أفلاطون ومن منا لم يسمع عنه حيث توجد بعض المفاهيم في حياتنا تمر علينا دون إعطائها الأهمية اللازمة، منذ قرون وفي جنوب شرق أوروبا بمدينة أثينا عرفت البشرية حب الحكمة على يد أعظم الفلاسفة أفلاطون، الذي تتلمذ على يد سقراط.
البطل الرئيسي في العديد من الكتب التي كتبها أفلاطون مبنية على الحوارات الخيالية فهي أفضل الكتب للقراءة، عاش يفكر كيف تصل البشرية إلى الكمال والرفاهية، ورواده حلم المدينة الفاضلة وكيف يحكمها السياسيين بشرط أن يكونوا فلاسفة؟ فمن هو أفلاطون ومدينته الفاضلة التي تصور فيها كيف تكون الحياة مثالية؟
أفلاطون من أعظم المؤلفين تأثيراً في تاريخ الفلسفة، ولد عام 427 ق م وتوفي عام 347 ق م، من أسرة ثرية وعريقة في أثينا، طرح أسئلة عميقة باستخدام استراتيجيات عن الأحداث السياسية والحركات الفكرية في عصره.
أيقونة أفلاطونية اقتضى بها الفلاسفة في كل العصور، قام بفحص منهجي للقضايا الأخلاقية والسياسية والميتافيزيقية والمعرفية مسلحاً بطريقته المميزة وفكره العميق، له العديد من كتب فلسفة متعمقة في مجال الفلسفة للمبتدئين والمتقدمين في المجال.
دعا أفلاطون فى كتاباته إلى وجود عالم غير ملموس أكثر واقعية ومثالية يسمى الأفكار الأبدية التي لا تتغير، ومن الأشياء المجردة – لا تقع في زمان أو مكان معين – كما يطلق عليها حالياً، الخير، المساواة، الكرامة، الجمال، التغيير، عدم التغيير، الاختلاف، الوحدة.
تتلمذ أفلاطون على يد سقراط لكن الأخير لم يؤلف الكتب بينما أفلاطون كتب ستة وثلاثين كتاباً من بينهم الجمهورية، الندوة، كهف أفلاطون، دفاع سقراط، مينو وغيرهم من المؤلفات التي كرس فيها أفكاره من أجل مساعد الناس.
الفلسفة في اللغة العربية تعني محبة الحكمة هي السعي وراء المعرفة من أجل المعرفة ويتضمن مجالات متنوعة منها العلوم والدين والفن، والفلسفة قائمة على التفكير وليس التجربة مثل البحوث العلمية.
ساهمت الأفكار الفلسفية في إنتاج أفكار متعلقة بالسياسة والأدب والعلوم وعلم الاجتماع والرياضيات، وقد أشار الفلاسفة إلى ضرورة تفكير الإنسان في بعض الأسئلة مثل معنى الحياة والكون؟ هل العواطف غير عقلانية؟ هل الديموقراطية مناسبة لكل الدول؟.
بالإضافة إلى السعي لمعرفة الطريقة التي أجاب بها الأشخاص في الماضي مثل لوك وأرسطو وديكارت ونيتشه وافلاطون، تأسست الفلسفة في العصر اليوناني بالقرن السادس قبل الميلاد، وتمثل تاريخ الفلسفة الغربية في تطور الفكر الفلسفي ومناقشة قضية علم الوجود، نظرية المعرفة، والأخلاقيات.
واهتم أفلاطون بالبحث عن الوجود ومعنى الحياة الحقيقي للإنسان على الأرض.
المدينة الفاضلة اليوتوبيا التي حلم بها أفلاطون وكتب عنها في كتابه جمهورية افلاطون وأراد من الجميع تبني حلمه وتصديق رؤيته القائمة على التفكر، مدينة فاضلة جديدة وقائمة على اختلاف لم تصل إليه مدن أخرى.
يرجع الفضل إلى قيام الحكم على يد مجموعة من الفلاسفة، من ثم مستوى سكاني مختلف وجديد كذلك الأداء الخدمي الحكومي والخاص، بالإضافة إلى التغيير العمراني.
المدينة الفاضلة مدينة السلام والمحبة من وجهة نظر الفلاسفة وأول من نادى بها هو أفلاطون، عدد سكانها قليل مما يتيح فرصة التعرف بين الجميع واختفاء ظاهرة التكدس السكاني، يلتف بها من الخارج حقول زراعية تعكس الهدوء،.
لا يوجد تفاوتات في المستوى المعيشي حيث يتعامل الجميع سواسية وحصولهم على الأشياء يعتمد على مدى احتياجهم إليها، أفلاطون ومدينته الفاضله سوف تقام على شكل هرم مكون من ثلاثة مستويات:
المستوى الأول القاعدة تضم العدد الأكبر من شعب المدينة، طبقة العمال العاملين في الزراعة وتوفير الغذاء والاحتياجات والحرفيين ولا تتطلب الكثير من الاهتمام وعدم الارتقاء إلى أكثر مما منحوا مع أنهم الأكثر في العدد، والمفترض قيام الحاكم برعايتهم لازدهار البلاد، ويرى أفلاطون أن فضيلتها الشهوة.
المستوى الثاني يحوي المحاربين من يديرون الشؤون العسكرية ومسئولين عن توفير الأمان وتنظيم المدينة، الفضيلة، الشجاعة والقوة.
المستوى الثالث الطبقة الحاكمة، أعلى الشكل الهرمي هم الحكماء والمفكرين، سياسيون فلاسفة، فضيلتهم هي الحكمة.
أفلاطون ومدينته الفاضلة يتم فيها استبدال الأشخاص ذوي النفوذ والمؤثرين ممثلين رمز الأبطال الغير مثاليين وفقا لمعايير وضعها أفلاطون، لأنهم يجب أن يتمتعوا بصفات الحكمة والمثالية فهم انعكاس الدولة في المظهر والفكر والتصرف، ومثال يحتذى به.
تقسيم الطبقات برره أفلاطون في اختلاف البشر حيث يمتلك كل إنسان قدرات بدنية وذهنية غير متشابهة، ووفقا إلى الاختلاف البشري تختلف المساعدة المقدمة إلى المجتمع وكلما تنوعت القدرات ازدادت الإفادة، تصورها مدينة كاملة يحكمها مجموعة من الفلاسفة العظماء لأن الحكم الفرد يؤدي إلى الطغيان.
كتاب الجمهورية هو حوار فلسفي سياسي يناقش فيه افلاطون على لسان سقراط – المحاور الرئيسي – مدينته الفاضلة أو الدولة المثالية، تتسارع وتيرة الحوار بين سقراط وشخصيات عدة حتى يظهر الشكل المتخيل للمدينة:
البداية تكون مع المواليد الجدد، ويسن القانون على التخلص من المواليد المرضى والضعفاء جسديا، بينما الأطفال الأصحاء جسدياً وذهنياً يمنحون فرصة للحياة، لكن بعيداً عن أسرهم حيث يرى أفلاطون اختفاء الترابط الأسري يمنع إنشاء عصيبات عائلية!
العائلة التي يكبر فيها الأطفال تحت رعايتها هي الدولة، تحت مفهوم العدالة الأفلاطونية، يخضع الأطفال إلى المراقبة والاختبارات المهارية وعلى حسب استجابتهم يتم تسكينهم في طبقة من الطبقات الثلاث. تعتمد المدينة على كذبة مغلفة بالخداع النبيل من أجل إقناعهم بالطبقة المنتمين إليها هم وأقرانهم.
الآلهة منحت كلا منهم معدن من معادن الأرض، البعض منحوا الذهب إذا هؤلاء هم الحكام، والبعض الأخر منحوا معدن الفضة ينتمون إلى طبقة الحراس، أما البقية أو الأغلبية يضافون إلى طبقة العمال والفلاحين.
الأطفال التي تظهر استعدادها لأن يصبحوا حراس، يتدربون على الشجاعة والإقدام مع التحلي بالحماس، بينما المهيئون إلى الإمساك بالحكم يتم تنشئتهم على الفلسفة السليمة والتفكير وحب العلم والتعلم والزهد في الحياة. مع وضع الجميع في اختبارات دائمة وتصفيتهم أثناء فترات التدريب والخروج بأفضلهم.
بعد الوصول إلى سن الزواج يمنعن منه، حتى لا يكونون الأسر ويكونون متفرغين إلى واجباتهم، برر أفلاطون تولي الفلاسفة مقاليد الحكم متخذاً نظرية مدرسته الفلسفية التي تقتضي على وجود شئ مادي مثالي دائماً – فكرة موجودة في العقل – وكل ما وجد بعدها ما هي إلا محاولة في تقليدها.
مدينة بلا فن، أفلاطون ومدينته الفاضلة لا يدخلها الشعراء والرسامين والنحاتين! متعللا باتباع الفنانين نمط التقليد وتضليل البشرية عن الحقيقة، بالإضافة إلى مخاطبتهم الجانب النفسي من الإنسان، الغير حكيم من وجه نظر أفلاطون.
أما عن المرأة جاء رأيه في كتاب الجمهورية ناصف، مدرك أهميتها، ترك لها حرية اللحاق بالرجال في الشكل الهرمي بعد خضوعها إلى التدريبات والاختبارات نفسها، وإن استطاعت التحلي بالحكمة وحياة الفلاسفة يحق لها حكم البلاد مثلها مثل الرجل.
“كل انسان يصبح شاعرًا إذا لامَسَ قلبه الحب”.
“غاية الأدب أن يستحي المرء من نفسه أوّلًا”.
“لا تحقِرَنّ قليلًا من الخير تفعله؛ فإنّ قليلَ الخيرِ كثيرُه”.
“تستطيع أن تعرف عن شخصٍ في ساعةِ لَعِبٍ أكثر ممّا يمكن أن تعرفه في ساعة حديث”.
“الثمن الذي يدفعه الطّيّبون لقاءَ لا مبالاتِهم بالشؤون العامة هو أن يحكمهم الأشرار”.
“لا نشين على الظلم لأنّنا نخشى ارتكابه؛ بل لأنّنا نخشى أن نعانيه”.
“كلُّ قلبٍ يُنْشِدُ أغنيةً ناقصة، إلى أن يَهْمِسَ قلبٌ آخر بالرّد”.
“لا تهتم بسرعة العمل بل جودته؛ لأنّ النّاس لا يسألونك في كم فرغت منه بل ينظرون إلى إتقانه وجودة صنعه”.