روايات خولة حمدي يبحث عنها كل ما هو محب للقراءة والآن سندخل إلى عالم خولة حمدي، يحبها الشباب ويدفعون بروايتها إلى قائمة الأعلى مبيعا، دونما ألعاب دعائية، وهو دور لا يمكننا إغفاله، تلعبه أليات النشر والتسويق وقد توقعك في فخ شراء رواية مخالفة لذائقتك، أو أنها لا تستحق أبدا الهالة التي نسجت حولها.
مع روايات خولة حمدي الأمر مختلف، فمنذ اختيارها لعنوان روايتها الأولى (بقلبي أنثى عبرية)، وغلاف الرواية المميز، بالإضافة لاختيارها لدار كيان للنشر الوليدة في ذلك الوقت 2012، لتبدأ معهم الطريق، ويكلل طريقهما بالنجاح الباهر، متمثلا في النجاح الكبير الذي حققته روايات الكاتبة.
أصبحت رواياتها توضع إلى جوار كتب كبار الكتاب، وفوز دار كيان كأفضل دار نشر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2021.
ألتفت الشباب إلى عنوانها الأول ليثير شغفهم، ليست لدينا معلومات كافية عن العبرانيين الحالين، نخشى من الإقتراب من أدبهم وحياتهم خوفا من الوقوع في براثن التطبيع الناعم، المتمثل في تبادل الثقافات، وفي نفس الوقت نرغب في اكتشاف المجهول.
خاصة وأن الشريعة الإسلامية تسمح للرجل بأن يضع بقلبه أنثى عبرية ويتزوجها وتصبح أم لأولاده، فالعنوان ليس به ما يقلق، ولا يحمل في طياته أي معنى سياسي، ولعل جنسية الكاتبة كتونسية ونشرها لرواياتها بمصر، دور كبير في إثارة فضول الجمهور المصري الذي يسمع عن زمنا كان اليهود يعيشون فيه بيننا.
وأبدا لم يعاين هو هذا الواقع، ويظن أن الشابة التونسية عاشته وستنقله إليه، خاصة مع إفصاح الكاتبة أن القصة حقيقية.
خولة حمدي كاتبة تونسية مولودة في العام 1984 ، حاصلة على بكالوريوس هندسة صناعية، وحصلت على الماجستير والدكتوراه من فرنسا، وعملت كأستاذة جامعية بالسعودية، فانطلقت تعبر عن أوجاع الشباب، وألم الغربة، وتتصدر بجرأة وبساطة لقضايانا كأمة عربية وإسلامية تواجه العديد من التحديات.
وقد صدر من روايات خولة حمدي حتى الآن رواية في قلبي أنثى عبرية ورواية غربة الياسمين، أن تبقى، أين المفر، أرني أنظر إليك، ياسمين العودة، و أحلام الشباب نسخة غير رسمية صدرت بشكل إلكتروني، وسنناقش هنا أهم أعمالها بالتفصيل.
اولي روايات خولة حمدي وصدرت بالعام 2012 هي الرواية التي وقعت ميثاق حب وتقدير بين الكاتبة خولة حمدي وبين الشباب، هي الرواية التي كتبتها كروائية شابة يلتف الشباب حول رواياتها، رواية جادة جدا تناقش قضايا انسانية واقليمية هامة، رغم حداثة سنها فهي كاتبة مهمومة بمشكلات أبناء جلدتها.
تدور الرواية حول الفتاة اليهودية ندى، والدها مسلم رغم ذلك هي يهودية كأمها، تدخل الإسلام تأثرا بالطفلة ريما التي تربت بتونس بكنف عائلة يهودية، صرحت خولة بأن الرواية مستوحاة من قصة حقيقية، دارت أحداث الرواية مابين تونس ولبنان، أشخاص أصحاب ديانات مختلفة تجمعهم علاقات نسب وقرابة.
اهتمام الكاتبة بالقضية الفلسطينية والحق الفلسطيني في المقاومة واضح، تعظيمها للدين الإسلامي وتقديرها له خط لا يمكن إغفاله، إلا أنه هناك انتقادات وجهت للرواية، واتهامات على مجموعات القراءة على وسائل التواصل الإجتماعي، أن الرواية ينقصها النضج.
ومن تروق لهم الرواية صغار بالسن، والأغلب السبب في ذلك حداثة سن الكاتبة، وتصدرها لموضوعات تفوق عمرها فقد بدت الطريقة التي تحولت بها البطلة للإسلام بسيطة أكثر من اللازم، قصص الحب تشبه الأساطير، مبالغات في الأحداث.
وقد لوحظ أن الكاتبة نضجت مع توالي الروايات، ومرور السنوات، وتلاشت تلك الأخطاء، وكل هذا لا يمنع أن تلك الرواية من أحب رواياتها لدى جمهورها.
كتبت خولة على صفحتها الشخصية منشور توضح فيه موقف رواياتها بعد الرواية الأولى، فجميعها روايات عن الغربة، وحياة المسلمين بالغرب، وبعض الأبطال يتكرر ظهورهم، وضحت أن روايتها الجديدة ياسمين العودة جزء ثاني لرواية غربة الياسمين بذات الأبطال.
ويمكنك قراءة ياسمين العودة حتى لو لم تقرأ الجزء الأول، وكذا كل رواياتها عن الغربة ، مثل رواية في قلبي أنثي عبرية .
أما رواية أن تبقى فقد تقاطعت مع غربة الياسمين ليتحول نادر الشخصية الثانوية إلى صاحب دور محوري في “أن تبقى”، ويتحول مالك الشخصية الثانوية في أن تبقى إلى شخصية محورية في رواية “أرني أنظر إليك”، محتفظين بإمكانية قراءة رواية واحدة ولا تحتاج لقراءة جميع الأجزاء لتفهم الرواية التي بين يديك.
ثاني رواية من روايات خولة حمدي صدرت بالعام 2015 رغم أنها كتبت قبل روايتها الأولى، لكن تأخر نشرها،هي واحدة من أهم رواياتها التي نالت اهتمام بالغ من الجمهور، تناقش من خلالها المشكلات التي يتعرض لها المسلمين بالمجتمع الغربي وبالأخص فرنسا بسبب اصطدام المظاهر الإسلامية بلا دينية الدولة.
فيصبح نصيب المرأة المحجبة الأكبر من المعاناة والتعرض للعنصرية، ولا ننسى أن خولة نفسها سيدة محجبة أقامة بفرنسا، فما تحكيه ليس خيالا أو محض إفتراء، للأسف هو بالتأكيد واقع عايشته والمعاناة هي من ألهمتها الفكرة.
تدور أحداث الرواية حول البطلة ياسمين التونسية المقيمة بفرنسا كدارسة للدكتوراة، محجبة ملتزمة بالتعاليم الإسلامية مهما كلفها ذلك، تتقاطع أفكارها مع شاب مغربي هو عمر العالم صاحب الأبحاث المعملية الكيميائية الهامة، يطلق عليها فتاة المترو ويجد لديها كثير مما يفقد.
تتعرض ياسمين لمضايقات بالجامعة وترفض رسالتها فقط لأنها محجبة، تلجأ لوالدها المتزوج من فرنسية وأصبح يحمل لقبها، بعد فترة تترك منزله خوفا من رغبتهم في تزويجها من هيثم ابن زوجة ابيها، لتعيش مع رنيم المحامية المصرية المتمردة على العادات والتقاليد وحتى الدين.
ورغم الخلاف تنشأ بينهم صداقة قوية، رنيم لديها قصة حب عنيفة، ومع هذا تتركها من أجل عمر الذي انغرمت به، لتصبح هي وياسمين عاشقتين لنفس الرجل.
رغم موضوع الرواية الهام، و النجاح الجماهيري الكبير الذي حققته ، فقد تعرضت الرواية للإنتقاد بسبب الصدف الزائدة عن الحد، وتشابك الأحداث والشخصيات بطريقة مبالغ فيها، ينقص تلك الرواية الإنسيابية والبساطة والرتم الحياتي الطبيعي،.
وقد عاب البعض على النهاية المفتوحة، والذي تبين بعد ذلك أن الغرض منه كتابة روايات أخرى كأجزاء مكملة للرواية، لكنها لا تزال من ضمن روايات جميلة للقراءة ينبغي عليك قرائتها والإستفادة منها.
ثالث رواية من روايات خولة حمدي صدرت أرني أنظر إليك بالعام 2020، ويعتبرها البعض أدب إسلامي شبابي، وواضح من العنوان المقتبس من أيه واردة بالقرآن الكريم على لسان سيدنا موسى عليه السلام، تناقش خولة ما يدور بعقلك حول علاقتك بالله، فهل وصلت إلي أن تسأل الله كما سأله موسى؟.
لا تريد أن تراه، بل ترى الطريق إليه، فترزق اليقين، بطل الرواية تونسي يفكر ويتدبر ويتأمل، ويشرك زملائه بكلية الطب بأفكاره، يجاهر بدعوته وبما يجول في صدره وما وصل إليه ليساعد من يسأل ويحتار مثله، فينتهي به الحال في قبضة الأمن، غير متفهمين رحلته الإيمانية داخل نفسه، ورحلة البحث عن شاطئ اليقين.
أحدث روايات خولة حمدي الصادرة بمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2021، لا نريد حرق الرواية الوليدة، التي تعد جزء ثاني لرواية غربة الياسمين، تستأنف فيها حكاية ياسمين فتاة المترو، ورنيم وعمر.
تذكرنا بالرواية الأولى وتنطلق منها للأحداث الجديدة، لينضم للرواية أبطال جدد، بعضهم يمثل مشكلات جديدة يواجهها المسلمين بالغرب، والبعض الأخر ظهر ليغير مجرى الأحداث تماما.
الاقتباس الذي اخترته خولة على غلاف الرواية، وتصميم الغلاف الذي يظهر مفتاح عتيق وإشارة الكاتبة بالشكر لصاحبة دراسة ماجستير عن اللاجئين الفلسطينين، كلها إشارات أكدت أن الرواية تنتصر للقضية الفلسطينية، وقضيتها الأولى هي حق العودة، والتأكيد أن استنشاق ياسمين العودة ليس ببعيد.
ونورد هنا الاقتباس الموجود على غلاف الرواية:
“أصابه سؤالها المباشر في مقتل، هل أنت صاحب همة عالية يا عمر؟، ردد فؤاده رجع الصدى، وغاب في دهاليز روحه، يفتش عن همته ليقيس مدى ارتفاعها، حين ثاب إلى رشده، كان أهدأ بالا وأهنأ حالا، قال وقد غشيته سكينة عجيبة: عسى أن أكون كذلك!
قالت في هدوء: سأهبك فرصة لتثبت نفسك إذن.
شعر عمر أن مقاليد القرار قد تفلتت من يده في تلك اللحظة وغدت بين راحتيها..كأنما هي تتماهى مع مفتاح بيت جدها الصدئ.”
هنا نكون قد عرضنا لكم أهم روايات خولة حمدي المتصدرة في الأسواق والتي أعجب بها الكثير ولذلك أصبحت من اعلي الروايات مبيعاً علي مستوي العالم.