الأهرامات لطالما كان علي مر العصور اسم جذب كل من سمعه أو من قرأه، لما له من أثر عجيب حير الجميع في كيفية بناء تلك الأهرامات، وأي أدوات استخدمت في تقطيع الحجارة أو الهندسة التي استخدمت في وضعها بجانب بعضها ليتكون ذلك الشكل الفريد من نوعه الذي أصبح ضمن عجائب الدنيا السبع.
في ذلك المقال سنتحدث عن الأهرامات ومن بنوها والأدوات التي استخدموها في تلك الفترة التي كان بها تقدماً علمياً فريداً اختصت به الحضارة المصرية القديمة.
الشكل الهرمي هو مرحلة من مراحل تطور عمارة المقابر في مصر القديمة، فقد بدأت بحفرة صغيرة تحولت إلى حجرة تحت الأرض ثم إلى عدة غرف تعلوها مصطبة، وبعد ذلك تطورت لتأخذ شكل الهرم المدرج على يد المهندس ايمحوتب وزير الفرعون، والملك زوسر في الأسرة الثالثة.
أعقب ذلك محاولتان للملك سنفرو مؤسس الأسرة الرابعة لبناء شكل هرمي كامل، ولكن ظهر الهرمين غير سليمين الشكل، وهما يقعان في دهشور أحدهما مفلطح القاعدة والآخر اتخذ شكلاً أصغر يقارب نصف حجم الأول.
استطاع المهندس هميونو مهندس الملك خوفو أن ينجز الشكل الهرمي المثالي وقام بتشييد هرم خوفو بالجيزة على مساحة 13 فدانًا وثم بعدها هرمي خفرع ومنقرع.
تمتد الأهرامات من أبو رواش بالجيزة حتى هوارة على مشارف الفيوم، بناها القدماء المصريين في الفترة 2630 ق.م. وحتى 1530 ق.م.
كان أيضاً الكهنة والفنانون المصريون ينقشون بالهيروغليفية على جدران حجرة الدفن للمومياء الملكية نصوصاً عبارة عن تعليمات وتراتيل يتلونها أمام الآلهة عند انتقالهم للعالم الآخر، وتعاويذ لتحرسهم في ممرهم لما بعد الحياة الدنيا.
هذه النصوص عرفت بنصوص الأهرام، بالإضافة إلى الهرم كان يتم إقامة مجمع جنائزي خاص بجانب كل هرم، وإبان عصر الدولة القديمة بنيت الأهرامات الكبيرة من الحجر لكن مع الزمن قل حجمها، لأنها كانت مكلفة فبنيت جميع الأهرامات اللاحقة أصغر من هرم خوفو.
لهذا نجد في الدولة الوسطى (2630 ق.م. – 1640 ق.م.) كانت تُبنى الأهرامات بالطوب اللبن المصنوع من الطين والقش، وكانت أضلاع الأهرام الأربعة تتعامد مع الاتجاهات الأصلية الجغرافية الأربعة (الشمال والجنوب والشرق والغرب). ومعظم الأهرامات شيدت غربي نهر النيل حيث خلفها تغرب الشمس.
لأن قدماء المصريين كانوا يعتقدون أن روح الملك الميت تترك جسمه لتسافر بالسماء مع الشمس كل يوم، وعندما تغرب الشمس ناحية الغرب تعود الروح الملكية لمقبرتها بالهرم لتجدد نفسها، وكانت مداخل الأهرامات في وسط الواجهة الشمالية من الهرم، وعلى مدار ما يقرب من 1,500 سنة.
تم تشييد ما يقارب من 140 هرماً من قبل 100,000 عامل مصري.
استخدم العمال مجموعة متنوعة من الأدوات لقطع الكتل الصخرية المستخدمة في بناء الأهرامات بما في ذلك المعاول والأزاميل النحاسية ومطارق الجرانيت، وكان يتم استخدام الحجر الجيري الموجود بالقرب من الأهرامات التي يتم بناؤها، حيث يقوم العمال بتقطيع الحجر الجيري ثم نقله إلى موقع البناء،.
الجرانيت والمواد الأخرى التي كانت تأتي من أماكن بعيدة كانت تنقل من المحاجر على المراكب في النيل، وقد تم استخدام الحجر الجيري لبناء الأساس في حين استخدم الحجر الجيري الأفضل جودة في استكمال الطبقات الخارجية.
بالإضافة إلى الحجر الجيري فقد تم استخدام مواد أخرى في بناء الأهرامات مثل الجرانيت والبازلت وذلك في قمة الهرم الذي كان أحيانا مطلياً بالذهب.
وقد استخدم الجرانيت الوردي في الجدران الداخلية، بينما البازلت تم استخدامه في الأرضيات. ويتم سحب الحجارة من مكان إلى آخر على دعامة مشحمة،.
الدليل على ذلك وفقاً لريدفورد يأتي من القرن 19 قبل الميلاد في أحد المنحوتات في مقبرة مصرية قديمة، حيث يظهر في المشهد 173 رجلاً يقومون بسحب الأحجار على دعامة مشحمة.
ومن أجل رفع الأحجار الكبيرة إلى مكانها مرة واحدة في الهرم، تم بناء سلالم من الطوب كانت مغطاة برقائق الشمع مما أدى إلى تصلب السطح، وعندئذ يمكن سحب الأحجار إلى الأعلى حتى تصل إلى مكانها ثم القيام بتلك الخطوات مرة أخرى كلما ارتفعوا إلى الأعلى.
هرم زوسر أو الهرم المدرج بجبانة سقارة هو أقدم هرم تم بناؤه خلال 2667–2648 ق.م لدفن الفرعون زوسر، يتكون من ست مصاطب بُنيت فوق بعضها البعض، كان يمثل تطوراً هائلاً في تصميم القبور في ذلك العهد الذي كان يكتفي بمصطبة واحدة.، يبلغ ارتفاع هرم زوسر المدرج 62 متر.
كان مُغطى بالحجر الجيري الأبيض المصقول، تم اكتشاف مجمع هرم سقارة لأول مرة في عام 1821 حيث قام القنصل العام الألماني هينريش فون ميوتولي” بالتزامل مع المهندس الإيطالي “غيرولانو سيجاتو” بفحصه، وكشفا مدخله.
يذكر التاريخ للملك خوفو أنه شيّد أعظم بناء على وجه الأرض، وهو الهرم الأكبر، المعجزة الوحيدة الباقية من عجائب الدنيا السبع القديمة، ولا ترجع عظمته فقط إلى ضخامة بنائه، بل أيضًا إلى تخطيطه الداخلي المحكم المثير للإعجاب والدهشة.
وقد بُنيَت حوله جبانة فيها أهرامات صغيرة لزوجاته وأمه، إضافة إلى مقابر على شكل مصاطب لأفراد العائلة الملكية وكبار الموظفين، كان الارتفاع الأصلي للهرم الأكبر 146 متر وحاليًا أصبح 137 متر تقريباً، أما عن أوزان قطع الحجارة، فتتراوح ما بين طن وثمانية أطنان أو أكثر.
شارك في بناء الهرم ما بين 20,000 – 30,000 رجل وذلك لمدة تصل إلى 23 عاماً، لم يسلم الهرم من التدمير على مر العصور، فقد أشار ديودور الصقلي إلى أن قمة الهرم الأكبر عبارة منصة يبلغ عرضها حوالي 3 أمتار وطولها مترين.
لكن أعلى الهرم لم يكن منصة أثناء بنائه وإنما هريم ربما كان مغطى بالذهب قد دُمر جزء من كسائه وفُقد.
كان يحيط بالهرم سور لا تزال بقاياه قائمة حتى الآن في الجهتين الشرقية والشمالية، على مسافة 20 م من الهرم، أثناء بنائه أرسل الكهنة والمهندسين إلى مدينة أون كي يختاروا اسمًا للهرم، وكان ذلك الاسم هو:
آخت خوفو، أو أفق خوفو، فهو يمثل الأفق الذي سيستقل منه الإله رع مراكب الشمس كي يبحر بها وتجدف له النجوم، ويقتل بمجاديفها الأرواح الشريرة في العالم الآخر ليفنى الشر فيقدسه شعبه.
بناه الملك خفرع رابع ملوك الأسرة الرابعة ابن الملك خوفو، بني الهرم الثاني من أهرام الجيزة، وهو أقل ارتفاعاً من هرم أبيه (خوفو). كان ارتفاعه 143 متراً والآن 136 متراً. شُيد الهرم فوق مساحة 215 متراً مربعاً، وله مدخلين في الجهة الشمالية.
هناك روايات مشوقة عن الحضارة المصرية ذكرت أنه مازال يحتفظ بجزء من كسوته الخارجية، سجل المؤرخ العربي ابن عبد السلام أن الهرم تم فتحه في 1372 م.
على جدار حجرة الدفن، وُجدت نقوش لغة عربية ربما يرجع تاريخها إلى نفس الوقت، تم اكتشاف الهرم لأول مرة في العصر الحديث بواسطة جوفاني باتيستا بلزوني في 2 مارس 1818، عندما تم العثور على المدخل الأصلي في الجانب الشمالي، أطلق خفرع على هرمه اسم العظيم.
هو أصغر أهرامات الجيزة الثلاثة في مصر، بناه الملك منكاورع ابن الملك خفرع، كان ارتفاعه 65.5 متراً، والآن طوله 62 متراً بعد سقوط كسوته الخارجية. ومدخله جهة الشمال.
بُني من الحجر الجيري، ولكن منكاورع اختار أن يبنى الجزء الأسفل منه من الجرانيت التي كانت تُجلب من أسوان عن طريق نهر النيل، يصل ارتفاع التغطية بأحجار الجرانيت نحو 17 متراً، وباقي التغطية تمت بأحجار طره البيضاء حتى ارتفاع 5.65 متر.
إلى الجنوب من الهرم يوجد ثلاثة أهرامات خصصت للملكات تمتد باتجاه الشرق، غرب الهرم الأول، وقد أطلق منكاورع على هرمه اسم المقدس.
أحد كتب التاريخ المصري التي ضمت قائمة بسبعة وستين هرمًا مصريًا قديمًا جمعها كارل ريتشارد ليبسيوس، عالم المصريات وقائد “البعثة الروسية إلى مصر” من عام 1842 حتى عام 1846، القائمة هي أولى المحاولات لحصر جميع الأهرامات المصرية بشكل منهجي.
فهي جهد رائد في علم المصريات الحديث، نُشرت هذه القائمة مع نتائج البعثة في مؤلفه الأشهر “معالم أثرية من مصر وأثيوبيا”.