صلاح عيسى من أهم الأسماء في قائمة المؤرخين في مِصر والعالَم العربي. أنتج أكثر من 20 كتاب كُلها تُعتبر محطات فارقة ومهمة بالنسبة للتاريخ المصري والعربي. ولكن في هذا المقال سنتحدث فقط عن 8 من كتب صلاح عيسى.
وُلد صلاح عيسى في محافظة الدقهلية عام 1939 ونشأ في بيئة شكلت تفكيره وموهبته وآراءه السياسية بلا شك، فكان أبوه ينتمي إلى حزب الوفد وكان أحد أعمامه ينتمي إلى حزب الأحرار الدستوريين بينما انتمى عمه الآخر إلى جماعة الإخوان المسلمين. يمكنك بالطبع تخيل تلك الصورة وهذا الانشقاق الغريب والتوليفة المُتناقضة.
انتقل عيسى في عام 1948 للقاهرة للدراسة في المعهد العالي للدراسات الاشتراكية وفي عام 1961 حصل على بكالوريوس في الخدمة الاجتماعية ومارس المهنة لبعض الوقت ولكن سُرعان ما تطورت مسيرته الأدبية واتجه من القصة القصيرة إلى التأريخ والسياسية والكاتبة عن الأوضاع الاجتماعية.
وبالطبع كان لذلك التغيير تبعياته، فلقد اُعتقل صلاح عيسى عام 1966 بسبب آرائه وكتاباته السياسية حول ثورة 52، ولكن تم الإفراج عنه أخيرًا بناء على طلب من جان بول سارت، والذي اشترط قبل زيارته لمصر أن يتم الإفراج عن جميع المُعتقلين السياسيين. ولكن سلسلة اعتقالات صلاح عيسى توالت.
أصدر صلاح عيسى أول كتاب له عام 1979 وآخر كتاب له عام 2018. توفي صلاح عيسى عام 2017 وعلى الرغم من ذلك كانت كتب صلاح عيسى من أكثر الكُتب مبيعًا في معرض القاهرة للكتاب لعام 2021.
تعرف ايضاً على أفضل كتب محمد طه من هنا
من كتب صلاح عيسى، كتاب رجال ريا وسكينة ويعتبر هذا الكتاب هو مرآة لمصر في الفترة ما قبل وبعد عشرينيات القرن الماضي، وهي فترة قلما تم عرضها بشكل واقعي في الأعمال الفنية والأدبية. وربما يعود ذلك إلى قُبح ومرارة تلك الفترة وقسوتها على الطبقات الفقيرة والعاملة.
نعم يناقش الكتاب بالفعل التاريخ الكامل لأشهر سيدتين في تاريخ مصر “ريا وسكينة” ويُعتبر أول مرجع سليم لقصة حياتهما دون تدليس أو تزييف، فصلاح عيسى هو أول من اهتم بالبحث وراء التاريخ والماضي الخفي لهاتين السيدتين، ولكن مرجعه هذا لا يقتصر فقط على ذلك.
يتم ذكر العديد من المحطات والأشخاص المهمين والمؤثرين في تلك الفترة من التاريخ المصري، أثناء وقبل وبعد بداية حكاية ريا وسكينة، بعضهم شخصيات لم يهتم الكثيرون بالبحث ورائهم، وهو ما يزيد من أهمية هذا المرجع. فكل الأشخاص والأحداث المذكورة هي نقاط فارقة، حددت شكل وصورة تلك الحقبة.
لا يُمكن أن تقرأ كتب صلاح عيسى دون أن يكون هذا المقال في قائمتك. بجانب كونه موسوعة بشكل من الأشكال عن تاريخ مصر الحديث بحكاويه المختلفة، ولكنه أيضًا رحلة مُمتعة تأخذك من شخصية لأخرى ومن مكان لآخر بسلاسة مُتناهية من المماليك إلى فؤاد الأول. هو مثال آخر على قصيدة عشق من صلاح عيسى لمحبوبته مِصر.
يستعرض صلاح عيسى في هذا الكتاب 50 شخصية من مختلف أركان الدولة المصرية من سياسيين وفنانين ومثقفين. وبذكاء صلاح عيسى المُعتاد يسرد التاريخ المصري في تلك الفترة من خلال حكاوي تلك الشخصيات. مثلًا يعرض لنا عيسى مناقشات مهمة وحقائق حول الملك فاروق وما بعد ثورة 52.
فيعرض مثلًا علاقة الإخوان المسلمين بجمال عبد الناصر في الفصل الثاني، ويناقش شخصيات مُهمة كحسن البنا وعبد الرحمن السندي وحسن الهضيبي وسيد قطب وغيرهم.
تعرف ايضاً على أهم كتب عن ثورة 25 يناير من هنا.
حكاية أخرى من حكاوي كتب صلاح عيسى التي لا تنتهي والتي لا تنتهي مُتعتها. فهذا الكتاب هو تأريخ حوله عيسى إلى حكاية بأسلوبه السَلِس.
يتمحور الكتاب حول شخصية خُط الصعيد محمد محمود منصور، حيث نتعرف به وهو مجرد صياد سمك عادي ومن ثمَّ سفاح شهير، وما هي العوامل التي يُمكن أن تُحول إنسان عادي إلى وحش ضارٍ ينسى ذاته الأولى ولا يستطيع حتى أن يتعرف على نفسه.
يُركز الكاتب بشكلٍ أساسي على الظروف السياسية التي حولت محمد محمود إلى الخُط وحولت غيره إلى أولاد ليل والدرجة التي فرضوا به سيطرتهم على الصعيد بأكمله وبعلم الحكومة المصرية التي لم تحول دون ذلك. وكالمُعتاد من صلاح عيسى فقد ربط حكاية الخُط بظروف المصريين جميعهم في تلك الفترة وما كانوا يُعانون منه من فقر وجوع وانفلات أمني.
هذا الكتاب من أكثر كتب صلاح عيسى تشويقًا وإثارًة حيث يعرض جريمة قتل حدثت في مصر عام 1923 في أحد الفنادق. رسمت تلك القضية الكثير من علامات الاستفهام حول الحياة الاجتماعية والثقافية في مصر وشككت في التقاليد والموروثات المصرية خاصًة في الزواج.
مارجريت فهمي هي سيدة فرنسية تزوجت من رجل مِصري يُدعى علي بك فهمي فانتهى به الأمر قتيلًا. هل لاختلاف الثقافات علاقة بذلك؟ وهل دائمًا ما يفشل زواج المصري من أجنبية أم أنها مُجرد تجربة واحدة لا يجوز تعميمها؟ هذا ما يُجيب عنه صلاح عيسى في كتابه.
إذا لم تَكن من مُحبي التاريخ فهذا الكتاب يُمكنه أن يجعلك تهوى التاريخ ودهاليزه. فأسلوب كتب صلاح عيسى الغير مُتكلف والبسيط يُحول الحقائق التاريخية إلى حكاية يهوى سماعها كُل من يهوى الحكايات.
يدور الكتاب حول قصة المماليك وصراعهم الضاري على السلطة والحياة السياسية والاقتصادية في ذلك الوقت من خلال التركيز على آخر سلاطين المماليك وهو قنصوة الغوري ومعركة مرج دابق. بجانب ذلك نتعرف على تفاصيل كثيرة في الحياة اليومية مثل الطعام والملابس وما إلى ذلك.
نستمتع في هذا الكتاب بمجموعة من المقالات المُمتعة عن موضوعات مُتنوعة منها سياسي ومنها ثقافي ومنها تاريخي ما بين السبعينيات والثمانينيات نُشرت في جريدتيّ الأهالي اليسارية وجريدة الوطن الكويتية. سنُلاحظ أيضًا أن صلاح عيسى يُركز على فترة حُكم جمال عبد الناصر وكيف كان يراه مُحبينه وداعميه. ولكنه أيضًا يتحدث عن السادات ولكن بشكل مُحايد رغم معاداته له ولسياسته.
بلا شك لا تجعلك كتب صلاح عيسى تشعر بأن مقالاته هذه كٌتبت لمجرد الكتابة أو لمجرد مناقشة بعض المواضيع المُعينة، ولكنه يجعلك تتأكد أنه يكتب بروحه وكيانه، فيحول تلك المقالات هي الأخرى إلى حكاية من حكاياته التي لا تنتهي.
اليك ايضاً كتب أدهم الشرقاوي في هذا المقال.
هذا الكتاب هو شرح مُفصل وتحليل سياسي للدساتير المصرية ومقارنة بينها مُنذ العصر الملكي ودستور عام 56 وعام 71 حتى عام 2005.
من كتب صلاح عيسى الذي يُعتبر قراءته ثقيلة وأسلوب غير مُعتاد لصلاح عيسى بسبب طبيعة الموضوع الذي يعرضه والمواد القانونية التي يحتوي عليها ولكنه مرجع مُفيد جدًا وثري لمن يريد التعرف على القوانين المصرية على مر السنين.