باب زويلة هو أحد الأبواب الثمانية التي تحيط بمدينة القاهرة، وهذه الأبواب ظلت هي الحماية الحصينة التي أحاطت القاهرة على مر العصور. ويعتبر باب زويلة من أهم هذه الأبواب التي تحمل قصة شيقة سواء عن سبب تسميته أو موقعه أو طريقة بنائه.
وسوف يكون موضوعنا اليوم عن ما هو باب زويلة وقصة أبواب القاهرة بالكامل والتي ذكرت علي رأس الموضوعات في كتب التاريخ المصري العظيم، سنعرض لكم من هو صاحب فكرة بناء أبواب للقاهرة من الأساس، كل ذلك وأكثر من خلال هذا المقال الشيق، فتابعوا معنا لمعرفة المزيد.
تبدأ قصة باب زويلة أو أبواب القاهرة في عصر الفاطميين وذلك منذ أكثر من ألف عام مضت، كان من وجهة نظر القائد الفاطمي جوهر الصقلي أنه لابد من وجود قلاع حصينة تحمي القاهرة ومصر بأكملها من الهجوم الغاشم للأعداء.
وكان أمير الجيوش بدر الدين الجمالي مؤيدًا له في هذه الفكرة. حيث كان الهدف الرئيسي منها هو حماية القاهرة على مر العصور، فعندما جاء جوهر الصقلي وشرع في دخول مصر قائدًا قوات الخليفة المعز لدين الله الفاطمي من القيروان، كان أول أمر يفكر فيه هو بناء سور حصين يضم ثمانية أبواب تحمي البلاد.
قال القائد جوهر الصقلي:
“حلمت ببناء معقل حصين أسميته القاهرة”
وكان ذلك هو الرد الذي أجاب به عندما سألوه عن بناء الأبواب الثمانية المنيعة، وقد كانت أسوار من الطوب اللبن. وتعد هذه الأبواب من روائع الحضارة والعمارة الحربية في الحضارة الإسلامية، وتميزت بشموخها وروعتها وجمال الفن المعماري الذي ظهر بها.
كانت لهذه الأبواب أسماء مختلفة، حيث كان يحيط بالقاهرة من الجهة الجنوبية بابان متلاصقان أطلق عليهما اسم باب زويلة، أما الجهة الشمالية فكانت تضم بابين متباعدين وهما باب النصر وباب الفتوح.
وفي كتب عن التاريخ ذكر أنه ومن الجهة الشرقية كان يوجد ثلاثة أبواب متفرقة وهي: باب البرقية، الباب الجديد، الباب المحروق، أما الجهة الغربية فكانت تضم أربعة أبواب وهم: باب القنطرة، باب الفرج، باب سعادة، وباب الخوخة.
باب زويلة هو الاسم الذي أطلق على البابين المتلاصقين في الجهة الجنوبية لمدينة القاهرة، وتعود تسمية الباب بهذا الاسم إلى قبيلة من البربر تعيش في شمال أفريقيا وقد كان جنود هذه القبيلة ضمن الجيش الذي تحرك بقيادة القائد جوهر الصقلي.
ويعتبر باب زويلة من الأبواب الحصينة التي ما زالت تقاوم عوامل الزمن والإهمال بعد البابين الموجودين في الجهة الشمالية النصر والفتوح، يعد باب زويلة هو أجمل وأروع تصميمات هذه الأبواب الثلاثة.
يتميز هذا الباب بوجود برجين مقوسين أكثر استدارة من باب الفتوح وذلك عند قاعدته، ويشغل باب زويلة مساحة على شكل مربع كل ضلع منه 25 متر وارتفاعه هو 24 متر على مستوى الشارع، ويتخلله ممر مسقوف له قبة كانت تتمتع بالكثير من الزخارف والنقوش التي اختفت مع مرور الزمن.
كانت توجد غرفة في الثلث العلوي لكلا البرجين والتي تأسست من أجل أن تكون مصدر للدفاع عن القاهرة من المخاطر، ويغطي هذه الحجرة قبو طولي يتقاطع مع قبو عرضي.
ولم يقتصر الباب على ذلك بل إن الشاعر القلقشندي والمقريزي قد ذكرا كثير من الأبيات الشعرية عنه وعن قوته وجماله، كما قال الشاعر علي بن محمد النيلي عن عظمة الباب وقوته بيت شعري قال فيه:
“يا صاح لو أبصرت باب زويلة لعلمت قدر محله بنيانا، باب تآزر بالمجرة وارتدى الشعري ولاث برأسه كيوانا، ولو أن فرعون رآه لم يرد، صرحا ولو أوصى به هامانا”.
هذا وقد عرف باب زويلة في مصر باسم آخر وهو بوابة المتولي، وهذه التسمية تعود إلى متولي الذي كان يجلس عنده لتحصيل ضريبة الدخول إلى القاهرة، كما يعتبر باب زويلة هو أطول أبواب القاهرة وأضخمها، فهو من أجمل الأبواب من حيث الكتلة البنائية والزخارف الرائعة.
أنشأ باب زويلة أمير الجيوش بدر الجمالي وذلك في عام 485 هجرية وعام 1092 ميلادية، وهو يقع في نهاية الشارع المعروف باسم شارع المعز لدين الله الفاطمي، وذلك من الجهة الجنوبية للقاهرة.
أما الجهة الشمالية فيقع بها الجامع الصالح ومن الجهة الغربية يحده جامع المؤيد، وقد عرف هذا الباب أنه واحد من أهم الآثار المصرية الإسلامية التي أوضحت روعة الحضارة الإسلامية وروعة فنون العمارة في عهد الفاطميين.
رغم ما تتمتع به مدينة القاهرة من معالم أثرية إسلامية وقبطية، إلا أن باب زويلة يبقى من أهم هذه المعالم التاريخية، والذي شهد أحداث من التاريخ لا يمكن نسيانها، كما أن الكتب التاريخية تدونها حتى أصبحت عالقة بالعقول في جميع أنحاء العالم.
شهد باب زويلة أحداث تاريخية هامة في تاريخ مصر وذلك لأنه كان شاهدًا على أمر الأمير سيف الدين قطز -حاكم مصر آنذاك- بقطع رؤوس رسل هولاكو قائد التتار وتعليقها على باب زويلة.
وذلك من أجل عقابهم على الرسائل التهديدية التي حملوها إليه، وبالتالي أصبح الباب هو رمز للعقاب لكل من تسول له نفسه تهديد أمن مصر.
لم يكن باب زويلة شاهدًا على إعدام رسل التتار فقط، بل إنه كان المكان الذي تم إعدام السلطان طومان باي به، وهو آخر سلاطين المماليك وذلك بعد دخول الجيش العثماني بقيادة سليم الأول إلى مصر.
وقد استطاع القائد صلاح الدين الأيوبي أن يجدد أبواب الحصن ويضيف إليها أبواب أخرى منها باب الشعرية، باب الوزير، باب البحر، وهذه الأبواب شهدت روعة التصميم في مختلف العصور الإسلامية.
يحظى باب زويلة بشهرة كبيرة لما يتضمنه من أحداث ومعاني ولذلك بدأت التساؤلات تكثر حول ما هو باب زويلة، هذا بالإضافة إلى أنه أصبح واحد من أهم المعالم السياحية التي يأتي السياح لزيارتها من جميع أنحاء العالم.
فهو بناء ضخم أشبه بالمتحف، لم يتعرض هذا الباب منذ أن تم بنائه إلى هجوم عسكري ولكنه شهد أحداث تاريخية عظيمة، كما أنه شهد الكثير من الأنشطة التجارية والدينية بالإضافة إلى الاحتفالات، تم ترميمه في عام 1988 حتى عام 2003 ويتولى حراسته أحد أفراد الأمن ومفتش الآثار.
يضم الباب تصميم مصغر لهيئته الكاملة ودولابين متلاصقين يوجد بهما بقايا تذكرة يانصيب، حجاب للزواج، مسامير وأسنان وبعض الرسائل لطلب الشفاء وتذكرة لحفل كوكب الشرق أم كلثوم، وقطع نقدية وأمنيات للأهالي وأحجبة وأشرطة قماش.
حيث اعتقد الأهالي أن هناك روح تسكنه تسمى المتولي، وأنه أحد أولياء الله الصالحين، ولكن يزور هذا الباب طلبة الآثار والباحثين وأساتذة التاريخ.
كما أنه عندما قام الملك المؤيد أبو النصر ببناء مسجده عام 818 هجرية، اختار المهندس المعماري المسؤول عن بناء المسجد برجي باب زويلة من أجل إقامة المئذنتين عليهما.
ولذلك فإن أهمية الباب التاريخية كبيرة بالنسبة لجميع أبواب القاهرة الأخرى، وقد أصبح هذا الباب الآن يعامل على أنه موقع أثري إسلامي مملوكًا للمجلس الأعلى للآثار بجمهورية مصر العربية.
في النهاية، فإن مدينة القاهرة من أهم المدن في العالم التي تحظى بمكانة كبيرة لما تتضمنه من معالم تاريخية وأثرية متعددة ومتنوعة، كما أنها تضم مجموعة كبيرة من المتاحف والمساجد والكنائس الرائعة.
وعندما نكون أمام سؤال ما هو باب زويلة فإننا لم نجد صعوبة في شرح كل تفاصيل قصة هذا الباب وكل ما يحمله من أحداث تاريخية عظيمة شهدتها مصر على مر العصور والأزمان، فإذا كنت ممن يهتم بالقراءات التاريخية فلا تتردد في أن تقرأ عن أبواب القاهرة الحصينة.