سور الصين العظيم أحد عجائب الدنيا السبع وواحد من أشهر المعالم الشاهدة على إبداعات البشر في العالم، يمتد السور لمسافة 21 ألف كيلو متر شمالي الصين، وتم بناؤه كحصن دفاعي لحماية الإمبراطورية الصينية.
لعب السور دوراً كبيراً في فصل الحضارة الصينية عن بقية العالم، لكنه لم يمنع الغزاة من دخول الصين. إذاً ما حكاية هذا السور الذي أصبح رمزاً للحضارة الصينية وشاهداً على إبداعها؟ تابعوا معنا لمعرفة التفاصيل.
وفي كتب عن التاريخ ذُكر أن سور الصين العظيم هو سور يمتد على شمالي جمهورية الصين، يبلغ طوله 21 مليون و 19618 متر، ليصبح بذلك أطول مبنى في العالم، تم تشييده في البداية لهدف عسكري يتمثل في حماية حدود الدولة الشمالية من الغزاة، لذلك نجد المتاريس وأبراج المراقبة على طول السور.
يمر السور بتضاريس جغرافية مختلفة ومعقدة حيث يعبر الجبال ويقطع الأنهار، ويجتاز المروج ويخترق الصحراء، لهذا السبب يختلف الهيكل المعماري للسور باختلاف المنطقة، فنجده مبنياً من الأحجار المحلية ونوع خاص من الصفصاف في المناطق الصحراوية، أما في شمال غرب الصين فقد بُني بالتراب المدكوك أو الطوب غير المحروق.
في القرن الرابع قبل الميلاد لم تكن الصين دولة واحدة بل مُزقت لعدة ولايات بسبب خضوعها لسلطة الأمراء الدينية، واستمر الصراع بين كل ولاية والأخرى فاضطرت كل ولاية لبناء عدد من الجدران حول حدودها كسور دفاعي ضد هجمات الأعداء.
بزغت فكرة تشييد السور في عهد الإمبراطور تين شي هوانغ، وهو أول إمبراطور للصين الموحّدة، كان الهدف الرئيسي الذي من أجله ظهرت هذه الفكرة هو منع غزو القبائل البدوية على أراضي الإمبراطورية من الشمال.
بدأت أعمال تشييد الجدار تحديداً في عام 221 ق.م، وشكل الجنود والسجناء القوى العاملة الرئيسية في عملية البناء، وتوفي الكثير منهم أثناء عمليات التشييد ودُفنوا ضمن الجدار، وقد قُدر عدد الوفيات بحوالي 40000 إنسان.
وصل طول الجدار في المرحلة الأولية إلى 5000 كم، وامتد من ميناء شانهيغوان حتى مقاطعة غانسو، ويتراوح ارتفاعه من 4.5 إلى 9 متر، وبلغ عرض قاعدته من 4.5 إلى 15 م، وتم وضع متاريس حماية على سطحه كما وزعت أبراج الحراسة على امتداد السور.
بعد موت الإمبراطور تي شي هوانج وسقوط سلالة تين، تداعت حالة السور واحتاج للترميم، ثم في عام 220 وبعد سقوط سلالة هان، استولى عدد من القبائل على شمال الصين.
قامت أقوى هذه القبائل بترميم السور وتوسيعه للاستفادة منه في صد هجمات القبائل الأخرى، واستكملت عمليات استصلاح الجدار في عهد مملكة بي كي (577-550م)، كما تم توسيعه عدة مرات في عهد سلالة سي Sui التي حكمت لفترة قصيرة (581-618م).
بعد سقوط سلالة سي تسلم الحكم سلالة تانغ التي استمر حكمها من 618- 907 م، وفي عهدها فقد السور أهميته الدفاعية، فقد هزمت الصين قبيلة توتجيي واستولت على الأراضي التي تقع شمال السور.
في الفترة بين 1206 و 1368 استولت سلالة يوين المنغولية التي أسسها جنكيز خان على الصين، لكن لم يكن للسور أهمية عسكرية أو دفاعية في عهدهم، لكن تم تزويد السور بالجنود، وذلك لحماية القوافل والتجار المسافرين على طول الطرق التجارية التي تم إنشاؤها في ذلك الحين.
رغم التاريخ الطويل لسور الصين العظيم، إلا أن البناء الحقيقي للسور الذي نعرفه الآن كان في عهد سلالة مينغ التي حكمت من 1368 إلى 1644، ويمكننا اعتبار أبناء مينغ هم البنائين الحقيقيين لهذا السور.
فلو لم ينجزوا ما أنجزوه ربما لما وجدنا سور الصين العظيم كما نعرفه الآن بحجارته المنسقة والمنتظمة وعمارته المتقنة التي تتطلب بنائين متخصصين وليس سجناء كما كان في عهد تشين.
في القرن الـ 19 أصبح سور الصين العظيم واحداً من المعالم السياحية الهامة في العالم، كما تمكن من النجاة من الحرب العالمية الأولى والثانية، إضافة إلى العديد من الأحداث السياسية والحروب الأخرى التي شهدتها الصين والتي ذكرت في روايات جميلة للقراءة.
ومع مجيء السلطة الشيوعية أرادت التخلص من الماضي الاستبدادي للصين فركزت على سور الصين العظيم كونه بالنسبة لهم رمزاً لظلم وطغيان العديد من السلالات الصينية على مر العصور. وبالفعل قامت السلطة الشيوعية ببدء هدم السور باستخدام الديناميت المتفجر مما أدى إلى إحداث أضراراً جسيمة جداً في السور.
أُهملَ السور لعدة قرون مما أدى لتعرض عدة أجزاء منه للدمار، لكن في أواخر خمسينيات القرن الماضي تمت إعادة بناؤه وترميمه، وفي عام 1987، أدرجت منظمة اليونسكو سور الصين العظيم على لائحة التراث العالمي، ليصبح علماً سياحياً يجذب السياح المحليين والأجانب إلى اليوم.
ختاماً، شاركنا معكم في هذا المقال حكاية سور الصين العظيم، والقصة خلف بنائه وتاريخه الطويل، فهل زرت سور الصين العظيم من قبل؟ شاركنا بما تعرفه عنه.