في طفولتي كنت بقضي وقت طويل جدًا مع ماما في المطبخ، بتابعها بإعجاب، وهي بتطبخ وبلاحظ كل مكون من مكونات الطبخة بيتحول شوية بشوية عشان يتقدم في النهاية بشكل وطعم لذيذ، يمكن لحد دلوقتي معرفتش إيه سر السحر اللي في أكل ماما، ليها طعم تاني، بس اللي وصلت ليه أن الأكل مش بالمكونات الأكل بالنفس، وكل من روحه حلوة أكله حلو، عشان كدا بنفضل ندور على نفس طعم الأكل بتاع أمهاتنا، ولكن السر في الحب والنفس اللي بيعمل الأكل.
الرواية والكتاب الحلو زي الطبخة اللي على نار هادية، هتلاقيه مكتوب بنفس حلو، وتحس أن الكاتب كان رايق، وهو بيكتبه، زي رواية كحل وحبهان للكاتب عمر طاهر، الرواية مكتوبة بخلطة سرية تفتح نفسك على القراءة والحب والأكل، سِحر مطبخ ابتسام وطريقة تنظيمه، صورة مديحة كامل اللي متعلقة فيه، طريقة عرض البرطمانات والماسكات التريكو، وأهم قاعدة عندها المواعين ماتبتش في المطبخ عشان بتعمل ريحة مش حلوة.
في كحل وحبهان هتعرف أن مفيش طريقة مختصرة للنجاح زي طريقة طبخ الملوخية، من أول اختيار الملوخية الطازة والمخرطة ودق الثوم والطشة بحتة سمنة بلدي، مينفعش تفوت أي خطوة منهم عشان تدوق أحلى ملوخية، وهي الدنيا إيه غير لقمتين حلوين وكلمتين حلوين.
على قد ما بنكبر وبتوحشنا نفسنا واحنا صغيرين بيجي عمر طاهر، ويخلينا نكتشف نفسنا أكثر، ونسامحها، في رواية بتوليفة من خفة الروح وبلاغة الكتابة والوصف لفترة جيل كبير من شباب الثمانينيات الذهبي.
لو مزاجك مش مظبوط اليومين دول أو عندك بلوك قراءة أنصحك وبشدة أنك تقرأ رواية كحل وحبهان، بس متنساش قبلها تكون متغدي كويس عشان حقيقي هتفتح نفسك.
اما لو أنت من عشاق الطواجن فكتاب”وداعاً للطواجن” للكاتب محمد السعدني هو أنسب اختيار ليك لانك هتعرف سر طواجن اللحمة الكندوز اللي بيعملها المعلم سرور أبو هاشم، بتبقى غرقانة في مغرفتين سمنة بلدي وبصل صعيدي وفلفل أحمر حراق.
كتاب”وداعاً للطواجن” هو موسوعة مصغرة عن المزاج الشعبي والأكلات المصرية والعربية والغربية بكل أنوعها مع كمان وصف لأهم، وأجود المحاصيل المصرية اللي هتتفاجئ أنها أصلاً بتتزع في مصر.
السعدني مش بس أتكلم عن الأكل، بيدردش معاك بين كل قطمة والتانية عن قصص الناس اللي عرفهم في حياته وأقدارهم في الحياة اللي كانت ليها علاقة بالأكل.
وعلى رأي السعدني “الدنيا حظوظ و مزاجات أيام بنشرب عسل وأيام بنشرب خل ..وأيام ننام على الريش وأيام ننام على التل”
فكرت كتير في جملة أختم بيها المقال بس ملقتش يمكن عشان جوعت؟!
فريق iRead كتب المقالة بكل الحب عشان يشجعك على القراءة بانتظام، أنت تستاهل أنك تثقف نفسك وتبسطها، شكراً لأنك وصلت لحد هنا.