشابهة

مقالات متعلقة

wpChatIcon
wpChatIcon
الرئيسية
حسابي
كتب
كُتاب
متجر