القراءة قد لا تكون في أهمية المأكل والملبس في نظر البعض، ولكنها حاضرة مجيبة إذا احتجت رفيقا للرحلة، تؤنسك في وحدتك و تنير ظلماتك، تُسهِل عليك الهروب أحيانا من عالمنا هذا…
فبعد يوم طويل و ممل تقابل صديقك الرحالة و تذوب معه في زرقة بحار ميكونوس الإغريقية و تتجولا في الأزقة حتى نزول ستائر الليل، فكلٍ منكما يتجه لبيته. أو عندما تضغط عليك الحياة تهرب لشوارع المحروسة ليلا و تُدَندِن موسيقى بليغ مع رفيق الدرب، بعدما شكوتم و تركتم متاعبكم تحلق دون جدوى..و أحيانا أخرى تغوص في حواديت تولتويس الهارب من حب حياته و تحكي له عن مأساتك الغرامية! أو تدقي على باب إليف شفق بعد منتصف الليل لتشكيلها عن ضغوطات المجتمع في الزواج والإنجاب المبكر و تظلي تستمعي لنصائحها حتى بزوغ الفجر كي تهدئي..
لذلك ففي هذا المقال سأدلكم على ٥ أبواب لعوالم أخرى تُعَرفكم على أصدقاء جُدد ليصبح عهد جديد في أجساد و حيوات جديدة من خلال القراءة! خصصت هذا المقال للمبتدئين في القراءة بمجموعة من افضل الكتب للقراءة للمبتدئين، لكن هذه القائمة تصلح للمبتدئين وغيرهم أيضًا…
إحتراما لمن يحظى بموهبة سرد التاريخ بسلاسة: عمر طاهر. العبقري الذي يصحبك في جولة حول القاهرة؛ من أوسع ميادينها إلى الأزقة الساكنة وكأن شوارعها لم تشهد أجيال و أجيال، من بيت فاتن حمامة التي وقعت ثلاثة عقود ثم هرولت الى المطار لأسباب غامضة ثم لمكتب الخديو إسماعيل عندما قرر أن ينشئ البرلمان، ومع بداية الاعتراضات المنهمرة ستفاجئ بأنك مع السادات أثناء هبوط طائرته في مطار ‘بن جوريون’!
وأيضا قد تجد نفسك تُقرِر ببساطة أن تتزوج بعد عزوبية طويلة قائلاً: ((كنت أهرب من الزواج حرصاً على حريتي، ثم اكتشفت أنني لم أفعل بها شيئا، كنت عبداً لها بلا مقابل، قم أدركت مع الوقت أن الشعور بالحرية لا علاقة له بالعزوبية أو الزواج، و لكن بأن تأخذ تجربة الحياة بجدية)).
من زمنٍ لأخر و من حدثٍ لآخر، ستظل في دوامة و مقارنات بين الماضي و الحاضر و إستنتاجاتك الخاصة، التي حتما ستنسيك أن تسأل “من عَلَّم عبدالناصر شرب السجائر؟” و عند آخر محطة ستكتشف أن (( هذا البلد الذي أتأمله في أربعينياته حتى ثمانيناته يُجَدد المحبة، و ينفض التراب عن أثر كلمة ‘مصر’ على وجدان واحد)).
في نهاية المطاف، ستدرك أن هذا الكتاب ما هو إلا ((محاولة لإلتقاط الأنفاس)) من هروبك من شبح الزمن آملا ألا يفوتك قطر الحياة و الحيوات الأخرى!
ولكن ماذا لو لم يفوتك قطر الحياة، و لكنك تعيش على حافة إحتمال أن تقع في أي لحظة؟
لكلٍ منّا طريقته في التعامل مع الصدمات أو الكوارث، و لكن أحيانا نخشى المواجهة لدرجة مرعبة من تمثيل عدم الإكتراث. في هذه الرواية، يحاول يحيى راشد توقيف الزمن من خلال القنوط في بيته و إلهاء نفسه لينسى ما تسبب به في حياة أقرب الأحباء.
و بعد خمس سنوات، يستأنف حياته كطبيب أمراض نفسية في مستشفى العباسية ليُفاجئ بصديق قديم متهم في جريمة و حاملا مصيره بين كفيه. ولكن ماذا لو حل لغز هذه الجريمة ستفقده السيطرة التي حارب من أجلها طويلا؟ هذه الرواية عمل فني مختلف من نوعه، لن تتركها قبل أن تتركك، يمكن لأنها ستكشف لك أغرب خبايا النفس البشرية…
أستعد جيدا لأن بمجرد دخول الفيل الأزرق يَصّعَب الخروج قبل الوصول لنقطة النهاية.
و لكن عندما تؤدي كل الطرق ل٦٠ داهية تصبح خطط احتلال كوكب بلوتو لكوكب الأرض بائسة بمعنى الكلمة! في هذا الكتاب ستمر بقصص قصيرة تنقلك من هذا العالم و تغرزك فيه في آنٍ واحد. مغامرات القارئ تبدأ بالسعداء الذين لا يأكلون الإندومي و مرارا بإن المصري دائما يتصرف و إن الحاجة أم الإختراع!
و لكن دع المزاح جانباً، هذا الكتاب بمثابة الصديق الفُكاهي الذي يَجِد المرح حتى في أحلك الأوقات. فبدونه الليل لا شئ غير ظُلمة حالكة تُفصِلنا عن إعادة نفس اليوم بأحداثه للمرة ١٤٧٢ دون جدوى.
تعرف ايضاً علي: 15 هدية مبتكرة لعشاق الكتب والقراءة…
لأن هناك أوجه مختلفة للحياة، يَصعَب على الإنسان أحياناً أن يضحك في وجه الآذى و الخذلان.
فَبعد فترة لا بأس بها من التخَبُط، تصبح التفرقة بين الواقع و الخيال ما هي إلا رفاهية.. في تلك اللحظة يَعلِن طه فيها إحتقاره لهذا العالم اللعين!
فما الذي من الممكن أن يحول مُحِب مُبتَسِم لجمال القدر أن يحتقر كل شئ؟
هذه الرواية ستفقدك الإيمان في كل ما هو جميل، ثم تُزْهِر البساتين حول قلبك و تلعنك بملاحقة أبدية من عبير تلك الأزهار. فتظل في حيرة، أيهما أجمل؟ سقوط أوراقها المبهجة و يُتم أغصانها؟ أم تشبث الجذور في الأرض؟ ثابتة أمام الرياح، فكلما رأيتها و شممتُ رحيقها اندلعت نيران الحب في قلبك لِتُعلِن حضور الساكن الأبدي؛ الحب، و يظل طه غريب!
و يظل قلبي عامرا، دافئا بوجودها، تلك الأنثى العبرية…
من لبنان إلى جزيرة جربة التونسية، نتعرف على عدة أشخاص بينهم اختلافات جذرية. و لكن ماذا لو جمعتهم هذه الإختلافات بدلا من أن تفرقهم؟ ماذا لو إكتشفوا أن بالرغم من هذه الإختلافات ما اجتمعوا يوما؟
في النهاية، ماذا لو فهموا و أيقنوا أن هذه الإختلافات لم تجمعهم فقط، بل جمعت أشلائهم المفقودة ليمسوا أُناساً آخرين؟
ستظل د. خولة حمدي تبهرني، و لكن لهذه الرواية خصيصا وقع خاص في قلبي. فهي من جعلتني أؤمن بأن جمال و سلاسة العمل الفني في تفاصيله و أنها ليست أحداث متشابكة فقط، بل دواخل الشخصيات و صراعاتهم الداخلية،لاسيما أن هناك أنواع عدة من النهايات السعيدة!
أنا لم أقابل هذه الشخصيات قط، و لكنهم تجاوزوا حد الكرم بعرض دواخلهم من خلال هذه الكتب، فأصبح روتين حياتي الخاص، و كأنني أُخطي إلى عالمها، فأعيش حياة تلك الشخصية لنُمْسي شخصاً واحداً، نتألم سويا من ضربات الحياة المُتَوَقَعة صباحا و تعلو ضحكاتها على خيبتنا المتتالية مساءاً! حتى نصل لمرحلة السكون…
لأغرق في متاهة اللا شئ وحدي، من جديد.
ولكن في وجودهم تُمسي الحياة أسهل و أكثر توقعاً.. فبعدما أمضيت ساعات كشاهد صامت، لا حق له في التدخل وتغيير مجرى الأحداث، أصِل لخط النهاية لأكمل أنا حياتي و لكن بعد تلك الرحلات أحمل معي جزءًا من كلٍ منهم، سواء شئت أم أبيت.
فالأبواب لتلك العوالم لا تُغلَق كُلياً أبداً.
لا يوجد محتوى مشابة
لا يوجد محتوى مشابة
تعليقات على "5+ أفضل الكتب للقراءة للمبتدئين: كتب تتحداك أن تمل"