الأقصر مدينة المائة باب، طيبة، مدينة النور، مدينة الصولجان أو مدينة الشمس كما كان يطلق عليها من قبل، تلك المدينة التي نتحدث عنها هي مدينة الأقصر أجمل وأهم المدن الموجودة في مصر، حيث يرجع تاريخ نشأتها إلى ما يقرب من سبعة ألاف عامًا.
وطوال هذه الفترة شهدت مدينة الأقصر العديد والعديد من الحضارات والتي انعكست عليها وتركت فيها الكثير من الآثار، كما وأنارت كتب تاريخ مصر القديمة بأجمل القصص والروايات القديمة.
ما هو تاريخ مدينة الأقصر وشكل الخريطة الخاصة بها؟ وما هي أبرز المعلومات المتعلقة بالمدينة؟ سواء مساحتها أو عدد سكانها وحتى عيدها القومي، وما هي أبرز الآثار والمزارات السياحية الموجودة بها؟ كل هذا وأكثر سنجيب عنه من خلال مجموعة الفقرات التالية: فتابعوا معنا.
تعد مدينة الأقصر أحد أهم الأقاليم الأربعة الموجودة في مصر العليا القديمة، والتي أطلق عليها قديمًا إقليم الصولجان أو إقليم زاست، وانقسم الإقليم إلى مدينتين إحداهما للأحياء والتي تضم معبد الكرنك، وعلى اليسار مدينة الأموات التي ضمت العديد من المعابد الجنائزية القديمة.
ذُكر في كتب التاريخ المصري أنه قد تم تقسيم الإقليم إلى أربعة مدن هم طيبة وهي العاصمة، أيون أو أرمنت، مدامود وأخيرًا طود.
تميزت مدينة طيبة بموقع متميز يتخللها نهر النيل الذي قامت على ضفتيه الحضارة الفرعونية القديمة، والتي شهدت على قيامها المعابد الضخمة والمسلات الموجودة في المدينة ومازالت باقية حتى الآن تحكي أسرار هذه الحضارة العظيمة، والتي ترجع إلى العصور الحجرية القديمة في الفترة ما بين 4000 إلى 3000 سنة ق.م.
ونتيجة لأهمية مدينة طيبة التاريخية أصبحت مقرًا رسميًا لإدارة الشئون الخاصة بأقاليم مصر الجنوبية أو كما أطلق عليها مصر العليا، وذلك في عصر الأسرة السادسة.
وبقدوم الأسرة الحادية عشر في فترة 2100 ما قبل الميلاد أصبحت أكثر قوة وارتفعت منزلتها بين باقي المدن حتى أنها أصبحت مركز إدارة شئون كافة أقاليم مصر الشمالية والجنوبية.
وعقب عصر الانتقال الثاني وأثناء غزو الهكسوس لمصر وحدها أسرة طيبة من استطاعت صد هجمات الهكسوس بل وإجلائهم من البلاد تمامًا وذلك بقيادة تحتمس، كما تمكن من توحيد أقاليمها مرة أخرى أثناء حكم الأسرة الثامنة عشر.
كما أصبح الإله آمون إله طيبة هو الإله الرئيسي الأوحد للبلاد، والذي تم تشييد العديد من المعابد من أجله في العديد من أنحاء المدينة.
أما بالنسبة لما حدث بعد الانتقال الثالث وبالأخص في القرن الثامن قبل الميلاد فقد احتل الكوشيين مصر واتخذوا من طيبة العاصمة الدينية أو المركز الديني الخاص بهم، ثم أعقبهم الآشوريين ولكنهم نهبوا المدينة ودمروها أشد تدمير، ويقال أنه مع قدوم ملوك العصر الصاوي تم إصلاح ما بها من تدمير.
ولكنها دُمرت للمرة الثانية بقدوم الاحتلال الفارسي، ثم جاء الإسكندر ليحاول استعادة رونقها ولو بنسبة بسيطة، وأعقبهم البطالمة والرومانيين ثم جاء زلزال في العام 27 قبل الميلاد الذي دمر أغلب المباني الموجودة في المدينة.
خلال القرن الثاني الميلادي ومع بدء انتشار الديانة المسيحية في مصر تم تحريم إقامة الطقوس والشعائر الوثنية نهائيًا، وبالفعل تم تشييد مما يقرب من ستة كنائس داخل مدينة الأقصر والتي لا تزال آثارها باقية حتى الآن.
كما تم تحويل العديد من المعابد القديمة إلى كنائس وإلحاق الكثير من الكنائس والأديرة بالمعابد مثل معبد الأقصر ومعبد الدير البحري.
ومع دخول الديانة الإسلامية إلى مصر تم اكتشاف العديد من الخبايا الأثرية التي يرجع تاريخها إلى العصر المملوكي، وذلك أثناء حفر طريق أبو الهول الموجود شمال معبد الأقصر.
ظلت مدينة الأقصر تابعة لمحافظة قنا لفترة طويلة إلى أن تم إصدار قرارًا جمهوريًا في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك رقم 153 وذلك في عام 1989 يفيد بضرورة فصل مدينة الأقصر عن المحافظة لتصبح محافظة مستقلة لها طابعها الخاص ومراكزها التابعة لها.
تطورت مدينة الأقصر كثيرًا في العصر الحديث، فكيف يغفل إنسان عاقل عن تلك المدينة العريقة التي تضع بصمة كبيرة في الدخل القومي لمصر، فهي لا تختلف كثيرًا عن قناة السويس.
ولهذا قام العديد ممن جلسوا على كرسي الرئاسة المصرية في عمل أكثر من برنامج لتطوير الاقصر وتقوم وزارة السياحة حاليًا بتعليمات من الرئيس عبد الفتاح السيسي بتطوير مدينة الاقصر والاهتمام بها من أجل زيادة عدد زوار المحافظة من السائحين.
آخر تلك التطويرات التي حدثت في الاقصر هو افتتاح طريق الكباش أقدم ممر تاريخي في العالم مؤخرًا بعد عمل حفلة عالمية لافتتاح ذلك الطريق.
عانت مدينة الأقصر من الفيضانات الكثيرة التي كانت موجودة قبل إنشاء السد العالي، ومن بين تلك الفيضانات التي أحدثت ضررًا كبيرًا كان غرق معبد أبو سمبل واحداث الكثير من الضرر للمعالم الأثرية الموجودة فيه.
تعد مدينة الأقصر واحدة من المدن الزئبقية ذات الطابع الخاص، وحدها فقط التي تختلط فيها المعابد الفرعونية الضخمة ذات الأعمدة شاهقة الارتفاع والنقوش الفرعونية الفريدة مع مياه النيل العذبة الموجودة وسط المدينة والذي يفصل بين شرق المدينة وغربها.
ووسط هذه الأجواء يمكنك أن ترى منظر رائع مكون من مجموعة بالونات ومنطادات ذات الألوان المبهجة والتي تسبح في سماء المدينة الصافية.
يختلف الكثير من الزوار في تحديد هوية أو نوعية المدينة حيث يعتبرها البعض مزاراً سياحيًا من الطابع الأول بما تحتويه من آثار عديدة ومتنوعة، وقد يعتبرها البعض الآخر مشتى مناسب لقضاء فصل الشتاء هناك فرصة جيدة للاستمتاع بالأجواء الشتوية الدافئة والشمس الساطعة.
بينما يعتبرها الآخرون متحفًا تاريخيًا تجتمع فيه مختلف أنواع الحضارات والثقافات وممزوجة أيضًا بمظاهر الحياة اليومية الحديثة لكي تصنع لنا قالب تاريخي مميز.
تبلغ المساحة الإجمالية لمدينة الأقصر حوالي 2959.6 كيلو متر مربع، يحدها من الشمال محافظة قنا، ومن الشرق محافظة البحر الأحمر وغربًا محافظة الوادي الجديد، أما بالنسبة للجنوب فتحدها محافظة أسوان.
بالنسبة للإحصائيات التي أجريت عام 2012 فإن سكان مدينة الأقصر يبلغ عددهم حوالي 1300000 نسمة.
تحتفل محافظة الأقصر كل عام بعيدها القومي الموافق يوم 4 نوفمبر، وذلك لأن هذا اليوم هو اليوم الذي اكتشفت فيه أعظم مقبرة فرعونية في مصر وهي مقبرة الملك توت عنخ آمون.
يغلب على مدينة الأقصر المناخ الصحراوي الجاف، كما يمتاز بقلة سقوط الأمطار على المدينة، إلا أنه وبالرغم من ذلك فإنه قد تغزر الأمطار على مناطق الجبال والتلال الموجودة بمنطقة الصحراء الشرقية، مما ينتج عنها حدوث سيول في بعض الأحيان.
وبشكل عام يتسم فصل الشتاء بالمناخ المعتدل المائل للدفء، أما بالنسبة لباقي الفصول فيغلب عليها عدم الاستقرار وهبوب الرياح المحملة بالأتربة.
تضم محافظة الأقصر العديد من المدن والمراكز الموجودة بها، وذلك على النحو التالي:
المدينة التي تحمل أكثر من ثلث آثار العالم بالتأكيد ستشعر بالمتعة فور وصولك إليها، وعلى الرغم من احتوائها على كل تلك الآثار فإنها توفر لكل السائحين طرقًا أخرى من الاستمتاع بالوقت مثل:
تنوعت الرحلات الترفيهية في مدينة الاقصر في السنوات الماضية، فيمكن أن تقوم بعمل الكثير من تلك الرحلات فور وصولك إلى الأقصر، ومن أمثلة تلك الرحلات الترفيهية:
تعد المعابد واحدة من أكثر الأشياء التي تميز مدينة الأقصر عن غيرها من المدن السياحية في مصر، حيث تضم مجموعة كبيرة من أقدم وأعرق المعابد، أبرزها على سبيل المثال ما يلي:
تم بناء معبد الكرنك في عهد الملك سنوسرت الأول خلال عصر المملكة الوسطى وتم الاستمرار في بنائه حتى عصر البطالمة.
ويعد المعبد ثاني أكبر المواقع الدينية أو المجمعات الدينية الموجودة في العالم، وذلك بعد معبد أنكور وات الموجود في كمبوديا، حيث يتكون المتحف من أربعة أقسام رئيسية يتخللها العديد من المعابد والمصليات ومجموعة كبيرة من الأعمدة والأبراج.
تم تأسيس معبد الاقصرفي القرن الرابع عشر قبل الميلاد، ويقع على الضفة الشرقية من نهر النيل، وقد أطلق عليه المصريين القدماء اييت رسيت بمعنى الحرم الجنوبي، ويبعد حوالي 3 كيلو متر من معبد الكرنك.
وقد بدأ بناء مقصورة المعبد على يد الملكة حتشبسوت ثم تم استكمال بنائه على يد الملك أمنحتب الثالث، بينما تم اكتمال انتهاء بنائه فعليًا في عهد كلًا من الملك توت عنخ آمون والملك حور محب، ثم جاء الملك رمسيس الثاني وأضاف إليه بعد التعديلات والإضافات.
أشهر المعالم السياحية الموجودة في الأقصر، وذلك لاحتواء وادي الملوك على 64 مقبرة فرعونية أشهرها وأهمها مقبرة الملك توت عنخ آمون، وبالتالي هي أهم المحطات السياحية في المحافظة.
يعد معبد الدير البحري أو المشهور بمعبد حتشبسوت أو الملقب بجوهرة معابد الأقصر أحد أهم المعابد الجنائزية الفرعونية الموجودة في الأقصر، يحتوي المعبد البحري على كم كبير من المقابر.
يمتاز هذا المعبد بعظم هندسته المعمارية، كما تحمل جدرانه نقوشات تاريخية، وبالرغم من مرور آلاف السنوات فإن تلك النقوشات محتفظة بألوانها إلى الآن، وهذا إن دل فإنه يدل على عظم وتقدم الإنسان المصري الفرعوني.
كما يوجد الكثير من المعابد الفرعونية في مدينة الاقصرمثل:
في نهاية مقالنا نكون قد تعرفنا سويًا على جزء من تاريخ مدينة الاقصر، تلك المدينة الأثرية صاحبة ثلث آثار العالم، ولن تكمل تلك الرؤية إلا بعد أن نبدأ في زيارتها ورؤية كل ما تحتويه تلك المدينة من جمال في سكانها قبل أرضها.