اقدم مكتبة في العالم الاسلامي يتساءل العديد منا عنها ، وقبل الإجابة عن هذا السؤال يجب علينا الإشارة إلى أنه منذ ظهور الإسلام وقد ازداد الاهتمام بالقراءة والكتب، هذا بجانب الحث على العلوم والمعرفة وعن أهمية العلم في حياة الفرد.
ومع استمرار الخلافات الإسلامية استمر معها الاهتمام بالقراءة، الأمر الذي جعل الخلفاء المسلمين يرغبون في تشييد مكتبات للحفاظ على كُتبهم ومؤلفاتهم من الضياع أو التحريف أو التبديل، وهنا نعرض لكم تاريخ اقدم مكتبة في العالم الاسلامي.
تُعد مكتبة دار الحكمة أو خزائن الحكمة اقدم مكتبة في العالم الاسلامي على الإطلاق، ويرجع تاريخ تأسيس مكتبة الحكمة إلى عام 195هـ، أي سنة 752م، كما تُعد مكتبة دار الحكمة هي أول دار ومبنى خاص بالعلم والعلماء في الحضارة الإسلامية منذ إنشائها.
في كتب عن التاريخ ذكر أنه قد تم تأسيس مكتبة دار الحكمة في العصر العباسي على يد الخليفة هارون الرشيد بعد أن اتخذ مدينة بغداد بالعراق مقر رئيسي للمكتبة، ويُعتبر هارون الرشيد هو المؤسس الفعلي للمكتبة التي نطلق عليها جميعاً اسم اقدم مكتبة في العالم الاسلامي.
تم إنشاء مكتبة دار الحكمة من خلال جمع الكتب من مختلف الحضارات وشتى المجالات، والتي تُرجمت بعد ذلك في عهد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، وجدير بالذكر أنه قام باستغلال هذا المبنى في الدراسة للطلاب والعلماء.
ويلاحظ أن المكتبة زادت شهرة مع مرور الزمن، حيث انقسمت إلى العديد من الأقسام حتى أصبحت مركزاً عالمياً في أعمال الترجمة والنسخ بالإضافة إلى التجليد.
يُعتبر أزهى عصر جاء على مكتبة دار الحكمة هو عهد الخليفة العباسي المأمون، نظراً لازدهار العلم والعلماء في هذا الوقت وذلك في شتى المجالات، ومما يدل على ذلك انه أٌطلق على هذا العصر اسم العصر الذهبي.
مع الأسف الشديد عقب انتهاء عصر الخليفة المأمون (العصر الذهبي)، مرت المكتبة بعصر آخر مليء بالتدهور والإهمال حتى وصل الأمر إلى التخريب وقت سيطرة المغول على المكتبة عام 565 هـ.
وصل الأمر بالمغول أنهم ألقوا جميع الكُتب في نهر دجلة، واستمر هذا الخراب والتدهور في عصر التتار، حتى جاء نصر الدين الطوسي الذي أنقذ حوالي 400 ألف مخطوطة.
عند الحديث عن اقدم مكتبة في العالم الاسلامي نجد أن العصر العباسي قد بدأ في عام 132 هـ، وفي ذلك التوقيت تم تحويل عاصمة الخلافة الإسلامية إلى مدينة بغداد في العراق، وكان من أهم أسباب ذلك أن يقوم الخلفاء بالترقي في درجات العلم.
وكان من أبرز الخلفاء المنادين بهذا الأمر الخليفة العباسي هارون الرشيد، والمأمون أبو جعفر المنصور، وآخرون ممن أيدو فكرة النهوض بالعلم والعلماء في العالم الإسلامي، وفي سبيل ذلك تمت ترجمة العديد من الكتب المختلفة مثل علوم الطب والهندسة والرياضيات.
من بين أبرز الحضارات التي تم ترجمة كتبها هي الحضارة اليونانية، حيث طلب الخليفة العباسي المنصور من الإمبراطور البيزنطي ترجمة أول كتاب يوناني إلى اللغة العربية، واستمر الخليفة العباسي المنصور على هذا النحو بعد أن رأى جودة هذه الكُتب وقيمتها.
ومما يدل على ذلك أنه كان يقول في بعض المجالس أن قصره ضاق عليه من كثرتها، وبعد انتقال الخلافة العباسية إلى الخليفة الأشهر هارون الرشيد الذي لُقب عصره بالعصر الذهبي، تم ازدهار مكتبة دار الحكمة بشكل ملحوظ، حيث قام بإنشاء دار علمية كبيرة وضم بها طلاب العلم من أجل أن يستفيدوا بهذا العلم.
أُطلق على مدينة بغداد في هذا التوقيت لقب منارة العالم الإسلامي، ومن وقتها اُشتهرت مكتبة دار الحكمة لتكون اقدم مكتبة في العالم الاسلامي بـاسم “بيت الحكمة” أيضاً، وعلى خطى والده قام الخليفة المأمون باستكمال مسيرة والده من خلال استحضار العديد من الكتب العلمية الأجنبية.
ومن ثم ترجمتها إلى اللغة العربية، الأمر الذي جعلها واحدة من أكبر المباني العلمية في ذلك التوقيت، ولا شك أن الخليفة العباسي المأمون قام بإنفاق الكثير من الأموال في سبيل الوصول إلى هذا العمل السامي والنتائج المبهرة، حيث يُقال أنه أنفق أكثر من 200 ألف دينار في سبيل رفعة شأن العلم والعلماء آنذاك.
هناك كتب ثقافية يوجد بها الكثير من المعلومات والحقائق التي يجب علينا معرفتها تجاه اقدم مكتبة في العالم الاسلامي، ومن أهمها ما يلي:
أشرنا سابقاً إلى أنه عقب انتهاء العصر الذهبي (عصر الخليفة المأمون)، تم التقليل من شأن المكتبة وبدأت في الدخول إلى عصر الانهيار والتدهور، وتحديداً عندما تسلم الخليفة العباسي المعتصم بالله الخلافة الإسلامية تم اهمال اقدم مكتبة في العالم الاسلامي تماماً وكان ذلك بسبب أنه قليل المعرفة حيث كان محدود الثقافة.
بالتالي تم إهمال العلم والعلماء تماماً في هذا الوقت، ومما يدل على ذلك أنه قام بالتوجه إلى مدينة السمراء وترك بغداد نظراً لأنه لم يعد هناك اهتمام بمكتبة دار الحكمة، ومن أسباب انهيار المكتبة أيضاً في هذا العصر كثرة الحروب والمنازعات، حيث أثر ذلك بالسلب من خلال توقف حركة ترجمة الكتب تماماً.
على الرغم من عودة الخلافة العباسية مرة أخرى إلى بغداد في عصر الخليفة الواثق بالله ومن ثم عودة الحياة مرة أخرى إلى مكتبة بيت الحكمة، إلا أن هذا النشاط لم يدم طويلاً مع بداية العصر العباسي الثاني.
مع ضعف الخلفاء العباسيين في هذه المرحلة الزمنية أدى ذلك إلى ظهور العديد من نقاط الضعف للمسلمين، وبالتالي استولى المغول بقيادة زعيمهم هولاكو على المكتبة وكان ذلك عام 1258م، ومع الأسف الشديد سقطت مكتبة دار الحكمة، ثم اختفت ملامحها تماماً بعدما عاصرت أكثر من 30 خليفة عباسي.
وختاماً، ينبغي الإشارة إلى أنه على الرغم من كون مكتبة دار الحكمة اقدم مكتبة في العالم الاسلامي، إلا أنها لم تكن الوحيدة، حيث انتشرت العديد من المكتبات في العالم الإسلامي، وما تزال الافتتاحات مستمرة إلى وقتنا الحالي.