سنة 1907 شاب صعيدي مرهق من اللف على لقمة عيشه قرر أنه يأخذ تعسيلة تحت شجرة في حديقة الأزبكية في قلب ميدان العتبة، الصدفة طبطبت عليه ببواقي كتب الفجالة عشان يبدأ رحلته في بيع الكتب للناس اللي بتقعد على القهاوي في المنطقة واللي بيدوروا على كتاب بسعر رخيص واللي بيدور على كتاب بطبعة قديمة، عشان يكون ملاذ نقاشات المثقفين على القهوة بليل وضآلة اللي بيترددوا على المصالح الحكومية في المنطقة.
عنوانه فضل ثابت لكل محبي الكتب والقراءة من أول طلبة الجامعة ولحد الأكابر والأفندية اللي كانوا بيقابلوه وهما خارجين من دار الأوبرا الخديوية وقتها، مع الوقت طور أكثر من الفرشَة بتاعته وجاب شوية مجلات أجنبية من اللي كانت مشهورة في مصر وقتها، وزي أي تجارة ناجحة تحمس لها أصحاب ومعارف الشاب الصعيدي، فقرروا أنهم يقفوا جنب بعض، وبعد ما كانت فرشة واحدة عملوا سوق كامل وبشهامة ولاد البلد اختاروا يتقسموا لقمة العيش بدل ما يتنافسوا عليها، وقسموا السوق بأنواع وتخصصات الكتب من بين المجلات والكتب والروايات العربية للكتب والمجلات الإنجليزية وغيرها.
الجدير بالذكر أن الزعيم جمال عبدالناصر كان دايماً يتردد على سور الأزبكية عشان يشتري الكتب والمراجع اللي مكنش بيلاقيها في المكتبات العادية كمان الرئيس أنور السادات كان بيتردد كتير على سور الأزبكية وكتير من الكتاب والأدباء زي نجيب محفوظ والأديب سليمان فياض أطلق عليه اسم “جامعة الفقراء”
نقل سور الأزبكية
لكن دايمًا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، سنة 1983 صدر قرار بهدم السور ونقله لسور السيدة زينب ودا عشان أعمال إنشاء كوبري الأزهر، وبعد 5 سنين صدر حكم المحكمة لصالح التجار ضد المحافظة، رجعوا مرة تانية بس ابعد شوية عن مكانهم القديم بسبب أن الكوبري أخذ جزء من مكانهم، مرة تانية الموضوع أتكرر سنة 1993 بسبب أعمال مترو الأوبرا، وتم نقل التجار للحسين جنب مستشفى الحسين الجامعي وكانوا قريبين جداً من المقابر فكان من الصعب أن الناس تروح بسهولة، لكن سنة 1998 رجعوا تاني لسور الأزبكية بشكل أفضل من الأول.
بعد ما كانت الكتب على الرصيف بتعاكس اللي رايح واللي جاي، تم تصميم أكشاك على الطراز الفاطمي بشرط أن التجار ميبعوش فيها غير كتب وبس، التجار وافقوا على الشروط، ولكن بعد كدا بقوا يبيعوا شرايط الكاسيت والأفلام القديمة عشان نورث كنز لا يقدر بثمن من المعرفة.
لحد دلوقتي هنفضل نروح سور الأزبكية، ونشتري الكتب والروايات وشرايط الكاسيت والمجلات القديمة، مش بس عشان نشتري كتب بسعر رخيص أو نسخة قديمة من روايات نجيب محفوظ أو تسجيل قديم بصوت الست، عشان كمان بتحسسنا بنوستالجيا الحنين للماضي وشغف للمعرفة اللي بتجري في دمنا.
فريق iRead كتب المقالة بكل الحب عشان يشجعك على القراءة بانتظام، أنت تستاهل أنك تثقف نفسك وتبسطها، شكراً لأنك وصلت لحد هنا.