روايات كورية مترجمة إلى اللغة العربية شيئاً فشيئاً تأخذ مكانتها بين صفوف الأدب الآسيوي المترجم، بازدياد عدد الأعمال المترجمة وجهود معهد ترجمة الأدب الكوري، وربما إن أردت التعرف على تاريخ كوريا وعلى شعبها عليك تجربة قراءة روايات كورية التي فاجأتني بزخم المعلومات وعادت بي إلى ماضي لم أولد فيه.
لذا شعرت بأنني جزء منه، كما أن الماضي هو انعكاس للمستقبل، ومن منا يغفل عن تطور كوريا الجنوبية وصعودها إلى القمة بحجز مكانتها في أوائل الصفوف الفنية والأدبية حالياً، لذا دعونا نعرض لكم الآن قائمة تضم 10 من أشهر روايات كورية واسماء روايات جميلة للقراءة، وهي كالتالي:
“انك تعتبرين أمك أماً فقط وأنها ولدت لتصبح أماً وحسب، ولم يتبادر إلى ذهنك قط أنها إنسان يضمر المشاعر”
من ضمن روايات كورية معروفة وهي أم تقدم بها العمر تتبع زوجها في طريقهم إلى ركوب مترو الأنفاق من محطة العاصمة سول، يتفاجأ الزوج بعدم تتبع زوجته خطواته واختفائها، ليبدأ البحث في الخارج عن الأم المفقودة منذ ساعات قليلة ثم تتحول إلى أيام، ورحلة البحث في الداخل عن أم أضاعها ابنائها من قلوبهم منذ عدة سنوات.
هذه الرواية من أفضل روايات كورية، فهي تناشد المشاعر الداخلية التي يطمسها الأبناء داخل أعماقهم دون إعطائها أهمية تذكر، تأخذهم الحياة ومشاغلها ومشاكلها المتتالية مبتعدين عن الأم التي ضحت بشبابها وأحلامها من أجل أبنائها.
ابنة تعتقد أن أمها مثل الجبال التي لا يهزها شئ، وُجدت في الحياة لتلبية طلباتهم وإملاء الأوامر عليها هي واخوتها.
لم تنتبه إلى تفاصيل أول امرأة في حياتها وعن ماذا ترغب في أعماقها اكتفت بسماع الكلمات الواضحة للجميع وصمت مشاعرها عن محاولة فهم ما تود أو كيف لأمها أنها كانت تتألم دون إبداء تذمر واضح كل تلك السنين.
روايات كورية ربما قارئها إذا منحها فرصة وتعمق في فهم سرد المشاعر التي ألقت الكاتبة الضوء عليها، وجد حوله العديد من القصص المتشابهة، أو أنقذته من ارتكاب خطأ مشابه في حق الأقربين منه.
فازت الرواية من ضمن روايات كورية بجائزة مان بوكر الآسيوية الأدبية عام ٢٠٠٧، بالإضافة إلى العديد من الجوائز الأخرى، وتمت ترجمته إلى عدة لغات منها اللغة العربية.
“إن تاريخ الإنسان لهو شئ يشبه ذلك الشعير. حتى إن لم يتمكن أن ينغرس في التربة لينتج الأزهار فما المشكلة؟ ألن يُطحن ثم يصير خبزًا؟”
في رواية الشعير من ضمن روايات كورية والكثير من الأفكار التي تجعلك تنتبه لها مع مناقشة دراسة الشرق للعلوم الأوروبية، ونظرتهم لتلك البلاد والعكس صحيح أيضًا.
يتحدث المؤلف على لسان أحد الشخصيات قائلًا أن الأوروبيين لديهم قناعة واحدة عن التاريخ وتتمثل تلك الأفكار في أن من يحتل المقدمة هم الشعوب الأوربية، أما من يتوسط ذلك فهم كل الشعوب الآسيوية، والذين يلهثون وراء كل هؤلاء هم الشعوب الهمجية!
رواية تناقش التاريخ والفلسفة، تحتوي على شخوص وقصص عميقة في طرحها لملابسات تستدعي التفكير، هي في الظاهر عن تشوي موكيونج فتاة كورية تتعرض للخذلان من حبيبها وأمها، لتقرر وضع كل طاقتها في عملها بالإشراف على بناية سكنية تجعلها تقابل زائر غريب الأطوار.
فيدفعون القارئ إلى التساؤل والتفكير في كل مرحلة تنتقل إليها الأحداث.
“كلما زادت تلك العزلة جموحًا، زادت الذكريات التي أحاول نسيانها وضوحًا، وزاد وزنها ثقلاً، وهكذا اكتشفت أن المكان الذي فررت إليه ليس مدينة على الجانب الآخر من العالم كما ظننت – وتمنيت – بل إنه مكان يجبرني على النظر أكثر في داخلي الذي أحاول تجنبه”
كتاب يكسوه اللون الأبيض بداية من الغلاف حتى أعماق الكلمات التي انتقيت بعناية، (بَابٌ، القِمَاطُ، ثَوبُ طِفل وليدٍ، مدينةٌ بيضاءُ، أجنِحَةٌ، كَلَبٌ أبيضُ)، مع وقع عينيك على تلك الكلمات، ما عساه أن يكون الرابط بينهما، وما القصص التي تكمن وراء افتتاحيات فرعية، تفضي لحقيقة رئيسية؟
أول موجة صقيع تضرب كوريا في فصل شتاء ما، وُلدت للبطلة أخت توفيت بعد ساعتين فقط من ولادتها، ألم المخاض أصاب ولادتها التي كانت بمفردها حينها أبكر مما توقع الجميع بشهرين.
بدأ كل شيء سريع تمنت ألا تفارقها صغيرتها المولودة للتو، ولكنها رغم محاولتها تسللت برودة إلى جسم الصغيرة الملتصقة بأمها دلت على مفارقتها الحياة للأبد.
ظل ألم فراق أختها الكبرى الذي سمعت عنه ولم تشهده يحاصر أفكارها وجعلها تشعر بألم فراق طفلة بريئة حياتها خالية من حياة حقيقة استمرت ساعتين فقط.
لذا هل من الممكن أن تظل ذكرى عالقة بفراق عزيز تطاردنا كما يحدث وسوف يحدث مع البطلة، وكيف من الممكن أن تتفاقم الأحداث وتتطور لتأخذ منحى غير اعتيادي؟
“زحف ماء المطر البارد إلى داخل ياقة ردائك، وبلَّل سترتك التحتية، وهو ينسلّ إلى الأسفل فوق ظهرك. دموعُ الأرواح باردةٌ إذًا”
تتشابه الدول إذا ما بحثت عن تاريخها؛ سوف تعثر على انتفاضة بشرية تعمقت داخل جسد واحد بلا هوية محددة؛ هم جميعًا يرغبون في مطلب واحد، أما عن المقابل؟ كانت أرواحهم أو قلب رفيق أو روح حامل الدماء ذاتها انتزعت من شجرتهم العائلية دون رحمة.
رواية أفعال بشرية كاتبتها – هان كانغ – طفلة ترعرعت في غوانغجو، شهدت ذكرى تمخضت بالظلم، والاضطهاد، استبداد، الكثير من الدماء البريئة، بين كل تلك الكلمات وقف سكان المدينة يساندون بعضهم البعض.
في انتفاضة غوانغجو هرعت الأمهات تطهو بكل قوتها العديد من الوجبات لتعيين الانتفاضة الاستثنائية، بينما سائقو السيارات وهبوها من أجل خدمة الثائرين، آخرين تبرعوا بدمائهم، يحاولون جميعاً إنقاذ ما يمكن من عزيمة تمت محاصرتها وتكميمها.
تحولات نفسية وتصرفات صدرت من أشخاص داخل روايات كورية مثلوا الواقع قديماً، خرجت بصورة فطرية غير منظمة جاء الرد عليها من أشخاص آخرين منظمة بعد دراستها ليرى القارئ كيف تقود الأفعال البشرية إلى إشعال حربًا.
“إذا أضمرت المرأة حقدًا على رجل فإن الحقد يمطر ثلجًا في الصيف”
أسطورة كورية ومن ضمن روايات كورية تدور في عصر الملك سوك جونغ من سلالة جوسون، تنتمي إلى جنس الحكاية الشعبية، يأتي في مقدمتها كيفية تشكل الشخصية الكورية مع حفاظها على أهم السمات الأخلاقية التي جعلتها تصمد في الماضي وتتطور مع مرور الزمن ( الصبر، الشجاعة، الوفاء).
مما جعلها مصدر ملهم للعديد من الأعمال التلفزيونية، أما عن الأبرز هو اختيارها كأول قصة تم تصويرها فنيًا مع بداية السينما الكورية سنة ١٩٥٥، والجدير بالذكر هو تخليد تلك الأسطورة على الواقع.
فقد أُطلق على مدينة نام وون اسم “مدينة الحب” لأنها الشاهد على قصة حب بين فتاة من الطبقة الدنيا تدعى تشونج هيانج، تقع في حب شاب ارستقراطي يُدعى دُو ريونج لي.
فما هي الصراعات التي واجهتهم آنذاك؟ هل اتسم حبهما بالوفاء والنهاية السعيدة لكليهما أم حدث العكس وأصبحت ذكرى حزينة أخرى في قصص الحب الخالدة؟
من ضمن روايات كورية تحتوي على ثمانية قصص قصيرة، 8 بطلات تختلف حياتهم في مسارها لكنهن يلتقين في نقطة واحدة وهي المعاناة جراء الأوضاع العصيبة التي تشهدها البلاد بعد انفصالها وتقسيمها إلى كوريا الجنوبية وكوريا الشمالية وما ترتب عليه من تهجير العائلات بشكل مأساوي.
بالإضافة إلى الدخان الذي تركته نار الحكم بنظام الرأسمالية، وماذا عن زحف التحضر والمواكبة وآثارها على الأجيال الشابة؟
البطلات الثمانية يقع عليهن جميعاً ظلم جعل منهن أرواح هشة أو تحمل بقايا من المقاومة، في قصص مثمرة بالحقائق واللحظات الإنسانية.
من ضمن روايات كورية تحكي عن تتابع الأجيال الكورية تحت الاستعمار الياباني الذي دام لمدة ٣٥ عاماً من ١٩١٠ حتى عام ١٩٤٥، وكان له أصول ممتدة قبل تلك السنوات.
بالإضافة إلى تذوق الظلم المضاعف عند العيش تحت سقف المحتل في بلاده، أظهرت باتشينكو مدى عنصرية اليابانيين ومدى معاملتهم المتدنية للكوريين واعتبارهم أنهم أقل منهم في المستوى العقلي والجسدي وحتى الجمالي.
وتعرضهم إلى عنصرية فجة جعلتهم يشعرون بالخزي من أصولهم، على أنه أظهر معدن الشعب الكوري الذي كان يدافع عن شرفه وأرضه بكل ما أوتي من قوة حينها، وكيف يصمد الحب الطاهر والكبرياء أمام كل تلك التبعات والصدمات والأسرار التي تمتلئ بها.
كل ذلك سوف يعاصره القارئ في روايات كورية بعمق مع شابة منحت قلبها لرجل اكتشفت أنه لم يكن لها وحدها، وشخص يعاني من إعاقة يكافح ليحيا حياة كريمة.
“في رأسها دار أن الملح هو ما يمنح الطعم لأي نوع من الطعام، فمهما كان الأكل جيدًا، فسيكون بلا طعم لو كان بدون ملح”
رواية عن معاناة امرأة وقت الاحتلال الياباني لكوريا من ضمن روايات كورية، أم بونغ يووم يقتل زوجها وتعاني أسرتها من سيطرة الإقطاع والعصابات والشيوعيين.
تعاني نفسياً وجسدياً وهي تراقب أوضاع عائلتها تنحدر إلى الأسفل يوماً بعد يوم، تحاول المقاومة والبحث عن مفقود في رحلة مأساوية تشهد فيها على قسوة العالم وحقيقة ظلت غائبة عنها.
لم تنته قائمة أفضل روايات كورية المميزة، رواية – سأكون هناك – واحدة من أحدث الروايات الكورية المترجمة، القصة تتناول حياة شباب تصادموا مع فترة من أسوأ الفترات التي عاشتها كوريا والتي لم ترغب الكاتبة في توضيحها بالتواريخ غير أنها تدور في فترة بين الثمانينات وأوائل التسعينات.
ورغم مشاعر الحب فهي دُفنت تحت وطأة جروح عانت من مرارة الألم، شغل وجدان الشباب حينها التحرر من الدكتاتورية وفي سبيل ذلك تكشفت حقائق ومسائل نفسية ووقع الكثير من الضحايا.
“إذا كانت البلاد موجودة، يجب أن تقوم بدورها الطبيعي في خدمة المواطنين. حينئذ يمكن أن يصدقوا بلادهم ويعتمدون عليها”
من ضمن روايات كورية وتنتمي هذه القصص إلى السرد الواقعي من خلال تسليط الضوء على حياة الفقراء في الريف الكوري بالنصف الأول من القرن العشرين.
القصة الأولى من ضمن قصص مؤثرة الهروب تحكي عن معاناة أسرة شديدة الفقر، ويظهر الكاتب طريقة تفكير مثل تلك الحالات التي تعاني من القلة والندرة في كل شيء حولها.
مكافحة الإنسان وشعوره بالظلم وقلة الرزق مهما حاول بشدة، تجعلك تفكر في الآخرين، وربما إظهار التعاطف مع من يعيشون حولك بنفس تلك الظروف المعيشية.
القصة الثانية موت جدتي تحكي عن عائلة شغلتها الحياة سعيًا وراء لقمة العيش، يركضون جميعاً لعدم توفر ثروة تجعلهم يستريحون لبعض الوقت أو التقاط أنفاسهم والجلوس جوار جدتهم مدة كافية كما كانت تتمنى حتى مع عددهم الكبير، فهم حاضرون غائبون، فماذا سوف يحدث عندما يجتمعون سويًا تحت سقف واحد؟
القصة الثالثة قصة عن حقل الأرز من ضمن روايات كورية والتي تصف واقع الفلاحين الكوريين بعد استقلال كوريا والذي تبعه ترك اليابانيين لكل شيء وقرار الدولة في كيفية الحصول على كل الأراضي التي خلفها اليابانيون من ورائهم؟
ختاماً، يمكننا القول أن أغلب ما عرفنا من روايات كورية والأدب الكوري مليء بالأسرار التي يسهل العثور عليها في الروايات الكورية، ولقد تأثرت شخصياً بالعديد منها وشعرت كأني أحيا في تلك الفترات أو أسحب مقعداً وأجلس مصغية فيما يتشاورون بينهم حول بعض الأمور الفلسفية أو القضايا المحورية.
هناك أحيانا لم أكتفِ من القراءة بل بحثت عن بعض المعلومات وناقشت إحداها مع أحد المقربين، وكأنني لا أريد لبعض حكايات وروايات كورية أن تختفي بمجرد قراءتها، أو كأنني أحاول مناقشة الكتاب بطريقة أخرى مع الكُتاب، لذا قراءة الأدب الكوري هي فرصة حقيقية ومختلفة كلياً.