كتيبة سوداء

محمد المنسي قنديل

تحكي الرواية عن حادثة تاريخية لم تحظَ بالاهتمام الكافي، حكاية الكتيبة السوداء. في عام ١٨٦٣ طلب نابليون الثالث من سعيد باشا أن يُساعده في غزو المكسيك وإعداد كتيبة تتألف من ٤٠٠ عبد.

احصل علي نسخة

نبذة عن كتيبة سوداء

كان الأستاذ نجيب محفوظ دائمًا ما يقول للكُتاب الجُدد:

“عليكم بتوسيع فرشة الرواية العربية”

بعض الكُتاب أخذوا تلك النصيحة كالمهمة على عاتقهم، وعلى رأس هؤلاء كان الطبيب محمد منسي قنديل، والذي سعى لاكتشاف عوالم جديدة من خلال رواياته، وهذه المرة كانت في المكسيك في القرن التاسع عشر الميلادي، حيث الحروب والصراعات الإمبراطورية الكولونيالية، ولكن أبطال الرواية ليسوا ملوكًا ولا أمراءً أو قادة جيش، وإنما العبيد!

فتحكي رواية الكتيبة السوداء عن حادثة تاريخية لم تحظَ بالاهتمام الكافي داخل الكتب التاريخية، مما اضطر بالكاتب إلى السفر نحو بلد الحدث المكسيك حتى يُلملم بعض الأخبار عن أحداث الرواية، وتلك الحكاية هي حكاية الكتيبة السوداء أو ما تُعرف بكتيبة الأورطة السوداء، ففي عام ١٨٦٣ طلب الإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث من سعيد باشا أن يُساعده في غزو المكسيك، فقام سعيد بإعداد كتيبة تتألف من ٤٠٠ رجل أسود،

تم الحصول عليهم من الأحراش والغابات الاستوائية بأفريقيا، ثم تم إرسالهم كعبيد ليلتحقوا بتلك الكتيبة، ليحاربوا في صف بلد لا ينتمون لها، وفي صف جيش يستعبدهم، وتحت لواء يسلب حريتهم، ضد عدو لا يعرفونه، وضد بلاد لم يسمعوا عنها من ذي قبل.

فالكاتب يُندد هنا بالقوى الاستعمارية الكُبرى وبتاريخ الدول الحديثة التي قامت على جثث وأشلاء المساكين الذين سلبت تلك القوى منهم حياتهم، فقط لتبقى في الواجهة؛ فمَن فكر في معاناة هؤلاء من قبل؟ ومن فكر في أن يصيغ أسطورة حول معاناتهم؟ دائمًا تروي لنا القصص إنجازات الحُكام وقادة جيوشهم، ولكن ماذا عن المسحوقين في تلك الحياة؟! ماذا عن الذين سلب الاستعمار منهم حياتهم؟! ماذا عن الذين تغيرت أقدارهم بشكل فُجائي غير مُبرر، ماذا عن هؤلاء؟

وتسلط رواية الكتيبة السوداء كذلك الضوء على الأسلوب المعتمد في استرقاق العبيد، من امتهان وخطف ومقايضة، جعلت من هذا الإنسان الأسود مجرد سلعة تُباع وتُشترى، بل ويُقايض بها التاجر مجموعة بنادق وقتما شاء، فيستبدل بهم البارود فهو أنفع من وجهة نظره، فنرى شخصية “زبير النخاس” والذي يُقايض بمجموعة بنادق مجوعة عبيد، فيشحنهم على متن سفينته المُتجهة لمصر،

ويُقابل برنسيسة فرنسية تود شراء هؤلاء العبيد لنفسها، ولكن كعادة المُستعمر فهؤلاء العبيد ليسوا سوى أدوات وليسوا بشرًا، فيتفاجأ “زبير” حين يرى هذه السيدة الفرنسية التي تربت في أبهى قصور أوروبا تنزع عنهم رداء الرغبة بعد أن نُزع عنهم رداء الحرية
ترى ما مصير هؤلاء العبيد وسط هذه الحرب وهؤلاء الإناس؟

كيف كان منشورنا؟

دوس على النجمة لمشاركة صوتك

متوسط التقيم 0 / 5. عدد الاصوات 0

لا يوجد تصويت

تعليقات على "كتيبة سوداء"

  1. المنسي قنديل بخلاف أغلب كتّاب الرواية التاريخية، فهو لا يعتمد على التاريخ لينشئ رواية، بل يكتب الرواية ليعيد صياغة التاريخ بشكل جديد.

    لكل فقرة في هذه الرواية بطل ثم يختفي بعدها، ما عدا بعض الشخصيات الرئيسية في الرواية..
    السرد هنا بأسلوب القطع، حيث قصتين متوازيتين، الأولى عن كتيبة من الجنود السود يتم إقتيادهم للحرب في أرض لا يعرفوا عنها شيء..
    ” كنا مجرد بيادق صغيرة فوق رقعة واسعة من الشطرنج، لم نصل أبدًا للمربع الأخير..”

    بدأت الرواية برحلة قام بها “ود الزبير” ليجمع مجموعة من العبيد السود بتكليف من السلطان، ثم يتم اقتيادهم عبر سفن نمساوية إلى الأراضي الميكسيكية، لينضم إليهم هناك عدد آخر من الجنود التي أرسلهم الخديو سعيد للحرب معهم..
    تواجه هذه المجموعة الكثير من المصاعب بداية من الرحلة التي لم يعرفوا سببها إلى موت أكثرهم بالمرض ومن نجى منهم واجه الحرب الباردة التي سيقوا إليها..
    لن تتذكر من هذه الكتيبة إلا من خرجوا عن المألوف، من واجهوا عبوديتهم وحاولوا الوصول إلى الحرية، كما فعل “على جوفان” الذي سيهرب مع أحد النساء ويتزوجها وينجب منها في مكان نائي لا يوجد فيه أحد؛ ليعمر هذا المكان بذريته..
    و”العاصي” العبد ظاهريًا فقط، فهو يحمل بداخله روح حرة، دائمًا هو المتمرد الذي لا يرضى بشيء، حتى في خنوعه ستجد الروح التواقة للحرية..
    والقائد “محمد ألماس” الذي يدرك أنهم في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، لكنه مجبر على الحرب وعلى إطاعة الأوامر، وحريص على ألّا يمت جنوده.. والكثير من السود التي لم يك لهم دورًا مؤثرًا في الأحداث.

    والثانية عن ملك يساق لحكم الإمبراطورية المكسيكية بواسطة الكونغرس المكسيكي بدعم من نابليون الثالث..
    ” سوف يقتلونك يا صغيري..”

    هكذا تنبأت الملكة “فيكتوريا” العجوز للملك “ماكسيميليان” قبل أن يتم توليته امبراطورية المكسيك الثانية التي حكمها مدة ثلاث سنوات فقط من عام 1864 إلى 1867 ثم تخلى عنه نابليون بسحب جيشه منها وتركه ليواجه الإعدام على يد المتمردين.. أما زوجة الملك “شارلوت” هي الشخصية الأفضل من حيث البناء والتحليل، فقد أبدع الكاتب في رسمها ووصف مشاعرها المختلفة على مدار الرواية.
    كثيرون هم من يكتبون رواية، قليلون من يخلقون حياة في هيئة رواية..
    عالم آخر تراه متجسدًا أمامك على الورق، تدب الحياة في شخوصه، ليس بيدك إلا العيش فيه وتقبّله بمحاسنه ومساوئه وآلامه.
    
    الرواية هي ملحمة عن الإنسانية، والحرية، والعبودية، والحرب، والسلطة، والحب، والشهوة، والجنون، والمعاناة، والآلم..
    أواه! كيف تحمل الكاتب كتابة شىءٍ كهذا؟!.. هذا الكم من المشاعر لا يجب أن يكون في عمل واحد!

    الرواية تنضح بجميع أنواع العاطفة، المحرم منها والمحلل، الصادقة والكاذبة، المعقولة واللامعقولة.. وأنت ليس بيدك شيء سوى أن تتأثر بهذه الروابط الخفية.

    الكاتب صاحب أسلوب سردي مذهل لا يباريه فيه أحد، ولغة قوية، وأسلوب ممتاز.. كاتب متمكن، يكتب الرواية كما يجب..
    بالتأكيد هو واحد من أفضل الكتّاب العرب في السنوات الأخيرة.

    وأردت أن أكتب الكثير والكثير عن هذه الرواية لكن الكلمات تعجز عن وصفها كما يجب، هي من نوع الروايات التي تقرأ ولا توصف أبدًا.

اترك تعليقاً

كتب محمد المنسي قنديل

مقالات متعلقة

wpChatIcon
wpChatIcon
الرئيسية
حسابي
كتب
كُتاب
متجر