كعادتي يوم الجمعة الصبح، بحضر فطار رايق وبشوف فيديو طويل على اليوتيوب، فيقع تحت ايدي فيديو لفتاة أجنبية بتتكلم على ظاهرة جديدة اسمها ” Gender flight”، بمعنى اختفاء النوع، دورت على معنى وتاريخ المصطلح ولقيت زمان كان بيتم استخدامه لوصف ظاهرة هجرة السكان البيض “الأغنياء” من الأماكن اللي فيها تنوع عرقي “اختلاط بين البيض والسود”، ولكن حاليًا بيتم استخدامها في قطاعات العمل أو العادات اللي بيهمن عليها جنس بشري واحد “رجال”، “سيدات”، وفي مقالة النهاردة هنركز بشكل أساسي على هجرة الرجال للقراءة، حضر فنجان قهوتك ويلا بينا.
إقصاء النساء من التعليم
زمان كان بيتم إقصاء النساء عن دراسة العلوم العقلانية زي الفلسفة والكتابة والتعليم بشكل عام باعتبار ان عقل الأنثى أضعف وأصغر من انه يفهم الأنشطة العقلية والثقافية، فكان كل مجال تبدأ المرأة بدخوله كان يسبقه ثورة واعتراض وحراك نسوي قوي نابع من إصرار في دخوله والتميز فيه، فلما تتميز الست في مجال بيضم عدد كبير من الرجاله، بيبدأ الراجل في الانسحاب منه وتدرجيًا بيدور على مجال تاني عشان يقدر يتميز فيه، وده نابع من فكرة ان أي حاجه تشارك فيها الست تُصبح أقل قيمة.
ومع مرور الوقت ونجاح الست في الثورة والتحرر على القمع المجتمعي والأسري، وبدأت تتعلم وأخدت القراءة والكتابة كهواية ومهنة، بدأ الرجاله ينسحبوا منها، لدرجة أن بعض علماء الاجتماع والنقاء بدأوا ينادوا ” أين اختفى القراء الرجال؟”، ويتم طرح سؤال مهم “هل سيتم تأنيث القراءة”؟
الرجولة والقراءة
الواقع بيقول إن فعلاً فيه تحول كبير في اهتمامات الرجال، مش بس في الوطن العربي لكن كمان في الغرب، الرجالة بقوا أكتر ميل لحاجات فيها منافسة سريعة و مكافآت فورية زي الـ video games واللي بالمناسبة عدد كبير من البنات بدأوا يهتموا بالهواية دي، لكن القراءة بتحتاج لصبر، وتركيز، وخيال، وتأمل ويمكن عشان كده تُوصَف إنها “أنثوية” في مجتمع بيقيّم الرجولة بمقاييس السرعة والسيطرة.
ولما بنبص حوالينا، هنلاقي إن معظم نوادي القراءة والمكتبات والمجموعات الثقافية بقت نسائية بامتياز، الغالبية اللي بتحضر معارض كتب، وبتشارك في مناقشات أدبية، أو حتى اللي بتكتب مراجعات كتب على السوشيال ميديا معظمهم تقريبا ستات.
لكن خلونا نسأل
هل العيب في الرجال؟
ولا العيب في الصورة اللي المجتمع رسمها للرجولة؟
المجتمع حصر الرجالة في أدوار ضيقة ومحددة، وبقت أي محاولة للخروج عنها تبدو وكأنها خيانة لهويتهم ونسينا إن القراءة مش فعل أنثوي، القراءة فعل إنساني، وهي إحدى الوسائل اللي من خلالها تقدر تفهم بيها نفسك والعالم.
والحل إيه ؟
اعتقد كل راجل لازم يكون عنده الشجاعة الكافية لتحدي الصورة النمطية اللي المتجمع فرضها عليه، اقرأ، حتى لو حواليك محدش بيقرأ، اختار كتاب، واقعد بيه على القهوة، أو في المترو، أو حتى قبل النوم.
ولو مكسوف تمسك رواية في الأماكن العامة، ممكن تبدأ تقراها على موبايلك على أبلكيشن iRead eBooks، من غير ما حد يعرف انت بتقرأ إيه، بس انت هتكون عارف إنك رجعت تعيد تعريف الرجولة بطريقتك.