سنناقش في هذا المقال عدة روايات عربية تحولت إلى مسلسلات و تحويل العمل الأدبي للوسيط المرئي يمثل حلما للعديد من الكُتاب، فهو بذلك يضمن أن يخلد اسمه وسط أكبر قدر من المتابعين، بل و يفتح الأفق أمام قراء جدد لينضموا إلي محبيه و قرائه، فما بالك إذا تحول العمل الروائي إلى مسلسل تلفزيوني، وقت إذ يضاف إلى ذلك تواجد العمل الفني لفترة أطول وسط الناس بل و يرتبطون به عاطفيا بشكل أكبر ويضمن المنتجون من الجانب الآخر تواجد عمل مدر للمال.
بالتأكيد عند تحويل العمل الروائي إلى وسيط آخر مثل التليفزيون أو منصة عرض إلكترونية فإنه يكتسب خصائص أخرى و يصبح وقتها إبداع ملك للقائمين على العمل الدرامي الذي قد يتفق أو يختلف مع العمل الأصلي، ربما تضاف فيه شخصيات و أحداث على حساب حذف أخرى، و هذا ما عبر عنه الأديب العالمي نجيب محفوظ بحديثه المسجل عن تحويل رواياته لأعمال سينمائية “مهمة الأديب تنتهي عند كتابة روايته، والسينما عندما تنهل من الأدب فهي لها وسائلها في التقديم، ولا يمكن أن تترجم الكتاب كما هو ولكن لابد من صبه في قالب سينمائي وهذا يقتضي الحذف وربما الإضافة والسينما لها لغتها الخاصة، ومن يذهب للسينما ليري ما قرأه في الرواية غالبا يخيب مقصده وهذا في كل دول العالم … الواقع ان كل ما يطالب به فيما يخص الرواية أن يحافظ الفيلم علي فكرة الرواية وأشخاصها الرئيسية في الحوادث التي يمكن نقلها للفيلم والتصرف لابد منه لكن لا يجنح للابتذال أو الهبوط ويكفي أن يقدم الفيلم الفائدة والامتاع”.
سنتحدث في خلال هذا المقال عن مسلسلات مقتبسة من روايات عربية.
حظي نجيب محفوظ بنصيب كبير -و أتمنى له الزيادة- في تحويل أعماله إلى مختلف الوسائط المرئية و المسموعة و ذلك لجودتها و أصالة أفكارها مما يجعلها صالحة لكل مكان و زمان.
آخرها مسلسل أفراح القبة و هو مسلسل درامي من إنتاج سنة ٢٠١٦ و إخراج محمد ياسين، بطولة : إياد نصار، منى زكي، جمال سليمان، سوسن بدر، صابرين، رانيا يوسف، صبرى فواز، محمد الشرنوبي، صبا مبارك، و سيناريو محمد أمين راضي و نشوى زايد.
المسلسل مقتبس من رواية تحمل نفس الاسم، تدور إحداثها في السبعينيات حول فريق مسرحية يعمل على مسرحية جديدة بعنوان (أفراح القبة) ليكتشفوا أن أحداثها تدور حول حياتهم الشخصية خلف الكواليس و تظهر فضائح من ماضيهم فيسعون جاهدين لإيقافها،لكن مالك الفريق يُصر على استكمال العمل كنوع من التطهر من ذنوب الماضي.
غلاف الرواية للفنان حلمي التوني الطبعة الصادرة عن دار الشروق.
من أهم المسلسلات المقتبسة من روايات عربية وهو مسلسل درامي مصري من إنتاج سنة ٢٠٠١ من إخراج أحمد صقر، بطولة مجموعة كبيرة من الممثلين منهم : ليلى علوي، عبلة كامل، دلال عبد العزيز، احمد ماهر ، أحمد خليل، محمود الجندي، سوسن بدر، توفيق عبد الحميد، سلوى خطاب، خالد النبوي، منة شلبي، نيللي كريم .
غلاف الرواية للفنان حلمي التوني الطبعة الصادرة عن دار الشروق
أما صاحب أكبر قدر من الإبداع في هذا المسلسل في وجهة نظري فهو السيناريست : محسن زايد، صاحب المعالجة الدرامية و السيناريو و الحوار.
و لنفهم ذلك يجب أن تعرف أن قصة المسلسل تدور حول ثلاثة شخصيات و تتفرع منها أبنائهم و أحفادهم تتناول فيها تاريخ مصر السياسي والاجتماعي من خلال تلك الأجيال المختلفة و صراعاتهم و كيفية تأثير البعد الإنساني بينهم و انعكاس ذلك على مصلحة الوطن، الأديب نجيب محفوظ اتبع في كتابة تلك الرواية نهج إبداعي مختلف حيث قام بكتابة الرواية كأنها سيرة ذاتية لكل شخص في كل فصل، كل فصل يتحدث الشخص عن حياته، ثم الشخص الذي يليه يتحدث عن حياته هو الآخر و عن الأحداث من وجهة نظره هو و التي قد تتقاطع أو تقع في الخلفية من الأحداث التي رواها سابقة، الشخصيات مرتبة أبجديا و عددها ٦٧ شخصية رئيسية بالرواية، السيناريست استطاع من تلك الخطوط المتشابكة لتلك الشخصيات ووجهات نظرها المختلفة لنفس الحدث أن يصنع سيناريو متضافرة أحداثه متشابكة بشكل قوي و بإبداع لا يقل عن النص الأصلي.
الجدير بالذكر:
من روايات نجيب محفوظ الجاري تحويلها حاليا إلى مسلسلات : رواية “كفاح طيبة” في طور إعدادها كمسلسل “الملك” من بطولة الممثل عمرو يوسف ، و الذي يدور حول قصة الملك المصري القديم (أحمس) محرر مصر من قبائل الهكسوس. سيكون من إخراج حسين المنباوى، ويكتب له السيناريو والحوار الإخوة دياب (محمد وخالد وشيرين).
و أيضا يعكف المخرج (تامر محسن) و السيناريست (مريم نعوم) على تحويل خمسة من أعمال الأديب الكبير إلى عمل تلفزيوني واحد بعنوان “القاهرة” و هو يضمن العنوانين التالية :«القاهرة الجديدة»، و«الطريق»، و«ثرثرة فوق النيل»، و«اللص والكلاب»، و«الكرنك».
الرواية من تأليف إحسان عبد القدوس، المسلسل من إخراج محمد شاكر خضير، سيناريو و حوار و رؤية درامية تامر حبيب، بطولة: ميرفت أمين، محمد ممدوح، ريهام عبدالغفور، أمينة خليل، أحمد مالك، جميلة عوض، فتحي عبدالوهاب، مريم الخشت، شيرين رضا و نجوم آخرين.
هو مسلسل اجتماعي مصري أنتج عام ٢٠١٧ ، تدور أحداثه حول أسرة تنتقل لمنزل جديد بعد وفاة الأب بفترة بسيطة ، يستعرض خلالها علاقاتهم و المواقف التي يتعرضون لها وكيفية تفاعلهم مع الأحداث المحيطة بهم.
المسلسل سبق وأن قُدم كفيلم درامي رومانسي عام ١٩٦١ للمخرج صلاح أبو سيف، و السيناريو لـحلمي حليم و لوسيان لامبير، بطولة : شكري سرحان – فاتن حمامة – عماد حمدي – عقيلة راتب – حسن يوسف – نادية لطفي – أحمد رمزي – سميحة أيوب.
كان من الممتع للعديد من المشاهدين المقارنة بين العملين المبنيين على الرواية و إيجاد الفوارق بين الأزمنة التي تدور بها الأحداث و كيف اختلف تعامل البشر في التعامل مع المواقف المتشابهة باختلاف الزمن.
العمل مسلسل تلفزيوني كويتي إجتماعي مبني على رواية تحمل نفس الاسم للكاتب الكويتي الشاب (سعود السنعوسي) إنتاج عام ٢٠١٦ ، من إخراج محمد القفاص، السيناريو لـرامي عبد الرازق، إعادة تحرير ومعالجة لـسعود السنعوسي و إشراف درامي السيناريست الكبير محفوظ عبد الرحمن، بطولة : سعاد عبد الله – وون هو تشونغ – عبد المحسن النمر – شجون الهاجري – فاطمة الصفي – مرام البلوشي – عبد الله البلوشي – فيصل العميري – ريم ارحمة – فرح الصراف.
تدور أحداث المسلسل حول قصة عيسى الطاروف المولود سرا أم فلبينية و أب كويتي، فتضطر الأم العودة لبلدها مانديلا بالفلبين لينشأ عيسى وسط أسرة أمه الفقيرة و يعيش مشتتا بين هويتي أبيه و أمه و ثقافتهم المختلفتين تماما، و في لحظة كا يقرر أن يعود إلى بلد أبيه للبحث عن جذوره و عائلته.
المسلسل مبني على رواية قوية جدا و حائزة على جائزة المان بوكر العربية بنسختها لعام ٢٠١٢ ، حيث تناقش موضوع الهوية في المجتمع العربي بشكل عميق و بدون استفزاز للقراء بل يدفعك لطرح الأسئلة التفكير بعمق و التعاطف مع الشخصيات و فهم دوافع كل منها.
“أدهم بك” هو مسلسل لبناني مستوحى من أجواء رواية (دعاء الكروان) لعميد الأدب العربي (طه حسين) انتاج عام ٢٠١٧ وإخراج زهير قنوع، سيناريو طارق سويد، بطولة يوسف الخال – كريستينا – ريتا حرب – يوسف حداد – رانيا عيسى – ميشال حوراني.
تدور أحداث المسلسل في لبنان أربعينيات القرن الماضي حول رزان التي يتقدم لخطبتها أدهم بيك ، و في نفس الوقت يعجب بها أخوه ، فيما ينظر الأب على زواجه ابنته كصفقة يجب أن يخرج منها بأكبر مكسب مادي دون الاعتبار لأي شئ آخر.
حبكة المسلسل مستوحى من رواية دكتور طه حسين و لكن أحداث المسلسل و الشخصيات و الحقبة التاريخية من خيال السيناريست طارق سويد، فقصة الرواية مختلفة تماما حيث أنها تدور حول عائلة من النساء الأم و ابنتيها اللاتي يضطررن مغادرة قريتهم بعد مقتل الأب نتيجة استهتاره و سعيه وراء شهواته فيهربن من الفضيحة إلى مدينة لا يعرفوها بها أحد ، تقع الابنة الكبرى في حب المهندس (ناظر الري) الذي تعمل عنده فيعتدي عليها و تقتل على يد خالها للتطهر من عارها و تقع تلك الجريمة أمام أختها التي تقرر الانتقام لها و الأخذ بثأرها من ذلك المهندس.
الجدير بالذكر أن الرواية تحولت لفيلم مصري عام ١٩٥٩ إخراج هنري بركات، سيناريو يوسف جوهر و هنري بركات، بطولة : أحمد مظهر – فاتن حمامة – أمينة رزق – زهرة العلا – عبد العليم خطاب – رجاء الجداوي ، و هو فيلم من كلاسيكيات السينما المصرية و نال إشادة من العديد من صناع السينما على مستوى العالم و رشح سنتها للأوسكار كأفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية.
هي حلم راود كل من قرأ سلسلة روايات ماوراء الطبيعة من تأليف دكتور أحمد خالد توفيق، صدر المسلسل عام ٢٠٢٠ على منصة Netflix كأول مسلسل مصري على منصة عرض إلكتروني عالمية، المسلسل من إخراج عمرو سلامة و ماجد الأنصاري، سيناريو عمرو سلامة – عمر خالد – دينا ماهر – محمود عزت، بطولة : أحمد أمين – آية سماحة – رزان الجمال – رشدي الشامي – سماء إبراهيم – كريم الحكيم ، تدور أحداثه في ستينيات القرن الماضي حول أستاذ أمراض الدم دكتور رفعت إسماعيل الذي يواجه الخوارق و الأحداث الغامضة التي تصر على مطاردته و كأنما هو مغناطيس للنحس على حسب وصفه و يعاونه في ذلك زميلته ماجي التي تعرف عليها خلال دراسته باسكتلندا، شخصية البطل في هذا العمل فريدة من نوعها في الدراما العربية فهي أول مرة نرى بطل مصري يحمل كل هذا التناقض من السخرية و الضعف وقوة البديهة و الإنطوائية.
روايات رعب احمد خالد توفيق ، نشأت عليها أجيال كاملة لم تجد تلك النوعية إلا في الروايات الأجنبية المترجمة ذات الثقافات البعيدة عنهم أو روايات دكتور أحمد خالد توفيق والتي تحمل طابع مصري يتسم بالأصالة و التفرد .
ترى في بطلها صديق لها يعاونها في فهم هذا العالم الغامض و يفتخ آفاقها نحو المزيد من المعرفة في وقت كان الحصول فيه على معلومة قد يستغرق أيام بل أسابيع و ذلك قبل توفر الإنترنت و جوجل في يد كل منا.
أتمنى أن يكون العمل بداية لتبني أعمال الراحل دكتور أحمد خالد توفيق دراميا و تقديمها بشكل يليق بالعصر الحالي و باسمه كأديب سبق كثيرين من معاصريه في تقديم ذلك النوع الأدبي المتميز في ثقافتنا العربية.
مسلسل (زودياك) و هو مقتبس من مجموعة قصصية بعنوان ( حظك اليوم )، إنتاج عام ٢٠١٩ إخراج محمود كامل ، و إعداد ورشة سيناريو مكونة من الكتاب : محمد حربي – محمد المعتصم – منة إكرام – محمد هشام عبية – عمر خالد – راوية عبدالله، بطولة : أحمد خالد صالح – أسماء أبو اليزيد – إنجي أبو زيد – محمد مهران – هند عبدالحليم – خالد أنور – مايان السيد – مي الغيطي – ياسمين رحمي .
تدور أحداث المسلسل حول لعنة فرعونية تصيب مجموعة من الشباب تتبع نمط من القتل المتسلسل حيث تقتل من يتعرض لها بطريقة ما تعبر عن برجه الفلكي ، و يحاول الشباب إيقاف تلك اللعنة.
الجدير بالذكر
وحاليا يتم التجهيز رواية (الغرفة ٢٠٧) لدكتور أحمد خالد توفيق أيضا، لتصبح مسلسل يحمل نفس الاسم. تنتمي الرواية إلي أدب الرعب يكتب لها السيناريو تامر إبراهيم.
و أنتم ماذا تفضلون من المسلسلات العربية المبنية على أعمال روائية ؟
تعليقات على "٧ روايات عربية تحولت إلى مسلسلات تليفزيونية"