قبل إن نغوض في عالم أفضل كتب طه حسين وداخل مؤلفاته المذهلة، يجب أن نقف عند الواقعة التاريخية الشهيرة، حيث ثار طلبة الجامعات اعتراضا على تنحية طه حسين عن منصبه كعميد لكلية الآداب في العام ١٩٢٣بعد رفضه كتابة الكلمة الافتتاحية لجريدة الشعب في عصر حكومة إسماعيل صدقي،
فاستحق عن جدارة أن يلقب بعميد الأدب العربي الذي عمل على تجديده وتنقيحه وتناوله من منظور بعيد كل البعد عن النمطية والجمود الذي صاحب الأدب في عصره، وتسبب له في هجوم شديد واستنكار للكثير من محاولاته وجهوده العظيمة في التطوير والاستنارة.
تعرف ايضاً على الكتب الأكثر مبيعاً في 2022 من هنا.
وكأنه كان مقدر لطه حسين دائما الانتصار على معارك الظلام وتحطيم الكثير من القيود، بداية من معركة ظلام عينيه التي فقد نورهما منذ سنوات طفولته الأربع، مرورا برفض ظلمات السوءات المجتمعية والجهل وانتهاءا بقولبة الأدب والنقد الأدبي الذي رأى ضرورة تحريره من أغلاله.
وقد بدأ طه حسين معركته الأدبية في خلق واقع جديد للنقد الأدبي بأطروحته الشهيرة “ذكري أبي العلاء المعري” والتي نال عنها درجة الدكتوراه من الجامعة المصرية في عام ١٩١٤ ثم تلى ذلك نشرها في كتاب عام ١٩١٥.
أثار هذا الكتاب الكثير من الجدل كونها المرة الأولى التي يبحث فيها الكاتب في ثنايا الظروف الاقتصادية والسياسية والحياتية والدينية للشاعر موضوع الكتاب دون الاكتفاء بالحديث عن أعماله وكتاباته فقط، وذلك في تناول جديد انعكست فيه مدرسة جديدة للنقد تبناها طه الذي كانت حياته أيضا مليئة بصراعات إنسانية تشابهت مع الشاعر موضوع الأطروحة.
وتوالت كتب طه حسين لتضيء عتمة العقول والقلوب، فأثرى بأعماله العديدة الوعي الفكري والأدبي المصري والعربي بل وأيضاً العالمي وفي هذا المقال سوف نناقش أفضل كتب طه حسين:
” هذا حديث أمليته في بعض أوقات الفراغ، لم أكن أريد أن يصدر في كتاب يقرؤه الناس، ولم أكن أريد أن أعيد قراءته بعد إملائه وإنما أمليته لأتخلص بإملائه من بعض الهموم الثِّقال والخواطر المحزنة التي كثيرا ما تعتري الناس بين حين وحين.
وللناس مذاهبهم المختلفة في التخفيف من الهموم والتخلص من الأحزان، فمنهم مَن يتسلَّى عنها بالرياضة، ومنهم من يتسلى عنها بالاستماع إلى الموسيقى والغناء، ومنهم من يذهب غير هذه المذاهب كلها لينسى نفسه ويفر من حياته الحاضرة وما تثقله من الأعباء. ولست أدري لماذا رجعت ذات يوم إلى ذكريات الصبا، أتحدث بها إلى نفسي لأنسى بهذا الحديث أثقال الشباب.
ثم لم أكتف بالتحدُّثِ إلى نفسي فيما بيني وبينها، وإنما تحدثت إليها حديثا مسموعا، فأمليت هذا الحديث على صاحبي في رحلة من رحلات الصيف، ثم ألقيته جانبا ونسيته أو كدت أنساه.
ثم طلبت إليّ (مجلة الهلال) في عهدها الماضي طائفة من الأحاديث وألحّتْ في الطلب حتى لم أجد بدا من إجابتها ولم أك أملك الوقت الذي يتيح لي أن أكتب الأحاديث التي أرادتني عليها فعرضت هذا الكلام على بعض الأصدقاء ليقرأه ويشير عليَّ فيه ، أيصلح للنشر أم لا يصلح ؟ فقرأه الصديق وأشار علي بألاّ ألقي إليه بالا.
فاعتذرت إلى الهلال ولكنها أبتْ إلا الإلحاح، فدفعت إليها هذا الكلام على كرهٍ مني، وقد نشرته، فرضي عنه بعض الناس ثم جمعه بعض الأصدقاء في سِفرٍ واحد.”
هكذا تحدث الكاتب الكبير عن رائعته الأدبية الأيام والتي صدرت عن دار الهلال ما بين العام ١٩٢٦ و١٩٢٧.
يندرج الكتاب تحت فئة السيرة الذاتية والتي أبدع طه حسين من خلالها في وصف تجربته الحياتية وتحديه لفقده لبصره ومعايشة حياة الفقر والمرض بقريته الصغيرة، ثم انطلاقه من الأزهر في القاهرة والتحاقه بالجامعة المصرية وسفره إلى فرنسا حيث درس وتزوج.
يسرد الكاتب أيضا أحداث مسلكه الأدبي صاعدا من ظلمة العمى إلى ضوء النبوغ والشهرة و ويسطر مزيجا من اللحظات الحزينة والقاتمة مقابل محطات انتصار كبيرة على أيامه ومجتمعه وتحديات الوسط الأدبي والإجتماعي ورصد ملامح الحياة في مصر وأوروبا.
كذلك سلط الضوء على مختلف الروافد الفكرية والثقافية التي عايشها الكاتب محطما لكل الأصنام البغيضة من الجمود والاستسلام إلى الارتقاء بالفكر والاستنارة والثقافة. الكتاب تم تحويله لأعمال فنية وتمت ترجمته للغات مختلفة ويعد من افضل كتب طه حسين و من الكتابات التي تم الاحتفاء بها عربيا وعالميا.
في ثاني محطة لنا من أفضل كتب طه حسين، وهي مزيج بين السيرة الذاتية والسيرة الغيرية وترصد صراعات المثقفين الذاتية الذين جذبتهم أوروبا بأضوائها الساطعة فانجرفوا نخو الفتن والرذائل بدلا من استقاء العلم والمعرفة. وتزخر الرواية بالكثير من التميز اللغوي والصور الرائعة مع سلاسة السرد والتشبيهات واللغة البديعة،
كما يتناوب السرد بين الكاتب نفسه وهو طه حسين والأديب بطل الرواية فنرى الأحداث بمنظور الأديب بطل الرواية الذي يتصدع بشطحاته واصطدام كينونته الشرقية بالكيان الغربي الذي توجه إليه وعاش فيه من جهة ومن جهة أخرى يكون الراوي نفسه أو الكاتب هو الصوت العقلاني والمنطقي في تصوير وتحليل الأحداث والصراع بين الكيانين.
أطفأت الأقدار نور عينيهما فاختار طه حسين أن يتناول حياة هذا الشاعر الذي أثارت حياته وفلسفته وشعره جدلا ضخما في وقته وعند صدور هذا الكتاب عنه، فتناول طه حسين محابس المعري الثلاثة وهي محبس ظلام عينيه، محبسه في نفسه، ثم محبسه في بيته انعزالاً عن الناس أجمعين، وبالتأكيد يجب أن تضم قائمة أفضل كتب طه حسين هذا الكتاب العظيم.
اليك ايضاً مجموعة من الكتب لسنة أولى قراءة في هذا المقال.
ويناقش الكتاب بتفرد فلسفة المعري وشعره وكيف قاده الغور في أسبار العقل البشري وأبعاده إلى نظرة تشاؤمية فرض بها جدارا فلسفيا انعزل به عن محيطه حتى أنه ضاق بسجن روحه بجسده المحدود.
يحفل الكتاب بمتعة أدبية فائقة في تناول شعر ونثر المعري وتأثر هو بالفلسفة الأبيقورية ونظرته لكثير من الأمور في سياق ربما كان مظلما كثيرا من جهة المعري فانعكس في الشعر واللزاميات.
من منظور ديكارتي متشكك، تناول عميد الأدب العربي نقده للشعر الجاهلي في رفض لنسب هذا النوع من الشعر لعصره، واعتباره منتحلا من عصر صدر الإسلام. وكعادة أكثر أعمال الأديب الكبير،
فقد ثارت الأوساط الأدبية والنقدية آنذاك على طه حسين ولاقى هجوما ً حاداً انتهى باتهامه بالإلحاد وعرضه على النيابة العامة للتحقيق لكن تم تبريئه من تهمته وظل كتابه واحدا من أهم الكتب على الإطلاق في النقد الشعري.
ويعد الكتاب صادما في ربطه بين الشعر الجاهلي واسناده للاقتباس من لغة القرآن الكريم وهو ما أثار حفيظة الكثيرين في عهده وإلى وقتنا هذا مازال من يرفض تماما الربط بين الإثنين حتى ولو على سبيل الاستشهاد والنقد، ولهذا السبب وجد هذا الكتاب مكان في قائمة أفضل كتب طه حسين.
صدر هذا العمل الأدبي الفريد والرائع و هو من أفضل مؤلفات طه حسين في ثلاثة أجزاء، كتب في مقدمة جزئها الأول:
“هذه صحف لم تُكتب للعلماء ولا للمؤرخين لأني لم أرد بها إلي العلم، ولم أقصد بها إلي التاريخ وإنما هي صورة عرضت لي أثناء قرائي للسيرة فأثبتها مسرعاً ثم لم أر بنشرها بأساً ولعلي رأيت في نشرها شيئاً من الخير.”
وهو ما يقودنا تعريف الكتاب كما تحدث عنه صاحبه بأنه سرد مبسط للسيرة النبوية الشريفة من خواطر الكاتب. ويعد هذا العمل الأدبي تناول لمن يريد أن يقرأ في السيرة النبوية بعين الإبداع ومن زوايا لم تتناولها الكتب التاريخية التي تحدثت في هذا الشأن.
في محطة جديدة من أفضل كتب طه حسين، نرشح على هامش السيرة، الجزء الأول من الكتاب يتحدث عن عبد المطلب جد الرسول “عليه الصلاة والسلام” وينتهي عند مرضعته حليمه السعدية، بينما يتناول الجزء الثاني فترة هروب رهبان المسيحية واليهودية من ملك الروم ومعرفتهم بمجيء النبي الكريم والتبشير وينتهي بزواجه من خديجة بنت خويلد وإعادة بناء الكعبة والحجر الأسود.
وفي الجزء الثالث والأخير، يتناول الكاتب قصة أبو جهل وتبشير الرسول بالنبوة وقصصه مع بعض الصحابة الكرام.
كانت تلك الرسالة الثانية للدكتوراه التي حصل عليها طه حسين هذه المرة من جامعة السوربون بفرنسا ولمن يهتم بعلم الاجتماع ومقدمة ابن خلدون عنه ويجد صعوبة في لغة ابن خلدون وتناوله في كتابه،
فإن هذا الكتاب نقد تحليلي مبسط تناول تلك المقدمة الشهيرة بالنقد والتحليل. وكعادة طه حسين، لا يكتفي في أعماله بمجرد دراسة أفكار وعلوم ابن خلدون، بل يتطرق أيضاً إلى العصر الذي عاش فيه وكيف كانت علاقته بسلاطين وملوك هذا الزمان.
وحيث يتناول الكاتب فكرة هل ابتكر ابن خلدون علم الاجتماع فقد رأى الكثيرين تحيزه لعلماء الاجتماع الفرنسيين واعتبروه مغازلا لفرنسا والفكر الأوروبي بصفة عامة وخروج من عباءة الفكر العربي حيث عاش ودرس في فرنسا وفضل الكثير من الأفكار الأوروبية على غيرها وهو كالعادة ما يجعل أعمال طه خسين مثيرة للجدل.
“إلى الذين يحرقهم الشوق إلى العدل
وإلى الذين يؤرقهم الخوف من العدل
إلى أولئك وهؤلاء جميعًا
أسوق هذا الحديث”
كتاب آخر أثار الكثير من الجدل لما تناوله طه حسين عن العدل الاجتماعي في مصر وكيف تفشت طبقية واسعة الهوة في الفترة قبل العام ١٩٥٢. رأى طه حسين أن الأغنياء يزدادون ترفا وتفحشا بينما الطبقات الفقيرة المهمشة تزداد مرضاُ وعذاباً في الأرض.
وقد اجتاح وباء الكوليرا البلاد وضرب بقوة في قراها الصغيرة بينما لم يشعر بهم أحد من ساكني العاصمة والمدن الكبرى. كان يملوءه الكثير من الأسى على ما صارت إليه الأوضاع في مصر قبيل ثورة ١٩٥٢ وسقوط الملكية، وكان يرى أنه من حق بلاده أن يحظى أهلها جميعا بحق في الكرامة والتعليم والصحة وهو ما حدث لاحقا نتيجة لمطالباته الدؤوبة.
وتم انشاء وزارات للصحة والتعليم وغير ذلك. لم يصرح للكاتب بنشر كتابه في مصر اثناء تلك الفترة لما حواه من هجوم على الطبقة المترفة وقتها مما دفعه لنشره بلبنان وتمت مصادرة الكتب بمصر إلى أن اعيد نشره بعد ثورة ١٩٥٢ بمقدمة جديده،
قام طه حسين بإضافتها لكتابه تغنى فيها بالحرية التي أتيحت له للتعبير عن رأيه صراحة دون اللجوء للرموز واستنكر كيف تم اتهامه عند صدور الكتاب اول مرة بدعوته للإلحاد ونشر الشيوعية بينما كان كل ما طالب به هو العدل والمساواة التي نصت عليها الشريعة الاسلامية وطبقها الصحابة كعمر بن الخطاب على سبيل المثال.
والكتاب عبارة عن مجموعة قصصية بلسان من لم تتح لهم فرصة التعبير عن عذابهم في الأرض من الفقراء والمهمشين ونقد لأحوال المجتمع المصري ومعاناته في هذا الوقت و يعتبر من أفضل كتب طه حسين.
اليك ايضاً أفضل كتب ابراهيم عبد المجيد من هنا.
هذا الكتاب حفظ مكانه في ترشحاتنا عن أفضل كتب طه حسين، حيث أنه دعوة أخرى من طه حسين للتجديد، ولكن هذه المرة دعوة لتجديد اللغة العربية ذاتها فيما يتسق مع تطور العصر السريع وأن يكون الأدب مواكبا لهذا التطور كي يصل إلى أكبر عدد من متلقيه وبخاصةً الأجيال الجديدة.
تناول الكتاب ضرورة تطوير النحو من جهة ومن جهة أخرى عاب على أدباء ذلك العصر قلة اطلاعهم وضعف ثقافتهم واتجاه البعض آنذاك لاستخدام اللغة العامية في الكتابة الأدبية ورأى أن التجديد اللغوي سيسمح بوصول اللغة العربية السلسلة للقارئ بشكل أفضل ويحقق ثراء ثقافي أكبر.
كتاب خفيف قليل الصفحات وشيق في قراءته وينصح به لمن يريد البدء في الاطلاع على تجارب فكرية وحياتية مختلفة من المبتدئين في القراءة، أو من يريد أن يجد بداية طريق قراءة أفضل كتب طه حسين.
الكتاب عبارة عن مجموعة من المحاضرات عن الحياة الفكرية في بريطانيا على ٤ أبواب : الرياضة والثقافة و الحركة العلمية ونظام الحكم يرصد فيه مجموعة مميزة من علماء ومفكري مصر الحياةَ الفكريةَ والعلميةَ البريطانيةَ. يشترك مع طه حسين في الكتاب: على مصطفى مشرفة، أحمد محمد حسنين باشا، حافظ عفيفي.
لن تكتمل قائمة أفضل كتب طه حسين بدون كتاب حديث الأربعاء، وهو في الأصل مجموعة من المقالات التي كان يكتبها طه حسين لمجلتي السياسة والجهاد آنذاك ثم تم نشرها في كتاب على ٣ أجزاء، يتناول فيها شعراء العرب الفطاحل اعتمادا على كتاب الأغاني للأصفهاني.
الكتاب يعد مرجعا للأدب العربيِّ بعصوره الجاهليِّ والإسلاميِّ والحديث يطرح دراسات نقدية بديعة لأعمال أبرع شعراء تلك العصور ذو سرد لطيف وكأنك تسمع طه حسين يتحدث إليك في حديث إذاعي شيق وجذاب.
يتناول الكاتب القصائد بالشرح والتحليل المستفيض كما يتطرق إلى قضية القدماء والمحدثين التي عنى بها في الكثير من أعماله الأدبية ويختم الكتاب باستعراض مراسلات جرت بين الكاتب وعدد من أدباء عصره حول عدة قضايا أدبية ونقدية.