قمر على سمرقند

نبذة عن قمر على سمرقند

المصري محمد منسي قنديل بُناءً على رحلة خاضها لمدينة أوزبكستان، شحنته بذلك الكم من الأفكار والرؤى والاستعارات التي غلف بها روايته الفخمة، فصارت رواية مُترعة بكافة الصور والتشبيهات الحسية والمعنوية.

تدور أحداث رواية قمر على سمرقند حول طبيب مصري اسمه “عليّ” يقوم برحلة إلى أوزبكستان، بغرض السفر لمدينة “سمرقند”، لمُقابلة والد صديقه القديم ضابط الجيش السوفيتي “راشيدوف”، وأثناء تلك الرحلة يُقابل شخصية مُثيرة للجدل “نور الله” والذي يعمل سائق أُجرة، وتبدأ الأحداث والتي تحوي على الكثير من التشويق والمُصادمات والعنف وبعضًا من الجنس.

تجمع رواية قمر على سمرقند في أحداثها أكثر من قصة مُنفصلة لشخصيات الرواية، فنتعرف على قصة الطبيب “عليّ” والذي كان يُعاني من جفاء العلاقة بينه وبين والده الذي كان يعمل ضابطاً بالجيش المصري، وكان من المُقربين للرئيس السادات، ولكن بعد أن توافيه المنية يوصي ولده بالسفر لصديقه الضابط السوفيتي السابق “راشيدوف”، ليعرف منه في نهاية الرواية سراً خطيراً عن والده، فيقطع الشاب تلك الرحلة.

ثم نتعرف أثناء الرحلة على قصة “نور الله” سائق الأجرة، والذي كان يعمل مُفتياً للدولة بعد أن ساعد السوفييت حين غزوا مدينته وجنّدوه لصالحهم، فيحكي عن رحلاته التي خاضها لأغلب دول العالم الإسلامي، كمصر والتي قابل فيها جمال عبد الناصر وقابل أيضًا “سيد قطب”، ثم كيف انتهى بذلك المُفتي الأمر إلى أن يصير سائق أُجرة.

وتتضح أثناء تلك الرحلة تطور العلاقة وتماسكها بين الشخصيتين “عليّ” و”نور الله”، حتى أن “عليّ” يقول في نهاية الرواية عنه: “لم أكن لأتركه، أشعر فجأة أني غير قادر على تركه”، ونتعرف على قصة “لطف الله” صديق “نور الله” والأحداث التي سبقت غزو السوفييت لمدينتهم وكيف تم إعدام الشيخ “النقشبندي” على يد السوفييت، ويسرد الكاتب جرائم “ستالين” في هؤلاء الناس بذلك القطر الإسلامي البسيط،

وكذلك نتعرف على حال مصر وحياة الضباط العسكريين الخشنة سواء داخل أسوار الكلية الحربية أو خارجها مع عائلاتهم قبل وبعد نكسة عام ١٩٦٧.

يسرد الدكتور محمد المنسي قنديل أحداث الرواية بنوع من الجرأة، خاصة تلك الجرأة التي تتعلق بالأمور الجنسية ومشاهد التعذيب والقتل، ولكنه في نفس الوقت يُمتع القارئ بكم كبير من المعلومات التاريخية والتراثية عن تلك البلاد الأسطورية الساحرة، كأنه يُعيد استكشافها مرة أُخرة؛ يستكشف من خلالها قصة “تيمور لانك” وحبيبته “بيبي خاتون”، وكيف انتهت قصة الحب تلك بقتله لها مع عشيقها،

وكيف أن الناس هناك يحاولون التمسك بهويتهم الدينية والتراثية في وجه الأصولية الماركسية والتعسف السوفيتي، فتراهم يستمسكون ببعض من اللغة العربية والزخرفة الإسلامية في مساجدهم والنقوش الأثرية وكتب السيرة، محاولين الحفاظ على هويتهم ضد تيار السوفييت الغاشم.

فرواية قمر على سمرقند تُعد سجلاً حافلاً بالأفكار والقصص الدسمة حول عالم جديد وأرض جديدة لم تطأها الرواية العربية من قبل. أرض غضة وغنية بالتراث والأساطير؛ أرض أوزبكستان، حيث سمرقند. حيث يُطل عليها القمر هناك، قمر على سمرقند