روايات تدور أحداثها في صعيد مصر الذي يمثل أحجية زمنية يكمن لغزها في تتبع حيوات وقصص وعبر اختص بها الوجه القبلي، أطلت علينا بلكنة شيقة وقوية ممزوجة باللغة العربية الفصحى.
عُرِف الصعيد بالشمس الساطعة والليل العاتم وكوب الشاي الثقيل، فكيف تناولت الرواية المصرية هذا الجزء الخفي عن أعيننا؟ وهل كقارئ تحمل جذورا صعيدية الأصل خضت مغامرة تتشابه مع إحدى الروايات التي اشتهرت بأحداثها الدائرة في صعيد مصر؟
هي من ضمن روايات قصص عربية وروايات تدور أحداثها في صعيد مصر، حيث يأخذنا الكاتب يحيى حقي معه في مقدمة الرواية إلى الحارة المصرية وسط القاهرة، ونجلس على ضفاف النيل الذي يشهد له بوفائه لوعده، وننظر سويا إلى الجنوب المحمل بأرواح وقوى مبهمة تهب علينا مثل لغز بعيد عن مداركنا.
عن الجنوب تتطاير مقطوعات حزينة تعبئ الهواء وتشحذ الفؤاد، يجلس مجموعة من الرجال مرتدين الجلاليب الفضفاضة ملتفين حول النار في الشتاء أو يرتون من الهواء البارد في حرارة الصيف، مرددين أغاني عن الوطن والأهل والأحباب، رغم التعب يرفضون لأرواحهم ألا تشعر بتلك اللوعة وتنسجم مع هدوء الليل.
تحتوي الرواية على ثلاث قصص:
خاين يازماني عيون حبيبي ياناس
نجم السما العالي يشهد علينا الليل
ولا كان على بالي يوم السفر يا بنات
يابو مقام عالي مرسي يابو العباس
الحكاية الأولى عبارة عن أربعة فصول من روايات تدور أحداثها في صعيد مصر يحتويان على قصة تدور في قرية كوم النحل بصعيد مصر بطلها البوسطجي عباس أفندي حسين القاهري الغريب عن حياة أهل الصعيد ببساطتها ولوعة مصائبها.
منذ وطئت قدمه المكان يحيا في كدر وضيق، وانشئ عداوة مع العمدة عبد السميع وهدان لتأجيره بيت تحيا فيه القوارض والحشرات بألفة من اعتاد الانسجام مع بيئته.
ولعل كل ما شعر به عباس من غضب بسبب عدم اعتياده على حياة الصعيد جعله لا يكف ولا ينصاع ولا يستسلم هو والعمدة عن وقوع صراع دائم بينهما.
يصف الكاتب يحيى حقي الصعيد بعين ولسان البطل ذو الشخصية الحادة، الذي لا يرى إلا شبابيك ضيقة، وأرض طينية وأناس تعودت على الاستكانة في منازلها بعد أذان المغرب، والليل لا يسمع فيه غير أصوات كلاب تعوي أو حمير تنهق.
ينتقل البوسطجي الذي يلفه الفراغ والفضول في الإقدام على أمر معاكس لما تقضيه مهنته من أمانة، وهو تتبع حكاية “جميلة” و”خليل” اللذان يقعان في الخطيئة تحت وطأة الحب، ويصف الكاتب بدقة متناهية الصراع الذي يدور بعد وقوع تلك الكارثة كقنبلة موقوتة تنتظر انتهاء دقائق محددة حتى تنفجر في وجهيهما.
تقدر تسيب حبيبتك؟ وإن كانت ياعين ساءتك
ولا جابت المعروف الكأس دوبتهولك..وسقتك
ولا رفعت عليك عصاية وقدمها يا ميت ندامة ساءتك
ليلي ليلي يا وعدي..
الحكاية الثانية من ضمن روايات تدور أحداثها في صعيد مصر وهي قصة فلاح يذهب إلى المنيا مع أغنام العمدة في رحلة توصيل تنقلب نهايتها إلى الانتماء إلى الغجر ودخول السجن، بطلها عليوى التي تقوده الرحلة لمقابلة غجرية تبهره في البداية كامرأة ثم بخفتها في تدبير الأمور من حوله.
لكن طبيعتها ونشأتها تجبرها على الشعور بالملل رغم حبها، ينقاد البطل ورائها في مغامرة غير محسوبة.
سوف يطلع القارئ على حياة الغجر، ويصفهم الكاتب على أنهم أناس تعودت على السرقة والنهب والخيانة، دنيتهم مليئة بالإهانة والمطاردة، وكيف أثرت طبيعتهم على عليوي، بعدما كان يعيش في حالهِ ولا يقوى على حتى رفع صوته في من أعلى منه شأنا، ينقلب كل ما تعلمه ويذهب هباء الريح.
الحكاية الثالثة يخرج بطلها جاسر من السجن حديثًا ينظر لعجلة الحياة من حوله مندهشا وكأنه يشاهد لأول مرة سيدات ذات رقبة غليظة تحملن قفف الطحين أعلى رؤوسهم، ونساء حافيات تلتف حول غازية ترقص منبهرين بخفتها وحركاتها.
ينتقل الكاتب في هدوء إلى شبابه حيث عمل في محجر ابو فودة، طويل القامة.. قوى البنية وشكس الطباع.
الدقة المتناهية التي يوصف بها الأمور الكاتب يحيى حقي، تشعر القارئ بأنه شخصية أخرى تتواجد داخل القصة تستمع لصوتها وترى بعينيها، الجزء المشوق الذي تبدأ منه الحكاية تجذب العقل لمعرفة ماذا سوف يصادف سجين خرج لتوه، وما هي حكايته؟
وتتوالى الحكايات في مجموعة دماء وطين، متجددة في شخصياتها وأحداثها الواقعة في بلاد متفرقة من صعيد مصر.
وبالطبع جميعاً شاهدنا روايات عربية تحولت إلي مسلسلات كان من ضمنهم بعض هذه القصص الشهيرة.
ولكن من هو يحيي حقي عازف الكلمات معلومات مهمة عنه وعن كتاباته.
من ضمن روايات تدور أحداثها في صعيد مصر، وموسم الكَبك هي العمل الروائي الأول للكاتب أحمد إبراهيم الشريف حاصل على ماجستير في الأدب والصحافة، يعمل صحفيا بجريدة اليوم السابع.
ويشير عنوان روايته إلى صيد يقع في الليل، تفرش شبكات صياديه على النيل من الشرق للغرب، موجهة لأصطياد سمكات كبيرة ومتوسطة الحجم.
تبدأ الرواية بتقسيم أهل القرية إلى طبقتان، الأولى يخيم العوز والحياة البسيطة الأقرب إلى الشفقة على حالتهم المادية، ولكنهم يولون كرامتهم الاهتمام الأكبر، والثانية هي من تملك الأرض والزرع والحق دائمًا، بوتيرة سريعة ووصف للأحداث كومضات كاشفة عن تقلبات في حياة أبطال الرواية.
تبدأ على خطيئة ترتكب وطفلة تعتقد أن ثمرة بلح قطفت من أشجار حرُمَ الأخذ منها كانت سببًا في قتل امها على يد ابيها.
تنقل الأحداث إلى واقعة قتل أحد السياح الذي لقى مصرعه نتيجة وجوده في مركب أخطأت التوقيت وتواجدت وقت الصيد، لم يحتمل الصيادين رؤية الكَبم يمزق أمام ناظريهم وقوت يومهم يدنس من قبل مركبة سياحية.
تشاجروا مع طاقم السفينة في ثورة داخلية على ما حدث وعلى ما سوف تؤول إليه الأمور إن قررت المركب المضي في طريقها، دوت من بين الصرخات العالية للصيادين أعيرة نارية في الهواء مهددة ومنذرة ماعدا صوت طلقة مكتومة انطلقت لتعلن النهاية قبل أن تبدأ.
«يا عوف الله… يا عوف الله»
من ضمن روايات تدور أحداثها في صعيد مصر وفي مدينة أسيوط، فتاة في الثانية عشر من العمر تدعى “فاطمة” تحولها أمها المسلمة إلى مسيحية بدون علمها، يدق الوشم على ذراعها الصغيرة وتُودَع في الكنيسة بعد أن تقص الأم على الراهبات حكاية لا أساس لها.
عن محاولة أحدهم في سلخ الصليب من على الصغيرة من أجل تبرير التورم الناتج.
السبب الحقيقي هو محاولتها في تهريب ابنتها من براثن زوجها؛ العم المتحرش، ليتدخل قدرها مع أقدار شخصيات هامة، صورت أحداث الرواية حياة الفتيات والراهبات في الكنيسة، بالإضافة إلى وصفا تفصيليا للأمكنة والنفوس لمساعدة القارئ على تخيل ما يدور، حتى غضبة البحر سوف تصل إليك.
أما إذا ساورك الفضول حول معنى عوف الله البعض يقول أنه تحريف لاسم أوفيليا إلهة الماء عند الأغريق.
من ضمن روايات تدور أحداثها في صعيد مصر وهي ثلاثية للكاتب خيري شلبي جاءت في الترتيب الثاني وثانينا الكومي، اللهجة الصعيدية والمفردات المستخدمة تتناثر بكثرة في السرد على لسان بطل الحكاية، سبعة أيام تدور الأحداث عن حياة خرابة الذي يتناول حسن أبو ضب قصته.
حسن الباحث عن الثروة والمتورط في عدة سرقات من أجل جذب المال والجاه المترتب عليه، بسبب زواج أخته من حاكم الجبل وبالتالي حاكم بلدتهم، المتحكم في مجريات الأمور، تدير الدنيا وجهها إليه، لكن لكل قفزة تباعتها.
ضمن روايات تدور أحداثها في صعيد مصر تدور الرواية للكاتب فتحي غانم في الجبل الغربي أمام مدينة الأقصر، مفتش تحقيقات في وزارة المعارف بالقاهرة، لم يتزوج بعد لذا يختار عن دون الجميع لمهمة يجهل أنها تعرضه لخطر الموت
يطلب منه التحقيق في شكوى قدمها “حسين علي” بإسم أهالي قرية الجرنة، الذين يرفضون الانتقال إلى قرية نموذجية بنتها الحكومة في محاولة منها للقضاء على تلك الظاهرة منذ خمسة عشر عاما، وانتشرت في الأخبار قصة تروي واقعة حرق الأهالي القرية
في بداية الرحلة يقابل صديق قديم، وكيل نيابة الأقصر يخبره أن شيئا من هذا لم يسمع عنه، الرواية تتناول حياة سكان يرون في الانتقال فقر مدقع، وتهديد لحياة تعودوا عليها وقناعتهم بأن ما يحدث هو أمر لا يعترف به المسؤولين والمعماريون بوقوع الضرر على الأهالي وحدهم
رواية الجبل تظهر جوانب عديدة في أهل الصعيد ومنها يمدح الكاتب على لسان البطل لهجة المرأة الصعيدية التي تعرف بمط الكلمة والمرونة الناعمة فتخرج منها مختلفة، كما يصف الهدوء المنعكس على مدينة تختلف عن صخب القاهرة، وغيرها من المفارقات العديدة.
نهاية البداية هي التي وصلت إليها الآن، بعد التعرف السريع على روايات تدور أحداثها في صعيد مصر يتضح روح المغامرة والخطر المحدق بحياتهم، والتعمق أكثر يجعلك تكتشف المزيد من الأسرار حولهم.