جميعنا بلا شك نألف ونسمع كثيرًا عن ظاهرة تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثاني ولكن ليس الكثير منا يعرف في الحقيقة السر وراء ذلك الحدث وما مدى أهميته؟
“الملك المحارب المصري المثالي الذي يرى ما يجب القيام به وقادر على القيام به دون خوف أو تردد.” هكذا تم وَصف الملك رمسيس الثاني في قصيدة بنتور أو “Pentaur” والذي كان جنرالًا مصريًا في خدمة الفرعون.
يُعتبر الملك رمسيس الثاني هو العصر الذهبي لمصر القديمة، ليس فقط لأنه أكثر من بنى من آثار ولكن أيضًا لأن فترة حكمه أعتبرها الكثير من المؤرخين وعلماء الآثار هي أقصى ما وصلت إليه مصر القديمة من فن وثقافة.
كان رمسيس الثاني مُهتمًا بالمعمار وترك ميراث ضخم، يُعتبر إلى الآن من أهم ما أنتجت مصر القديمة من آثار ومعمار، مثل مُجمع مَعابد الكرنك ومُجمع المعابد في أبيدوس والرامسيوم (مُجمع المقابر في طيبة، صعيد مصر) ومُجمع مَعابد أبو سمبل.
رمسيس الثاني هو الفرعون الثالث من الأسرة التاسعة عشر في مصر القديمة، ولد حوالي عام ١٣٠٣ قبل الميلاد، والده هو سيتي الأول ووالدته هي تويا. حكم مصر من ١٢٧٩ تقريبًا حتى ١٢١٣ قبل الميلاد.
كان لرمسيس الثاني أسماء أخرى منها “وسر معت رع إن رع” ومعناه “قوي رع وماعت.
في بداية فترة حكمه كان رمسيس الثاني مُهتمًا كثيرًا ببناء المُدن والمعابد والآثار، فقد كان معروفًا بولعه بالبناء والتشييد، وملأ مصر من الدلتا وحتى النوبة بمبانيٍ متعددة. وفوق كل ذلك، جمع رمسيس الكثير من الأشياء الثمينة لمصر من حملاته وغزواته على بلاد أخرى.
تزوج رمسيس الثاني خمس مرات. من زوجاته نفرتاري وايزيس نوفرت وماعت حور نفرو. ويُقال أن كان له حوالي ١٠٠ ابن وابنة، منهم ٥٢ ابن.
توفي رمسيس الثاني عن عُمر يناهز ٩٠ و ٩١ سنة تقريبًا ودُفن في وادي الملوك. يقُال أن رمسيس قبل وفاته عانى مشاكل صحية مثل أمراض المناعة الذاتية.
كان المعبد قديمًا يقع على الحدود الجنوبية لمصر الفرعونية، مُقابل طيبة. ولكن في ستينيات القرن الماضي شَكل ارتفاع منسوب مياه نهر النيل بسبب بناء السد العالي في أسوان خطرًا على المعبد، فتم نقله إلى موقع جديد على الضفة الغربية لبحيرة ناصر.
تم جمع تبرعات من حوالي 50 دولة حول العالم، وجاءت التبرعات أيضًا من علماء ومهندسين من كل أنحاء العالم، كُل ذلك من خلال الحملة التي نظمتها اليونسكو لجمع الإعانات عام 1959.
كانت العملية مُعقدة ودقيقة جدًا بل وربما مَثلت أعظم أعمال الهندسة، ولكن كل ذلك بالطبع ليس أثمن من ذلك البناء الذي يُمثل ذروة ثقافة وفن مصر القديمة. تم الانتهاء من نقله تمامًا عام 1968.
تم بناء المعبد احتفاءًا بنصر الملك رمسيس الثاني في معركة قادش. يوجد في المعبد رسومات من المعركة ويُقال أن الغرض منها هو تخويف أعداءه ورغبة منه أن يقدم نفسه كواحد من الآله.
يتكون أبو سمبل من معبدين، الأول والأكبر هو معبد مخصص لآله الشمس آمون رع ورع حور اختي، بالإضافة إلى أربعة تماثيل للملك رمسيس الثاني. أما المعبد الآخر يحتوي على تمثال لزوجة الملك “نفرتاري”، أحب زوجاته إليه.
ولكن في الحقيقة ظل معبد أبو سمبل مجهولًا بالنسبة لعامة الناس حتى تم إعادة اكتشافه عام 1813م مِن قِبل الباحث السويسري الباحث السويسري يوهان لودفيج بوركهارت. تم اسكتشاف المعبد بالفعل عام 1817 من قِبل عالم المصريات جوفاني باتيستا بلزوني.
تحدث ظاهرة تعامد الشمس مرتين من كل عام، يوم 22 فبراير و22 أكتوبر فقط.
يُمثل التاريخين يوم ميلاد رمسيس الثاني (22 اكتوبر) ويوم تتويجه (22 فبراير)، مما يُعتبر من أغرب الظواهر في العالم.
تحدث الظاهرة بعد شروق الشمس، حيث يخترق ضوئها الجانب الشرقي من خلال فتحة دقيقة جدًا وتنتشر الأشعة في الداخل وتسير ناشرةً ضوئها داخل المعبد بمسافة 200 متر، ثم ينتهي بها الأمر على وجه الملك رمسيس الثاني ويستغرق التعامد حوالي 20 دقيقة فقط.
تم اكتشاف هذه الظاهرة عام 1948 من قِبل المُستكشفة إميليا إدواردز. ومن الجدير بالذكر أنه قبل نقل معبد أبو سمبل كانت تحدث الظاهرة يوميّ 21 أكتوبر و21 فبراير.
يقال أيضًا أن تلك التواريخ تم اختيارها تزامنًا مع الموسم الزراعي، أي حتى يعرفوا بداية الموسم الزراعي عند حدوث التعامد.
يُقصد بالتعامد هو سقوط الأشعة بشكلٍ عمودي على قدس الأقداس وهو حجرة يوجد بها أربعة تماثيل: الإله رع حور والملك رمسيس الثاني والإله أمون رع والإله بتاح.
والغريب في الأمر أن الإله بتاح هو إله الظلام لذلك من الواضح أنه أثناء تصميم وبناء المعبد كان مُتعمدًا ألا تصل الشمس إلى تمثاله أثناء ظاهرة التعامد.
يُثبت هذا الإعجاز الفلكي والهندسي مدى نبوغ المصريين القدماء في علوم الفلك والهندسة لما تتطلبه ظاهرة كتلك من معرفة تامة بخصائص شروق الشمس وغروبها. فكان هدفهم هو يوم تشرق فيه الشمس من الشرق تمامًا وتغرب من الغرب تمامًا، وهو ما لا يحدث بشكلٍ يومي، بل يمكن للشمس أن تنحرف بِضع درجات في أيام مختلفة.
مثلًا في تاريخ 21 مارس من كل عام تشرق الشمس من الشرق تمامًا ثم تبدأ في الانحراف تدريجيًا، فتبعد عن ذلك الاتجاه 23 درجة في تاريخ 21 يونيو، ثم تعود إلى نقطة الشرق يوم 21 سبتمبر، وتتكرر نفس العملية فتَبعُد عن الشمس 23 درجة بحلول تاريخ 21 ديسمبر ثم تعود مرة أخرى في يوم 21 مارس.
مما يعني أن الشمس تمر مرتين في كل عام على كل نقطة في سطح الأرض، لذلك تعامد الشمس على أي من تلك النقاط يعتمد على قياسات معينة وحسابات هندسية تقوم بتوجيه المبنى في ذلك الاتجاه بالتحديد. لذلك تم تصميم معبد أبو سمبل في اتجاه شروق الشمس.
https://www.blueskygroup.net/blog/the-solar-alignment-on-king-ramses-ii-s-statue.html
https://www.britannica.com/place/Abu-Simbel
https://en.wikipedia.org/wiki/Ramesses_II