المحتوى ده قابل للنشر ولا لأ؟
الكلمة دي عليها جدل كبير وعلى محيط واسع من الفئات المختلفة، رقابة المصنفات وأصحاب القرار والنُقاد وكمان العامة، في وجهتين نظر للموضوع هنتناقش فيهم في المقال ده، وفي الأول والآخر يندرج تحت تصنيف مقالات الرأي في حالة لو القارئ له وجهة نظر مختلفة بنرحب بيها لأن احنا مؤمنين بحرية الرأي وتقبل الآراء الأخرى.
1- وجهة النظر الأولى
لو أقرّينا إن الكتابة فن، والفن حرية للتعبير الغير محدود للكاتب وصاحب العمل، إذاً مش مسموحلنا أننا نصنف المحتوى إذا كان قابل للنشر ومتوافق مع معايير المجتمع ولا لأ. ببساطة ممكن متقرأهوش وتتجنبه خالص لو محتواه لا يتفق مع معتقداتك الشخصية ووجهات نظرك. دي وجهة النظر الأوقع لأننا مش هنحط قيود على الكُتاب ونحددلهم إيه اللي ينفع يتكتب ومقبول وإيه اللي مش مقبول! تخيل احنا اللي نحدد للكُتاب يكتبوا عن إيه ويتجنبوا إيه؟
– وبالحديث عن تحديد المواضيع ونوعها للكاتب، لازم نذكر التابوهات اللي منعرفش مين أسسها بس احنا اتولدنا لقيناها وكبرنا عليها وبنخاف نتكلم فيها خوفاً من انتقاد المجتمع لينا ونظرته اللوامة لأي أي شخص يخرج عن النص اللي المجتمع حددهوله.
التابوه الأول
أول تابوه معانا هي السياسة بجميع أشكالها، سواء بتناضل لحرية وطنك، بتدافع عن حقوق مؤمن بيها، سواء ليك حقوق أو ملكش، مش مسموح. ولكن…، تعالى احكيلك على حاجة،
عندنا مثالين للنضال من أجل حرية التعبير والدفاع عن وطنهم،وهم غسان كنفاني ومُريد البرغوثي، واحد اتقتل والتاني عاش منفي بعيد عن أسرته ووطنه في سبيل نشر الحقائق والوعي الوطني الفلسطيني، لو كانوا اختاروا الصمت كان زمان معظم الحكاية اتدفنت معاهم وردمها التراب!
استوقفني جملة من قوة وقوعها قدام عيني مقدرتش أقاومها واستسلمت ليها باكية، وكأن غسّان كتبها بدمه، بكل كيانه وسخطه وتمرده
“كل دموع الأرض لا تستطيع أن تحمل زورقا صغيرا يتسع لأبوين يبحثان عن طفلهما المفقود… ولقد أمضيت عشرين سنة تبكي… “
من رواية عائد إلى حيفا.
غسّان أتقتل بسبب نضاله الخالص لوطنه! ولكن كلماته فضلت عايشه للنهارده، بتصحي فينا الضمير وتقولنا متنسوناش احنا لسه بنموت! تخيل قوة الكلمات؟ الكلمة لها ثمن ووزن وده بيوضح قوة تأثيرها على البشر، وعشان كده هتلاقي كتير بيخافوا من الكلمة وبيغتالوا صاحبها بكل خسّه وخوف بداخلهم، ويا كثر من غسّان في البلاد بيوهبوا حياتهم وصوتهم وكلماتهم لقضية شعب ووطن، قضية مصدقينها ومؤمنين بيها.
التابوه التاني
يُقال إن أي كلام في الدين ممكن يعمل فتنة طائفية أو تطرف، عنصرية أو دعوة للإلحاد، وكمان تشويه ديني،
التاريخ لا يخلو من القصص الدينية سواء من بعيد أو قريب، الدين حياة ولابد من وجوده حتى في كتاباتنا، كان ومازال واخد جزء كبير من حياتنا وعاداتنا، ولكن هناك جزء من الموضوع يجب مناقشته،
لو حطينا معايير للكتابة وحدود لحرية الفكر كان زمان نجيب محفوظ مقتول بسبب رواية كتبها معجبتش فئة من الجمهور وقرروا يغتالوه مرة ولكن نجا منها و “أولاد حارتنا” طلعت للنور بعد سنين من القمع والخوف من ردود الأفعال عليها، وأتهمه البعض بالهرطقه والإلحاد، لو كان نجيب سمع واتأثر بالإتهامات اللي اتوجهتله مكناش دلوقتي لسه بنطلب رواياته ونقرأها جيل بعد جيل،
مكناش هنشوف “الحرافيش” و “ثرثرة فوق النيل” و”بين القصرين”، “زقاق المدق”، اللص والكلاب” والسراب وأعمال سينمائية وروايات كانت هتقتطع جزء كبير من تاريخ السينما في مصر لو مكنتش اتكتبت بإيد العبقري نجيب محفوظ. تخيلوها كده؟؟؟
ولما نيجي لأعمال رضوى عاشور زي “ثلاثية غرناطة” وسردها لسقوطها والتغير العقائدي القسري اللي حصل هناك هتلاقيها دخلت في منطقة محظورة، منطقة مبيتكلمش فيها غير الشجعان الأحرار، وغيرها من كتابات رضوى عاشور القوية زي “الطنطورية” وأعمال تانية كتير، امرأة كرست قلمها لسرد الحقيقة ونشر الوعي والتاريخ المحذوف، أو ممكن نقول التاريخ اللي العالم دلوقتي بيمثل إنه مجاش!
– موقف حدث بالفعل في يوم ما..كنت بقرأ “شيفرة دافنشي” للكاتب دان براون، واستوقفني موضوع الكتاب الشائك، وبالصدفة وأنا بدور على مراجعات ومقالات عليها لقيت مقالة للعراب أحمد خالد توفيق تحت عنوان:
شيفرة دافنتشي: متى يتعلم الغرب الحرية منا؟
أثبتت رواية (شيفرة دافنتشي) أن الغرب ما زالت أمامه أعوام طويلة حتى يتعلم الحرية منا نحن العرب، وحتى يقبل الرأي والرأي الآخر كما نفعل نحن بالضبط .. يا أخي متى يتعلم الفرنسيون و البلجيكيون وسواهم أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، وأن رأيي قد يختلف عن رأيك لكني سأموت لأسمح لك بقوله ؟
ما أتكلم عنه هو نغمة الشماتة الواضحة في وسائل الإعلام العربية التي اكتشفت فجأة أن الغرب ضيق الفكر جدًا. فرحة غامرة تغمرنا لأننا والغرب سواء في التعصب وما فيش حد أحسن من حد.. دعك من الانتشاء بفكرة أن هذه الرواية وجهت ضربة قوية للمسيحية بيد واحد من أبنائها، وفات ،الكثيرون أن المؤلف سحب في نهاية الرواية كل ما قاله عن الفاتيكان، بل يتضح أن من قال هذا الكلام هو شرير الرواية الأساسي
الحقيقة أن رواية (شيفرة دافنتشي) – الرواية التي طبع منها عشرون مليون نسخة بخمسين لغة – قد تحولت إلى حمى تجتاح العالم.. وكان مرشدو
متحف اللوفر أول من لاحظ ذلك؛ لأن الناس يأتون لرؤية مسرح الرواية ويسألونهم عن كل مكان ورد فيها .. مئات من المقالات كتبت عنها،
وعشرات المواقع الإلكترونية أنشئت خصيصا لمناقشتها. الفاتيكان نفسه خصص موقعًا إلكترونيًا للرد على ما جاء بها. دفع الكتاب أيضا ثلاثة مؤلفين غربيين للرد عليه من خلال ثلاثة كتب: (الحقيقة وراء شفرة دافنتشي)، (حل شفرة دافنتشي)، و(الحقيقة والخيال في شفرة دافنتشي)ـ
لما بنقول تابوه مش بنتكلم عن بلد أو مكان واحد! التابوه ده فكرة متفشية فكل مكان وفي أكتر البلاد تفتح!
التابوه التالت
سيظل دائماً وابداً تابوه “الجنس” متخفي ورا عباءة سوداء لبنت لابسه خلخال في رجلها وطرحه طالع منها شعر أصفر مصبوغ!
لو اتكلمنا عن الأدب الحديث هنلاقي أولهم الكاتب الجرئ أحمد مُراد صاحب أشهر روايات أتحولت لأعمال سينمائية ناجحة جداً، زي تراب الماس اللي اتكلم عن فئات من مجتمع قد نكون عشناه في يومً ما،
يتخلله مواضيع تطرق ليها بأسلوب جريء قد يتردد كاتب آخر في ذكرها وقد يعتبرها البعض الآخر تجاوز غير ضروري بالرغم من اتساقه مع السياق الدرامي بالفعل، أحمد مُراد قدم لنا التابوه التالت وهو الجنس بأشكال مختلفة خاصة بفئة من المجتمع الخفي، أو نقدر نقول عليه عالم بوجه آخر منعرفش عنه حاجة، ولو عرفناه هنعمل نفسنا مش عارفين.
الحقيقة إن الموضوع ده فكرني زمان بموقف مع والدتي
كنت بقرأ كتاب “تراب الماس” وسيبته في الصالة ونمت وتاني يوم الصبح لقيت ماما بتقرأه وفجأة قفلت الكتاب وبتبصلي بصة لوم وعتاب كأني عملت جريمة وفي لحظتها دماغي أبتدت تفكر في كل المصايب اللي عملتها مؤخراً يمكن تكون عرفتها ولكن موصلتش لأي مُصيبة عملتها لأني كنت وديعة جداً في فترة مراهقتي،
لقيت ماما بتقولي بكل انفعال وعدم تصديق “انتي ازاي بتقرأي حاجة زي كده؟” ولكن ممنعتنيش إني أقرأها وسابتني لضميري، ….وضميري قالي كمليها عادي.
2- وجهة النظر التانية تحت عنوان “التأييف”
أنصار وجهة النظر ديه بيميلوا إلى “التأييف” ومعناها تفصيل المحتوى على حسب الإطار اللي متحدد له عشان يكون تلميذ نجيب بيسمع الكلام وميزعلش الموجهين منه عشان يحطوله علامة حُسن سير وسلوك في أعمال السنة، ومش بس كده، هيتوجوه بنيشان البطولة والتميّز، وهو ده هدفه من البداية بغض النظر عن سبيل وصوله خسر إيه في طريقه، ألا وهي المصداقية.
افتكر صديقة ليا قالتلي في يوم من الأيام في لحظة بتكلم فيها عن شغف الكتابة، قالت بكل ثقة وفخر
“طالما هتكتبي حاجة متجرحش الأطفال يبقى تمام” ..
طيب وليه الأطفال يقرأوا حاجة مش قد سنهم؟ وليه تحددي سور مينفعش نخرج برا إطاره؟
الفن لو متحددله إطار مكنش بيكاسو طلع بشكل فني شاذ تماماُ عن غيره من الفنانين وبقى مدرسة من مدارس الفن في الرسم السريالي، في آخر المقال أحب أوضح إن زي ما في حرية رأي، في برضه حرية شخصية، تقدر بيها تمنع نفسك من أي محتوى شايف إنه ممكن يأثر عليك بأي شكل من الأشكال.
لو عندك وجهة نظر حابب تشاركها معانا في التعليقات هنكون حابين ده جداً، بنشكرك إنك وصلت لحد هنا ونتمنى يكون المقال عجبك.
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.
مقال جميل يا أشرقت.. تسلم ايدك 🤍🔝