يعرض طه حسين من خلال كتابه خصام ونقد عدة قضايا هامة في الساحة الثقافية في الوطن العربي عامة والمصري خاصة، ولا يخفى على مُطلع الكتاب أن أغلب تلك القضايا والإشكالات التي عرضها عميد الأدب وقدّم حلولًا لها، لم يتغير منها شيء ولو قيد أنملة في وقتنا الحاضر، فمنذ عام 1955م إلى يوم الناس هذا ما زال الأدب العربي يُعاني مما كان يُعانيه منذ عهد طه حسين.
احصل علي نسخةفي كتاب خصام ونقد يعرض عميد الأدب العربي عدة قضايا هامة في الساحة الثقافية في الوطن العربي عامة والمصري خاصة، ولا يخفى على مُطلع الكتاب أن أغلب تلك القضايا والإشكالات التي عرضها عميد الأدب وقدّم حلولًا لها، لم يتغير منها شيء ولو قيد أنملة في وقتنا الحاضر، فمنذ عام 1955م إلى يوم الناس هذا ما زال الأدب العربي يُعاني مما كان يُعانيه منذ عهد طه حسين.
وأولى تلك الإشكاليات، محنة الأدب العربي، ففي وقت عميد الأدب كان الأدب يعاني من الركود التام، فلم يعد هناك محب أو مُطلع عليه كما كان منذ ربع قرن من عهد الكاتب، ولم تعد الخصومات والمشاجرات الكتابية بين المُفكرين تُجدي نفعًا كما كانت قبل ثورة 1952م،
فصار الناس يميلون إلى اليسير حتى لا يشقّوا على أنفسهم عناءَ البحث والقراءة، فيستريحوا إلى المقالات والصحف غير الأدبية. كما يعرض الأستاذ الدكتور طه حسين إشكالية (لا يخفى عليك أننا مازلنا نُعاني منها إلى يومنا هذا) معاناة الكُتاب الشباب ليجدوا دار نشر تحترمهم ولا تستغلهم وتسرقهم، وإليك ما قاله – رحمه الله – في ذلك الصدد:
“إن كثيرًا من الشباب يكتبون ثم لا يعرفون كيف يُظهرون الناس على ما يكتبون: لا يجدون من شيوخ الأدب تشجيعًا ولا تأييدًا، ولا يجدون من الناشرين إقبالًا على نشر ما يقدمون إليهم من الكتب؛ لأن الناشرين لا ينفقون مالهم إلا حين يعلمون أنه سيعود عليهم ببعض الربح، فهم يؤثرون الكاتب المعروف على الكاتب الذي لا يعرفه أحد، وقد يتكلف الكاتب الشاب طبع كتابه على نفقته الخاصة يحتمل في ذلك من الجهد والمشقة ما يطيق وما لا يطيق،
ولكنه لا يجد لكتابه ناقدًا معروفًا يُقدمه إلى الناس ليقرؤوه، ولا يجد صحيفة تُنبئ الناسَ عن كتابه إلا إذا أدى ثمنًا لهذا النبأ، فيضيع عليه جهده العقلي والفني ويضيع عليه ما أنفق من مال، وتقع في قلبه حسرة مُمَّضة لعلها أن تصرفه عن الأدب والفن؛ فيقنع من الحياة بالشبع والري إن أُتيح له الشبع والري. وللجيل الناشئ على الجيل الذي سبقه شيء من الحق، فليفكر شيوخ الأدباء في ذلك وليحتملوا تبعاتهم، وليعلموا أنهم لا يرضون الأدبِّ بما يكتبون فحسب، وإنما يرضونه حين يكتبون وحين يمكنون الشباب من أن يكتبوا ويقرأهم الناس ويخلفوهم على مكانتهم بعد وقت يقصر أو يطول”.
ومن الإشكالات (المُشكلات) الأُخرى التي عرج عليها عميد الأدب في خصام ونقد، وهي العامية، التي يجنح البعض إليها في عصره! وطه حسين – ملء السمع والبصر – يعلمه القاصي قبل الداني ويُعرف عنه أنه أشد خصوم العامية وجد شيعة الفُصحى، وهذا في زمان طه؛ لمّا كان يظهر أحد الصغار ويكتب بالعامية، كان كبار الكُتاب ينالون منه شر النيل، فيصير مسخة الأدب،
فماذا لو بُعث طه ما بيننا اليوم؟ ويعرض العميد الحل لتلك الإشكالات انطلاقًا من التعليم والتربية لذلك النشء الجديد، مُتفائلًا في زمانه أن ثورة 1952م ستنشئ جيلًا ذا رأي وقول وعمل، له باع في العلم والمعرفة.
وليس على القارئ أن يُرهق نفسه حتى يعلم أن أزمة ومحنة الأدب العربي لم تُحل أو تُعالج منذ رحيل طه حسين إلى يوم الناس هذا، وأننا متجهون من حضيض إلى درك أشد نكاية مما سبق!