في البداية يجب أن نعرف من هي دكتور نوال السعداوي، هي طبيبة أمراض نفسية و صدرية من مواليد قرية كفر طلحة القابعة ببنها، ولدت في أكتوبر عام ١٩٣١، و أصبحت كاتبة وروائية مصرية ومدافعة عن حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص، فقد أسست جمعية تضامن المرأة العربية عام ١٩٨٢ ، وساهمت في تأسيس المؤسسة العربية لحقوق الإنسان و سنتعرف الآن على كتب نوال السعداوي.
في بداية عملها كطبيبة لاحظت المشاكل النفسية و الجسدية التي تتعرض لها المرأة نتيجة للقمع الأسري، وعند محاولاتها للدفاع عن أحد مرضاها من التعرض للعنف الأسري تم نقلها للقاهرة لتصبح المدير المسئول عن الصحة العامة في وزارة الصحة، حصلت على عدة جوائز منها جائزة الشمال و الجنوب من مجلس أوروبا في عام ٢٠٠٤ ، وحصلت على جائزة إينانا الدولية من بلجيكا عام ٢٠٠٥، في عام ٢٠١٢ فازت بجائزة شون ماكبرايد للسلام من المكتب الدولي للسلام في سويسرا.
تعتبر دكتور نوال السعداوي من الشخصيات المثيرة للجدل و ناقدة للحكومة المصرية، فقد حكم عليها بالسجن في سبتمبر عام١٩٨١ في عهد الرئيس أنور السادات، و أطلق سراحها في نفس العام بعد شهر من أغتيال الرئيس أنور السادات.رفضت محكمة الإداري بمجلس الدولة في مصر إسقاط الجنسية المصرية عن دكتور نوال السعداوي في دعوي رفعها ضدها أحد المحامين بسبب آرائها.
كما سافرت خارج مصر في عام ١٩٨٨ ، وقامت بالتدريس في جامعة ديوك، و جامعة واشنطن، و قسم اللغات الأفريقية في شمال كالورينا.
صدر لها أربعون كتابا أعيد نشرها وترجمة كتاباتها لأكثر من ٢٠ لغة. وبهذا فأن دكتور نوال السعداوي لها قصص مثيرة و شيقة اكتسبتها من خلال حياتها و تجاربها الخاصة و وضعتها في كتب حققت مبيعات و إنتقادات كثيرة لا بأس بها، ولكن قبل أن تنتقد شخص بسبب آرائه الخاصة هل قرأت له من قبل؟ وهل يمكن أن تتجرأ في قراءة كتاب يخالف معتقداتك و لكنك تقرأه بهدف التطلع على عقليات مختلفة من البشر، و وجهات نظر أخرى قد لا تتماثل معك؟ هذا ما سوف نعرفه من خلال رحلتنا لقرائه أفضل خمس كتب لدكتور نوال السعداوي.
” هل من الممكن أن يكون الشرف صفة تشريحية يولد بها الانسان أو لا يولد؟ وإذا كان غشاء البكارة هو دليل شرف البنت فما هو دليل شرف الرجل؟ “
” قد يكون من الأفضل للإنسان أن يواجه الحياة بلا معلومات على الإطلاق على ان يواجهها بمعلومات خاطئة تفسد فطرته وذكاءه الطبيعي. “
تم رفضهذا الكتاب داخل مصر فقامت الكاتبة بنشره في بيروت. خاضت الدكتورة نوال السعداوي في هذا الكتاب في مناقشة قضية هامة جدًا تخص الفتيات، و هي قضية ختان الفتيات والتعامل معهم بوحشية شديدة في طريقة معرفة عذرية الفتاة، و من هنا بدأت قصة الكتاب، حول الفتاة و معرفتها الشخصية بجسدها، أنه هناك ٣٠٪من الفتيات “علميًا” يولدون بأغشية لا تنزف من الأساس، و بناءً علي هذا لن يتبين عذريتهم في ليلة الزفاف، و نتيجة لذلك يتهموا بأنهم بلا شرف و في أغلب المدن و القري يُعرضوا للقتل، نتيجة لعدم وجود أدلة لهم على غشاء البكارة، و يتهمون بممارسة الجنس قبل الزواج و فقدانهم لعذريتهم.
يخوض هذا الكتاب في مفاهيم كثيرة حول الفتاة و جسدها و فكرة و معنى كلمة شرف من الأساس، علي سبيل المثال فإذا ربطنا كلمة “شرف” للفتاة و ما تعنيه بالكلمة هي “العذرية” إذًا السؤال هنا، أين شرف الرجل؟ فلو الشرف في المجتمع غشاء بكارة فهنا يعني أن الرجل بلا شرف! وهذا ما سوف تعرفه من خلال قراءتك لهذا الكتاب.
وبالرغم من أن الكتاب كان مثيراً للجدل إلا أنه حقق الكتاب نجاحًا كبيرًا للغاية حتى تم إصدار الطبعة الرابعة منه عام ١٩٩٠
أصدر عام: ١٩٧٢
دار النشر: دار الشعب.
عدد صفحات الكتاب: ٢٠١ صفحة.
” لا يموت الانسان في السجن من الجوع أو من الحر او البرد أو الضرب أو الامراض أو الحشرات لكنه قد يموت من الانتظار، الانتظار يحول الزمن الى اللازمن ، والشئ الى اللاشئ، والمعنى إلى اللامعنى “
” تخاطب نفسها و كأنها شخص آخر، انفصام في الشخصية يعالج به الإنسان الألم الفادح… متوهماً أن الآلم يحدث لشخص آخر وليس هو “
في هذه المذكرات تحكي لنا دكتور نوال السعداوي عن مذكراتها داخل السجن الذي قبعت به ثلاثة أشهر، في سجن القناطر الخاص بالسيدات، تبدأ الرواية في ٦ سبتمبر لعام ١٩٧١ أثناء جلوس الدكتورة نوال السعداوي علي مكتبها، تكتب روايتها الجديدة، سمعت طرقات علي باب بيتها… لتقوم و تحدث الطارق من خلف الباب دون أن تفتح له و تتفاجأ من قوات أمن يريدون تفتيش منزلها بدون إذن من النيابة… فرفضت الدكتورة نوال أمر التفتيش و طلبت منهم أن يأتون بأمر من النيابة و وقتها سوف تسمح لهم، فقامت قوات الأمن بكسر باب منزلها و إقتحامه وقاموا بالتفتيش و من ثم تم إعتقالها… ترى ما الذي رأته دكتورة نوال داخل السجن؟
أصدر عام: ١٩٨٢
دار النشر: دار الأدب
عدد صفحات الكتاب: ٣٠٣ صفحة.
” ضاعت طفولتي في صراع ضد أمي وأخي ونفسي، والتهمَتْ كتبُ العلم والطب مراهقتي وفَجرَ شبابي … كلُّ ما كنتُ أعرفه في ذلك الوقت أنني بنتٌ كما أسمع من أمي. بنت! ولم يكن لكلمةِ «بنت» في نظري سوى معنًى واحد، هو أنني لستُ ولدًا، لستُ مثل أخي. “
” إن إرداتي هي التي تحكمني وليس المكان أو الزمان أو الناس. “
في هذه المذكرات تقص علينا نوال السعداوي مذكراتها وهي طبيبة في سن صغير، و عن تجربتها و الحالات التي مرت عليها أثناء فترة عملها في الريف و الصعوبات التي مرت بها في خلال فترة دراستها في كلية الطب أو العيادة.
تبدأ المذكرات و هي تحكي عن حياتها كطفلة و عن طريقة تعامل والديها معها و التفرقة بينها و بين أخيها، و تتحدث عن السبب الذي جعلها تختار كلية الطب، إذ أن مركز و كلمة دكتورة سوف تجلب لها أحترام و تمييز في المجتمع و مع العائلة، و يمكنها في هذا المنصب أن تثبت نفسها و تثبت شخصيتها التي لا تقل عن الرجال شيئًا خاصة أنها تعتبر الفتاة الوحيدة في عاملها التي دخلت كلية الطب وسط العديد من الذكور.
أصدر عام: ١٩٥٨
دار النشر: دار المعارف
عدد صفحات الكتاب: ١١٠ صفحة.
” لم أكن أنتمي إلى الطبقة العليا إلا بمساحيقي وشعـري وحذائي الثمين، وأنتمي إلى الطبقة المتوسطة بشهادتي الثانوية ورغباتي المكبوتة، وأنتمي إلى الطبقة السفلى بمولدي من أب فقير فلاح لم يقرأ ولم يكتب. “
قصة هذه الرواية هي من خلال إتصال دكتورة نوال مع سجينه داخل السجن واتخذتها ملهمة لروايتها، و كان هذا قبل سجن دكتورة نوال بتسعة أعوام.
تدور أحداث الرواية حول ” فردوس ” التي أمضت حياتها متخبطة بين شخصيات كثيرة مريضة و مؤذية و مزدوجة المعايير، وعندما لا يقابل الإنسان في حياته سوى الأشخاص المريضة التي تتسبب في أذى نفسي له، يصبح أحيانا من الطبيعي أن ينتهي به الحال مثلهم… شخص مريض و مثير للشفقة. فهكذا كانت “فردوس” فقد تُركت في آلام لم يشعر بها سواها، و وحدة مميتة، من خلال هذه الرواية سوف تتعرف على مشاعر كثيرة من النفس البشرية و سوف تجعلك تتأثر بشخصية “فردوس”.
أصدر عام: ١٩٧٥
دار النشر: دار الآداب.
عدد صفحات الكتاب: ١١٥ صفحة.
” لم يكن سهلًا إثبات أن المرأة تمتلك الروح و العقل مثل الرجل، مع أنها بديهية، لم يكن سهلًا إدراج حقوق المرأة ضمن حقوق الإنسان حتى يومنا هذا، فالإنسان في اللغة أصبح مذكرًا، يرمز إلى الرجال فقط أما النساء فهن الجنس الآخر، بلا عقل أو روح ، أو ناقصات العقل و الروح. “
” في بلادنا يقول بعض الرجال ( منهم نزار قباني ) أن السياسة تفسد جمال المرأة و تحولها إلى حيوان سياسي مثل الرجل يشتهي السلطة و المال و العنف، إلا أنهم يعيبون على المرأة العربية تقاعسها عن الانخراط في الحياة العامة السياسية، فإذا سمعت المرأة كلامهم و انخرطت في السياسة أصبحت في نظرهم بلا جمال و بلا أنوثة أليس هذا هو أحد تناقضات المجتمع الطبقي الأبوي؟”
تتسائل و تفترض الدكتورة نوال السعداوي في هذا الكتاب في كثير من الأشياء الخاصة بمشروعها الفكري، المختلف و الملئ بالجرأة، حيث تتحدث هنا عن القهر الأبوي و عن تملك الرجل لكل شئ من عقارات و أراضي و نساء و أبناء، ترجع الدكتورة نوال السعداوي هنا في زمن بعيد كانت المرأة فيه مقدسة و يرجع لها الحق في مختلف الأشياء و تقارن هذا الزمن القديم بالزمن الحالي، لتأخذنا في رحلة مليئة بالآراء المختلفة.
أصدر عام: ١٩٩٩
دار النشر: مكتبة مدبولي.
عدد صفحات الكتاب: ٢٦٢ صفحة.
و إلي هنا فقد أنتهيتُ من عرض أفضل خمسة كتب لنوال السعداوي و لكن قبل أن أنتهي، يوجد شىء هام جدًا يجب علينا جميعًا فهمه، وهو أن الحياة ليست واحد زائد واحد يساوي اثنين…إطلاقًا. هناك العديد من الاختلافات والتناقضات بين البشر، فرأيي و وجهه نظري بالطبع ليست بالضرورة أن تتطابق مع جميع الخلق..! و علي هذا المنوال سوف تُجري حياتنا، طبيعي حب الشغف في التطلع على عقول البشرية من حولك، فالعقول البشرية باختلافها و تناقضها تُضيف إليك الكثير، فقد تصبح أكثر نُضجًا عندما تسمح لنفسك لمعرفة آراء مختلفة، فلتأخذ منها ما يناسبك و لتترك ما لا يُناسبك فأنت غير مُجبر على خوض معارك آرائية ، و لتكون أكثر تحضرًا يجب عليك احترام عقلية الآخرين و تجاوزها، فالعقليات لا تضُر سوى صاحبها، و هذا ما أقصده من الانتقادات التي تراود دكتورة نوال السعداوي، فالقارئ الحقيقي هو الذي يحترم عقول الآخرين و تفكيرهم.