غادة السمان

اختلف الجميع حولها، بين من رآها أديبة نسوية من العيار الثقيل، تستحق التكريم والثناء، وبين من رآها مُتمسحة ومُتقربة من كبار الأدباء والفنانين بغرض نيل الشهرة والصيت، وبين هذا وذاك تضيع الكثير من الحقائق حول سيدة نافست نجمات السينما بجمالها وأناقتها وحضورها، حتى وقع في غرامها كبار الشخصيات الأدبية مثل أنسي الحاج وغسان كنفاني وآخرهم المُلحن بليغ حمدي، فمن هي غادة السمان المُثيرة للجدل؟

تصنيف روايات الكاتب: رومانسية – أدب رحلات

غادة السمان

اختلف الجميع حولها، بين من رآها أديبة نسوية من العيار الثقيل، تستحق التكريم والثناء، وبين من رآها مُتمسحة ومُتقربة من كبار الأدباء والفنانين بغرض نيل الشهرة والصيت، وبين هذا وذاك تضيع الكثير من الحقائق حول سيدة نافست نجمات السينما بجمالها وأناقتها وحضورها، حتى وقع في غرامها كبار الشخصيات الأدبية مثل أنسي الحاج وغسان كنفاني وآخرهم المُلحن بليغ حمدي، فمن هي غادة السمان المُثيرة للجدل؟

تصنيف روايات الكاتب: رومانسية – أدب رحلات

من هي غادة السمان؟ نشأتها وحياتها الخاصة

 

وُلدت غادة السمان في عام 1942م في دمشق بسوريا، كان والدها بروفيسيرًا في العلوم السياسية، وشغل منصب رئيس جامعة دمشق، ثم وزير التعليم لفترة قصيرة، أما والدتها فهي الأديبة سلمى رويحة والتي ماتت ومازالت غادة صغيرة.

تأثرت الطفلة غادة بشدة بفُقدان والدتها، ولكن الأب حاول قدر الإمكان تعويضها عن ذلك، فعمل على ربطها بالأدب والشعر، حيث كان مولعًا بهما، ونجح في ذلك، لكن، تأتي الرياح بما لا تشتهي السُفن، فقد كان يُريدها أن تدخل كلية الطب (لأنها كانت فتاة متفوقة)، لكنها أضاعت أمله، ودخلت كلية الآداب لدراسة الأدب الإنجليزي، درست في جامعة دمشق وتخرجت في عام 1963م بدرجة بكالوريوس، وتابعت دراستها بالجامعة الأمريكية في بيروت وحصلت على درجة الماجستير.

كانت غادة قد أصدرت أولى أعمالها القصصية تحت عنوان “عيناك قدري” وهي مازالت طالبة في عام 1962م، واعتبرها البعض حينها تسري على نهج الأديبات السوريات واللبنانيات اللائي يُنادين بحق المرأة في المُجتمع؛ مثل كوليت خوري، وليلى بعلبكي.

وفي عام 1964م أصدرت مجموعتها القصصية الثانية تحت عنوان “لا بحر في بيروت”، ووسْط ذلك كانت قد نالت الماجستير في مسرح اللامعقول. وكامرأة شابة تمتعت غادة باستقلال مادي، فقد كانت اللغة الفرنسية هي لغتها الثانية كذلك الإنجليزية، فعملت على استغلال ذلك بشكل صحيح، فدَرسَت اللغة الإنجليزية في المدرسة الثانوية بدمشق، وعملت كأمين مكتبة، وخلال مرحلة الليسانس وجدت وظيفة كمعلمة في مدرسة تشارلز سعد بالشوفات، ثم ككاتبة في مجلة الأسبوع العربي، والحدث، والعديد من المجلات حديثة العهد.

وفي أثناء عملها بالصحافة كانت تتنقل بين سورية ولبنان، تكتب نقدًا واضحًا وصارخًا في الحكومات العربية وعلى رأسها حكومة البعث السورية، حتى اُعتقلت لشهرين في سوريا، وفي عام 1967م بالتحديد في 5 يونيو، تحدث النكسة! والتي كانت نقطة تحول في حياة كل كُتاب العرب، الذين فقدوا ثقتهم في ناصر والقومية العربية والوحدة المرجوة والاجتماعات الطارئة.

كتبت “غادة” على إثرها مقالًا لاذعًا بعنوان “أحمل عاري إلى لندن”، وتسلط فيه الضوء على نقطة هامة، قد نغفل عنها اليوم؛ إننا لا يجب أن نستخدم مصطلح “النكسة”، فذلك لا يُعد سوى تخدير واضح من قِبل الحكومات العربية المهزومة لشعوبها، لتخفيف وطأة الحدث، فما حدث ليس انتكاسة بل هزيمة شنيعة لطخت جبين العرب كلهم.

في ذلك الوقت كان اسم “غادة السمان” بدأ يعلو صداه في العالم كله، خاصة مع تنقلها للندن وباريس والقاهرة وبيروت، وأثناء مكوثها في بيروت قابلت الأديب والشاعر “أُنسي الحاج” والذي كان يكبرها في العمر بخمس سنوات، فوقع في حبها (على حسب زعم غادة)، وتبادل كلاهما الرسائل.

لكنها قصة حب لم تدم طويلاً، خاصة بعد انتقال غادة إلى القاهرة وحضورها إحدى الندوات، وهناك قابلت “غسان كنفاني” والذي داعبها (على حسب زعم غادة) قائلًا: “مالكِ تُشبهين شابة ريفية قلقة”، فنشأت بينهما علاقة حب سرية، وتبادل كلاهما الرسائل (على حسب زعم غادة). 

 

الحياة العاطفية للكاتبة غادة السمان

 

تلك العلاقة التي جمعت غادة بعدد من الكُتاب أمثال أنسي الحاج وغسان كنفاني والصحفيين ناصر الدين وكمال ناصر، كلها علاقات قد تبدو من الوهلة الأولى إعجاب أو حب من قِبل هؤلاء المشاهير لغادة، رغم أنهم فاقوا الأخيرة شهرة، فمن يطلع على رسائل غسان كنفاني وأُنسي الحاج التي نشرتها غادة في كتابين مُنفصلين “رسائل أنسي الحاج لغادة السمان” و”رسائل غسان كنفاني لغادة السمان” يتعجب من عدة أمور تتمثل في التالي:

  • غادة نشرت رسائل هؤلاء الكُتاب، لكنها لم تنشر رسائلها! فما السر وراء ذلك؟
  • نشرت غادة تلك الرسائل في أوقات متأزمة وصعبة، مثل نشرها رسائل غسان لها إبان مُعاهدة أوسلو عام 1993م، متسببة في زعزعة صورة الشهيد الشامخ غسان كنفاني، وادعت أن سبب نشرها لرسائله إظهار قدرته اللغوية الفذة!
  • التشابه الكبير بين رسائل كل من أُنسي الحاج وغسان كنفاني، إلى الحد الذي شكك الكثيرون في صحة تلك الرسائل، وأن غادة هي من لفقتها بغية العودة إلى الشهرة والأضواء، حتى أن شقيق غسان كنفاني علق على تلك الرسائل قائلًا: “اسمحي لي ألا أخوض كثيرًا في هذا الموضوع، فلي تحفظات كثيرة على ما نشرته السيدة غادة السمان، وأسئلة كثيرة لم أجد لها أجوبة بعد! لماذا بعد رُبع قرن على استشهاد غسان تقوم غادة بنشر رسائله لها؟ ولماذا لم تنوه بحرف عن رسائلها لغسان؟ وهي لم تقل بأنها نشرت الرسائل من أجل ترسيخ إنسانية غسان، بل للتباهي بأنوثتها بعد أن استنزفها الزمن وفقدت نبض تلك الأنوثة!”.

كما يتضح في النقاط الثلاث السابقة، فحقيقة الأمر – حسب رأيي المتواضع – أنني لا أثق في ادعاءات غادة السمان بشأن مُراسلة هؤلاء الكُتاب العِظام لها، وإن حدثت أي مُراسلة، فلا أُسلم أن تكون بمثل ذلك المستوى الإذلالي المُريب الذي ظهر فيه الشهيد البطل غسان كنفاني، فكيف له أن يُرسل لها في نهاية رسالة مطولة يقول: “اُكتبي ليَّ الآن! أرجوكِ.. اُكتبي لي أي شيء” فترد بدورها من لندن التي صبغت برودتها عليها بعد أشهر تحمل فيها غسان ما تحمله قائلة (باللهجة السورية): “شو ها البرد!”.

ولماذا ذلك التشابه المُريب بين أسلوب غسان وأُنسي الحاج في التذلل لغادة، هذا التشابه لا يدل إلا على شيء واحد فقط – حسب رأيي – أن تلك الرسائل لُفقت لهما.

وقد يكون سبب كتابة تلك الرسائل وتلفيقها لأناس لا يقدرون الدفاع عن أنفسهم الآن، أو تجميعها (في حال صحت ادعاءات غادة)، هو كما يقول شقيق غسان، أن غادة مع كبر سنها وبلوغها الخمسين فالستين بدأت تشعر أنها غير مرغوب بها كأنثى، فأحبت كعادة باقي النساء أن تُثبت أنها كانت – وهي صغيرة – يتقاتل عليها أبناء دوحة الأدب كلهم!

ومن قصص غادة الغريبة، والتي لا أُشكك فيها، علاقتها مع المُلحن المصري العظيم “بليغ حمدي”، فقد ارتبطت به حين قدم إلى بيروت أثناء انفصاله عن وردة، ووقعت هي في حبه، لكن بليغ لم يُبادلها نفس الشعور، فقد عاملها ببرود جم، ولمّا عاد إلى القاهرة، عادت على إثره ومكثت عند أخته، وطلبت منه الزواج، وكان سيفعل ذلك، لولا أنه عاد للمغنية الجميلة وردة مرة أُخرى، فتجرعت غادة من نفس الكأس الذي سقت به غسان وأُنسي من قبلها؛ خيبة الأمل.

 

زواج غادة السمان

 

في أواخر الستينات تزوجت غادة السمان من الدكتور “بشير الداعوق” صاحب دار الطليعة، وأنجبت ابنها الوحيد “حازم” الذي أسمته تيمنًا بأحد أبطالها في مجموعة ليل الغرباء، كان زواجها آنذاك بمثابة الصدمة أو ما سُمي بلقاء الثلج والنار، لِمَا كان يبدو فيه من اختلاف في الطباع الشخصية.

 بشير الداعوق سليل أسرة الداعوق البيروتية العريقة بعثي الانتماء حتى النُخاع، ولا يخجل من ذلك وظل مُنتميًا للبعثيين حتى وفاته عام 2007م، أما غادة، فانتماؤها كان للحرية، كما تقول دومًا عن نفسها. لكن زواجها من داعوق استمر، رغم الاختلافات، وبرهنت غادة على أن المرأة الكاتبة المبدعة يمكن أيضًا أن تكون زوجة وفية تقف مع زوجها وهو يصارع السرطان حتى اللحظة الأخيرة من حياته. 

وفي فترة السبعينات أنشأت دار نشرها الخاصة بها، وأعادت نشر معظم كتبها وجمعت مقالاتها الصحفية في سلسة أطلقت عليها “الأعمال غير الكاملة”؛ في خمسة عشر كتابًا، ولديها تسعة كتب في النصوص الشعرية.

تعيش الآن غادة في باريس منذ منتصف السبعينات إلى يومنا هذا، وترفض إجراء أي مقابلات صحفية منذ ذلك الوقت، والسبب يعود إلى آخر حوار أجرته، اكتشفت أن المُراسلة لم تكن قد قرأت لها شيئًا، فشعرت غادة بالإهانة، فابتعدت عن الصحافة والإعلام، وظلت تحمل غضبًا من الإعلام العربي الذي يوظف مجموعة من قليليّ الخبرة، وأحيانًا بعض المُرتزقة.

 

ما ألهمها لتصبح كاتبة؟

 

بعد وفاة والدة غادة، تعلقت بوالدها الذي أخذ يزرع فيها حب الأدب والشعر، وبالتالي كانت تلك هي البذرة الأولى التي ستثمر فيما بعد بأن تُصبح غادة إحدى أديبات الوطن العربي الذين اشتهروا في فترة الستينات، وقد يكون المُلهم الأكبر علاقة القرابة التي جمعتها بالشاعر السوري الكبير “نزار قباني”.

 

مشوار غادة السمان الأدبي

 

بدأت غادة مشوارها الأدبي في عام 1962م مع أولى أعمالها القصصية “عيناك قدري”، ثم تلتها في عام 1966م ناشرةً مجموعتها القصصية الثانية بعنوان “لا بحر في بيروت”. وفي عام 1966م أصدرت المجموعة الثالثة “ليل الغرباء” التي تُعتبر واحدة من أشهر أعمالها الأدبية. 

استمرت غادة بالكتابة وبالإضافة إلى الكثير من المقالات التي نشرتها فقد كتبت في عام 1973م مجموعتها القصصية الثالثة “رحيل المرافئ القديمة”.

وفي عام 1975م نشرت غادة أول رواية لها بعنوان “بيروت 75” تحدثت فيها عن واقع الحياة في بيروت، وقد تُرجمت هذه الرواية إلى عدة لغات منها الفرنسية والإيطالية والإنكليزية والإسبانية.

 تنبأت في تلك الرواية بحدوث الحرب الأهلية، وقد كان بالفعل، في العام التالي كتبت رواية “كوابيس بيروت” التي جمعت فيها الذكريات والأحداث التي شاهدتها أثناء الحرب الأهلية في لبنان.

وفي عام 1983م كتبت روايتها “ليلة المليار” التي أشارت فيها إلى العجز الذي أصاب المُثقفين العرب، في الرواية ستجد أنه عجز جنسي، لكن غادة كانت تقصد العجز كله بصفة عامة الذي دب فينا كالشلل في وجه الاستبداد.

وفي عام 1993م، أثارت غادة ضجة مدوّية في عالم الأدب العربي، حين أصدرت كتاب “رسائل غسان كنفاني لغادة السمان” وقد أشرنا إلى ذلك الأمر أعلاه.

وفي مطلع الألفيات، تحديدًا سنة 2001م، نشرت رواية “سهرة تنكرية”. وفي 2008م نشرت ديوان “القلب العاري”، وفي ظل – ما أسميناه – الربيع العربي نشرت عام 2011م مجموعتها الشعرية “عاشقة الحرية”.

وفي عام 2015م أصدرت رواية “يا دمشق وداعًا: فسيفساء التمرد”، وقد أهدتها لمدينتها التي نشأت فيها واغتربت عنها، وآخر أعمال الأديبة المبدعة كتاب بعنوان “تعرية كاتبة تحت المجهر” نشرته في أواخر عام 2018م.

 

الجوائز والتقديرات

 

  • فازت النسخة الإنكليزية من روايتها بيروت 75 بجائزة جامعة تكساس للكتاب المترجم، كما فازت النسخة الإسبانية منها بجائزة “أندلوسيا” لأفضل كتاب مترجم.
  • ترفض غادة إجراء المقابلات التلفزيونية دائمًا وذلك بعد إحدى المقابلات التي أجرتها مع محاور لم يقرأ أعمالها أبدًا، ولذلك فإن جوائزها قليلة جدًا.

 

محطات مميزة في حياتها

من الممكن الإشارة إلى أهم المحطات في حياة غادة السمان كالآتي:

  • وفاة والدتها واعتناء والدها بها وتربيتها على الأدب.
  • دراستها للأدب الإنجليزي ومسرح اللامعقول.
  • عملها في الصحافة.
  • سجنها في سجون البعث لمدة شهرين.
  • التقائها بغسان كنفاني في الستينات.
  • إصدارها الكتاب المُثير للجدل “رسائل غسان لغادة” والذي اختلف الناس حوله بين مؤيد ومتعاطف معه، وبين رافض لذلك الكتاب.

 

اقتباسات غادة السمان

 

“لم يعد الفراق مخيفاً، يوم صار اللقاء موجعاً هكذا”.

“خطوط راحة كفك صارت خطوط خارطة عالمي، أظافرك واحتي، خارج حدود أصابعك ينتهي العالم”.

“قد يكون ضرورياً أن تظل هنالك أسئلة لا جواب لها كي نستمر في الحياة والكفاح والبحث”.

“يبدو أنّ الإنسان يجب أن يضيع أحيانًا ليكتشف دربه بنفسه”.

“إنني أزداد يومًا بعد يوم إيمانًا بأن مساوئ إطلاق حرية الفكر أقل من مساوئ كبحها”.

“عيناك قدري لا أستطيع أن أهرب منهما وأنا أرسمهما في كل مكان وأرى الأشياء خلالهما”.

“لا تخن حياتك وابتسم، فأنت حي”.

“حين تختار أن ترحل معي على متن طائرتي الورقية الملونة، بدلاً من طائرتك الخاصة النفاثة، تصير حبيبي”.

 

أعمالها خارج العالم الأدبي

 

عملت غادة في الصحافة والإعلام، فقد عملت لفترة كصحفية في عدة مجلات وجرائد، كما عملت في إحدى برامج الإذاعة الكويتية، كما عملت أمين مكتبة في دمشق، ومدرسة للّغة الإنجليزية في إحدى المدارس.

 

روايات غادة السمان

 

  •  بيروت 75 – 1975م.
  • كوابيس بيروت – 1976م.
  • ليلة المليار- 1986م.
  • الرواية المستحيلة – فسيفساء دمشقية.
  • سهرة تنكرية للموتى (موزاييك الجنون البيروتي) – 2003م.
  • يا دمشق وداعاً (فسيفساء دمشقية) – 2015م.
شارك

حمّل التطبيق

تحميل التطبيق

مقالات اخري

مارك توين

فرانز كافكا

رحاب هاني

شارك

الرئيسية
حسابي
كتب
كُتاب
متجر