ظلال المفاتيح هي الجزء الأول من ثلاثية الأجراس تدور أحداثها من عام ١٩٤٧ حتي عام ١٩٨٧ على الأراضي الفلسطينية لنتابع مواجهة بين أحد ممثلي المعتدي الصهيوني، و مناضلة فلسطينية.
احصل علي نسخةترى هل يوجد ظلالا للمفاتيح حين تدفن تحت الأرض بالقرب من منزل الفلسطيني المرحل حين يرغم على هجرته لموطنه؟ وكيف ل “أم جاسر” مريم بطلة رواية ظلال المفاتيح للكاتب الكبير إبراهيم نصر الله ترى ظلالا لمفاتيح دارها وهي مدفونة تحت التراب.
الفلسطيني يدفن مفاتيح داره في مكان قريب منه متعارف عليه بين أقاربه وجيرانه أملا في العودة يوم من الأيام لبيته، أو تاركا ذلك المفتاح لأي فلسطيني سيعود يوما ما يعمر البيت بعد تحرير الأرض المحتلة, فربما كانت “أم جاسر” ترى تلك الظلال هي ومضات الأمل التي تبث في كيان الفلسطينيين وقلوبهم من أجل العودة الى وطنهم، وربما كان يرى إبراهيم نصر الله أن تلك البيوت يسكنها الشهداء الذين لا يحتاجون سوى ظلال المفاتيح من أجل أن يفتحوها.
بعد اغتيال وتحطيم منازل وإعدام أطفال وتهشيم عظام نساء ضربًا وذبح رجال ومسنين في حرب ١٩٤٨ في فلسطين يلجأ “ناحوم” الشاب الصهيوني الذي تاه من معسكر القتلة إلى عشة الطيور بأحد مزارع الفلسطينيين المحتلين يختبئ ويحتمي بها وتجده “أم جاسر” وترفض قتله بالرغم من ارتكاب قومه أبشع الجرائم وأفظعها فهو في مثل عمر ابنها جاسر،
وهي فلسطينية شريفة والتي تؤمن أن من مبادئ الشرف عدم قتل من أراد الاحتماء بدارك حتى لو كان من أبناء القتلة المغتصبين، ويراه زوجها ويريد الانتقام منه ولكنها تمنعه وتتركه يرحل، ليتقابلا ثانيًا في نكسة ١٩٦٧، وتمر السنوات ويتقابلا ثالثًا في عام ١٩٨٧ وهنا يوضح إبراهيم نصر الله المفارقة بين سلوك القاتل المعتدي الغاشم، والمحتل الشجاع الشريف الذي لا يخشى القتل طالما قتل ودفن بأرضه، يوضح انعكاس للجرائم والانسانيات، الفضائل والرذائل، الطهر والنجس،
الذي يظهر بين طرفي أصحاب معركة أحدهما مغتصب والآخر صاحب الأرض خلال أربعون عاما لخصها “نصر الله” في رواية قصيرة لم تزيد عن مائتي ورقة لكنها لخصت في طيات صفحاتها على لسان وأفعال بطلي رواية ظلال المفاتيح ” ناحوم ” الصهيوني، و “أم جاسر” الفلسطينية أكثر من مائتي وخمسون عاما عاشتها فلسطين في ظلم واستبعاد منذ الاحتلال الانجليزي.
ظلال المفاتيح هي الرواية التاسعة عشرة للأديب المبدع إبراهيم نصر الله صدرت عام ٢٠١٩ عن دار الدار العربية للعلوم ناشرون وتعتبر الجزء الأول من “ثلاثية الأجراس” حيث تم كتابة الجزء الثاني “سيرة عين “، والجزء الثالث ” دبابة تحت شجرة عيد الميلاد ” في نفس العام، تدور أحداث الرواية خلال أربعون عاما منذ عام ١٩٤٧ حتي عام ١٩٨٧ على الأراضي الفلسطينية.
حيث تدور مواجهة وعدة لقاءات متكررة في عام ٤٧ عام الاحتلال الإسرائيلي وعام ٦٧ عام النكسة وعام ٨٧ عام الانتفاضة بين أحد ممثلي المعركة “ناحوم” المعتدي الصهيوني، و”مريم” المناضلة الفلسطينية وتعكس تلك اللقاءات والحوار بينهما استعراض للجرائم الوحشية التي ارتكبها المغتصب الصهيوني ومدى تحدي المقاومة الفلسطينية لها.
رواية ظلال المفاتيح منفصلة متصلة ، يستطيع القارئ الانتهاء من معرفة أحداثها التي تنتهي في عام ١٩٨٧ حيث بدأت الانتفاضة في الثاني عشر من أغسطس من نفس العام أو يطلق العنان لخياله ليستكمل أحداث جديدة ومشوقة تبدأ بعد ذلك العام في الجزء الثاني “سيرة عين” من ثلاثية الأجراس.
ويرى بعض النقاد أن ثلاثية الأجراس هي الجزء الثاني من ملحمة الملهاة الفلسطينية” تلك الملحمة الروائية التي بدأ بنشرها في عام ١٩٩٢ برواية “قناديل ملك الجليل” وتكونت من ثمان أعمال روائية حتى عام ٢٠١٩ اعتبرها النقاد مكونة من إحدى عشر عمل روائي بعد اضافة الروايات الثلاثة ل ثلاثية الأجراس إلى قائمتها وقد جسدت تلك الملحمة مائتان وخمسون عاما في تاريخ فلسطين وترجمت رواياتها إلى اللغات الانجليزية والفرنسية والايطالية.
كما وصلت احدى رواياتها إلى القائمة القصيرة في جائزة البوكر العالمية الأدبية.
الكتاب/ظلال المفاتيح.
الكاتب/ إبراهيم نصرالله.
فلسطين في القلب مرساها
كيف نسيناها أو تناسيناها.
أثناء قرائتي لهذه الرواية حدّثت نفسي قائلة:
“ياريت قلبي حجر”
ملحمة تاريخية في 138 صفحة، عن فلسطين.. وطن سُلب بالقوة، ولكن يظل هناك الأمل بالعودة إليه.
في عام ١٩٤٧، في قرية (راس السّرو)…
مريم (أم جاسر).. امرأة فلسطينية تمتلك من الشجاعة ما لا يملكه الكثير من الرجال، وجدت نفسها وجها لوجه مع جندي صهيوني يُدعى (ناحوم) في حظيرتها. كان بإمكانها قتله، ولكن كان بعُمرِ ولدها، لم تقتله لأنه دخيل عليها، وطلب الحماية. وكانت الأعراف والأخلاق تُلزم أصحاب البيت، العائلة أو القبيلة بحمايته حتى لو كان عدوا.
دبرت هروبه من قريتها آخذة وعدا منه بأنه لن يقتل فلسطيني بعد اليوم، ولكن هل يوفي أي صهيوني بوعده؟!!
تتوالى الأحداث لتُدمي قلوبنا، وتبكي عيوننا، وتُصرع أجسادنا بما حدث في حرب 1948 من ذلك المحتل المعتدي. رحل من تبقى من أصحاب الأراضي إلى عتمة التشرد، وعتمة الحاجة والخوف، وعتمة الغد الذي لا يعرف أحد بعد كم من الشهور أو السنين ستشرق شمسه.
رحلوا معلقة مفاتيح بيوتهم في رقاب النسوة أملا في العودة مرة أخرى. فوجود ظل واحد لبيت أو لشجرة، أو لواحد منهم، سيكون بمثابة منارة ترشدهم، إذا ما فكروا في العودة ثانية. فقد يقتل المحتل شخصا ما، لكنه لن يتمكن أبدا من أن يدفن ظله معه.
المخيم هو الشيء الوحيد الذي لم يخطر ببال أي منهم، وما بين ليلة وضحاها وجدوا أنفسهم لاجئين بعد أن طارت القرية في الهواء، وتحولت إلى سحابة من الغبار بفعل مفتاح التفجير.
يا الله!!! كم من وجع في النفس والقلب حين يحتل أحدهم دارك، وأرضك رغما عنك سالبا إياها منك بالقوة، ويقتلون الأبناء وهم بأحضان أمهاتهم، ويذبحون الرجال، ويقطعونهم إلى أشلاء، ثم يتضاحكون، ويتغامزون، ويرمون قطعة من الجسد إلى أحد الأبناء قائلين:
هذه حصتك منه، والبقية لنا!!
تمر السنين.. وفي عام 1967 .. تتواجه أم جاسر مرة أخرى مع الصهيوني ناحوم، وبها قوة تخيفه رغم وجود بندقيته، وأسلحته، ودباباته معه.
ثم تتلاحق الأحداث مرة أخرى، وتنتهي الرواية بفوز العاصفة الحجرية على العربات العسكرية للمعتدين، فكم من فلسطيني رفع حجره قائلا: “الله اكبر”، فأخاف به صهيوني ممسكاً ببندقيته المليئة بالذخيرة.
“ومازالت فلسطين في ملحمة لفرط قوة الصراع لمواجهة محتليها”.