الحرب العالمية الثانية واحداثها المختلفة ذكرت في العديد من الكتب التاريخية ودائمًا ما نتساءل عن السر وراء الحروب، فلماذا يسعى الإنسان لأن يكون ذئبًا لأخيه الإنسان على حد تعبير هوبز، فما الدافع وراء خسران 17 مليون إنسان لأرواحهم في حرب أكلت الأخضر واليابس؟
ما الدافع وراء ذلك الكم من الخراب الذي لحق بالعالم، وعلى أساسه تم إعادة تشكيل ملامح العالم من جديد؟ في ذلك المقال نعرض لك مُلخصًا عن الحرب العالمية الثانية والمندرجة تحت عدد الحروب التي خاضتها مصر، والسبب وراء اندلاعها ونتائجها، من خلال عدة نقاط نذكرها من خلال مقالنا هذا فتابعوا معنا.
من أهم أحداث الحرب العالمية الثانية لا يوجد دخان بغير نار، فالحرب العالمية الثانية ليست سوى نتيجة حتمية عن الأولى، فلمّا انتهت الحرب الأولى، عقدت الدول المُتحاربة اتفاقية أسمتها “فرساي”، وهي ذات بنود عقابية لألمانيا سنة 1919م، وبسبب تلك الاتفاقية سقط الرايخ الألماني المُتمثل في عائلة آل هاسبورغ.
فقدت ألمانيا بموجبها 12,5% من مساحتها المُتمثلة في النمسا، وخسرت 12% من سكانها، وحوالي 15% من إنتاجها الزراعي و10% من صناعتها و74% من إنتاجها خام الحديد(1).
وظلت تدفع ألمانيا ثمن تلك المعاهدة بجانب دفعها التعويضات لدول الحلفاء المكونة من بريطانيا وفرنسا، فتلك المعاهدة أذلت ألمانيا العظيمة وبشدة.
بينما كانت تُعاني ألمانيا في الحرب العالمية الثانية من ذلك الذل الواقع عليها، لم يكن للبعض أن يرضوا بذلك، وهؤلاء هم من شكلوا تغييرًا جذريًا فيما بعد، وأبرز هؤلاء رجل يُدعى أدولف هتلر، والذي كان عضوًا في حزب العمال الاشتراكي الألماني، أو الذي سُمي فيما بعد بالحزب النازي، الذي تبنى أفكارًا قومية.
يرى في الألماني الإنسانَ الأعلى الآري السوبر مان أو بالألمانية الأوبر مينش الذي لا يُقهر، يستوي أعلى الهرم، وأما ما دون الهرم مجموعة كلاب، عليه أن يروضهم لصالحه.
كان أدولف هتلر هو خطيب الحزب، وكان – بطبيعة الحال – خطيبًا مفوّهًا، وفي سنة 1932م، صعد نجم ذلك الحزب إلى السلطة، وصارت البلاد في قبضته، وكان السكرتير العام للحزب هو هتلر، فبالتالي كان رئيسًا للبلاد، فسارع هتلر وحزبه إلى إصلاح الأحوال الاقتصادية والأوضاع المتردية في ألمانيا.
وبين عام 1932م إلى عام 1938م شهدت البلاد الألمانية نهضة اقتصادية لا مثيل لها في عهد الحزب النازي، وشهدت بجانب تلك النهضة ارتفاعًا لروح القومية الآرية لدى الألمان، والتي أدت فيما بعد إلى خلق عداء مُمنهج ضد كل من هو مختلف عن العرق الأبيض الآري مثل: اليهود والعرب والمسلمين -بوجه عام- والبربر وغيرهم.
بدأ هتلر يحاول تلافي الذل الحادث إثر معاهدة فرساي، فاجتاح الـ تشيك الأوروبية بحجة أنها ألمانيا، وكانت تابعة لآل هاسبورغ، وفي عام 1939م تعقد فرنسا وبريطانيا مع هتلر الألماني النازي وموسوليني الإيطالي الفاشي معاهدة للحفاظ على السلام، تقضي تلك المعاهدة منح هتلر بلاد التشيك.
بشرط ألا يطلب المزيد، وقد وافقت كل الأطراف على المعاهدة، إلا أن هتلر بعدها بأشهر اجتاح تشيكوسلوفاكيا كلها، في ظل صمت مهيب من فرنسا وبريطانيا.
لكن طموح هتلر لم يقف هنا، فهتلر كان يريد إعادة الرايخ مجددًا إلى الواجهة، وذلك لن يتم إلا بضم كل الأراضي الألمانية تحت راية الرايخ مجددًا، فحدد هتلر وجهته المُقبلة التي سيجتاحها وهي دانزيك البولندية، والتي كانت مطمعًا للاتحاد السوفيتي الذي كان حليفًا لهتلر وقتذاك.
كانت دانزيك التابعة لبولندا في أول الأمر، خاضعة للرايخ الألماني قبل الحرب العالمية الأولى، ولمّا سقط الرايخ، صارت مستقلة وتابعة لبولندا، وبولندا كانت الفاصل الرئيسي بين ألمانيا وروسيا السوفيتية، لم ينتظر هتلر سوى لحظات حتى اجتاح دانزيك.
فقام ستالين زعيم الاتحاد السوفيتي- بتهديد هتلر والألمان، فرد هتلر على ذلك التهديد باحتلال بولندا كلها.
وفي أيلول عام 1939م، تدخلت فرنسا للتصدي لتوسع الألمان، فهاجمت ألمانيا من الغرب، فردت ألمانيا على ذلك الهجوم بالتصدي له، إلى أن استطاعت ردع الفرنسيين، وفي عام 1940م دخل هتلر فرنسا والتقط صورة له أمام برج إيفل.
ثم ارتفعت وتسارعت وتيرة الأحداث، فقد كان الاتحاد السوفيتي يحاول تلافي الوقوع في حرب مع الألمان، فأرسل برقية تهنئة لهتلر على احتلاله لشمال فرنسا، بينما ظل الجنوب تحت حكومة فيشي تابعًا للسياسات الألمانية باستقلال صوري.
في ظل تلك الأحداث أعلنت بريطانيا برئيس وزرائها تشرشل عدم صمتها عما حدث بحليفتها فرنسا، وأعلنت الحرب على هتلر وموسوليني الذي هدد بدوره أنه سيجتاح ألبانيا.
وهناك الكثير من كتب حربية ذكرت أنه –بتدخل البريطانيين- اندلعت شرارة الحرب العالمية الثانية، بين الفريقين، الأول يمثله الحلفاء وهم:
بريطانيا وفرنسا، الثاني، المحور: ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، بينما التزمت كلٌ من روسيا –الاتحاد السوفيتي- وأمريكا الحياد، وكان حياد أمريكا مبنيًا على اتفاقية مونرو التي تعود إلى سنة 1823م للرئيس الأمريكي “مونرو” وتنص على حياد الولايات المتحدة الأمريكية وعدم تدخلها في حروب أوروبا المستمرة.
لم تنتظر ألمانيا سوى لحظات حتى انطلقت غازية روسيا –دون سبب واضح- بحجة مقاومة المد الشيوعي في أوروبا الذي تتزعمه روسيا، وقامت إسبانيا بمساندة كلٍ مِن ألمانيا وإيطاليا في تلك الحملة، بحجة أن إسبانيا كانت قد خرجت لتوها من حرب أهلية بين الجيش والشيوعيين استمرت لست سنوات.
سقطت على إثرها الجمهورية الشيوعية وقامت مكانها الدولة العسكرية الخاضعة لـفرانكو السفاح.
و بغزو ألمانيا لروسيا انضمت الأخيرة إلى فريق الحلفاء، فصار ثلاث دول في مواجهة ثلاث، وفي ديسمبر من عام 1941م، اجتاحت اليابان جزيرة هاواي التابعة لأمريكا، وأخذت تضرب الأراضي الأمريكية، فقامت الأخيرة بشن حرب على اليابان وعلى كل دول المحور.
بدخول أمريكا تستمر الحرب العالمية الثانية حتى عام 1945م، وفي تلك الأعوام حدثت عدة تغيرات، الأولى انسحاب أسبانيا من الحرب وإعلانها مبدأ الحياد وعدم الانحياز خوفًا من انقلاب موازين الحرب، حتى أن هتلر فكر في غزو أسبانيا ردًا على خيانتها له ولموسوليني.
الثانية انهزام الألمان أمام صقيع روسيا –وليس أمام الجيش الأحمر- فبعد انتصارهم في معركة “ستالين غراد” عام 1942م، بناءً على حملة بربروسا التي اتبعها الألمان، قام الروس بالانسحاب –متبعين خطة الدفاع بعمق- ثم العودة بهجوميّن جديدين استسلم على إثره الألمان.
فتقهقر الجيش الألماني مِن بلاد روسيا ومِن بولندا فيما بعد، وعلى الجانب الآخر كان ظهر هتلر المتمثل في غرب البلاد مكشوفًا أمام القوات البريطانية وقوات شارل ديغول الفرنسية المُتمردة، فبدأت قوة الألمان تضعف وتخور.
وفي 1942م شهدت معركة ميدواي بين القوات البحرية الأمريكية واليابانية، انتهت بهزيمة اليابانيين، وفي العلمين بمصر انهزمت القوات الإيطالية بقيادة الألماني رومل.
وفي 1944م أعلنت ألمانيا وإيطاليا –بعد مقتل موسوليني وإعدامه- انهزامهما، خاصة بعد أن قامت القوات البريطانية بدك برلين وجعلها مجرد أنقاض وأطلال وبقايا عمران خرب.
وفي 1945م، انتهت الحرب تمامًا في 6 أغسطس من خلال قنبلة “الولد الصغير”، وهي القنبلة النووية التي أُلقيت على هيروشيما، وفي 9 أغسطس تبعتها قنبلة الرجل البدين على ناكازاكي، فصارت اليابان مجرد رماد.
وكانت القنبلتين مجرد عبث إجرامي أمريكي في الحرب العالمية الثانية، وذلك لأن اليابان كانت قد أعلنت استسلامها قبل القنبلتين.. لكن أمريكا كما هي العادة تهوى الإجرام، كل هذا وأكثر كان من ضمن أحداث الحرب العالمية الثانية.
بعد أن انحسر ضباب الحرب العالمية الثانية الذي خيم على العالم لمدة خمس سنوات، ظهرت صورة مقلقة لعالم انقلبت فيه موازين القوى، فلم يعد لأوروبا أي دور ولا قوة عالمية، بينما صارت أمريكا والاتحاد السوفيتي هما أساس القوى العالمية.
لينتهي بهما الأمر بحرب باردة اقتصادية بعد ذلك، بينما ظلت دول مثل ألمانيا واليابان وإيطاليا يحاولون التعافي من آثار الحرب والدمار الشامل الذي خلفته تلك المرحلة غير الآدمية.
وظل الخلق إلى يوم الناس هذا يتساءلون عن قيمة الحرب العالمية الثانية وفائدتها؟ فكانت الفائدة الوحيدة هي أن لا فائدة مرجوة منها أبدًا، فقط الخسارة هي الأمر الوحيد المُتاح.