سنناقس في هذا المقال 10 من مؤلفات احسان عبد القدوس ومن الافضل ان نبدأ بجزء من الرسالة الذي بعثها الأديب والروائي إلى الرئيس ” جمال عبد الناصر” بعد أن علم أنه يعترض على مجموعته القصصية “البنات والصيف” التي يناقش فيها مشكلات مجتمعية بشكل صريح، دون إنكار لوجودها .
“أنا لا أتعمَّد اختيار نوع مُعيَّن من القصص، أو اتجاه مُعيَّن، ولكن تفكيري” في القصة يبدأ دائماً بالتفكير في عيوب المجتمع، وفي العُقَد النفسية التي يُعانيها الناس، وعندما أنتهي من دراسة زوايا المجتمع، أُسجل دراستي في قصة.
وكل القصص التي كتبتها كانت دراسة صادقة وجريئة لعيوب مجتمعنا، وهي عيوب قد يجهلها البعض، ولكن الكثيرين يعرفونها، وهي عيوب تحتاج إلى جرأة الكاتب، حتى يتحمّل مسؤولية مواجهة الناس بها.
والهدف من إبراز هذه العيوب، هو أن يحس الناس بأنّ أخطاءهم ليست أخطاء فردية، بل هي أخطاء مجتمع كامل، وأخطاء لها أسبابها وظروفها، ونشرها سيجعلهم يسخطون وسيؤدي بهم السخط إلى الاقتناع بضرورة التعاون في وضع تقاليد جديدة لمجتمعنا، تتسع للتطور الكبير الذي نجتازه، وتحمي بناتنا وأبناءنا من الأخطاء التي يتعرضون لها، نتيجة هذا التطور.
ولقد بدأ الناس يسخطون فعلاً، لكنهم بدلاً من أن يسخطوا على أنفسهم وعلى المجتمع، سخطوا على الكاتب “
ولد احسان عبد القدوس أول يناير ١٩١٩ بالقاهرة، تخرج في كلية الحقوق عام ١٩٤٢. بدأ حياته كاتبًا سياسيًا ورئيسًا لتحرير مجلة روزاليوسف التي أسستها والدته فاطمة اليوسف. تقلد عددًا من المناصب الصحفية كان آخرها رئيسًا لتحرير ولمجلس إدارة مؤسسة الأهرام ، وبعدها تفرغ للكتابة حتى وفاته ١١ يناير ١٩٩٠.
أنتج المئات من الروايات والمجموعات القصصية التي تحوّل معظمها إلى أعمال سينمائية وإذاعية وتلفزيونية. منحه الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى، ومنحه الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك وسام الجمهورية، وحصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة ١٩٨٩.
كان له دوراً بارزاً في صناعة السينما ليس فقط عن طريق الأفلام التي أعدت عن قصصه ورواياته ولكن التي شارك في كتابة السيناريو والحوار للكثير منها. وكانت افضل روايات احسان عبد القدوس تصور فساد المجتمع المصري وإنغماسه في الرذيلة والبعد عن الأخلاق.
“إن الأم في نظر أبنائها، شيء أكبر من الحب.. أكبر من حب رجل وامرأة.. إن كل ابن لا يستطيع أن يتصور أمه تحب رجلًا، وتجمعها به ذكريات غرام، حتى لو كان هذا الرجل هو أباه.”
نشرت هذه الرواية في جزئين عام ١٩٦٠ حول أسرة مكونة من أم أرملة، ابنيّن، وثلاث بنات. يستعرض الكاتب طبيعة المجتمع المصري حينها، ويتناول تفاصيل الحياة اليومية، قصص الحب لكل فرد، وطموحاته المختلفة.
كما تم تحويل الرواية إلى فيلم عام ١٩٦١ وهو من إخراج صلاح أبو سيف، ومسلسل في رمضان ٢٠١٧ وهو من إخراج محمد شاكر خضير. “لا تطفئ الشمس” من مؤلفات احسان عبد القدوس التي حققت نجاحًا هائلًا في جميع أشكالها سواء رواية، فيلم، أو مسلسل، ويمكنك الإطلاع على روايات عربية تحولت إلى مسلسلات في مقال مفصل.
“أكتب إليك و العيد على الأبواب … يا نوال لأودعكِ و أعايدك في نفس الوقت إن العيد الحقيقي … يوم يتخلص وطننا من الإحتلال وقد قررت أن أهب نفسي فداءاً لوطني فلا تبكي ولا تحزني بل أتمي رسالتك في الحياة و علمي أولادك أن من استشهد في سبيل بلاده لم يمت و أن الحرية أغلى من الحياة.”
نشرت الرواية عام ١٩٥٧. تدور أحداث الرواية حول المناضل المصري “إبراهيم حمدي” الذي يغتال رئيس الوزراء ويُلقى القبض عليه ثم يهرب ويلجأ إلى بيت زميله “محيي” ويقع في حب نوال أخته.تحول إلى فيلم عام ١٩٦١ وهو من إخراج هنري بركات، وبطولة عمر الشريف، ورشدي أباظة، وحسن يوسف، وزبيدة ثروت.
“و لكن هكذا نحن كل منا يفكر في نطاق المكان الذي يقف فيه الذين يفكرون في الحرب هم فقط الذين يطلقون النار أما الواقف على محطة الترام فلا يفكر في شيء إلا الهروب من دفع ثمن التذكرة”
وتدور أحداث الرواية حول شخصية” محمد” بطل العمل الذي يضل طريقه في الصحراء شهوراً طويلة محتفظاً برصاصة في جيبه احتفظ بها منذ نكسة ١٩٦٧، أملا في استخدامها بنفسه كمجند مع أول مواجهة حقيقية مع إسرائيل، وبالفعل يحقق حلمه في النهاية بعبور قناة السويس.
و فيلم “الرصاصة لاتزال في جيبي”، يبقى الأشهر والأكثر تأثيراً من مؤلفات احسان عبد القدوس في المشاهد المصري، من بين الأفلام الكثيرة التي تناولت حرب أكتوبر المجيدة. والفيلم من إخراج حسام الدين مصطفى وبطولة محمود ياسين.
“ترى ما الذي يدفع الطفل إلى أن يتسلق الشجرة ليهدم عش العصفور، ثم يبكي إذا مات العصفور ؟ ما الذي يدفعه إلى ارتكاب هذا الجرم ؟ ثم ما الذي يدفعه إلى الندم؟”
تتمحور الرواية حول “نادية لطفي” التي نشأت مع أبيها بعد انفصال والديها، ثم يتزوج والدها وتنجح في هدم العلاقة بين أبيها وزوجته، ولا تنام من وخزة ضميرها فتحاول تعويض والدها لكنها تقلب حياتهما رأساً على عقب!
لا تختلف قصة الفيلم كثيرا إلا في النهاية. الفيلم كان ملئ بالنجوم ومن إخراج صلاح أبو سيف. وكان من أوائل الأفلام الملونة.
“شئ اسمه الحب وشئ اسمه: غريزة التملك وبين الحب وغريزة التملك خيط رفيع.. رفيع جداً.. إذا ما تبينته تكشف لك الفارق الكبير!”
يتسأل البعض عن ماهية الحب، أليس الحب هو حب الأشياء وتملكها؟ ما هو التملك؟ وكيف تفرقه عن الحب؟ هل الحب تملك؟ أسئلة متعددة تطرحها الرواية. في “الخيط الرفيع” يناقش احسان عبد القدوس الفاصل بين الحب والرغبة في التحكم، وفي رأيه الفرق بسيط للغاية، فهناك خيط رفيع يفصل بين هذه المشاعر. تم انتاج الفيلم عام ١٩٧١ بطولة “فاتن حمامة” و”محمود ياسين” ومن إخراج “هنري بركات”.
يمكنك قراءة مقال عن لن أعيش في جلباب أبي بين الرواية و المسلسل.
“لقد اكتشفتُ أن من أسرار السعادة الزوجية ألا يبقى الزوج في البيت طويلًا.. ألا يعود إلى البيت وقت الغداء، ويبقى فيه إلى صباح اليوم التالي!!”
هذه الرواية من مؤلفات احسان عبد القدوس المميزة، وتروي سيرة امرأة وزوجة وأم، مختلفة بكا معنى الكلمة عن اى إمرأة أخرى تراها حولك في أفعالها، وآرائها، مبادئها.. يمكن القول أنها مثالية.
يتحدث احسان عبد القدوس بلسان زوجة أحمد دون ذكر اسمها مما انتقده الكثيرون. ولكن أبدع في وصفه لمشاعرها وآرائها.
“في حياة كلّ منا وهم كبير، يسمى الحب الأول، لاتصدق هذا الوهم، إن حبك الأول هو حبك الأخير.”
خمس قصص حب بلا أمل، أشهرهم التي تحمل اسم المجموعة ومن افضل مؤلفات احسان عبد القدوس التي تحولت إلى فيلم. تتحدث القصة الأولى “الوسادة الخالية” عن وهم الحب الأول. القصة الثانية “الله محبة” تتناول قصة حب اثنين من أديان مختلفة. ولكل قصة سبب يثبت استحالة استمرار حكاية الحب.
فيلم “الوسادة الخالية” من إنتاج عام ١٩٥٧ ومن إخراج “صلاح أبو سيف” وبطولة”عبد الحليم حافظ” و “لبنى عبد العزيز”.
“ستخطئين يوماً.. ستنزلق قدمك.. كل اللاتي اشتغلن بالسينما انتهين إلى الخطيئة… وكلهن جئن لي.”
هذه المجموعة القصصية من مؤلفات احسان عبد القدوس التي حينما قرأها الرئيس جمال عبد الناصر أبدى اعتراضه عليها، مما أضطر احسان عبد القدوس أن يكتب رسالة له يوضح فيها وجهة نظره. الرابط بين القصص في هذه المجموعة هو الصيف وشواطئ الإسكندرية.
فمن خلال خمس قصص ناقش عبد القودس الخيانة الزوجية، شهوة الزوج إلى الخادمة، وحب الرجل لفتاتين احدهما متزوجة وتكون العلاقة حب شهواني فقط والفتاة الأخرى المراهقة ويكون الحب الطاهر.
تحول ثلاث قصص من الخمس إلى فيلم عام ١٩٦٠ من إخراج ثلاثة مخرجين “عز الدين ذو الفقار” ، “صلاح أبو سيف”، وفطين عبد الوهاب”. تدخلت الرقابة لتغير نهاية القصة الأولى الخاصة بشخصية “وفية” التي تقوم بدورها “مريم فخر الدين”.
“أعترف بأن فى حياتى نقطة فشل تكررت أكثر من مرة، وتحولت نقطة الفشل إلى مركز فشل دائم، وقد كنت دائما أقوى من الفشل، إننى أعترف، فشلت مع زوجى الأول، وفشلت مع الرجل الذى جذب أنوثتى، وها أنا أفشل مرة أخرى مع زوجى الأخير، ما سر هذا الفشل؟ لماذا أنجح كزعيمة وأفشل كزوجة؟”
تتعرض “سعاد” للفشل في علاقاتها الزوجية، وفي علاقتها مع ابنتها. فهي تنجح فقط في عملها وكونها سيدة مجتمع. فقد نسيت إنها امرأة. من مؤلفات احسان عبد القدوس التي ناقش فيها هذه القضية الخاصة دون تعميم، فليست كل امرأة عاملة تتصرف مثل “سعاد”. فهناك الكثير من النساء ناجحات في موازنة حياتهن بذكاء. تم نشر الرواية عام ١٩٧٧.
تحولت إلى فيلم عام ١٩٩٤ من إخراج “عاطف سالم” وبطولة “ماجدة”.
“عذرية البنت لا تعني شيئا…. لا تعني على الإطلاق إنها شريفة… أو أن جسدها طاهر لم يمسسه بشر… إن هذه العذرية وهم ابتكرته عقلية الرجل الشرقي.. العقلية التافهة الأنانية.. لقد اعتبر أن المرأة ليست سوى قطعة بضاعة.. شئ يجب أن يقدم إليه ملفوفا بورق السوليفان و مختوما بختم المحل.. ختم المحل في نظره هو العذرية..
أو غشاء البكارة.. وهذا الرجل الشرقي الغبي لا يعلم حتى الآن أن ختم المحل هذا يباع عند أي طبيب جراح بخمسة جنيهات.. خمسة جنيهات فقط وتستطيع أي امرأة أنجبت عشرة أطفال أن تعود عذراء… عذراء مزيفة.”
يتحدث “إحسان” عن الرجل الشرقي وعقليته، الذي مهما حاول إثبات أنه مُتفتح سيظل بداخله رجل قمعي للمرأة. فالدكتور “حسن” في صراع بين تقاليده الشرقية التي تربى عليها وبين اكتسابه للثقافة الغربية المنفتحة للغاية. لا يسأل زوجته عن ماضيها لأن ليس من حقه سؤالها وفي نفس الوقت يصاب بأزمة نفسية عندما يعرف أنها ليست عذراء.
تحول إلى فيلم سينمائي بعنوان “أين عقلي” من إخراج “عاطف سالم” وبطولة “سعاد حسني”، “محمود ياسين”، و”رشدي أباظة”.