شارع المعز، هل سمعت بهذا الشارع من قبل؟ هل تعلم أن أغلب ما عرفنا من كتب عن التاريخ لم تنس أبدًا أن تذكر هذا الشارع والحكايات التي كانت تدور فيه في أكثر من زمان؟ فهذا الشارع هو علامة بارزة من علامات الحضارة الإسلامية هنا في مصرنا الحبيبة.
فما حكاية هذا الشارع العريق، وكيف نشأ، وأين يقع، وما أبرز الآثار الإسلامية التي بداخله؟ كل ذلك وأكثر سنتعرف عليه معًا من خلال هذا المقال.
شارع المعز لدين الله الفاطمي، هو واحد من أكثر شوارع القاهرة شهرة، يرجع ذلك لكونه من أهم وأكبر وأقدم شوارع مصر القديمة، له العديد من الأسماء التي اشتهر بها قديمًا مثل الشارع الأعظم، قصبة القاهرة الكبرى.
أطلق عليه شارع المعز في عام 1937 ميلادية حين تم تغيير اسم الشارع من الشارع الأعظم أو قصبة القاهرة الكبرى إلى هذا الاسم الذي ظل إلى وقتنا هذا شارع المعز. أما عن طوله فيبلغ حوالي 2800 متر.
وضع القائد العظيم جوهر الصقلي حجر الأساس لتأسيس القاهرة الفاطمية في القرن العاشر الميلادي، فحين بدأ في إنشاء شوارع القاهرة أراد أن يكون هناك شارع رئيسي يقوم بتقسيم القاهرة إلى قسمين متساويين إلى حد كبير.
فكان شارع المعز هو ذاك الشارع، ومن هنا جاءت أهمية شارع المعز قديمًا فكان هو المركز السياسي للدولة والشارع الأكثر حركة في مصر القديمة.
ذكر في كتب ثقافية عن أكثر ما يتميز به شارع المعز وهي الإنشاءات التي به لم تعد إلى حقبة زمنية واحدة، بل ظل بناء الكثير من المنشآت الإسلامية التي أصبحت فيما بعد مزارًا لمحبي العمارة الإسلامية مستمرًا إلى عصور كثيرة بعد العصر الفاطمي بحوالي ستة عصور كاملة.
وعند النظر داخل الشارع سنجد العديد من الآثار الإسلامية التي تعود إلى عصور مختلفة مثل العصر:
يقع شارع المعز في قلب القاهرة عاصمة جمهورية مصر العربية، بالتحديد في منطقة الأزهر الشريف، يبدأ شارع المعز من جنوب باب الفتوح حتى شمال باب زويلة موازيًا للخليج.
أما عن طريق الوصول إليه، فبكل سهولة تستطيع أن تقوم بركوب المترو، ومن ثم تقوم بالنزول في محطة العتبة أو رمسيس أيهما أقرب لك، ولكن محطة العتبة هي الأقرب لشارع المعز.
ومن هناك تركب سيارة أجرة متجهة للحسين، وعند محطة الغورية تقوم بالنزول من السيارة، بعد نزولك تقطع الطريق للناحية الأخرى وستجد نفسك أمام شارع المعز.
يحتوي شارع المعز على الكثير من الشوارع الفرعية المشهورة في القاهرة، والتي نالتها السينما المصرية في أكثر من مسلسل وفيلم، وهذه الشوارع هي:
يحتوي شارع المعز على العديد من الآثار الإسلامية التي عبرت عن جمال العمارة الإسلامية في عصور مختلفة، وسنجدها في المباني الدينية كالمساجد والمباني السكنية والتجارية وأيضًا بعض المباني التي تستخدم في الدفاع عن المدينة، دعونا الآن نتعرف على بعض من تلك الآثار الجميلة والعريقة في الفقرات القادمة:
تم إنشاء باب الفتوح في أوائل القرن الحادي عشر بالتحديد في عام 1087 ميلادية الموافق لعام 480 هجرية، قام الوزير بدر الدين الجمالي بإنشاء هذا البرج، ويقع عند السور الشمالي لمدينة القاهرة الفاطمية.
كانت القاهرة قديمًا كأي مدينة كبيرة ومهمة لها العديد من الأبواب التي تحيطها، ومن بين تلك الأبواب هذا الباب باب الفتوح.
حيث ترجع تسميته بهذا الاسم لأنه كان الباب المخصص لخروج الجيوش المصرية المتجهة ناحية الشرق من أجل محاربة أعدائها، أو القيام ببعض الغزوات والفتوحات الإسلامية، وذلك بعدما يقوم الخليفة آنذاك باستعراض تلك الجيوش في ميدان كبير بين القصرين.
أما عن التكوين الداخلي لهذا الباب فستجده مكون من الآتي:
بدأ الخليفة العزيز بالله في إنشاء هذا المسجد في عام 989 ميلادية الموافق 379 هجرية، وأتم ابنه الخليفة الحاكم بأمر الله بناء المسجد في عام 1013 ميلادية الموافق 403 هجرية.
هذا الجامع هو ثاني أكبر الجوامع الموجودة في القاهرة بعد جامع أحمد بن طولون، ورابع أقدم المساجد الجامعة الموجودة أيضًا الآن بمصر.
يقع الجامع في حي الجمالية بجوار باب الفتوح، لهذا المسجد تاريخًا كبيرًا فقد استغلته الحملة الفرنسية بعد دخولها مصر، حيث جعلته مقرًا لجنودها أما مئذنته فاستخدمها الجنود الفرنسيون كأبراج مراقبة.
هذا المسجد هو أحد أهم المساجد في مصر القديمة، فمنذ اتخاذه مسجدًا رسميًا للخلفاء المماليك داخل قلعة صلاح الدين، واستخدامه كسجن ومخزن للجيش في الاحتلال البريطاني، لم يخل أبدًا من جماله حتى وإن تعرض إلى التدمير والخراب وإعادة بناءه مرة أخرى.
تم البدء في بنائه لأول مرة في عام 1318 م، ومن ثم هُُدم وتم بناءه مرة ثانية في عام 1335 م، وأعيد ترميمه في عام 1948م، ليصبح كما نراه الآن تحفة معمارية حقًا.
يشتهر المسجد بقبته المغطاه ببلاطات القشاني خضراء اللون والتي تحمل من الداخل بعض الآيات القرآنية وبعض الكتابات الأخرى مثل اسم الناصر محمد وألقابه، ومدون عليها من الداخل تاريخ تجديد المسجد لأول مرة.
أما عن مأذنتيه الرائعتين فهما غايتا في الجمال، أما من الداخل فسقف المسجد مزخرف بالأشكال الهندسية الرائعة التي اتسمت بها العمارة الإسلامية.
أحد أهم الآثار في الدولة الفاطمية، سمي الباب بهذا الاسم نسبة إلى قبيلة زويلة التي كانت تسكن بجواره، ذكر هذا الباب أكثر من مرة في كتب التاريخ، لأنه شهد حادثة شنق آخر سلاطين المماليك طومان باي وإعلان قيام الدولة العثمانية عام 1517 م، كما أنه حمل الكثير من رؤوس الأعداء وأهل المدينة للأسف على بابه.
لباب زويلة مئذنتين رشيقتين شاهقتين جميلتين، وهما ضمن المعالم الأثرية لشارعنا العظيم.
وجود تلك المدرسة والقبة هنا في شارع المعز هو دليلًا على أن العصر الأيوبي كان شاهدًا وبكل قوة على إنشاء شارعنا هذا. تقع تلك المنشأة في منطقة بين القصرين، تم إنشائها من قبل السلطان الأيوبي الصالح نجم الدين أيوب في عام 1243 م.
وكان السبب الرئيسي لبنائه تلك المدرسة هو تعليم المذاهب السنية الأربعة، وذلك بعد أن قام الفاطميون بتدريس المذهب الشيعي لأهل مصر.
تتميز تلك المدرسة بأنها صاحبة واجهة رئيسية احتفظت إلى الآن بزخرفتها الفنية الإسلامية الرائعة، ولكن وبكل أسف لم يتبق من تلك المدرسة سوى إيوان المذهب المالكي الموجود في ناحية الغرب.
أما عن القبة فإنها شيدت من قبل شجرة الدر وانتهت من بنائها عام 1250 م، وذلك من أجل أن تكون قبرًا لزوجها الصالح نجم الدين أيوب المدفون في قلعة الروضة، تعلو القبة بعض اللوحات التي تحمل تاريخ وفاة الملك الصالح نجم الدين أيوب.
ويوجد داخل القبة مقصورة خشبية فريدة من نوعها، غاية في الجمال، مزخرفة بزخارف تشير إلى الجمال الزخرفي في العصر الأيوبي.
يعد جامع الأقمر أحد المنشآت الإسلامية التي أنشأها الآمر بأحكام الله الخليفة الفاطمي عام 1125م، وجدد الجامع عام 799 هجريًا على يد الأمير يلبغا السالمي في عهد السلطان برقوق.
عند النظر إلى جامع الأقمر الآن ستجد أن واجهته الأساسية هي عبارة عن واجهة حجرية مزخرفة ومحفور عليها بعض العبارات الشيعية، وبعض آيات القرآن الكريم بالخط الكوفي.
يوجد أيضًا داخل الشارع بعض المنشآت التي كانت توفر لهم الكثير من احتياجات أهل الشارع اليومية مثل:
أما عند النظر إلى المباني والبيوت الموجودة داخل شارع المعز فستجدها تشكلت بذوق معماري إسلامي غاية في الجمال، ومن أشهر تلك البيوت ما يلي:
أما الواجهة الثانية الموجودة في الجهة الشمالية الشرقية فتطل على درب ترمز، أما الواجهة الثالثة والأخيرة الموجودة في الجهة الجنوبية الغربية فتطل على حارة بيت القاضي.
وضعت بعض القواعد واجبة النفاذ داخل شارع المعز قديمًا، فالتزم بها جميع المارة، وذلك لمنع أي تلوث سواء مرئي أو بصري لأهل الشارع، ومن أهم تلك القواعد ما يلي:
كانت الحركة كثيرة في شارع المعز، فهو كان بمثابة شارع أساسي لأهل القاهرة، كما أنه يعد سوق كبير، وانتشرت محلات الحرف اليدوية المهمة في هذا الشارع، ومن أشهر تلك المحلات ما يلي:
قامت وزارة الآثار المصرية بعمل بعض التطويرات على شارع المعز، ومن أهم تلك التطويرات ما يلي:
في النهاية لا يمكننا وصف جمال شارع المعز بآثاره الإسلامية فاتنة الجمال ببعض الكلمات، فمع التطويرات التي جاءت للحفاظ على رونق هذا الشارع العريق ستجد نفسك أمام حل لا مفر منه وهو زيارة شارع من أقدم وأهم شوارع مصر القديمة شارع المعز.
لتمتع عينيك بالعمارة الهندسية الإسلامية ومعرفة أن مصر هي مهد الحضارات وبالتجول في شوارعها المختلفة ستتعرف أكثر على عراقة تلك الدولة التي لن تجدها في أي دولة أخرى في العالم.