هناك مقولتان شهيرتان للكاتب الإيطالي إيطالو كالفينو يتحدث فيها عن أسباب وجوب قراءة الأعمال الكلاسيكية، يقول فيها:
“الكتاب الكلاسيكي هو كتاب لا ينتهي أبداً من البوح عما بداخله”
“روايات كلاسيكية عربية هي تلك التي تُحدث تأثيراً خاصاً، فارضة نفسها كشيء لا يمكن أن يٌنسى أبداً”.
نعم، إنها رحلة زمنية في روايات كلاسيكية عربية. تلك التي لابد أن تراودك رغبة ما، كقارئ نهم، على قراءة عمل أدبي واحد منها على الأقل في حياتك. فهي الروايات التي استطاعت بصورة أو بأخرى أن تُلغي الزمن وتصبح لا زمنية، حاضرة في كل زمان وفي أي مكان بنفس قوة حضورها أثناء صدورها.
لم تُخلق لزمنها فتنتهي وتموت، بل جاءت لتُخلد ذاتها و تتداولها الأجيال جيل بعد جيل. ذلك بجانب أفضل الروايات العربية 2020، التي أخذت طابع الروايات الكلاسيكية أيضاً.
ومن أهم ما يميزها كأعمال كلاسيكية أنها حافظت على شعبيتها وجودتها الفنية العالية والخالدة، وبأسلوب كتابة جيد أقرب إلى التقليدية، البعيد عن الابتذال، والملتزم برابط العقل والمنطق في طرحه.
وليست بالضرورة أن تكون قديمة، بل هي التي اتصفت، بالإضافة للأقدمية، بإجادتها على تمثيل الفكرة، وبقدرة عالية على فرض نفسها على الذاكرة، محافظة على وضوح معالمها وملامحها الرصينة. فهذه الأعمال تصل إلى مرجع مقدس للأدب العربي، مشكلة بذلك بنية الأعمال المعاصرة ولبنة البناء الأولى لها، ودليل ومرشد لكل كاتب وقارئ.
من ناحية أخرى ارتباط أفكارها بالمجتمع ولد أهمية ثقافية، فقد اهتمت روايات كلاسيكية عربية بنظام الحياة، وعرضت قضايا المجتمع بكل معالمه. المتمثلة في أشخاص أو في أحداث أو في عادات وتقاليد، مع تسليط الضوء بقوة على العلاقات الإنسانية والنزاعات، والوصول من كل ذلك بغاية أخلاقية هي الهدف الذي كُتبت لأجله الرواية برمتها.
فما إن تقرأ عمل منها حتى تعتريك السكينة وربما الحنين. وتعاود قراءته بعد فترة، كالنافذة التي نُطل بها على زمن رآه الكاتب بعينه، واختصره لنا في بضع صفحات، فتضيف على حياتنا حياة.
ولأنها قد تكون بشكل أو بآخر رحلة زمنية مع روايات كلاسيكية عربية التي توقف عندها الزمن، فإذا كنت لا تعرف ما هي الروايات الكلاسيكية أرجو منكم أن تتأكدوا من أن تشدوا الأحزمة، فنحن بصدد السفر لثمان محطات أدبية هي أفضل ما أنتجه الأدب العربي الكلاسيكي من روايات.
إنها ثلاثية محفوظ، أو ثلاثية القاهرة، أو كما تعرف اختصاراً بـ الثلاثية. هي رواية محفوظ الخالدة، وأهم ما كتبه هذا العبقري.
فقد صُنفت أفضل رواية عربية في تاريخ الأدب العربي على الإطلاق، وحصلت على المركز الأول في قائمة اتحاد الكُتاب العرب لأفضل مائة رواية عربية. وإحدى الأعمال التي جعلت محفوظ ينال على جائزة نوبل للأدب وهي من ضمن معلومات عن نجيب محفوظ كتبت له في التاريخ.
يتكون العمل من سلسلة مكونة من ثلاث روايات، كانت في وقت ما عملاً واحداً بصفحات تعدت الـ 1500 صفحة. فقامت “دار النشر الشروق” بتقسميها إلى ثلاث روايات، وبموافقة الكاتب، تحمل كل واحدة منها اسم مستقل، مع البقاء على الفكرة مترابطة.
صُدرت الأولى عام 1956 حاملة اسم بين القصرين. ثم صُدرت الثانية قصر الشوق في بداية العام 1957. وجاءت الثالثة في أواخر نفس عام صدور الثانية وباسم السكرية.
تحكي الثلاثية عن شخصية السي سيد التي رسم ملامحها محفوظ بكل اتقان، فظهرت لنا باسم السيد أحمد عبد الجواد، والذي يقطن في حي الحسين في القاهرة. وله من الأبناء الذكور ثلاثة، ومن البنات اثنين. وزوجة مغلوب على أمرها تُدعى أمينة.
في هذا العمل تُكشف لنا شخصية المتناقض الذي يرتكب الكبائر ويصلي. المنغلق والمستبد بأهله، والإناث منهن، ولكنه يتتبع شهواته ويرتكب المعاصي. يستعرض الكاتب كل ابن من أبناءه. وسيحكي عن موقف زوجته من سقطاته الأخلاقية.
ملحمة من ثلاثة أعمال هي نبذة عن حياة أسرة تقليدية في ذلك الزمن. سنشهد فيها على مراحل التغيير في حياة السيد وفي حياة كل أبطال الرواية. فتلاحم الأحداث العائلية مع الأحداث التي كان يمر فيها الوطن مطلع القرن العشرين من اضطرابات سياسية،
خلق لنا أيقونة أدبية، وعصارة ثقافية ستتمنى لو تُمحى الذاكرة فتعاود قراءة العمل مرات عديدة لذلك تعد من أفضل روايات كلاسيكية عربية .
من هم الحرافيش؟ إنهم طبقة متدنية، عاشوا في القاهرة في العصر المملوكي. وهم أيضًا محفوظ وأصدقاؤه القاصدون قهوة الفيشاوي للنقاش والتسامر مطلقين على أنفسهم لقب الحرافيش.
أما هنا، في هذا العمل فهم عن عشر قصص، أبطالها من أجيال عائلة تسكن إحدى الحارات المصرية. ففي كل قصة تتجلى شخصية بطل من أبطال الرواية محبوكة بهدف يريد الكاتب إيصاله.
تتناول روايات كلاسيكية عربية في الغالب قضايا عديدة مثل هذه الروابة تناولت القضايا من خلال قصص أصحابها، كفلسفة الحكم والحكام ودور الشعوب في المشهد.
كما تطرقت لقضايا وجودية، وعرضت الأخلاق، وأظهرت مواطن الاعتلال لدى المجتمع المصري والعربي ككل. هي ببساطة تجسيد الحارة المصرية التي أجاد محفوظ، وفي كل أعماله، عرضها بشفافية.
إنها واحدة من روايات كلاسيكية عربية النادرة في إنتاج عبد القدوس، والتي جاءت مختلفة عن كل ما قدمه من أعمال رومانسية بحتة، قد يُصنفها البعض أنها أعمال محصورة لفترة معينة ولجيل الكاتب فقط. حيث جاءت هذه الرواية بنكهة قومية، وتناولت هموم المواطن العربي والمصري الفرد أثناء فترة الاستعمار.
تحكي الأحداث عن مناضل مصري من شباب المقاومة اسمه إبراهيم حمدي، ينتقم لأحد أقاربه فيقوم بقتل رئيس الوزراء الموالي للإنجليز. فيتم القبض على إبراهيم ويتعرض للتعذيب، يدخل على إثره المستشفى فيتمكن من الهرب. يذهب إبراهيم لبيت صديقه ويحتمي بهم لمحاولة إخفاؤه. ثم تتوالى الأحداث المشوقة.
هذه الرواية من روايات كلاسيكية عربية التي تميزت عن باقي أعمال الكاتب لم تخلو من الرومانسية أيضاً، ومن الجو العائلي وتصوير العادات والتقاليد في ذلك الزمن. وقد تحولت إلى فيلم سينمائي في العام 1961.
تعد من أفضل روايات لنجيب محفوظ تحكي روايات كلاسيكية عربية بطريقة خيالية نوعاً ما عن عطار يبيع الأخلاق واحدة تلو الأخرى، فلا يجيد المشتري التعامل معها، وتصبح سلعة ثقيلة على نفسه!!
الأخلاق وأزمة الأخلاق ليست وليدة العصر، بل هي من القضايا الشائكة والمهمة التي تناولها كُتاب كثر ومن بينهم يوسف السباعي في بعض روايات كلاسيكية عربية .
فيروي لنا السباعي من خلال هذا العمل تفاصيل أزمة شوهت ملامح المجتمع، وجعلت مننا مسوخ بشرية منافقة محتالة أنانية ومتصنعة. فمن خلال مجتمع مصر في أواخر الأربعينات والتطرق لمشاكل سياسية قبل حرب فلسطين عام 1948، وما ترتب على كل ذلك من بزوغ مرحلة اللاأخلاقية في الوطن العربي وإبراز مواطن الخلل فيها.
جاءت هذه الأحداث كمثال عن سقوط الأخلاق في كل قطر عربي وليس في بلد ما بعينة.
وعلى الرغم من كونه عمل قديم من روايات كلاسيكية عربية الذي خص مجتمع أغلبه قد رحل. إلا أنه ومع بزوغ فجر التكنولوجيا وعالم التواصل الاجتماعي، عادت أزمة الأخلاق مرة أخرى في الظهور وبقوة. فخطف العمل بذلك استحقاقه ليكون أيقونة خالدة وجب بشكل أو بآخر قراءته.
زوجة محبة للفن والرياضة والسينما. وزوج محب للاطلاع والأدب والقراءة. وشرخ كبير في العلاقة بينهما.
هذه الزوجة البائسة التي لم تجد السعادة مع زوجها، لفقدان حلقة التواصل والتعايش بينهما، تضطر أن تلجئ للاستعانة بـ راهب الفكر، لعله يعلمها الأدب ويحببها في القراءة، فتجد وسيلة تُصلح بها ذلك الشرخ.
من جانب آخر تحتل شخصية راهب الفكر مكانة في الرواية. فمن خلاله حاول توفيق أن يغير الصورة النمطية عن رجل الدين، من خلال صنع شخصية دينية تدعو للفكر والثقافة وتحبب الناس في الاطلاع وزيادة المعرفة.
وهي شخصية نادرة في الأدب العربي وروايات كلاسيكية عربية ولم يتناولها الكثير من الكُتاب في روايات كلاسيكية عربية .
أما عن العنوان فهل المقصود بالرباط المقدس هو علاقة الراهب مع فكره، أم علاقة الزوج بزوجته، أم أنه رباط من نوع آخر؟! هذا ما ستكشف عنه أحداث الرواية.
يصدح صوت طائر الكروان في كل القرية فتسمعه “آمنة” بطلة الرواية، وتجوب الأفكار في رأسها. آمنة التي تتمرد على عادات وتقاليد الصعيد المصري، وتُنفى هي وأسرتها بسبب خطأ ارتكبه والدها الذي عُرف بفساده الأخلاقي.
تتعرض البطلة مع أمها وأختها للصعاب، ويقسو عليهن الزمن والعادات البالية والذكورية المفرطة فتودي بحياتهن ومستقبلهن. ثلاث نساء ركائز الرواية في مجتمع جاهل ريفي، ينظر للمرأة كعورة ويُستباح ظلمها.
اعتبرت رواية عميد الأدب العربي “طه حسين” واحدة من روائع الأدب العربي في روايات كلاسيكية عربية ، وادرجت ضمن أفضل مائة رواية عربية، وتحولت لفيلم سينمائي عام 1959.
إنها رائعة الزيات وأيقونتها الأدبية الأشهر، والتي مر عليها قرابة الستين عاماً، وقد صُنفت ضمن قائمة أفضل مائة رواية عربية.
تتمحور أحداث الرواية حول ليلى الفتاة الاستثنائية التي تتصف بالذكاء والحيوية في مجتمع تقليدي يستهجن أفعال النساء كيفما كانت. ليلى لم تستسلم، وانخرطت في الحركة الوطنية لتحرير بلادها خلال فترة الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي. فنعيش معها مخاوفها وأحلامها وتفاصيل حياتها لفكر امرأة تواجه فكر مجتمع كامل.
في هذا العمل يتجلى لنا بوضوح فكر أنشأه المويلحي، وطورها توفيق الحكيم ونجيب محفوظ، وتبنته لطيفة الزيات، حيث أخرجت المرأة من الهامشية في الكتابة والأدب، وسلطت الضوء عليها وجعلتها تتربع على المشهد. وفتحت الأبواب أمام المرأة ليراها المجتمع بوضوح وليس من منظار ضيق.
تحولت الرواية إلى فيلم سينمائي عام 1963، وتُرجمت إلى الإنجليزية.
“رائع أن يعيش الإنسان حياة أخرى.. الأروع أن يعيش حياته”.
كيف يا ترى ستكون الحياة في بلد على مشارف حرب أهلية حقيقية، وكيف ستكون أحلام شبابها، وطموحات طبقاتها المجتمعية المختلفة؟!
تأخذنا المحطة الاخيرة هذه المرة إلى لبنان، وموضع البلد من الحرب الأهلية التي حدثت بالفعل نهاية ستينيات القرن الماضي. فيتبنى جيل ناشئ مختلف ومتنوع في الدين والمذاهب منحى إصلاحي بهدف التغيير، إلا أن محاولاتهم يهددها الفشل والقمع.
يختصر عواد في هذا العمل فترة حرجة في تاريخ البلد، فيعرض العقيدة والسياسة والحياة الاجتماعية في تلك الفترة. ويتطرق لأوجه الفساد والمستوى المعيشي وصعود الطبقة البرجوازية وأحداث مفصلية مهمة.
حصلت الرواية على المرتبة التاسعة والعشرين في قائمة أفضل مائة رواية عربية في تاريخ الأدب العربي حسب تصنيف اتحاد الكتاب العرب الخاص بـ روايات كلاسيكية عربية.
تعرف أيضاً علي 10 أفضل مقالات أحمد خالد توفيق : العراب