زمان لما نوبل اخترع الديناميت سنة 1867 أدرك الجريمة اللي عملها بعد فوات الآوان واتمنى لو يرجع بيه الزمن ويصلحها..
كان الهدف من اختراعه للديناميت استخدامه في أغراض سلمية تنفع البشرية زي حفر المناجم،
وانتهى الأمر باستخدامه في الحروب!
اختراع بدأ بفكرة وانتهي بمأساة، فكرة صغيرة بتكبر مبنسألش نفسنا هل هنكون مسؤلين عن تداعياتها بعدين ولا هنرميها للناس ونجري؟
وده بالظبط اللي عملته فئة من الناس رمت فكرتها علينا وجريت من غير ما يفكروا في مسؤولية الكلمة.
إيه الحكاية؟
في المقال ده هنحكي حكاية ناس،
“ناس بتعيش عمرها كله بتبني قراراتها بناءً على حِكْمَ لا نعرف هي بدأت امتى ومن مين وإزاي أثرت في أجيال ورا بعض، محافظين على استمرار توارثها وكأنه كتاب مقدس لا يخطئ.”
موقفناش عندها وفكرنا فيها، واكتشفنا مع الوقت إنها أصبحت مرجع شبه رسمي للي تايه ومهزوز ومحتاج لشئ يقررله مصيره أو يبررله أفعاله!
الموضوع بدأ بمثل شعبي من إنسان غير مسؤول عن أبعاد الكلمة ممكن توصل لفين، وكمل مع “إنسان آخر” رمى عقله ودينه وسلم نفسه لتلك المواريث الموبوءة.
سيكولوجية الإنسان الآخر
تساؤلات كتيرة بتيجي في دماغنا لو قابلنا في حياتنا شخص بيعتمد على الحكم الموروثة كأنه كتاب مقدس بيرجعله لما يتوه زي ما ذكرنا في أول المقال، العقلية دي بتثير تساؤلات كتير في دماغنا،
فين استقلاليته الفكرية؟ فين طبيعة التفكير النقدي؟ إزاي لسه في ناس تؤمن بالكتاب ده في وقت بيفرض عليك يكون عندك مرونة ذهنية ووعي ذاتي؟
إيه هي سمات الإنسان الآخر؟
ضعف الثقة بالنفس: اعتماده الدائم على اللجوء للحكم والأمثال بيتوازى مع ضعف قدرته على التحليل والتقييم بنفسه للمواقف، ف بيلجأ للوجبة سريعة التحضير “الحكمة الجاهزة” اللي هتقدمله الخلاصة من وجهة نظره.
التفكير الأحادي: كلمة “أحادي” هي الميل لأقصي اليمين أو الشمال، يا أبيض يا أسود، رغم إن الإنسان نفسه خٌلق بين مزيج من الخير والشر، وده افتقار فكري مش بيستوعب الأمور الحياتية المعقدة، وبيعتبر الأمثال والحكم حلول مبسطة لكل أمر معقد.
الخوف من التميز: غالباً بيحاول ينصهر مع آراء ومعتقدات الجماعة حتى لو كانت غلط، وقد يكون قادر يميز الصح فيها من الغلط ولكنه بيختارها في كل الأحوال عشان خايف يطلع ” The Black sheep” وهو مصطلح أجنبي بيعبر عن الأشخاص اللي بتمشي عكس القطيع، والمصطلح الموازي له في العالم العربي “البطة السودا”.
بالحديث عن الأمثال والحكم، عندنا أمثلة كتير بتبرر الظلم والعنف أو التمييز الجنسي والعنصري، وهي ديه الآفة اللي قالبة الصح غلط والغلط صح!
“اكسر للبنت ضلع يطلعلها 24 ضلع”
كام مرة اتقالت عشان نبرر التعنيف الأسري للبنت من أب، أخ، خال، عم؟
كام مرة نتلاعب بأفكار ضحايا العنف الأسري بالحكمة ديه؟
شفناها في مسلسل “ذات” لما اتقالت من الفنانة “انتصار” لبنتها، شفنا إزاي بيربوا البنات إنها لازم تتعنف عشان تتعلم وتطيع وتكون فرد تابع لغيره، شفنا إزاي بتربي جواها إنعدام قيمتها الحقيقية وكأنها مجرد شئ.
طريقة تطبيق الحكمة ديه جيل ورا جيل في التربية أو الزواج بتدخلنا في دائرة مفرغة من العنف الأسري والإضطرابات النفسية.
“اكسر للبنت ضلع، مش هيرجع إحساسها بنفسها ولا تجاهك تاني، وهتعيش عمرها موجوعة وفاكره اللي عملته فيها.”
“مايعيب الراجل إلا جيبه”
اختزال الأهالي لقيمة الراجل المتوازية مع قدرته المادية بيخلق كم كبير من الزيجات الفاشلة والزوجات التعيسة اللي تجاهلت القيم الإنسانية للراجل زي الأخلاق، والتفاهم، والتقارب الفكري اللي على أساسه بنختار اللي هنكمل معاه حياتنا،
وبالتالي الأطفال بيطلعوا مش فاهمين المعنى الحقيقي للمودة والرحمة، والحب والعطاء والمفاهيم الجميلة اللي المفروض يلاقوها بين أهاليهم، بيكبروا مش فاهمين يعني إيه حُب صحي؟ يعني إيه تفاهم واحتواء؟ يعني إيه راجل محترم ومتربي؟ تايهين مابين الصح والغلط.
” اللي يعيب الراجل أخلاقه السيئة، تربيته الغلط، عدم مسؤوليته وتهربه منها، لو عنيف وعصبي، لو متصابي، كداب، خاين، نرجسي ونخلي القوس مفتوح…
“كل اللي يعجبك والبس اللي يعجب الناس”
نفاق اجتماعي مجرد، وحيله ضعيفة وهشة للانتماء للقطيع، وكأن الخروج عن النص جريمة يعاقب عليها القطيع ذاته،
حكمه بتقمع الإنسان إنه يعبر عن كينونته من خلال مظهره، بتحددله معايير وبتنصب له محكمة وهمية بينهم.
“كل اللي يعجبك، والبس برضه اللي يعجبك.”
“البنت لبيت جوزها”
ولو طلع جوزها مش كويس؟ لو متجوزتش؟ لو جوزها خدها في شبابها وتخلى عنها لما كبرت وحرمها من كامل حقوقها المادية من إيواء ونفقات وإلخ؟
حكمة تختزل الست في دور الزوجة وبس، وكأن سنوات تعليمها كانت لتربية الأولاد ليس إلا!
أما العمل والاستقلالية المادية ملهاش نصيب فيهم!
“البنت تقرر بنفسها.”
“الباب اللي يجيك منه الريح سده واستريح”
مش كل مشكلة هتيجي قصادنا هنلف يو تيرن ونغير طريقنا! ساعات المواجهة هي كل اللي احنا محتاجينه عشان نحل مشكلتنا مش إننا نتجاهلها.
ممكن تتفهم صح إنك تبعد عن المشاكل والبيئات السامة ولكن مش كل الناس هتفهمها كده، الناس بطبيعتها بتستسهل، بيختاروا عدم التواصل وقطع العلاقات بدل من حل مشاكلهم، وبيترتب عليه تفكك العلاقات الاجتماعية.
“الباب اللي يجي منه ريح واجهه بشجاعة”
“مفيش دخان من غير نار”
مثل بيحفز على فكرة ” الإدانة المسبقة” المبنية على الشائعات والقيل والقال، وبيبرر للإنسان الآخر إتهامه للناس بدون وجه حق مما يترتب عليه تدمير حيوات الناس بالباطل وقصف محصنات دون دليل حقيقي،
بالإضافة إلى تكوين إحساس دائم داخل الإنسان الآخر بعدم الثقة بالناس والظن السئ بيهم متجاهل بالكامل إن معظم الشائعات بيكون غرضها الأساسي الانتقام أو الغيرة أو لأسباب خبيثة ومضللة.
“في دخان صناعي عادي بيستخدموا في الاحتفالات وأغراض أخرى خبيثة”
“يا مخلفة البنات يا شايله الهم للممات”
نقول للبنت “البنت لبيت جوزها” بالتالي متعرفش تعيل نفسها في أي مشكلة، ولا تعرف تتصرف لوحدها عشان اتربت على التبعية والانسياق،
بعدين نقول ” اكسر للبنت ضلع يطلعلها 24 ضلع” تطلع البنت ضعيفة معندهاش إحساس بقيمة نفسها ومحتاجة دايماً حد معاها يدعمها ويدافع عنها ويقررلها مصيرها،
في الآخر نقول “يا مخلفة البناات يا شايله الهم للممات”، وديه نهاية متوقعة جداً بعد تغذية البنات بالأفكار اللي ذكرناها وربوهم عليها،
والجدير بالذكر إنه مثل بيعكس تمييز واضح ضد الستات بوصفهم “همّ”،
في حين إن البنات على الأغلب اللي بيكونوا موجودين لأهلهم وقت المرض والتعب وبيكونوا هما الضهر الحقيقي لأهاليهم طول العمر.
“يا مخلفة البنات يا متشاله عالراس للممات”
في آخر مقالنا بنتمنى الأمثال والحكم ديه تتشاف على حقيقتها ونعرف نميز مابين الأفكار السامة اللي بتحرض على العنف والتمييز الجنسي وقصف المحصنات وما بين الأمثال الظريفة اللي فيها حكمة بجد، حكمة عقلنا يقدر يستوعبها بالمنطق،
لو عجبك المقال دوس إعجاب أو اكتب تعليق، وإلى اللقاء في مقال جديد.