روايات مشوقة من منا لا يعشق قرائتها، نقرأ الروايات لأسباب كثيرة، ويبقى واحد من أهم الأسباب عنصر التشويق، الذي يعتبر أهم عامل جذب للقراء، فإن عانيت من المزاج السيء، أو فقدان الشغف والحماس، فإنك بالطبع تحتاج لقراءة روايات مشوقة تخرجك من تلك الحالة التي تشبه ال BLOCK.
بشكل عام الروايات المشوقة تشترك في أنها تلح عليك لتنهيها وتغضب لإنتهائها، تشعرك بالنشوة وأن بالحياة طرق وممرات تخرجنا من أحزاننا دونما بذل أي جهد، ومع هذا يضع كل منا مواصفات مختلفة لروايته المشوقة تبعا لذائقته.
البعض يرى الرواية المشوقة خفيفة بسيطة ممتعة، شخصيا أعتبر شوقي للرواية وإرغامها لي على إنهائها أهم عناصر التشويق داخل روايات مشوقة أعجب بها الكثير، لكن عنصر الدهشة يبقى الأهم، الأفكار الجديدة العميقة، نحت الشخصيات بطريقة نفسية عميقة، الدخول في مناقشات إنسانية وفلسفية ووجودية، أكره كل فن مباشر.
أبحث عن التناقضات المفارقات المنطقية في اللا منطق، حبا في الحياة والفن والأدب والروايات سنرشح لك اليوم مجموعة من روايات مشوقة محاولين تغطية شتى الأذواق، واسماء روايات جميلة للقراءة لن تمل عند قرائتها.
صدرت بالعام 2012 رائعة الكاتب أحمد مراد، وتعتبر أكثر الروايات إثارة وتشويق بالعصر الحديث، لدرجة تحولها لفيلم، تمخض عنه جزء ثاني حقق أعلى مبيعات بتاريخ السينما، عنصر التشويق والإبهار عنصر أساسي، مع بداية الجزء الأول أعتمدت تيمة جريمة القتل وربط المرض النفسي بالحادث.
تستمر رحلة البحث بالأحلام والكوابيس، بين الماضي والحاضر، السحر والفيل الازرق والكلب الأسود، الصور الذهنية والأصوات والصرخات وتاجر البغال، الوشم الذي يضفر الجسم، فنتتبعه ونصل معه إلى قصص لا تصدق ونصدقها بشدة، تروق لك شخصة الدكتور يحيى راشد، وما يكتنفه من غموض.
الدكتور النفسي العاطل المكتئب، الذي يعيش تحت تأثير تروما أصابته، أثر حادث مروع فقد فيه أسرته، وتركته بالندم والذنب والعجز، تحب رومانسيته مع لبنى، يرى البعض أن عناصر التشويق والإبهار الكبيرة مقتبسة من أفلام أجنبية.
والحقيقة بمجرد قرأتك للرواية ستكتشف أن عنصر التشويق الحقيقي نابع من أسلوب أحمد مراد في السرد، وليس في الفكرة، لذا هي من ضمن روايات مشوقة ومميزة لكاتب لديه قدرة غريبة تجعلك متصل به دائما، لذلك فأنا على يقين أن أفضل رواياته لم تكتب بعد.
صدرت بالعام 2008 رواية حولها كثيرا من الجدل، للكاتب يوسف زيدان وأعتبرها أعظم أعماله، البعض يراها من أعظم ما كتب، وعلى مجموعات القراء نجد من يقول أنها لم تروق له ويصفها بالثقيلة أو الغريبة، وأخرين من الشباب صغار السن يخشون من قرائتها خوفا من أن تسبب لهم حالة من الشوشرة الفكرية.
هراء فكري يرى أن الرواية تخص الأخوة المسيحين، الحقيقة أن الرواية تاريخية من خلال قصة حياة راهب توضح تحول الإمبراطورية الرومانية من الوثنية إلى المسيحية، شغلتني قصة الراهب التي ورد ذكر قصة مثيلة لها بالتراث الإسلامي، رجل عاش زاهدا ناسكا سبعين عاما ثم ضعف ومكث أسبوع مع باغية.
أحب أن أعرف عن تاريخ التحول من الوثنية للمسيحية، وأحب الشكل الروائي الذي يوضح التفاصيل الصغيرة، دهشتني حادثة مقتل والده على يد أخواله لأسباب دينية، لاحظت تمسك بعض المصريين بالجنوب بالمعابد الفرعونية ورفض المسيحية.
بينما الوثنين من أهل الإسكندرية يميلون للآله اليونانية كالبحر مثلا، لاحظت حديث الباغية الوثنية عن المسيحيين وكراهيتها لهم، وشعورها أنهم غلاظ ضالين، بينما هم منفتحين محبين للعلم والكتب والعلماء.
شعرت أنه لا جديد تحت الشمس وأن فترات التحول الديني متشابهة، موقف الوثنيين من المسيحيين يذكرني بموقف اليمين الغربي المتطرف من الإسلام، أتابع بشغف ماذا سيفعل الراهب مع عزازيل، وهل سيخضع لغوايته؟، وكيف ستكون التوبة؟.
بهذا العصر يوجد عالمات يجتمع حولهم الخلق لتحصيل العلم؟، أفكر في نجع حمادي والقدس والأسكندرية، الكتاب رحلة وهي واحدة من أمتع الرحلات، داخل أكثر روايات مشوقة لن تستطيع أن تترك الكتب عند قراءتها.
صدرت بالعام 2012رواية خولة حمدي التي وقع في غرامها الشباب الصغار، وبدأوا حبهم للقراءة معها، شوقهم لها عنوانها الذي يخبرك أن ثمة قصة حب كبيرة ستقع بين مسلم ويهودية، ولأن الكاتبة تونسية توقع الجميع سهولة وقوع الحدث، نسمع بمصر عن وجود اليهود كجزء من النسيج الشعبي.
لكننا لم نعاين هذا الوضع ونظن أن بتونس يعيش اليهود إلى جوار المسلمين، لتبهرنا خولة بأن الأمر تخطى ذلك بكثير فتدخل بك إلى عالم السياسة وتنقل الأحداث إلى لبنان، فتظهر عائلات مختلطة تجمع بين المسلمين والمسيحيين واليهود، تعرج بنا للحديث عن الدين الإسلامي، لتجعل بطلها سبب إسلام حبيبته.
تظهر تلك الأحداث بالغة الأهمية والخطورة في قالب رومانسي، ورغم طول الرواية وعدد صفحاتها المتجاوز 700 صفحة لم يملوا منها وينصرفوا عنها، فعنصر التشويق حاضر بقوة، لذا تعتبر من ضمن روايات مشوقة وأصبحت الرواية بداية قصة حب وقعها الجمهور مع الكاتبة لتأتي سلسلة من الروايات على نفس المنهج.
صدرت بالعام 2007 واحدة من أجمل روايات علاء الأسواني، رغم تحفظي على الكتابة الجريئة جدا، لم استطع إغفال إعجابي الشديد بالرواية، أبطال كثر الرابط بينهم مدينة شيكاغو، بعضهم أمريكان بيض وسود، متعصبين و متفتحين، وأخرين من أصول مصرية حاصلين على الجنسية.
القصة التي تابعتها باهتمام شديد قصة شيماء الطالبة المبتعثة القادمة من الطبقة المتوسطة المصرية إلى المجتمع الأمريكي، تفاصيلها تذكرني بشخصيات قابلتها بحياتي، محجبة ملتزمة بالثالثة والثلاثين من عمرها لم تتزوج، في البداية تعاني من صعوبة الدراسة واللغة والمجتمع لدرجة التفكير بالعودة.
هي أزمات فعلا تواجه الكثير من المبتعثين، تتعرض لحالة من مراجعة أفكارها، وبالفعل تتنازل ولكنها لا ترى نهاية للتنازل إلا الزواج، اختيار الكاتب لاسمها، حبها لكاظم الساهر، وصفه لها بأنه عندما اقترب منها حبيبها شم منها رائحة النظافة!، وكون قصتها المفضلة بالنسبة لي.
لا ينفي إعجابي بباقي القصص وشوقي لنهايتها فهي من ضمن روايات جميلة للقراءة، ورغم رفضي لأغلب ما جاء بها من أفكار، وكراهيتي لنهاية شيماء، لا أنكر أبدا إعجابي الشديد بالرواية الممتعة الدسمة، فهي من ضمن روايات مشوقة قليلة أعجبت بها كثيراً.
صدرت بالعام 1848، انسب أيام قراءة تلك الرواية زمن الكورونا، إنها الرواية الفرنسية رائعة دوماس، شخصيا شببت على أفلام الأبيض والأسود، تحكي لنا قصة غانية نكتشف أنها ضحية، وتنتهي القصة بسُعلها بقوة ثم وفاتها، كنت صغيرة أتساءل هل السعال قاتل. لماذا يموتون بريعان الشباب بالسعال أو الأنفلونزا.
حتى أجابتني الكورونا، في بوقتهم انتشرت الأوبئة وكتبوا الروايات التي تخلدها بشكل غير مباشر، ولم أفهمها إلا عندما عشنا ما عاشوه، تساءلت عن تكرار القصة بأفلام كثيرة، حتى قرأت رواية غادة الكاميليا وعرفت أنها مصدر إلهام واسع لكثير من صناع السينما.
أحببت تلك الرواية بشدة، وصفه المختلف للغاية، فهي لا ترتدي إلا الملابس المحتشمة، البالطو الأسود الطويل، تتأنق كأميرة ، سيدة مجتمع راقي محتشمة، لا تبتذل، لا تقف تصطاد الزبائن بالشارع أسفل أعمدة الإنارة، بل يأتي الزبون ساعيا إليها، لذا هي من ضمن روايات مشوقة لن تمل من قرائتها.
أثرتني عبارة الراهب بأخر الرواية
عاشت غانية وماتت قديسة
فهي واحدة من أكثر ما عرف من رويات مشوقة ستنبهر بها عند قرائتها.
كتبها الرائع يوسف أدريس لتصبح واحدة من الكنوز الأدبية، نشرت سنة 1959، تجد القرية بطبيعتها ومشكلاتها، يلقي الضوء على معاناة عمال الترحيلة، الفئة المهمشة، والنساء والأطفال منهم هم الأشد بؤسا، يتعرض للمرأة وما تحتمل، تعول أسرتها حتى لا يموتوا جوعا، فتدهسها عجلات الحياة.
مربك هو وكذلك بطلته عزيزة، تمنيت لو أنه قال أنها اغتصبت رغم مقاومتها، ولكنه قال أنها استسلمت لضعفها ولشيء في نفسها، (الشيطان سكتني) مقولتها التي تثبت عليها الحرام، أراد لنا أدريس أن نرى الحرام الأكبر الظلم الذي وقع عليها.
لعله هنا متأثرا بـ روايات مشوقة بالأدب الروسي الذي يظهر الشيطان متعاطفا مع معاناة الإنسان، بينما يقف الراهب يعظ، فنتسأل هل الفضيلة حكر على الأغنياء، رفاهية لا يملكها الفقراء، فيتدارك إدريس الأمر بشخصية ليندا المتيسرة التي تتقاطع قصتها مع قصة عزيزة، وتسقط هي الأخرى في الحرام لأسباب مختلفة.
تحولت الرواية لواحدة من ضمن روايات مشوقة طرحت في السينما جسدت شخصية عزيزة السيدة فاتن حمامة، وتعد الرواية أيضاً من ضمن روايات إجتماعية كثيرة للكاتب والروائي يوسف إدريس والتي تعتبر من أهم ما عرف من روايات مشوقة له و بصمة واضحة في حياته الأدبية.
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.
اعتقد أن هذه القائمة قد تكمل الروايات المذكورة هنا
https://www.dagakottob.com/2021/09/Interesting-fantasy-novel.html