كتاب الأب الغني والأب الفقير من ضمن روايات انجليزية مشهورة لاقت إعجاب الكثير من القراء كما حظيت العديد من الكُتب في مجال إدارة الأعمال الحرة والتسويق باهتمام القُراء والمشاهير، لكن ذلك الكتاب، ليس كباقي الكُتب.
فلا داعي لأن نقول إنه من أهم كتب القرن الحادي والعشرين في ذلك المجال، ولا داعي أيضًا لأن نقول أن الخلاف الذي خلفه صدور ذلك الكتاب ليس بالهين ولا السهل علينا إغفاله والتعامي عنه.
ففي عام 2000م كان العالم على موعد مع صدور كتاب من 207 صفحة، سيكون عامل مؤثر في العديد من الشخصيات والرموز، وسيؤدي فيما بعد إلى نقلة نوعية وحياتية لصاحب الكتاب، فما السر الدفين الذي حواه ذلك الكتاب لينقسم الناس حوله وتتغير حياة كل من قرأه؟
ما السر وراء كتاب كتاب الأب الغني والأب الفقير الذي جعل المادحين يصفونه بأنه الكتاب الأفضل على الإطلاق في القرن الحادي والعشرين، وجعل المنتقدين يصفونه بالكتاب اللا أخلاقي؟ فدعونا نتعرف عن قرب على كتاب الأب الغني والأب الفقير.
العِبرة ليست في أن تكون غنيًا أم فقيرًا، فالفقر والغِنى عند الكاتب ليسا في المال، وإنما في طريقة التفكير، يأخذ الكاتب في سرد بعض القصص الحياتية محاولًا من خلالها إيصال فكرته.
من تلك القصص: قصة شاب يريد أن يصبح غنيًا، فيأخذ نصائح والده الأكاديمي الفقير، ونصائح والد صديقه رجل الأعمال الغني، ومن خلال تلك النصائح يظهر الاختلاف بين عقلية الغني والفقير.
الفقير؛ لا يُحب المُخاطرة، ويُفضل المنطقة الآمنة، ويُقدم نصائحه دائمًا مُغلفة بنكهة الأخلاق، أي اِفعل ولا تفعل، وذلك على عكس الغني؛ الذي يُقدم نصائحه المليئة بالمخاطر والأهوال.
وأنه عليك أن تخسر أكثر من مرة حتى تربح في نهاية الأمر، وليس عليك البقاء في وظيفة طيلة حياتك، خاصة وأنت تعرف أن أرباح الشركة لا تعود عليك بشيء وإنما على صاحب الشركة الذي يُصبح غنيًا وأنت تظل فقيرًا.
الفقير يرى أن على ابنه أن يتسلق السلم الوظيفي، الغني يرى أن عليه امتلاك ذلك السلم، الفقير يرى أنه ليس شرطًا أن تكون غنيًا، الغني يرى كيف تكون غنيًا، الفقير يرى أن مادة المال هي الآفة الأساسية لكل الأمراض الأخلاقية، الغني يرى أن نقص وشح مادة المال هي سبب كل الفساد الأخلاقي.
الفقير يريد السلام والطُمأنينة والسكون في وظيفة آمنة دائمًا حتى يعود عليه المعاش، بينما الغني عكس ذلك، الغني يُريد أن يأتي له المال لا أن يذهب إليه، أي يُريد أن يعمل المال في صالحه لا أن يعمل هو في صالح المال.
يُقدم الكاتب نصائحه حول فكرة الأعمال الخاصة وكيفية إنشائها والعمل على تكبير مشروعك الخاص، وعدم بقائك طيلة حياتك في وظيفة ما، لأن هذا لن يُقدم لك أي شيء، لذا يعد الكتاب من ضمن أفضل روايات جميلة للقراءة تستفيد منها في مجال عملك وتنميه.
يُركز الكاتب على نشر وتوعية الناس بأهمية الثقافة والوعي الاقتصادي، ناقدًا لما أسماه بالجهل الاقتصادي، وذلك نتيجة أن أهلَنا لم يهتموا بتثقيفنا اقتصاديًا، وإنما اكتفوا بتلقيننا بعض الكلمات المتمحورة حول أهمية العمل الوظيفي الذي يضمن لك دخلًا ثابتًا طيلة حياتك وفقط.
بعد صدور كتاب الأب الغني والأب الفقير انقسمت الآراء حوله، ولكن قبل ذلك، كان قد لقي الكتاب صعوبات كي يكتسب تلك الشهرة الواسعة، فقد رفضته أغلب دور النشر أول الأمر، إلى أن قرر الكاتب نشره على حسابه.
وظل الناس غير مهتمين به حتى تناولته الإعلامية أوبرا وينفري في إحدى لقاءاتها التلفزيونية، وهنا، صار الكتاب عنوانًا بارزًا بين الأدباء والمُثقفين ورواد الأعمال.
ومِن الذين تأثروا بـ كتاب الأب الغني والأب الفقير، ويل سميث الممثل الأمريكي، والذي قال أنه عن طريق الكتاب استطاع تعليم ابنه كل ما يخص المسؤولية المالية، كذلك مِن المُتأثرين بذلك الكتاب، الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والذي أبدى مدى إعجابه بالكتاب.
وأشار إلى أن الكاتب كيوساكي تأثر بشكل واضح بكتاب دونالد ترامب فن عقد الصفقات.
وفي عام 2006م، اتفق كل من ترامب وكيوساكي على نشر كتاب الأب الغني والأب الفقير لهما هما الاثنين، يحمل عنوان لماذا نريدك ثريًا، رجلان ورسالة واحدة”، ثم أصدرا كتابًا آخر أسمياه اللمسة السحرية: لماذا يُصبح بعض رواد الأعمال أغنياء ولماذا لا يفعل أغلبهم؟.
قد وصف المستثمر الشهير في مجال الأزياء والموضة “دايموند جون” كتاب “كيوساكي” بأنه من أكثر الكتب المُفضلة لديه.
وعلى الجانب الآخر عارض الكثيرون كتاب كيوساكي، لما يتضمنه من نصائح انتهازية وابتزازية وهي في الأساس نصائح غير أخلاقية.
ومن هؤلاء: الناقد الأمريكي جون تي ريد والذي قال عن الكتاب: كتاب الأب الغني والأب الفقير يحتوي على العديد من النصائح الخاطئة والسيئة والخطيرة، وقال:
“إنه من أسخف الكتب على الإطلاق”.
أحيانًا ما تجد أن قراءة كتاب الأب الغني والأب الفقير تعد أمرًا هينًا يختلف تمامًا في سهولته عن تطبيقه على أرض الواقع، خاصة تلك الكُتب التي تُقدم العديد من النصائح الحياتية سواء على المستوى الشخصي أو الاقتصادي.
لذا، وجب علينا التنويه أولًا، رغم الاختلاف حول ذلك الكتاب حيث شبهه البعض أنه فاقد للمعايير الأخلاقية ويدعو الإنسان لأن يكون انتهازيًا وأنانيًا.
إلا أنه ليس باليد حيلة، فلا نقدر على تقديم أي حل أو عمل آخر في ذلك العصر البراغماتي (المادي النفعي)، ويُعد ذلك الكتاب من أكثر الكُتب الداعية للتطبيق العملي أكثر من النظري، هو وكتاب فن الإغواء، كلاهما يُعدان من أكثر الكتب التي تُعلمك فن الحياة، ولو كانت السُبل المُتبعة (مع الأسف) غير أخلاقية في بعض الأحيان، من وجهة نظر البعض.
وفي الشهر الثالث تشتري الثالث، وهلم جرّا، ليتبين لك آخر المطاف أن العائد المادي لك في الشهر ليس قاصر على الثلاثة آلاف جنيه خاصتك، بل تعدى وتخطى ذلك المبلغ للضِعف، ولكن قبل الاستمتاع بذلك الضِعف، عليك استثماره مع نصف مرتبك في شيء يعود عليك بالأكثر، كفتح مشروع صغير، وتوظف فيه شخصًا، فشخصين، فثلاث.
فتجد أن مشروعك أخذ ينمو ويكبر مع مرور الوقت، لتكون قادرًا وقتها على الاستقلال التام من وظيفتك والتفرغ للعمل الحُر.