يوم السبت 26 يناير سنة 1952 بالتحديد الساعة واحدة ونص الظهر النار أكلت حوالي 700 محل وسينما وكازينو وفندق ومكتب في شوارع وميادين القاهرة، مشهد درامي سينمائي بين النار والرماد اللي وصلت لحد البيوت وأكلت العفش، لدرجة أن الناس كانت بتنزل من بيوتها على سلالم المطافي.
من أشهر المحلات التجارية اللي اتحرقت وقتها” شيكوريل وعمر أفندي وصالون فيردي” و30 مكتب تجاري لشركات كبيرة، و 13 فندق، و40 سيما منها راديو وميامي وقهاوي زي الامريكين وجروبي وغيرهم كتير، والخسائر كانت بحوالي 28 مليون جنيه بما يعادل حوالي 17% من ميزانية الحكومة وقتها.
كل دا كوم وبقيت القصة كوم تاني، حضر فنجان قهوتك ويلا بينا:
قبل الحريق بيوم البريطانيين قتلوا 58 جندي مصري في الإسماعيلية، ودا اللي دفع حوالي 270 جندي من عساكر بلوك النظام يخرجوا من معسكرهم في الإسماعيلية في ثورة غضب وتمرد عند جامعة القاهرة “واللي بالمناسبة كان اسمها زمان جامعة فؤاد الأول” وانضم ليهم مجموعة من طلاب الجامعة، بيطالبوا أنهم يجيبوا حق اللي ماتوا وياخدوا بتارهم من البريطانيين.
المظاهرة كانت منظمة كالتالي:
المتظاهرون انقسموا إلى قسمين، الأول ناحية مبنى رئاسة الوزراء والتاني اتجاه قصر عابدين والكل بيطالب بحاجة واحدة بس “السلاح لقتل الإنجليز في منطقة القنال”.
المظاهرات موقفتش لحد هنا، كان فيه مظاهرات تانية في مناطق مختلفة في القاهرة زي ميدان الأوبرا، ولكن فيه حاجة غريبة حصلت مجموعة أشخاص مش معروفين حرقوا كازينو وسينما أوبرا وكانت الساعة وقتها 10 ونص الصبح ودي كانت بداية الشعلة.
في نفس يوم الحريق الملك فاروق كان مقرر يعمل مأدبة غداء لحوالي 400 ضابط من الجيش المصري “قبل الحريق طبعاً” ودا كان بمناسبة ميلاد ولي العهد أحمد فؤاد الثاني ” المأدبة استمرت من الظهر للعصر، الغريب أن كان الملك فاروق بتوصله أخبار باللي بيحصل بره القصر من مظاهرات وحرائق ولكن ماقلش لأي حد من الضباط وقتها، بحسب ما تم ذكره في مذكرات اللواء محمد نجيب.
ليلة الحريق بليل “النحاس باشا” قدم استقالته من الوزارة، ولكن الملك فاروق وقتها رفض، وعينه حاكم عسكري لمدة سنة، وعملوا اجتماع طارئ لمجلس الوزراء، وقرروا فيه المواجهة، وأعلنوا الأحكام العرفية في مصر كلها، أصدروا قرار بوقف الدراسة والجامعات لأجل غير مسمى.
النحاس أصدر قرارات صارمة جداً منها ” منع التجوال في القاهرة والجيزة من الساعة 6 بليل لحد الساعة 7 الصبح، ومنع التجمهر وحبس أي جماعة مكونة من 5 أشخاص بتهدد السلم وبتعارض القوانين العرفية.
فيه كتب كتير ناقشت حريق القاهرة بعمق، زي حريق القاهرة في الوثائق البريطانية لمجدي نصيف وحريق القاهرة لجمال الشرقاوي وحكايات في تاريخ مصر من نابيلون ومحمد علي إلى حريق القاهرة ،مقدمات ثورة 23 يوليو 1952، وغيرهم كتير، ولكن بالرغم من كل دا لا يزال حريق القاهرة وأسبابه ملف غامض.
اننا نفتكر تاريخ حريق القاهرة دا دليل ان مصر بلد قوية، ومهما عدى عليها هي صامدة وقادرة تواجه، وتقف في وش النار.