صدق المتنبي القول حينما قال خير جليس في الزمان كتاب، فالقراءة هي مفتاح نهضة الأمم وبناء المجتمع وخلق جيل كامل من الأفراد لديه وعي وفكر متحضر، ولا تقتصر أهمية القراءة على هذا فحسب، فهناك العديد والعديد من الفوائد والمنافع التي تعود بها القراءة سواء على الفرد أو المجتمع والتي سوف نتناولها سويًا خلال التالي.
هناك العديد من أنواع القراءة التي تختلف من قارئ لقارئ وذلك باختلاف الهدف منها، وذلك على النحو التالي:
وهي القراءة التي يقوم بها القارئ قبل شروعه في شراء كتاب معين للتأكد من حاجته إلى اقتنائه بالفعل لتحقيق هدف معين أم لا.
يهوى العديد من الأشخاص بقضاء أوقات فراغهم في القراءة وتعد في هذه الحالة كهواية يمارسها الشخص أثناء أوقات فراغه للتسلية.
لا يتناسب هذا النوع من القراءة مع كافة الكتب، حيث يسعى العديد من القراء إلى قراءة الملخص أو الموجز الخاص بالكتاب دون الدخول إلى ما به من تفاصيل لاستنتاج الفكرة أو الملخص، ولكن هذا قد لا ينجح مع كافة الكتب
تعد قراءة النقد والتحليل واحدة من مراحل القراءة المتقدمة التي لا يصل إليها سوى الدارسين أو الباحثين والمحللين، ويكون هدفهم من القراءة في الغالب هو إجراء نقد أو عمل دراسة خاصة بقضية معينة، وتحتاج هذه القراءة إلى مهارة فريدة لا يمتلكها الكثيرين.
أغلب الطلاب في مختلف مراحلهم الدراسية يحتاجون إلى القراءة بهدف التحصيل الدراسي أو المذاكرة والتي تساهم في اختيار المجال المناس لهم ولدراستهم.
يظن الكثيرين أن القراءة لها تأثير إيجابي وفعال على الشخص القارئ والمطلع بشكل انفرادي، ولكن هذا تمامًا غير صحيح، حيث تلعب القراءة دورًا أساسيًا ومهمًا في بناء المجتمع، وذلك على النحو التالي
تكمن أهمية القراءة في توسيع آفاق ومدارك القراء من خلال التعرض لمختلف الشخصيات بمختلف أماكنهم وعصورهم وحتى تجاربهم ومعتقداتهم، وهذا بدوره يساهم في تكوين خلفيات ثقافية متنوعة وشخصيات مؤمنة باختلاف الأفكار والعقائد والمفاهيم واحترام هذا الاختلاف وتقبله بصدر أكثر رحابة وسعة، ومن ثم خلق مجتمع أكثر تفاهمًا وتسامحًا.
خلال القراءة قد يتعرض القارئ للعديد من الشخصيات الملهمة والمؤثرة ذات التجارب الناجحة والبصمات التي لا تنسى سواء كانت هذه الشخصيات أدبية أو تاريخية أو سياسية.
من هنا يبدأ تأثير القراءة على الشخص في جعله يسمو بنفسه ويطور من ذاته من أجل اللحاق بمثل هذه الشخصيات والأسماء اللامعة ورغبته في الاحتذاء بهم والسير على خطواتهم.
فكرة تقبل الاختلاف في الأفكار والثقافات والمعتقدات التي توجدها القراءة في حد ذاتها تساهم في خلق مجتمع أكثر سعادة وتسامح كما علمنا، بل أنه يصبح أكثر أريحية وسلاسة في التعامل.
كما أن أهمية القراءة تكمن في الارتقاء بالفكر والعقل وتخفيف حدة التوتر والضغط العصبي لدى الأفراد ومن ثم الشعور بالرضا والسعادة بشكل عام لدى جميع أفراد المجتمع، لذا إن كنت تريد أن تسعد شخصاً فاختر هدية مبتكرة لعشاق الكتب والقراءة لجعل المجتمع بأفراده سعداء.
فكرة القراءة والتسابق في الإطلاع على المزيد تساهم في خلق روح منافسة قوية وتعزيز الصلات المجتمعية بين الأفراد.
كذلك إجراء المناقشات حول أحد الكتب أو فتح أحد الموضوعات لدراستها وتبادل الآراء حولها يساهم في فتح آفاق فكرية جديدة والتأكيد على تقبل أفكار الغير بأفكاره ومعتقداته وبالتالي توطيد العلاقات والصلات المجتمعية بين الأفراد.
يكتسب الفرد من القراءة والمطالعة من الخبرات والمعلومات ما يكفيه ليصبح قادرًا على مواكبة التغيرات والتطورات التي تحدث حوله حتى وإن لم يشهدها بنفسه، فيكفيه أنه مطلع عليها وعلى علم بما يحدث حوله.
هذا بدوره يساهم في خلق شخصيات ذات أفكار بناءة وأكثر تطلعًا نحو المستقبل تعمل على تطوير وإعمال العقل في تغيير الواقع نحو الأفضل.
تدريب الطفل واعطاءه افضل كتب للقراءة وتمكينه من القراءة منذ نعومة أظافره يجعله مقبل عليها بشكل أكبر عند الكبر، وقد أكد العديد من الباحثين على أن استيعاب الطفل واستقباله للمعلومات والأفكار الجديدة يكون أفضل كلما كان عمره أصغر.
لذا فإنه وجب التنويه على أهمية القراءة لدى النشء الصغير وتدريبهم على القراء من أجل خلق جيل من الشباب أكثر وعيًا ونضجًا وثقافًة.
حيث ينعكس مستوى ثقافة الأفراد داخل المجتمع على اختياراتهم وطرق معيشتهم، ففي حالة ارتفاع المستوى الثقافي والفكري للمجتمع من المؤكد أن هذا سينعكس على جميع جوانب الحياة سواء الاجتماعية أو السياسية أو حتى الترفيهية.
فبدلًا من أن تشغلهم الإسفافات والتفاهات سيهتمون بكل ما هو مفيد لعقولهم وأفكارهم من اجل إثرائها بكل ما هو مفيد.
مع كل كتاب يقوم الفرد بقراءته أو مطالعته فإنه يرقى بفكره وعقله أميالًا نحو الأمام، لذا أكد العديد من الباحثين والدارسين على أهمية القراءة والاستمرار عليها، وتكمن أهمية القراءة لدى الفرد فيما يلي:
كلما كان الشخص أكثر قراءة للكتب وإطلاعًا عليها واختار أفضل كتب للقراءة كلما كان لديه خلفية ثقافية ومخزون معلوماتي أكبر وبالتالي يصبح لديه فكر أعمق ووجهات نظر أبعد ويكون بذلك شخص أكثر نضجًا ووعيًا.
تكمن أهمية القراءة والانتظام عليها في اكتساب ومعرفة المزيد من المعلومات الجديدة التي يتم تخزينها داخل المخ واسترجاعها عند الحاجة.
وفي ظل الطفرات المعلوماتية التي نشهدها حاليًا أصبحت الحاجة إلى القراءة ملحة بشكل أكبر من السابق واكتساب المزيد من المعلومات هي الشغل الشاغل للعديد من الدول والمؤسسات لتسليح أفرادها ومواطنيها.
الشخص القارئ يتمتع بالعديد من المواهب والمهارات التي يتميز بها عن غيره.
أبرزها القدرة على التحليل والنقد بشكل أعمق، اكتساب مهارة فك الألغاز وربط الأحداث ببعضها البعض، التمتع بمخزون كاف من المصطلحات والمعاني التي يحتاجها عند رغبته في التعبير عن رأيه أو في إيصال وجهة نظر معينة بالإضافة إلى اكتساب الفراسة واستنباط الأفكار بشكل أسرع.
القراءة بشكل عام تكسب الفرد العديد من المميزات وتعود عليه بالعديد من المنافع، ومن أهم فوائد القراءة بشكل عام ما يلي:
يتعرض العديد منا للعديد من الضغوطات النفسية والعصبية خلال أحداث اليوم ويحتاج إلى الابتعاد عن كل هذا والاختلاء بكتاب ما للتخفيف من حدة الضغط العصبي أو التوتر لديه، فالقراءة تعمل على الاسترخاء وهدوء الأعصاب.
إعمال العقل وتشغيله بالقراءة بشكل مستمر يساهم في تعزيز وتقوية الذاكرة، وذلك من خلال ربط الأفكار أو المعلومات ببعضها البعض أو عن طريق استرجاع أمر مشابه أو قضية مشابهة تم الاطلاع عليها من قبل في أحد الكتب أو المجلدات الأخرى.
شعور الفرد بأنه يقضي وقت فراغه في شيء مفيد يثري العقل والذاكرة بالعديد من المعلومات المفيدة يضفي عليه المزيد من الشعور بالرضا عن النفس وزيادة الثقة بها وبما يفعله.
تصاب الدماغ بالشيخوخة تمامًا كما تصاب أجسادنا وملامحنا، وهنا تكمن أهمية القراءة فهي تعمل على تعزيز وتحسين صحة الدماغ ورفع كفاءتها وقدرتها على التذكر والتركيز، ومن ثم حمايتها من الإصابة بالشيخوخة أو ضعف الذاكرة المبكر الذي يصيب العديد من الأشخاص في عمر متأخرة.
قد يتعجب الكثيرين من رواد الأطباء النفسيين والمعالجين حينما ينصحوهم بقراءة كتاب مفضل قبل الخلود إلى النوم، ولكن هذا ما أثبتته العديد من الأبحاث والدراسات أن القراءة تعمل على استرخاء الجسم والأعصاب بشكل فعال وبالتالي حصول الجسم على كفايته من النوم بشكل أعمق.
نواجه عادة الكثير من العوامل النفسية والمشكلات التي تؤثر علينا سلبًا ونصاب حينها بالإحباط ولا نعرف إلى أين نتوجه وكيف نتغلب على مثل هذه المشكلات.
وفي هذه الحالة تكون القراءة هي خير علاج فهي العلاج الفعال الأمثل في التخلص من الاكتئاب والوصول إلى مرحلة الرضا عن النفس بالإضافة إلى إيجاد الحلول المناسبة وتقبل الظروف المحيطة بل وكيفية التعايش معها.
وأخيرًا وإلى هنا نكون قد وصلنا معكم إلى نهاية موضوعنا تناولنا من خلاله الحديث عن أهمية القراءة وانعكاس أهميتها على الفرد والمجتمع وفوائدها بشكل عام، ولا ننسى أبدًا أن القراءة هي غذاء الروح والعقل وأن أول ما استهل به القرآن الكريم حينما نزل على خير البرية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اقرأ.