سلاطين الدولة العثمانية من حكموا العالم على مدار ستة قرون (والتي امتدت من الأناضول شرقًا إلى المغرب العربي غربًا، وحتى الحجاز جنوبًا) عدد من السلاطين بلغ عددهم الـ 36 سلطانًا.
وقد ساهم أغلبهم في توسيع تلك الإمبراطورية واحتلال الأراضي المحيطة بها، كما ساهم أشهرهم في سن القوانين، وخلق التشريعات، وتقديم نموذج معماري مميز.
وتعود تسمية العثمانيين بذلك الاسم إلى عثمان بن أرطغرل، والذي كان حليفًا للأمير علاء الدين كيقُباد أحد الأمراء السلاجقة، وكان عثمان أحد كبار قبائل الترك؛ فالترك في الأساس لم يكونوا سوى قبائل رعوية، مُتناحرة مُتضاربة فيما بينها، وقد قضى أبوه دهرًا يؤلف بينها، ثم سعى هو بدوره أقصد عثمان لإنشاء دولة لهم.
فما إن سقطت دولة علاء الدين على يد التتار، حتى بايع الناس عثمان على الطاعة، وبدأ في التوسع من إمارة سكود إلى الغرب ناحية الأناضول، لتشتعل المواجهات مع الدولة البيزنطية، على شكل هجرات قبلية مُسلحة، انتهت بسقوط القسطنطينية في آخر الأمر.
وفي ذلك المقال سنعرض لكم 9 من أشهر أباطرة و سلاطين الدولة العثمانية.
أهم سلاطين الدولة العثمانية وهو ابن مراد الثاني، ويُعتبر المؤسس الفعلي للإمبراطورية، وقد حكم مرتين؛ الأولى حين تنازل والده عن العرش له وهو ما يزال ابن الاثني عشر عامًا، ثم أجبر العثمانيون مراد الثاني على العودة إلى الحكم.
أما المرة الثانية بعد وفاة والده، حين حكم البلاد، وبدأ في عملياته التوسعية ضد البيزنطيين، وقد دخل في العديد من الحروب معهم، انتهت بفتحه القسطنطينية عام 1453م.
ويُعد ذلك العام نهاية العصور الوسطى عند الباحثين الأوروبيين، وبعد دخوله القسطنطينية حوّل كنيستها إلى مسجد آيا صوفيا، كما قام بتغيير اسم القسطنطينية إلى إسلامابول، وحُرف الاسم – فيما بعد – إلى إسطنبول.
وقد اتسم محمد الثاني أو الفاتح – كما يسميه البعض – بالذكاء والفطنة، كما أن عصره يُعد من أزهى العصور التي مرت على تاريخ بني عثمان، وبسبب توسعاته التي وصلت إلى ضم البوسنة وبلاد المورة وتوحيد الأناضول كلها واتخاذها مركزًا للعثمانيين، لقّبه الأوروبيون بـأبي الفتوحات.
وكان يُتقن الفارسية والتركية والعربية واليونانية، ومطلعًا على الأدب والشعر والتاريخ وعلم الفلك والفقه.
أحد أهم سلاطين الدولة العثمانية لُقب بالغازي، مثل أسلافه، لقبه الإنجليز بسليم العابس، ولقب نفسه بخادم الحرمين الشريفين، خاصة بعد احتلاله لمصر، وارتكابه أبشع المجازر فيها، وإرساله حملات تأديبية لدولة الصفويين تحت دعاية مُحاربة الشيعة الصفوية، كما أنه احتل جورجيا وأجبر أهلها على الإسلام، فكان عهده عهد غُشم وكِبرٍ.
وُلد عام 1494م، يُعد من أفضل سلاطين الدولة العثمانية، إن لم يكن أفضلهم على الإطلاق، فقد شهدت السلطنة في عصره نهضة علمية وقانونية ومعمارية؛ فقد قام بترميم سور القدس، وخصص جزءًا منه لليهود حتى يتمكنوا من ممارسة عباداتهم فيه، وأنشأ مسجد السليمانية.
والذي يُعد من أفضل الفنون المعمارية العثمانية على الإطلاق، والشاهدة على نبوغه المعماري، كما تفنن في دراسة التاريخ والطب والفلسفة.
وفي عهده وُضع أول دستور عثماني، تضّمن نصوصًا وقوانينًا تُنظم الدولة، ولذلك سُمي بالقانوني، كما أنه استطاع احتلال بلاد شمال إفريقيا كلها وضمها لحكمه، وإبرام المعاهدات مع فرنسا والنمسا، خاصة بعدما فشل في غزو الأخيرة.
كان أطول السلاطين حُكمًا، توفي في عام 1566م.
لا يُعد من أهم سلاطين الدولة العثمانية لعمل أو إنجاز قام به، لكن، لأن الفترة التي حكم فيها شهدت بشارات ضعف الدولة العثمانية، وتتضاءل أموالها، والثورات المشتعلة في أرجائها، تحديدًا في البلقان، فكانت بداية الانحطاط الأكيد.
كان مُحبًا للشعر والشعراء وتقيًا ورعًا، ومُتقربًا للعلماء، إلا أنه كان ضعيف السيطرة على دولته.
تكمن أهميته في أنه حاول إنقاذ الدولة العثمانية من الضعف والخزي اللذين دبّا فيها، فقد قام بمذبحة جماعية لجند الإنكشارية الموجودين في البلاد، ليتخلص من سطوتهم وسيطرتهم على مقاليد الحُكم.
رغم ذلك، فقد كان حاكمًا ضعيفًا إلى أبعد الحدود، فقد شهدت فترته خروج محمد عليّ باشا والي مصر على طاعته، مما دفعه لعقد مصالحة معه مرتين، خاصة بعدما وصل محمد عليّ باشا إلى حدود الأناضول.
فعُقدت اتفاقية لندن عام 1839م، وتم تنفيذها عام 1840م، والتي عقدتها كل من بريطانيا وفرنسا وروسيا وتركيا لتقويض محمد عليّ وسلطته، وقد شهد على تلك المعاهدة، السلطان عبد المجيد الأول، وكان لا يزال شابًا يافعًا.
كان آخر سلاطين الدولة العثمانية الفعليين للدولة العُثمانية، وقد حكم البلاد عام 1876م، وكان ابن السابعة عشر من عمره أو أصغر، فقد عُين من قِبل إدارة الإنجليز، حيث رسّت سفنهم في شط اسطنبول مهددةً مراد الخامس بالتخلي عن عرش البلاد لابن أخيه الصغير عبد الحميد.
وقد استخرجوا من شيخ الإسلام هناك فتوة تُجيز إزاحة السلطان عن عرشه بحجة أنه رجل خرف، كما ادعى وتقوّل الإنجليز عليه، فصار عبد الحميد هو حاكم البلاد.
وأول الأمور التي قام بها فور تسلمه الحكم محافظته على مصالح دول الاستعمار في المناطق العربية التي تدين بالولاء للدولة العثمانية! فقام بإصدار فرمان إبان الثورة العرابية في مصر عام 1882م يستنكر فيه ما فعله أحمد عرابي وجماعته، مكفّرًا إياهم ومعتبرهم خارجين عن طاعته فاسقين.
وبسبب ذلك الفرمان، والذي اعتبره بعض المؤرخين خيانة من قِبل السلطان العثماني وطعنة في الظهر المصري، انفض الناس من حول عرابي ليلقى مصيره وحده!
وبجانب سلاطين الدولة العثمانية الرجال، كان للمرأة دور رئيس لا يقل أهمية عن دور الرجل في السلطنة فلم تقتصر قضايا المرأة وقوتها وسلطتها علي عالمنا الحالي فقط بل امتدت لسلاطين العثمانين.
فبعض السلاطين لم يكونوا سوى أُلعوبة في يد نسائهم، أو كان بعضهم تحت وصاية أمه الملكة الحاكمة الفعلية من خلف الستار، وسنعرض في الآتي أشهرهن:
هي زوجة سليم الأول، وكانت ذات نفوذ قوي في الدولة في عهد ابنها السلطان سليمان القانوني، فقد كانت – حسب تعبير بعض المؤرخين – عائقًا أمام السلطان في بعض الأمور، فقد حمت زوجته الأولى من بطشه، وما إن ماتت أمه حتى نفى زوجته الأولى “ماه دوران” وأعدم ابنها البكر وولي عهده مصطفى.
وكانت تحمي زوج ابنتها إبراهيم بك من بطش سليمان القانوني، بل وجعلته الصدر الأعظم للدولة العثمانية، وما إن مرت سنة على وفاتها، حتى فتك سليمان القانوني به، وأعدمه علانية أمام الناس جميعهم.
هي زوجة سليمان القانوني الثانية أعظم سلاطين الدولة العثمانية، وكانت جارية أول الأمر، لكنها استحوذت على قلبه، وكانت السبب الرئيس في إعدام إبراهيم بك الصدر الأعظم، حيث ألبت زوجها عليه، كما كانت السبب وراء قتله لابنه مصطفى ونفيه لزوجته الأولى “ماه دوران”.
هي السلطانة الأم (كما أطلق البعض عليها)، وتُعد من أقوى النساء اللائي حكمن البلاد، حيث إن أمرها كان نافذًا من غير جدال، وقد تقلدت تلك القوة أول الأمر كجارية سطّت على قلب السلطان أحمد الأول، ثم تحكمت في ابنيها منه مراد الرابع وإبراهيم الأول، كما كانت الحاكم الفعلي للبلاد في عهد حفيدها القاصر محمد الرابع.
ختاماً، نرجو أن نكون قد يسرنا عليكم الاطلاع على تاريخ الدولة العثمانية، لمعرفة أشهر سلاطين الدولة العثمانية، فقدمنا إليكم أفضلهم وأشهرهم من حيث الإنجازات والتوسعات، فلم نستطع حصر كل الحُكام، لكننا سعينا إلى إظهار أكثرهم تأثيرًا.