رواية شيكاغو – علاء الأسواني شيكاجو.. هل هى مجرد مدينة على أرض الأحلام أم مكان يعج بالبشر من كل الأجناس المختلفة؟.. أم عالم ملئ بالأحداث السياسية والعاطفية والإجتماعية صبه المؤلف فى قالب هذا الكتاب؟! أياً كانت الإجابة على هذا التساؤل فسنعرفها في رواية الأديب المتميز “علاء الأسوانى” الجديدة ،وكعادته هى ليست مجرد رواية ولكنها حياة مليئة بالبشر.. فتاة تعدت الثلاثين وطارت إلى هذه المدينة.. مثال ونموذج لشباب حياتهم بين الحب والسياسة والغربة.. ورجال يجرفهم الحنين إلى الماضى وأرض الوطن .. وآخرون تشتتوا بين الشرق والغرب فلا استطاعوا الههرب من الشرق ولا نجحوا في الإمتزاج مع الغرب وقيمه، وغيرهم من البشر والحكايات الكثير،كانت منفصلة ومتصلة وعاملها المشترك أنها على أرض واحدة تسمى” شيكاجو” ..إناه رواية كتبها بل أبدعها المؤلف كما أبدع من قبلها ” عمارة يعقوبيان” خرجت بمذاق مختلف وطابع فريد مميز لها كسائر أعماله ،ومعها عزيزى القارئ تنساب وسط تيار سطورها لا تملك حيالها إلا القراءة والمتعة والتفكير ثم التصفيق إحتراماً وتقديراً لموهبة حقيقة تعلن عن وجودها وراء هذه الصفحات.
رواية “شيكاغو” التي تدور أحداثها في مدينة شياغو الأميركية التي تحمل نفس الاسم وتتعرض لحالة الفساد التي تعاني منها مصر والعنصرية التي تسود المجتمع الأميركي بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001.
ويقول الأسواني في مقابلة أجرتها معه وكالة الأنباء الفرنسية انه كتب روايته الجديدة متأثرا بالحالة التي عاشها في مدينة شيكاغو خلال دراسته طب الأسنان هناك.
وأوضح الأسواني أن الشخصيات المصرية والأميركية التي تشكل الخطوط الدرامية في الرواية لها ما يوازيها في الواقع ومن خلالها يمكن الكشف عما يجري في الواقع المصري والواقع الأميركي.
ويرى الاسواني أن روايته الجديدة تختلف عن عمارة يعقوبيان لأنها تدور في مدينة أميركية وتتعرض للعلاقة مع الآخر، إلى جانب أنها تتناول حالة الفساد وقضية الديموقراطية من خلال التعرض لشخص الرئيس المصري وانتقاد تمسكه بمنصبه.
وتتضمن الرواية لمحة تاريخية عن نشأة مدينة شيكاغو فوق جماجم السكان الأصليين الذين أبادهم الأوروبيون الذين هاجروا إلى أميركا في بداية القرن الـ 19 مستندين إلى مبرر ديني في ارتكاب مجازرهم التي ذهب ضحيتها ما يقارب من 12 مليون إنسان.
وبهذا يمهد لوجود شخصيات عنصرية أميركية تستهدف من يعتبرهم الأميركيون غرباء، خصوصا بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول إلى جانب العنصرية التقليدية ضد السود.
ويشير الأسواني إلى شخصيات أميركية ايجابية تتخذ مواقف مناهضة للحروب وللعنصرية وتعبّر عن نفسها من خلال تفهم الآخر ورفضها التعامل مع الإنسان كسلعة استهلاكية، وتبرز أيضا شخصيات أخرى اجتهدت في العمل وسمت بالعلم والإنسان فوق كل الاعتبارات.
ويصور الروائي القمع الذي يتعرض له الأقباط من خلال شخصية الطبيب اللامع كرم دوس الذي اضطرته أجهزة التعليم والهيمنة الدينية على أسلوب التعليم إلى الهجرة لإكمال دراسته في الولايات المتحدة، حيث يبدأ في انتقاد النظام فيتهم بأنه معاد لمصر بينما تكشف الأحداث انه يحب مصر أكثر من كل منتقديه.
ويكشف الأسواني من خلال شخصيات أخرى دور الأجهزة الأمنية المصرية في تعذيب المعارضين السياسيين للنظام الدكتاتوري مثل شخصية اللواء صفوت صاحب فكرة اغتصاب قريبات المعتقلين لإجبارهم على الاعتراف وإرغام نسائهم على ممارسة الجنس لتحسين أوضاع أقربائهن المعتقلين طبقا لما يقوله الكاتب.
وينتقد الأسواني أيضا الأجهزة الأمنية التي تعمل في الخارج من خلال ظاهرة إرسال شخصية أمنية تسيطر على الجاليات في الخارج وتتجسس عليهم وتعمل على مضايقتهم ومضايقة أهلهم في مصر.
وتصور الرواية بشكل كبير الازدواجية في الشخصية المصرية تجاه التدين والجنس من خلال شخصيات لا تعيش حالة من الصفاء مع نفسها وتوقع نفسها في تناقض بين تدينها وحياتها الشخصية.
ما هذا الذى قرأت؟!
ما هذا السحر؟! أجمل روايات علاء الأسواني..
إنه نموذج فى كتابة الرواية لا تجده إلا مع الدكتور علاء الأسوانى.. حيث سلاسة الألفاظ وانسياب الكلمات وتسارع الأحداث، أحداث و خيوط تتكامل رويدا رويدا مع بعضها البعض لتكون فى النهاية الشكل النهائى للرواية فى نهاية درامية لشخصيات الرواية.
شيماء المحمدى: ابنة طنطا.. الفتاة ذات الطابع الريفي التى تعدت الثلاثين من عمرها دون زواج والتى تعمل معيدة بكلية الطب.. تُسافر إلى جامعة إلينوى بشيكاغو للحصول على الدكتوراه فى مادة الهستولوجي.
طارق حسيب: شاب قاهرى.. تعدى الثلاثين من عمره سافر إلى شيكاغو حيث جامعة إلينوى للحصول على درجة الدكتوراه فى مادة الهستولوجي.
محمد صلاح: فى عمر الستين.. أحد أعضاء هيئة التدريس فى قسم الهستولوجى بجامعة إلينوى، وهو مصري الأصل هاجر منذ ثلاثين عاما.
رأفت ثابت: مصري الأصل من أسرة مصرية أرستقراطية، هاجر إلى أمريكا بعد ثورة يوليو 1952 بعد تأميم ممتلكاتهم إلا أنه نجح فى الهروب بكثير من الأموال ودرس فى أمريكا حتى أصبح أحد أعضاء هيئة التدريس فى قسم الهستولوجى جامعة إلينوي.
ناجى عبد الصمد: الشاب المصري المكافح اليسارى الذي ناضل وقضى الكثير من عمره مناضلا ضد سياسات مبارك ونظامه.. اُضطهد فى الكلية واعتقل ورغم تفوقه فى الدراسه إلا أنه لم يتم تعيينه فى الكلية بسبب ملفه الأمني.
أحمد دنانة: عصفورة أمن الدولة الذى ترقى فى المناصب بفضل عمله فى جهاز أمن الدولة مما ساعده فى أن يتم تعيينه معيداً فى الكلية رغم ضعف مستواه العلمي، ويُسافر بتوصية من الأمن لجامعة إلينوى قسم الهستولوجى للحصول على الدكتوراة.
مروة نوفل: زوجة أحمد دنانة، الجميلة ابنة المعلم نوفل التاجر المليونير الكبير.
صفوت شاكر: لواء المخابرات المسؤول عن المخابرات فى السفارة المصرية بواشنطن.
و تشتعل الأحداث حيث يتلاقى السبع شخصيات فى الرواية مع عدد من الأمريكيين حتى تنتهى الرواية بطريقة عبقرية.
الرواية عبقرية و أسلوب الأسوانى رائع كما أنه يدل على رؤية ثاقبة للمستقبل فتجد بين السطور أجزاء كاملة قد حدثت بالفعل فى الثورة وبعد الثورة مثل كلمة صفوت شاكر مسؤول المخابرات أن المصريون غير مؤهلين للديموقراطية فتجد عمر سليمان قد قال نفس الجملة وقت الثورة إلى آخره.
علاء الأسوانى سيظل علامة مضيئة فى الأدب العربى قلما تتكرر.
الرواية بها بعض المشاهد الإباحية قد يعتبرها البعض حشو زائد ولكن من وجهة نظرى وجود هذه المشاهد فى الرواية كان ضروريا، والرواية +18 لا تصلح مطلقاً للأطفال كما أن البنات الذين يعانون من بعض أنواع التوتر والحياء الزائد لا تصلح لهم الرواية، لأنها تخاطب مستوى تفكير أعلى من الأطفال والمراهقين والذين يعانون من الحساسية الزائدة.