حكاية فرح

عز الدين فشير

حكاية فرح رواية اجتماعية نفسية، هى حكاية كل فتاة فقدت حقها فى التعبير عن احساسها بالوجع، هى حكاية كل فتاة تعرضت لانتهاك حقوقها البسيطة فى طفولتها، والتعامل بفطرتها السليمة. هى جرس إنذار لكل أب وأم فى عدم البخل بالحنان على بناتهم. .

احصل علي نسخة

نبذة عن حكاية فرح

تبدو حكاية، حكاية فرح، غريبة نوعا ما لمن يصم آذانه عن سماع الحقيقة، ولمن يُعمى بصره عمدا عن رؤيتها، ولمن ُيلجم لسانه من أجل كذبة لطالما خدعنا أنفسنا بتصديقها، وهى الحفاظ على الرباط الأُسرى وحماية الأولاد من التشتت، والعيش تحت مظلة أسرة منفصلة داخليًا ومرتبطة ببعضها خارجيًا.

حكاية فرح هي حكاية كل فتاة قد تكون تعرضت للقهر والظلم وعدم المساواة، أو تعرضت لنبذ رأيها، والقسوة الشديدة فى تربيتها، وكبح فطرتها الطفولية، وخوفها الدائم من طرح تساؤلات عن أبسط الأمور التي تجهلها عن تكوين جسدها، والإضطرابات التى تواجهها فى مرحلة المراهقة، وما ينتُج عنها من تغيير فى مشاعرها واحساسها تجاه نفسها، وتجاه عائلتها، وتجاه الرجُل فى حياتها سواء كان والدها أو أخوها أو حتى زوجها.

عند قراءتك لرواية حكاية فرح ستضطرب مشاعرك نحوها، وستصيبك الحيرة في الحكم عليها. تارة ستشعر بالشفقة عليها، وتارة أخرى ستشعر شعور القاضى، الذى يُصدر حُكما مسبقا عليها، ويتناسى روح القانون فى اصدار حُكمه عليها، ثم يُراودك شعور الحنان عليها، لأنها لم تجد من يوجهها إلى الطريق الصحيح، لم تجد من يسمعها ويتقبلها كما هى، لم تعثر على من يتفهم عقليتها، بل فشل الجميع فى احتوائها وكان أول من فشل فى أداء هذه المهمة والدتها.

تعتبر الرواية صرخة مُدوية لحياة الأنثى فى بعض الأُسر التى تقتُل فطرة الفتاة مع سبق الإصرار والترصد. وتتعرى أمامنا حقيقة ما يحدث داخل الأُسر المصرية من كبت لمشاعر الفتيات.استطاع الكاتب “عز الدين شكرى فشير” التعبير عن أدق التفاصيل فى حياة المرأة من مرحلة الطفولة، مرورًا بمرحلة الشباب ووصولًا لمرحلة الشيخوخة.

تبدأ أحداث الرواية بوصف حياة “زينب” والدة “فرح”، وما تواجهه فى حياتها من صراعات، وتحمُلها مسئولية تربية ثلاثة أطفال وحدها فى ظل غياب زوجها، وسفره إلى الكويت. شخصية زينب هي نموذج المرأة المصرية التى حرمت نفسها من أبسط أمنياتها فى الحياة، وكدست كل وقتها من أجل تربية أبنائها فقط وتنازلت عن جميع حقوقها، بل إنها أدت واجباتها تجاه زوجها على أكمل وجه.

زينب شخصية قوية، صارمة فى اتخاذ قرارتها، وذلك حين قررت العودة للمنصورة، والمُكوث بها وترك زوجها فى الكويت .عندها قدرة فائقة فى اختيار الوقت أيا كان توقيته لتنفيذ القرار.تتطرق الرواية إلى ما تُواجهه المرأة من قهر وجفاء المعاملة الزوجية، والمُثابرة والإصرار على مُواجهة مصاعب الحياة وحدها، حتى لو كلفها هذا التخلى عن طموحها وأحلامها، وتبدو هذه الأحلام بسيطة جدا كالإستقرار والإحساس بالأمان.

تنتقل الرواية بعد ذلك إلى “فرح”، فتنقل لنا مراحل حياتها منذ الطفولة، وماتتعرض له من حرمانها من حنان والدتها عليها، ومُعاملتها على أنها حجر أو جماد فى المنزل لا يحق لها أن تسأل عن أبسط التغيرات التى يتعرض لها جسدها، ولا يحق لها الإعتراض على كل ما يُصب نحوها من أوامر واجبة التنفيذ. وشعورها بغربة قاتلة وسط عائلتها، كما أنها لا تملك حرية التعبير فى إبداء رأيها أو حتى الإعتراض على ما تتعرض له من ظلم وعدم تفهم وقسوة وسوء معاملة.

طرحت الرواية عدة قضايا شائكة مثل: القضايا الدينية، ونظرة المجتمع للحجاب والنقاب، ومدى التغير السريع من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، بل إنها طرحت بعض التساؤلات، هل الدين معاملة أم مجرد زى ومظهر خارجى فقط؟ هل الدين يكمن بداخلنا ونعبر عنه بأخلاقنا ومعاملاتنا وتأدية الفروض أم أنه مجرد شكل اجتماعى يتباهى به البشر دون إدراك مكنونة الحقيقى؟

عرضت الرواية نماذج متنوعة للذكور. مختلفين فى التفاصيل، ولكن العامل المُشترك بينُهم، هو سيطرتهم على الأنثى، وجهلهم بمشاعرها، وتجاهُل احساسها بالألم والوجع، وفرض قانون الاعتمادية عليها أيا كانت قوة تحملها واحتمالها لذلك. هذه النماذج متواجدة بشكل كبير فى مجتمعنا الشرقى.

تبدو نهاية الرواية صادمة، لكنها مُفعمة بالأمل.

السرد ممتع ومميز. يوضح لنا قبح المجتمع الذكورى الذى نعيش فيه، والذى يُفضل دائما الذكر عن الأنثى.اللغة منفردة، متفردة بجميع مفرداتها، قريبة منا، والجمل الحوارية معبرة عن حياة الأسرة المصرية بشكل كبير للغاية. برع الكاتب والروائى عز الدين شكرى فشير فى التعبير عن مشاعر المرأة بمنتهى الصدق، وتجسيد وجعها وقهرها واحتياجها للحب ولشريك الحياة.

كما نجح فى رسم صورة كاملة لكل التغيرات التي تطرأ على المرأة منذ ولادتها من تغيرات فسيولوجية وهرمونية ونفسية. حكاية فرح رواية اجتماعية نفسية، بطلتها مركبة أو معقدة نوعا ما، نتيجة لتربيتها الخاطئة. هى حكاية كل فتاة فقدت حقها فى التعبير عن احساسها بالوجع، هى حكاية كل فتاة تعرضت لانتهاك حقوقها البسيطة فى طفولتها، والتعامل بفطرتها السليمة.

هى جرس إنذار لكل أب وأم فى عدم البخل بالحنان على بناتهم .حكاية فرح من وجهة نظرى هى رسالة لكل الآباء والأمهات باحتواء بناتهم، وعدم معاملتهم على أنهم درجة ثانية أو أنهم تحصيل حاصل فقط أوأنهم مجرد رد فعل فقط لأفعالهم، وأن الأمومة هى أسمى وأنبل شعور فى الوجود، وأنه غريزة المرأة منذ بداية الخليقة إلى أن تنتهى رسالتنا على الأرض.

كيف كان منشورنا؟

دوس على النجمة لمشاركة صوتك

متوسط التقيم 0 / 5. عدد الاصوات 0

لا يوجد تصويت

اترك تعليقاً

كتب مشابهة

مقالات متعلقة

خريف القاهرة

wpChatIcon
wpChatIcon
الرئيسية
حسابي
كتب
كُتاب
متجر