يصور تشارلز ديكنز في قصة مدينتين عالمًا مشتعلًا ، منقسمًا بين باريس ولندن خلال الأحداث الوحشية والدموية للثورة الفرنسية.
احصل علي نسخةيصور تشارلز ديكنز في قصة مدينتين عالمًا مشتعلًا ، منقسمًا بين باريس ولندن خلال الأحداث الوحشية والدموية للثورة الفرنسية.
نبدأ أحداث القصة عندما أبلغ السيد جارفيس لوري، الآنسة لوسي مانيت وخادمتها بروس أن والدها الدكتور ألكسندر مانيت، والد لوسي، لم يمت كما كانت ابنته تظن، لكنه كان سجينًا سياسياً في الباستيل لمدة ثمانية عشر عامًا قبل أن يتم إنقاذه أخيرًا. تسافر لوسي مع السيد لوري إلى باريس لاصطحاب والدها إلى منزلها في إنجلترا. تمت رعاية الدكتور مانيت من قبل الخادم السابق ، إرنست دي فارج ، وزوجته.
لكن يكتشف الجميع أن عقل دكتور مانيت قد تلاشى خلال محنته الطويلة ! ولم يعد أمامهم إلا رجل العجوز. لكن ابنته لوسي كانت تؤمن أن برعايتها له، سوف يستعيد عقله، كانت تؤمن ان والدها سيعود إليها حقاً.
في رحلة العودة عبر القنال الإنجليزي ، تلتقي لوسي مع تشارلز دارناي ، الأرستقراطي الفرنسي الذي ، على عكس عمه ، ماركيز دي سانت إفريموند ، متعاطف مع محنة الجماهير الفرنسية المظلومة والفقيرة. لقد تبرأ من عمه وتنازل عن لقبه وسيذهب إلى إنجلترا لبدء حياة جديدة. نتعرف أيضا على سيدني كارتون ، المحامي الإنجليزي سيئ السمعة ولكن اللامع ، أصبحا كا من داناي و كارتون في شرك بسبب حبهما للوسي مانيت.
من ممرات لندن الهادئة ، ينجذبون جميعًا ضد إرادتهم إلى شوارع باريس المنتقدة الملطخة بالدماء في ذروة عهد الإرهاب.
قصة مدينتين ، للكاتب تشارلز ديكنز ، تتناول الموضوعات الرئيسية للازدواجية والثورة. كانت أفضل الأوقات ، وكانت أيضا أسوأ الأوقات في لندن وباريس ، حيث أدت الاضطرابات الاقتصادية والسياسية إلى الثورتين الأمريكية والفرنسية.
بينما تقود الأحداث السياسية القصة ، يتخذ ديكنز نبرة مناهضة للسياسة بشكل قاطع ، حيث ينتقد كل من الاستبداد الأرستقراطي والإفراط الثوري – هذا الأخير تم تصويره بشكل كاريكاتوري بشكل لا يُنسى في السيدة ديفارج ، التي كانت متماسكة بجانب المقصلة. ربما اشتهر الكتاب بخطوطه الافتتاحية ، “كانت أفضل الأوقات ، كانت أسوأ الأوقات”.
نُشرت الرواية على شكل سلسلة وفي شكل كتاب عام ١٨٥٩. تدور أحداث القصة في أواخر القرن الثامن عشر على خلفية الثورة الفرنسية. على الرغم من استعارة ديكنز من تاريخ توماس كارليل ، الثورة الفرنسية ، لقصته المترامية الأطراف عن لندن وباريس الثورية ، تقدم الرواية دراما دقيقة. مشاهد عنف الغوغاء واسعة النطاق، حية بشكل خاص.
الكتاب متعاطف مع الإطاحة بالأرستقراطية الفرنسية لكنه ينتقد بشدة حكم الإرهاب الذي أعقب ذلك. الشخصيات الرئيسية في قصة مدينتين لديكنز – دكتور ألكسندر مانيت ، وتشارلز دارناي ، وسيدني كارتون – يتم استرجاعها جميعًا إلى الحياة ، أو إحيائها ، بطرق مختلفة مع اندلاع الاضطرابات.
صحيح أنه قد يقع في يدك كنز ثمين ولكن جهلك بقيمته يجعلك لا تعيره أي اهتمام .
وقعت تلك الرواية في يدي لأول مرة كمقرر دراسي، وكانت هي المرة الأولى التي أسمع فيها اسم تشارلز ديكينز ، وكعادة أي مقرر دراسي يكون الهدف الأول والأخير هو الانتهاء من دراسته والحصول على درجته ثم ننتقل لمقرر آخر وهكذا تدور تلك العملية ..
ولكن تدور الأيام وإذا بي أتعلق بالقراءة يوماً بعد يوم وأغوص في أعماق الأدباء كما يغوصون هم في أعماق النفس البشرية بكل ما تحمله من أبعاد ، وأعرف جيداً من هو تشارلز ديكينز ، أعظم الروائيين الإنجليز في العصر الفيكتوري والذي عاش طفولة قاسية جداً حيث كان يعمل أعمال شاقة لكي يساعد والدته ويعيل أسرته المكونة من ثمانية أطفال بعد سجن والده بسبب تراكم الديون .. تلك الطفولة التي لم تخلو رواية لديكينز دون أن نرى أثرها في كلماته ..
وبعد قراءتي لتاريخ الثورة الفرنسية وأحداثها يأتي ذلك الكنز من جديد ليقع بين يدي ، والفرق الوحيد هو أنني على علم بقيمته ليعلّمني أنه من الوارد جداً أن يكون كل ما يقع في يديك ذا ثمن غالِ جداً ولكن كل ما يشكل فارق هو مدى علمك بقيمتة هذا الشئ.
يحكي لنا ديكينز قصة أهم مدينتين أوروبيتين وهما فرنسا ولندن من خلال شخصيات ارتبطت خيوط حياتها بالمدينتين .
وقبل أن يتطرق لعرض الشخصية الرئيسية في الرواية قرر أن يجعلنا نكره من البداية الطبقة الأرسطقراتية الحاكمة لفرنسا في ذاك الوقت، حيث وصف لنا جبروت تلك الطبقة وكيف كانوا يتعاملون مع الطبقة الفقيرة طبقة العمّال التي تدفع الضرائب فقط من أجل رفاهية الطبقة الغنية ، فهم بالنسبة للطبقة الغنية مثلهم مثل حيوانات مزارعهم فيذكر أنه في أحد الأوقات تظلّم أحد العمّال لإقطاعي منطقتهم بأنهم جوعى ولا يملكون المال لشراء الطعام بسبب الضرائب العالية فأمرهم بأن يأكلوا العشب كالبهائم فهم في نفس المستوى.
ثم ينتقل بنا ديكينز إلى لندن ليصف لنا حالها المستقر نسبياً مقارنةً بباريس ولكنها يسيطر عليها حالة الخوف الدائم من قطاع الطرق وأحداث السرقة المتكررة كما يصف لنا كيف يعتمد حاكمها على السلطة الدينية.
تدور الرواية حول شخصية تشارلز دارني في لندن ، لكن الرواية لا تبدأ به قسمها الأول بل نبدأ بلقاء بين شخص يدعى جارفيلوري مع فتاة اسمها لوسي التي تعتقد أن أباها الدكتور مانيت توفي لكن جارفي يكشف لها الحقيقة بأنه كان سجيناً لثمانية عشر عاماً في سجن الباستيل وأنه الآن تحت رعاية السيد والسيدة ديفارچ الذين يملكان حانة في باريس ويقودان خلية ثورية وأن الدكتور مانيت فاقد للذاكرة نسبياً بسبب السجن ولا يتعرف على ابنته في البداية لكنه يعود فيتذكرها ، وفي القسم الثاني تبرز شخصية تشارز دارني كمتّهم في محكمة في لندن بتهمة الخيانة والوشاية بالجنود البريطانيين للفرنسيين أثناء معارك شمال أمريكا ويتعرف إلى لوسي ويقع في حبها منافساً في ذلك كارتون ، ويطلب تشارلز يدها من والدها الدكتور مانيت وتكون المشكلة في أصل عائلة تشارلز وطبيعة عملهم وعلاقتهم بوالد لوسي الدكتور مانيت.
تقدم لنا الرواية تاريخ الثورة الفرنسية وكيف أثرت معاملة الأرسطقراتيين للفقراء في عقاب الفقراء لهم بعد ذلك ، فإن القمع والظلم الذي عاشه الفقراء سلبهم أي صلة بالإنسانية وجعلهم كالأثوار الهائجة التي تنتقم من كل من يشكون في ولائه أو انتمائه وكل من تربطهم به عداوة سابقة ..
يصف لنا ديكينز كيف أن الثورة الغير مخطط لها لا ولن تؤدي لأي مكان بل وربما تكون نتائجها أسوأ بكثير من حكم الأرسطقراتيين .
يجمع ديكينز في روايته جميع متناقضات النفس البشرية فنجد الحب والظلم ونجد الانتقام والتضحية.
في النهاية، تلك الرواية هي بوابتك لعالم الروايات الكلاسيكية وعالم ديكينز الخاص في وصف النفس البشرية لا سيما ما يتعلق بماضيه هو الشخصي.
قصة مدينتين
أحد روائع الأدب الأنجليزي حيث يعيدنا تشارلز ديكنز للماضي لنشهد على صورتين متناقضتين من الحياة فى المجتمع الفرنسي أولهما الحياة الأرستقراطية وثانيهما أحداث الثورة الفرنسية
ففي مستهل روايته يصف لنا ديكنز شارع الفقر (سان أنطوان ) فهناك وجوه الرجال والنساء وحتى الأطفال بائسة كئيبة والشئ الوحيد اللامع هى السيوف البراقة والبنادق الفتاكة والتى تبدو وكأنها تخرج ألسنتها لهؤلاء المعدمين إنذارا لهم بأنها ستسفك دمائهم قريبا
يأخذنا الكاتب فى رحلة بين مدينتين هما لندن وباريس ومابين خيارين كليهما مر بالنسبة لأبطال روايته
فهاهو تشارلز دارني الشاب ذا الخمس وعشرون عام الأستقراطي سليل عائلة إيفرموند يتبرأ من اسم عائلته وأملاكها لينأى بنفسه بعيدا فى لندن إعتراضا على أعمال عائلته الوحشية ضد العمال والفلاحين لكن مدينة الضباب لم تكن المكان الأكثر ترحيبا وإستضافة له فقد وجد نفسه يقف بالمحكمة مدانا بالتجسس والخيانة لكنه نجى من شراك المحكمة ليقع فى شراك الحب أي مصادفة هذه ولكن كيف لمثله ألا يحب مثلها أنها الجميلة لويس مانيت أبنة الطبيب ألكسندر مانيت الذي سجن ما يقارب ثمانية عشر عاما فى سجن الباستيل حتى فقد عقله وما عاد يتذكر من الدنيا سوى 105 البرج الشمالي
وبأنه صانع أحذية ماكانت تدري لويس بأن والدها على قيد الحياة لكن لوري الواصي عليها والصديق المخلص لوالدها أخبرها بحقيقة الأمر فسافرا نحو باريس فأجتمع شمل الأبنه وأبيها فى بيت بشارع سان أنطوان يمتلكه ديفارج وزوجته وهو خادم الدكتور مانيت فيما سبق؛ رجعت العائلة إلى لندن وهناك أستعاد مانيت عقله لكن نوبات فقدان ذاكرته أخذت تعاوده بين حين وحين
كما بدء الأحباء بالتهافت على رضا الجميلة لويس فذاك دارني يحبها وهذا سيدني كارتون المحامي وشبيه دارني الذي أنقذه فى محكمة لندن يعترف هو الأخر بحبه لها لكنه يدرك أن لا فرصة له معها فيهبها حبا لاينتظر فيه مقابل
تزوجت لوسي من دارني الذي أخبر الطبيب باسمه الحقيقي وبأنه من عائلة إيفرموند
هذا جعل الطيبي تعاوده نوبة فقدان ذاكرته فهذه العائلة لها ماضي سئ معه تعافى الأخير بعد تسعة أيام لكنه كتم الأمر فى نفسه كي لايعكر حياة صغيرته
لكن ذلك الهدوء ما كان إلا هدوء ما قبل العاصفة
ففى باريس تأجج الوضع وخرج المواطنون البؤساء عن صمتهم وأستكانتهم ليوقفوا أستبداد الطبقة الأرستقراطية التي أذاقتهم الويلات
تزعم الحركة الشعبية ديفارج وزوجته وبعض معاونيه أرادوا القصاص فسكبوا الدماء على محراب الحرية والعدالة العمياء
فكما يقول دكينز (جوع المقصلة لايمكن إشباعه )لذا أسلموا إليها عن طيب خاطر رؤوس كانت تغطيها الريش والتيجان من قبل أو حتى تلك التى كان لها علاقة بتلك الرؤوس من قريب أو بعيد فمبادئ الجمهورية تقول حرية -مساواة -إخاء أوموت لكن الأقرب والأسهل كان هو الموت
لذا لم يظهروا أي رحمة أو عطف وقد يرى البعض أن هذا غريب لكن بين الكاتب أسباب ذلك حين قال(نار الشقاء جعلتهم قساة فلم تستطع لمسة الحنان أن تترك أثر عليهم )
عاد دارني فى هذا الوقت العصيب إلى فرنسا لينقذ خادمه جابيل
ولايمكننا هنا أن ندرك أهو نبل من طرف دارني أم غباء فقد أعتقل وأوشكت رأسه على الطيران من فوق كتفيه
وكما برء ذات مرة فى محكمة لندن هاهو ذا يبرء فى محكمة الشعب لكنها كانت لحظات قصار من سعادة سرعان ما أغتيلت إذ زج به فى السجن مرة أخرى على أثر أتهام ديفارج وزوجته والدكتور مانيت له بجرائم فعلتها عائلته وهذه المرة جاء الحكم بالإعدام
على الرغم من أن الجميع يعلم أن لاذنب للمسكين فى شئ إلا أن القهر والظلم سنوات طوال جعلوا على أعين هؤلاء البؤساء غشاوة سوداء وقلب أصلب من صخر لا يعرف الرحمة
حينها يقرر سدني كارتون أن يتدخل وفاء منه بوعده لمحبوبته لوسي ويعيد لها زوجها
وهنا وجب أن نقف لحظة لندقق النظر ونقيم موقف كارتون الغامض لما قد يضحى أي أحد بحياته لينقذ زوج محبوبته ؟
أليس من الأجدر له أن يكون سعيدا بما يجري ويتمنى الموت بدلا من الحياة لغريمه
لكن دكينز لم يغفل الأمر بل حلل شخصية كارتون أنفا فهو دائما مايرى أن بإستطاعته أن يحل مشاكل الأخرين فى حين يعجز عن حل مشكلاته وحتى عندما يأتي القدر ليحلها نيابة عنه يقرر ان يضحى بحياته لأجل غيره
فهو دائما مايظن أنه ليس الشخص الأجدر للنجاح وهكذا تبادل كارتون ودارني الأدوار فعاد الأخير إلى زوجته وطفلته بينما سيق كارتون للمقصلة وجل ما دار برأسه بأن أولئك الذين يلقون بالناس للمقصلة سيساقوا هم أيضا إليها عما قريب
وبأن ما هو مقدم عليه لهو أفضل ما فعله يوما وأنه يرى الحياة فى الذين وهبهم حياته
وتراء له كمن ينظر للمستقبل من الماضي بأن لوسي ودارني سينجبان ولدا يحمل اسمه ولسوف يحقق ما لم يستطع هو تحقيقه فيشتهر اسمه بشهرة الصبي وسيحكي يوما ما للناس قصته .
تشارلز دكينز حاك لنا بأسلوب سلس جذاب قصة تمتد عبر العصور لتكون شاهد على الزمان والمكان وأحداث التاريخ
أقرأها إذا كنت تود العودة بالزمن لحقبة مهمة من تاريخ البشرية .
الأدب العالمي المترجم بوابتك إلى القراءة الجادة الممتعة، التي أنصح بها هواة القراءة وكذلك الكتابة، وإن كان الأدب الروسي هو الأكثر شهرة وانتشارا، فللأدب الإنجليزي محطتين غاية في الأهمية، المحطة الأولى شكسبير، والثانية تشارلز ديكنز، فهو عميد الكتابة الإنسانية، عان من طفولة بائسة وحياة حزينة، جعلت أعماله محمله بالمشاعر والانفعالات وصرخات الألم، إلا أن البعض يعيب على مدرسته المبالغة والصدف الزائدة عن الحد والتي يقوم عليها العمل.
وأما عن قصة مدينتين فهي من أعماله شديدة التميز، فهي تصنف كرواية تاريخية، وإن كنت اعتبرها رواية انسانية تستند على خلفية تاريخية، ورأى للكاتب في حقبة تاريخية بشكل عام، فلم ينخرط الكاتب في تفاصيل وأحداث تاريخية كما يفعل البعض.
ديكنز شخص محب للأماكن ولوصفها، سمة واضحة في كتاباته، يصف لك مدينتين مختلفتين لندن وباريس، لا ينحاز لموطنه، ولا ينتصر لباريس، يصف لك حتى مشاعر كل مدينة، حتى يخيل إليك أنه يصف أمرأتين مختلفتين بكل منهما ما يحب وما يكره.
أبطال الرواية هم تشارلز دارني الذي سنكتشف أن اسمه الحقيقي تشارلز أفريموند، فهو ابن لعائلة ارستقراطية فرنسية، إلا أنه رفض ظلمهم لعامة الشعب وتركهم وتخلى عن أملاكه وأسمه، ليستخدم لقب والدته ويعيش حياة عادية بلندن، وأنا شخصيا أظن أن الكاتب وهب اسمه لهذه الشخصية لحبه الشديد لها، فهى ذاته التي تمنى أن يكون عليها، فهو شخص متزن في كل شيء، ناجح، محظوظ، البطل الثاني هو سيدني كارتون محامي عبقري فاشل سكير، لديه مهارة فائقة وذكاء خارق لحل القضايا، إلا أن المستفيد من ذلك هو المحامي صاحب المكتب الذي يعمل فيه، في تحليلي لشخصية الكاتب الذي أعشقه، أظن أنه أسقط إحباطاته وجانبه المظلم على تلك الشخصية الحزينة المميزة، والتي يلعب سوء الحظ درجة كبيرة في حياتها، فتجد أن سيدني أكثر تميزا من تشارلز إلا أن الناس ستميل للأكثر اتزانا وألتزاما ونجاح، وللصدف العجيبة يشبه تشارلز شكلا إلى درجة بعيدة، وقد أثر ذلك على سير الأحداث بشكل كبير مرتين، مرة في بداية الرواية، ومرة في نهايتها، وكلا منهما محاكمة يتسبب الشبه في إنقاذ تشارلز، إلا أنه في نهاية الرواية أنقذ تشارلز وأضاع سيدني والغريب أن ذلك كان اختياره.
الشخصية الثالثة هي لوسي الفتاة الجميلة الودودة، التي يحبها كلا من تشارلز وسيدني، وبالطبع تختار تشارلز، وليس هذا بشء جديد على سيدني، الغريب هو أن يفعل كل ما بوسعه لإسعادها، حتى لو ضحى بنفسه ليحمي لها من تحب، ويكتفي بأن يعتقد أنها ستنجب ابن ممن تحب وتهبه اسمه، لوسي ليست مجرد بطلة جميلة فهي الأخرى بحياتها جانب مظلم، فقد كانت تعتقد في وفاة والدها، حتى اكتشفت أنه حي يرزق إلا أنه سجن بالباستيل الرهيب، ذهبت إلى باريس حيث يتواجد والدها لدى السيد والسيدة ديفارج وهما أصحاب حانة بمنطقة شديدة الفقر، وأيضا يتزعمان مجموعات شعبية تخطط للثورة، والدها طبيب ولكنها لم تجد إلا رجل مسن صانع أحذية فاقد عقله، وعرفت أن التعذيب الذي تعرض له بالسجن الرهيب أفقده عقله، ولا يتذكر إلا صناعة الأحذية التي تعلمها بالسجن، وقد تحسنت حالته بعد عودته لإبنته.
تزوجت من تشالز وقامت الثورة الفرنسية، وللأسف المقصلة الإجابة الوحيدة عن كل أسئلة العدالة، السيد والسيدة ديفارج صارت لهم مكانة كبيرة، يشاركون في محاكمات هزلية، والحكم دائما الإعدام، وقتها وصلت تشارلز بلندن رسالة استغاثة من رجل سيعدم لصلته بعائلة افريموند وهو من ساعد الفقراء في فرنسا وأعطاهم الأموال بناء على تنسيقه مع تشارلز، طالبه الرجل بالحضور فورا إلى باريس للشهادة، ليس السفر من لندن لباريس وقتها بالأمر الهين، فأتف الأسباب قد تذهب بك للمقصلة، إلا أن نبل تشارلز دفعه للسفر، وقبض عليه وحكم بالإعدام لأنه من عائلة افريموند.
هنا يظهر دور الطبيب صانع الأحذية، الذي أخبر ابنته أن صناع الثورة الفرنسية يعتبرون خريج الباستيل بطل، وأنه محامي زوجها بالمحكمة، وحنما سيوضح لهم برأته، وسيستجيبون له، وكاد الأمر أن يتم، لولا أن تم إظهار خطاب كتبه الطبيب بدمائه وخبأه بزنزانته، يحكي فيه السر الرهيب الذي تسبب في ذهابه للسجن، ويذكر تفاصسل الواقعة التي بطلها عم تشارلز وشقيقة السيدة ديفارج، وينهي خطابه بصب اللعنات على كل من هو من نسل أفريموند، وبالطبع ذلك يعني أنه من سجنه طالب بموت زوج ابنته وحفيدته.
ملحمة انسانية ترفض الظلم بكل صورة، جعلت من السيد والسيدة ديفارج جناة ومجنى عليهم، حكى ما وقع عليهم من ظلم، ثم عاد ووضح اسرافهم في الانتقام، تشارلز ديكنز كعادته انحاز للإنسان وجعله ينجو، فالإنسان يستحق دائما النجاة.
جدير بالذكر أن الرواية حولت لأفلام لا تشعر أبدا أنها أقل جمال من جمال الرواية، أنصح جدا بقرأة الرواية ثم مشاهدتها كفيلم، وأعدك برحلة ممتعة ستشحذك بالمشاعر.
صورة درامية متكاملة الأركان جسدت العنف والحقد والحب والتضحية، ووصفت مدينتي“لندن” و“باريس” قبل اندلاع شرارة الثورة الفرنسية وأثنائها، وذلك من العام ١٧٧٥ إلىالعام ١٧٩٢، أحداث جسيمة غيرت مجرى تاريخهما، ثورة شعبية قامت على آثارها الجمهورية الفرنسية بما هي عليه الآن، قادها المعنفون والمضطهدون من طبقة العبيد والفلاحين ضد طبقة النبلاء دون التمييز بينهم أو التفرقة ما بين من تعاطف معهم وبين من احتقرهم وازدرأهم.
تبدأ الرواية بوصف ضاحية “سان أنطوان” في “باريس” بشارع الفقر وتلك الضاحية كانت نواة انطلاق الثورة الفرنسية ، فيصف لنا الكاتب مشهد يصّور منتهى الفقر والذل عندما يتحطم برميل النبيذ أمام الحانة وينفذ منه النبيذ على الأرض فيركض الناس ويلعقون الطريق بألسنتهم ويخلعون ثيابهم ليغمروها في النبيذ المتساقط من البرميل، ثم يعصرونه في أفواههم فينتشون لبعض الوقت ثم يعودون إلى بؤسهم .
بطلة الرواية هي “لوسي مانيت” ابنة الطبيب “ألكسندر مانيت” التي تعيش في “لندن” والتي تكتشف مؤخراً أن والدها مازال على قيد الحياة عندما يخبرها الوصي عليها ويدعى السيد “لوري” أن والدها كان حبيس في سجن “الباستيل” منذ قبل ولادتها ويطلب منها السفر معه إلى “باريس” للتعرف عليه وإحضاره إلى “لندن“حيث يسكن بضاحية “سان أنطوان“، ويساعده السيد “ديفارج” صاحب الحانة والتي تديرها معه زوجته السيدة “تيريز ديفارج“، بينما تكون تلك الحانة هي مقر لتجمع حركة من الثوريين تطلق على نفسها “جاكس” وهو اسم حركي.
في غرفة مظلمة كئيبة في سجن الباستيل ظل الطبيب “مانيت” حبيس لمدة ثمانية عشر عاماً يقطع الوقت الممل بصناعة الأحذية التي اتقنها خلال فترة اعتقاله، يعاني الوحدة والاكتئاب وسوء المعاملة حتى أصبح يعرف عن نفسه برقم الزنزانة ١٠٥ بالبرج الشمالي، بالكاد يتعرف “مانيت” على ابنته “لوسي” التي لم يسبق له رأيتها.
يحاكم النبيل الفرنسي “تشارلز دارني” في “لندن” بتهمة الخيانة بعد محاولة شخصين تدليس سمعته وتلفيق تهم العمالة لصالح فرنسا، بينما تبرأه المحكمة لعدم اكتمال أدلة الشهود وذلك بسبب شدة الشبه بينه وبين المحامي الإنكليزي “سيدني كارتون” مما أوقع أحد الشهود “ستريفر” في الإلتباس وفشل في التعرف عليه.
يحاول الكاتب أن يوضح للقارئ أن “دارني” أستاذ الأدب الفرنسي في كامبردج، ذو شخصية مرهفة المشاعر، متعاطفة مع طبقة الفلاحين والعاملين في القصر الذي تملكه عائلته في فرنسا ، مما اضطره إلى استعمال اسم عائلة والدته والتخلي عن لقب عائلته بسبب استنكاره لاستبدادهم وأفعالهم تجاه الفقراء . وفي قاعة المحكمة يفاجأ “دارني” بوجود “لوسي” ووالدها والسيد “لوري” ضمن الشهود حيث كان قد تعرف عليهم على متن الباخرة التي اقلتهم من “باريس” إلى “لندن“.
قُتل الماركيز “ايفرموند” عم “دارني” بعد أن دهس ابن أحد الفلاحين بعربته ثم ألقى للفلاح الفقير الذي يدعى “جاسبارد” بعملة ذهبية –لامبالياً– على سبيل التعويض عن مقتل ابنه، بعدها يقتل الماركيز على يد “جسبارد” الذي يترك ورقة موقعة باسم “جاكوس” وهي المنظمة الثورية التي ينتمي إليها والتي مقرها حانة “ديفارج“.
يقع “دارني” في حب “لوسي” ويطلب من والدها الزواج وبعدها يعترف له بحقيقة أصله مما يصيب الطبيب “مانيت” بالصدمة والاكتئاب مجدداً ولا يعلم القارئ سبب تلك الصدمة ولا حقيقة علاقة الطبيب “مانيت” بعائلة “دارني“، ثم يعترف المحامي “كارتون” ل“لوسي” بالحب أيضاً، ولكنها تصده بطريقة مهذبة فيعدها أنه سيضحي لأجلها ولأجل من تحبهم متى سنحت له الفرصة إثباتاً وتأكيداً لذلك الحب.
يسافر “دارني” إلي “باريس” ليخلص خادم عمه الماركيز من السجن بدون أن يخبر أحد، ثم يقبض عليه ويزج في السجن.
تسافر “لوسي” برفقة والدها “مانيت” وابنتها الصغيرة إلى “باريس” ليخلصوا “دارني” من السجن الذي بات تحت قبضة الثوار ويستطيع دكتور “مانيت” تحريره لما له من خبرة في سجن “الباستيل” ويستطيع من خلال ذلك كسب ثقة الثوار وبالفعل يتم تحريره، ولكن يعاد القبض عليه ومحاكمته بناءاً على اتهامات وجهها إليه “ديفارج“، بالإضافة إلى رسالة قديمة قد كتبها “مانيت” في أثناء فترة سجنه قد عثر عليها ” ديفارج” أثناء اقتحام الثوار للسجن، استخدمت ضد “دارني” وساعدت في اثبات التهم الموجهة إليه ومحاكمته دون أن يقصد “مانيت” ذلك.
يحكم على ” دارني” بالإعدام بالمقصلة ويسعى “كارتون” لمساعدة “دارني” وإنقاذه من الإعدام .
بعد تطور الأحداث نكتشف سبب دخول دكتور “مانيت” إلى السجن وسر الرسالة التي كتبها دون أن يدري أنها ستدين زوج ابنته فيما بعد، ونكتشف سر صدمته عندما أخبره“دارني” عن لقب عائلته الحقيقي “إيفرموند“، ونكتشف أن دكتور “مانيت” قد كشف فضائح والد “دارني” وعمه الماركيز “أيفرموند” وجرائمهم بحق العمال والفلاحين قبل سنوات، واغتصاب الماركيز زوجة أحد الفلاحين وقتل زوجها وأخيها ووالدها، وبالتالي فأن والد “دارني” وعمه هما السبب في سجنه.
بعد أن تثبت إدانة “دارني” يصاب “مانيت” بالاكتئاب مجدداً ويعلم “كارتون” أن السيدة“ديفارج” تسعى لإدانة باقي عائلة “دارني” أي زوجته “لوسي” وابنتهما ويكتشف أنها أخت السيدة التي اغتصبها الماركيز.
يجد “كارتون” أنه قد حان الوقت للتضحية التي وعد بها “لوسي” فيقرر تهريب “دارني” من السجن بمساعدة أحد الاشخاص بعد أن يرتدي ثيابه ويستعد للأعدام بدلاً منه مستغلاً الشبه الكبير بينهما. بينما تنجح “لوسي” وابيها وابنتها في الهرب قبل اقتحام منزلهم من قبل السيدة “ديفارج“.
تتقدم عربة وسط جموع الشعب الحانق تحمل “كارتون” وأحد القضاة واحدى الفتيات يتخيل“كارتون” قبل إعدامه مستقبل حبيبته “لوسي” مع زوجها الذي أصبح يحمل أوراق“كارتون” الثبوتية وهويته الرسمية وهي تحمل طفلاً أسمته “كارتون” تخليداً له. ثم تشيخ وتبكي كلما تذكرت يوم إعدامه، فيقف متأملاً المقصلة قائلاً جملته الشهيرة: “إن مافعلته هو أفضل بكثير جداً جداً مما فعلته في حياتي على الإطلاق، وإنها الراحة التي أشعر بها أفضل بكثير جداً جداً مما عرفت على الإطلاق“.
برع الرائع “تشارلز ديكينز” في تكوين صورة مكتملة الأركان وواضحة الملامح عن المدينتين، فنجد “لندن” المدينة العابسة الظالمة التي تقيم أحكام الإعدام في شوارعها بأقسى وأعنف الأساليب، بينما تنعم الطبقات المخملية بالعيش في “باريس” مدينة البذخ والترف التي لا تعترف بالطبقة المهمشة الكادحة من الشعب الفرنسي الذي انهكته الضرائب، حيث تبدع طبقة النبلاء والارستقراط في استغلالهم واضطهادهم وتحقيرهم.
تنوع الشخوص أكسب الرواية نوعاً من العمق الإنساني فنجد “ألكسندر مانيت” مثال الثبات والصبر، “سيدني كارتون” مثال الحب الصادق والتضحية، “تشارلز دارني” مثال التعاطف والتواضع، عائلة “ديفارج” وجماعة “جاكوس” مثال للحقد الذي تأصل في نفوس الفقراء نتيجة لما عانوه من ظلم وقسوة النبلاء ، “جارفيس لوري” والسيدة “بروس” مثال الإخلاص.
مشاعر إنسانية مختلطة في سياق درامي ثوري مفعم بالأحداث والمفاجآت.
نبذة عن الكاتب:
تشارلز ديكنز
ولد في بلدة قرب “بورتسموث” بالمملكة المتحدة عام ١٨١٢، أمضى معظم طفولته في “لندن “و”كنت”، التحق بالمدرسة في سن التاسعة وانقطع عن التعليم في الثانية عشرة من عمره حين سجن والده بسبب تراكم الديون، فاضطر إلى العمل في صباغة الأحذية كي يعيل نفسه.
تولد في نفسه شعوراً بالقهر والهجر لازمه طوال حياته، وقد صور تجارب طفولته بتعديل طفيف في روايته الرائعة “ديفيد كوبرفيلد”.
في عام ١٨٢٧ عمل كاتباً لدى مكتب للمحاماة، ثم مراسلاً صحفياً يغطي أخبار البرلمانوالمحاكم هكذا نمت لديه قوة الملاحظة ومن ثم الوصف الدقيق للأحداث.
كان “ديكنز” في الرابعة والعشرين حين شرع في كتابة أول رواياته، انجذب بشكل خاص إلى طبيعة الحياة السائدة في “لندن” أثناء أواسط القرن الناسع عشر، كان يسترسل فيوصف ابناء الطبقة الوسطى والفقيرة والأشخاص الذين لم يتلقوا سوى القليل من التعليم، لذلك فمعظم رواياته تتناول الحالة الاجتماعية التي سادت “انكلترا” واستمرت لأكثر من مئة سنة.
من أشهر أعماله:
اوراق بيكويك (١٨٣٧)
أوليفر تويست(١٨٣٩)
ترنيمة الميلاد (١٨٤٣)
ديفيد كوبرفيلد(١٨٥٠)
أوقات عصيبة(١٨٥٤)
قصة مدينتين(١٨٥٩)
آمال كبيرة(١٨٦١)
صديقنا المشترك (١٨٦٥)
توفى عام ١٨٧٠ عن ثمانية وخمسين عاماً.
اقتباسات من الرواية:
–الاحترام الوحيد الذي أراه حولنا هو احترام الخوف والعبودية. “ دارني“
–حتى لو كان ممكناً يا آنسة “مانيت” أن تبادليني حبي فأنا سأجلب لك الشقاء وأجرك معي إلى الأسفل، لكني أعلم جيداً بأنك لن ترثين لحالي، أنا لا أسألك الرثاء، حتى أنني سأكون شاكراً كي لا يكون ذلك. “كارتون“
–ماذا عن الزوجات والأمهات اللواتي رأيناهن منذ كنا أطفالاً؟ لقد عرفنا ازواجهن وآباءهن الذين وضعوا في السجن، ورأيناهم يعانون طيلة حياتنا من الفقر والجوع والمرض والبؤس “السيدة ديفارج“
–إنه أمر عادي بالنسبة إلي أن لا تستطيعوا أيها الناس العناية بأنفسكم وبأطفالكم، أنتم دائماً على الطرقات كيف يمكن لي أنكم لم تلحقوا الأذى بالأحصنة “الماركيز أيفرموند“
رواية رائعة ثرية بالأحداث والمعلومات والمشاعر الإنسانية، الحب والإيثار والتضحية، بالإضافة إلى الحقد والحنق والأنتقام.. أنصح بها.