عزيزي القارئ، دعني أحدثك في السطور القليلة القادمة عن رائعة من روائع الكاتب والأديب إحسان عبد القدوس؛ الرجل الذي سرد بقلمه أجمل الروايات ونسج به أروع الحكايات. إحسان عبد القدوس الذي ولد في ۱ يناير۱۹ ۱۹وتخرج من كلية الحقوق عام ۱۹٤۲ و توفاه الله في ۱۲ يناير ۱۹۹۰
ولد إحسان عبد القدوس في كنف أسرة تعشق الأدب؛ فوالده المؤلف والممثل محمد عبد القدوس ووالدته روز اليوسف مؤسسة مجلة روز اليوسف ومجلة صباح الخير.
إن تاريخ إحسان عبد القدوس كان حافل بأعماله الأدبية التي حفظناها عن ظهر قلب. عبد القدوس كان ضمن مجموعة مِن مَن حالفهم الأدب وأخذهم في رحابه لصعود جبل شاهق يدعى جبل الخلود. يموت الجسد وتبقى الأعمال الأدبية خالدة.
من أبرز أعمال إحسان عبد القدوس التي حصدت نجاحاً وتحولت إلى أعمال تلفزيونية وسينمائية: لا أنام، في بيتنا رجل، دمي ودموعي وابتسامتي….لن نستطيع التحدث عن جميع أعمال إحسان عبد القدوس في هذا المقال بالطبع ولكننا سنكتفى بالتحدث عن حلقة واحدة فقط في سلسلة أعماله الذهبية وهي لن أعيش في جلباب أبى.
في عام ۱۹۸۲ كتب الأديب إحسان عبد القدوس كلمه “تمت” بعد ۱٥۲ صفحة، لتخرج روايته للنور في نفس العام.
روى لنا عبد القدوس في الرواية قصة عائلة عبد الغفور البرعي، وهي قصة رجل عصامي، رحلته من الصفر حتى القمة، حتى كون ثروة هائلة، لكن لم يكن يعرف إنها سوف تكون سبب في أزمة وتعاسة عائلته .
نجحت الرواية وقتئذ بشكل كبير، لم يكن عبد القدوس يعلم وقتها أن روايته تلك ستصبح أيقونة في التليفزيون المصري…
في ۱ يناير ۱۹۹٦ بدأ عرض مسلسل تليفزيوني، من إنتاج ناهد فريد شوقي، بطولة نور الشريف وعبلة كامل، واخراج أحمد توفيق. كلن المسلسل مكون من ۳٦ حلقة، ولا يجب أن ننسى إثنان من العملاقة وهما الموسيقار الكبير حسن أبو السعود، الذي اقترن العمل بموسيقته التصويرية التي لا أشك عزيزي القارئ إنها ترن الآن في أذنيك، والثاني المبدع صاحب السيناريو والحوار مصطفى محرم
عندما تتحول الروايات إلى أعمال سينمائية أو تليفزيونية ربما تتغير بعض الأحداث أو ربما تتغير معظم الأحداث ، ويرجع ذلك للكاتب الذي يتولى السيناريو والحوار والمعالجة الدرامية. بعض الكُتاب يغيروا النهايات، البعض الآخر يغير أسماء الشخصيات، أو الزمن الذي تدور فيه أحداث الرواية… ولكن في هذه الرواية كان لمصطفى محرم رأى آخر وهو تغيير شخصية البطل ذاته
لن أعيش في جلباب أبى كما شاهدنا جميعاً في المسلسل، أن الذي كان يرفض أن يعيش في جلباب أبيه هو عبد الوهاب ، ولكن في الحقيقة أن التي أبت أن تعيش في جلباب أبيها هي نظيره الابنة الصغرى لعبد الغفور البرعي. فمن المعروف عن الكاتب إحسان عبد القدوس انه كان يدافع في كل رواياته عن حرية المرأة. من أجل أن تتجرد من الخوف وتنطلق نحو الحرية ولكن عندما عرضت الرواية على الكاتب الكبير مصطفى محرم رأى أن هذا الفكر لا يتناسب مع التقاليد المصرية… مسلسل تلفزيوني يذاع على القنوات المصرية في شهر رمضان الكريم لا يمكن أن يحتوي على قصة فتاة تتجرد من تقاليد عائلتها وتفعل كل ما يحلو لها!
ذكاء مصطفى محرم تلخص في قدرته على حماية عمله الدرامي من قوانين الرقابة، لو كان أطاع مصطفى محرم رأى الكاتب إحسان عبد القدوس وصدر لنا الفتاة المتمردة التي تأبى أن تعيش في كنف أبيها لما كان ينجح المسلسل في إأي الشخصي وربما كان لن يتجاوز حدود الرقابة ليعرض على الجمهور.
ويكمن أيضاً إبداع المسلسل في كونه خالد في ذكرياتنا حتى اليوم فبالرغم من مرور نحو ربع قرن إلا أننا عندما نشاهده يذاع على شاشات التليفزيون نظل جالسين أمامه نشاهده للمرة الألف والأغرب من ذلك عندما يقطع أمامنا بث الحلقة لكي يتخللها إعلان ما ننتظر بفارغ الصبر عودة بث الحلقة، لنشاهد ماذا سيحدث من تصاعدات في الأحداث التي حفظناها عن ظهر قلب
صدر لنا المسلسل شخصية عبد الغفور البرعي التي قام بتأديتها العبقري نور الشريف على كونها شخصية عصامية شيدت صرح ثرواتها بالكد والعمل، وفى الحقيقة ايضاً كانت تدور الرواية على هذا النحو ولكن إحسان عبد القدوس صدر لنا من خلال رأى الناس في عبد الغفور البرعي انه شخصية بخيلة جداً، تخشى على أموالها وتتهرب من الضرائب عن طريق توثيق العقارات والأملاك بأسماء أبنائه، كمثله في هذه الفترة من أغنياء عهد الانفتاح!
أو كما كان يناديها عبد الغفور البرعي (فاطنه)، في المسلسل شخصية فاطمة كشري التي جسدتها الفنانة القديرة عبلة كامل والتي كانت تعد بطلة للعمل أمام نور الشريف، قد كانت شخصية محورية في المسلسل. أما في الرواية .
لم يذكر إحسان عبد القدوس دورها بهذا العمق، وإكتفى بأنها الأم فقط والحقيقة أيضاً أنها لم تكن بائعة كشري من الأساس. ولكن استطاع مصطفى محرم أن يسلط الضوء على تلك الشخصية الثانوية في الرواية ويجعلها بطلة لا تخلو حلقة من الحلقات من مشهدين على الأقل لها، ومن منا لم يتذكر غيرتها على ابنها من روزلين وعلى زوجها…
بالرغم من أن حسين الذي قام بدوره الفنان أحمد سلامة ونظيرة التي قامت بدورها الفنانة حنان ترك كانوا أبطال من الدرجة الثانية في المسلسل ، الا أنهما كانوا في الرواية هما أبطالها من الدرجة الأولى، كانت الرواية تدور حولهما بشكل القطع المتوازي، تدور حول قصة حبهما التي تصاعدت إلى أن انتهت بالزواج.
أضاف مصطفى محرم الكثير من الأبطال، مثل شخصية سيد كشري، والمعلم سردينة، ونبيل ابن الوزير، والوزير، فهيم أفندي.وقد قام المخرج بحذف شخصية عبد الستار عبد الغفور، والاخ الاكبر لعبد الوهاب
نادى السباعي أحد أكبر تجار الحديد والخردة بمنطقة الحدادين بمدينة طنطا، قص علينا انه في عام۱۹۹٥ قام بزيارته الفنان نور الشريف ليبلغه أن حكايته ستُصبح عمل تليفزيوني، وانه جاء حتى يسمع من نادي السباعي المزيد من التفاصيل عن قصة كفاحه. ولكن يبقى السؤال هل إحسان عبد القدوس حقاً كان على علم بقصة نادى السباعي؟ ام انه مجرد تشابة في الشخصيات أراد مصطفى محرم أن يمزجه معاً؟
توفى نادى السباعي الثلاثاء۱ – ۲ ۱ – ۲۰ ۲۰ بعد تعرضه لوعكة صحية شديدة.
وفى النهاية عزيزي القارئ إن لم تكن قد قرأت الرواية فأنصحك بقراءتها. لأنه دائماً تختلف الروايات عن الأعمال الفنية.
لا يوجد محتوى مشابة
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.
لا يوجد محتوى مشابة
أكثر من رائع، وجميل جداً..