يوم 8 أكتوبر سنة 1927، اتولد زيجيسلاو مارشويكي، كان طفل لأسرة مفككة وتعيسة من طبقة اجتماعية تحت خط الفقر، والده تزوج 5 مرات وكان مدمن كحول وعنده 4 اخوات، مقدرش يكمل تعليمه بسبب مستوى ذكائه المتوسط.
بحسب ما كتب في مذكراته في السجن، والدته توفت وهو صغير، وسبب تأخره في الدراسة لأنه كان مهتم بالبنات أكتر من المذاكرة، وكان بيشتغل في مناجم الحديد وهو لسه قاصر، بسبب الضغط النفسي اللي كان بيعاني منه وهو صغير بدأ يدمن الكحول زي والده، بدأ يسيب زوجته ويشرب كتير ويسهر مع أصحابه بدل ما يكون معاها وده اللي خلالها تشتكي من سوء معاملته لها.
بحسب ما كتب في مذكراته أنه كان بيقتل الستات لأنه بيحس بنشوة وهما ميتين ومش قادرين على المقاومة وعاريات بشكل كامل، وكانت رائحة الدم تثيرة جدًا، لدرجة أنه كان بيأذي نفسه عشان ينزف ويحس بنفس شعور النشوة.
يوم 17 نوفمبر 1964، تم العثور على جثة بنت عندها 15 سنة مقتولة ومرمية على الطريق، تم ضربها بأداة ثقيلة على رأسها، وماتت مباشرةً بعد الضرب، لكن القاتل ضربها ضربات قوية على الجسم بالرغم من أنها كانت ميتة، القاتل سحبها على الأرض على بعد 10 أمتار من مكان مقتلها.
بعد تشريح الجثة، تقرير الطب الشرعي أثبت أن تم ضربها أكتر من مرة بأداة ثقيلة، وتم اغتصابها، وبالرغم من كثرة التحقيقات لم يتم العثور على الجاني.
يوم 20 يناير 1965 تم العثور على سيدة أخرى مقتولة، في مدينة جيلاد، وبعد اكتشاف الواقعة بشهرين فقط، تم العثور على جثة سيدة أخرى ولكن في مدينة بيرجين، الأمر اللي حير كل المحققين في القضية.
بعد 4 شهور تم العثور على سيدة ثالثة، اسمها أرينا من حسن حظها انها قدرت تهرب، ومن هنا بدأ المحققين يمسكوا أول طرف من خيط القضية، الضحايا كلهم ستات وبيتم قتلهم بطريقة واحدة بأداة ثقيلة من الخلف وتليها عدة ضربات تؤدي إلى الموت ومن ثم الأغتصاب، وكل الحوادث كانت في منطقة واحدة ” زايعليبا دوبراسكي”
مع مرور الوقت وعدم العثور على الجاني، بدأ يتفحش أكثر ويقتل عدد أكبر من النساء، بدأ الاشاعات تنتشر بأنه مصاص دماء من نفس المدينة وعنده خطة أنه يقتل ألف ست وده بمناسبة الذكرى الألف للدولة البولندية.
الستات بدأت تخاف بشكل أكبر ومكنش فيه واحدة ست بتخرج من بيتها بليل ولو خرجت بيكون معاها واحد يحميها، نظرًا لحالة الذعر والخوف اللي وصلت لها المنطقة، قررت وزارة الدفاع عقد اجتماع، بجمع كل قضايا قتل السيدات السابقة في ملف واحد عشان يقدروا يعملوا خطة مدروسة للإيقاع بمصاص الدماء.
المحققين بدأوا يربطوا خيوط القضية ببعضها، من الحاجات اللي كانت ملفتة في التحقيق، ان كل عمليات القتل في أماكن مفتوحة، وده دليل ان القاتل تتبع الضحايا وهاجمهم بشكل مفاجئ من الخلف، ومن ثم يتم سحب الجثة ليغتصبها ويشرب من دمها.
بدأت وكالات التحقيق طلب المساعدة من الشعب بأن من يعثر على الجاني أو يتعرف على هويته هيفوز بجائزة مالية قدرها مليون زلوتي ” زلوتي هي عملة بولندا”.
لكن كل الأوضاع تغيرت بعد ما تم العثور على جثة بنت اسمها “جوليانتي جييرك” في نهر بوشنشا، والبنت دى تبقى بنت أخت سكرتير حزب العمال البولندي، تم الاشتباه في أكثر من 300 واحد وكان من ضمنهم مارشويكي، تم الاستعانة بمجموعة من علماء بناء الشخصية، وتم إنشاء تصاميم مختلفة من الناحية النفسية والعقلية لـ7 شخصيات افتراضية، ولكن تم افتراض انه هناك وجود دافع سياسي وراء الجريمة لأن بحسب المعلومات المتاحة للمحققين أن القاتل يقتل ضحايا بحسب الفرص المتاحة مش أشخاص معينة.
بعدها مجهول بعت رسالة للشرطة بيقول فيها، ان جريمة قتل ياديجا أخر جريمة قتل هتحصل، وانهم مش هيقدروا يمسكوا الجاني، ولحد دلوقتي محدش يعرف مين اللي بعت الرسالة دي للشرطة.
سنة 1972 تم اعتقال مارشويكي، بعد ما قدمت زوجته شكوى بإساءة معاملته لها، وبعد 3 أيام من اعتقاله، نشرت الحكومة صورة كبيرة لمارشويكي بمانشيت “الشخص المتهم بارتكاب سلسلة من الجرائم الوحشية تم القبض عليه”
في سبتمبر 1974 وبعد سنتين من التحقيقات، تم بدء محاكمة مصاص دماء زايغليبا، وبعدها بشهور القوات اعتقلت اخوات مارشويكي، ومتواطئ ثاني كان اسمه جوزيف، تم الحكم على مارشويكي بالإعدام لقتله 14 ست.
الغريب أن كل الأدلة كانت ظرفية ومفيش دليل واحد قاطع يدين مارشويكي، في بداية المحاكمة اعترف على نفسه بكل الجرائم اللي عملها، ولكن لما المحققين طلبوا منه يوقع على اعترافاته كتب “كل هذا كذب”
في نهاية التحقيقات اللي استمرت سنتين ونصف، تم إتهام مارشويكي بـ 14 جريمة قتل وسبع محاولات قتل، ودفاع المحكمة برر قراره بناءً على تاريخ المتهم واللي كان متزامن مع الضرب والاساءة في معاملة زوجته وأفراد عائلته وتعمده في تقليل احترام رجال الشرطة.
السيدات اللي حالفهم الحظ ولم يموتوا من هجمات الجاني، اعترفوا بأن هو اللي كان بيهاجمهم، في نهاية المحاكمة بدأت علامات الاستسلام على مارشويكي، واخر حاجه قالها لما كان بيتحقق معاه قال “أريد الذهاب إلى المكان الذي أحتاج الذهاب إليه”
يوم 26 أبريل 1977 تم تنفيذ حكم الإعدام في مارشويكي، وقبل ما يموت صرخ وقال انه برئ!
بعد إعدام مارشويكي، تم مناقشة جرائم القتل التي ارتكبها على نطاق إعلامي واسع، في برنامج تلفزيوني بولندي اسمه “بارغراف 148” واللي كان بيسأل عن الهوية الحقيقية لمصاصين الدماء، وفي البرنامج تم تبرئ مارشويكي وكانت الحجة بأن كل ما تم تقديمه في المحاكمة عبارة عن تمثيلية للإعدام!
في التحقيقات الصحفية وأثناء استجواب مارشويكي، بعد تحليل التسجيل، كان من المُلفت انه بيقول “ساعدني يا ملازم ايه اللي لازم اقوله – أنا عملت كام جريمة عملتها؟”
هناك صحفي بولندي اسمه “جراشينا” قدر يتواصل مع الناس اللي ليهم صلة بقضية مارشويكي، من رجال الشرطة، أهل الضحايا، محامين وغيرهم من الناس اللي كان ليهم علاقة بالقضية، أكدوا ان قيادة التحقيقات كانت عايزة تقفل ملف القضية في أسرع وقت ممكن.
على حسب قول أحد أعضاء النيابة واللي كان مشترك في التحقيقات لمدة 5 سنين قال: “عندما تم القبض على مارشويكي، لم يكن هناك أسئلة ولا محاولة لإيجاد احتمال آخر للقاتل”
وبعد 20 سنة من تنفيذ قرار الإعدام أكد نفس المحقق المذكور أعلاه وقال” أن إعدام مارشويكي جريمة قتل في حق القانون”
في النهاية بعد تحليل القصة، هنلاقي ان مارشويكي تعليمه بسيط جدًا وذكائه محدود لدرجة انه ما خلصش تعمليه الإبتدائي، وكان من السهل التلاعب بأفكاره، والتفاصيل دي اللي فتحت باب الشك في عدالة المحكمة، والغريب انه مقدرش يقول رقم صحيح لعدد الضحايا اللي قتلهم ولا تفاصيل عن كيفية الأعتداء أو تمثيل للجثة !
تم غلق ملف القضية ولكن بيسبنا مع سؤال المفتوح “هل فعلًا تم اعتقال مصاص الدماء ولا لا؟ ولو لأ هل ليه نسل لسة موجود بين البشر دلوقتي؟”