القراءة رحلة ممتعة ومغامرة شيقة تضيف الكثير لإثراء عقل القارئ ووجدانه وشخصيته. وبينما تبدو القراءة للبعض عملية سهلة وسلسة للغاية يستطيعون أن يمارسوها بكل استمتاع وبلا أية مشقة أو مجهود، فإنها قد تكون للبعض الآخر عملية شاقة صعب اعتيادها وربما واجهوا في تجربتهم بعض الملل.
ومن أجل البدء بتجربة قراءة ممتعة وغير مملة، ندعوك عزيزي القارئ أن تقوم بتجربة النصائح التالية التي قد تساعدك كثيراً.
الاختيار المحدد لمجال يجذب انتباهك وترغب كثيراً في مطالعته هو أول خطوة على طريق الوصول لتجربة قراءة ممتعة بلا ملل. فمثلاً تستطيع أن تحدد بشكل عام مجال القراءة المفضل لك ثم تبدأ في تحديد الفروع التي تندرج تحته. هل تحب أن تقرأ كتب عن الأدب؟ جيد جداً. ماذا تفضل أكثر؟ رواية، قصة قصيرة، شعر…إلخ؟ هل تفضل مثلاً الكتب العلمية؟ ما هو أكثر أقسام العلوم تفضيلاً لديك؟ هندسة؟ فلك؟ اتصالات؟ وهكذا. فإن تحديد الخطوة الأولى على هذا النحو هو حجر البداية الذي تبني عليه تجربتك بناءً سليماً.
الآن وقد قمت بتحديد مجالك المفضل للقراءة، ننصحك عزيزي القارئ أن تبدأ بكتب ذات عدد صفحات قليل إلى متوسط. الكتب الطويلة ذات عدد الصفحات الكبيرة ربما تقودك للملل في منتصفها أو تشعر بخيبة أمل أنك لن تستطيع انهاء كل هذا العدد من الصفحات فتتركها.
تستطيع في هذا السياق أن تبدأ مثلاً بمجموعة قصص قصيرة، دواوين شعرية، أو كتب ذات عدد صفحات لا يتجاوز المائة حيث ستكون فترة القراءة أقل والمحتوى ممتع في الوقت نفسه.
لا يُنصَح البدء بقراءة مجالك المفضل بكتب ذات لغة أجنبية عن لغتك الأصلية حتى لو كنت تتقنها كلغة ثانية. في كل الأحوال قد تصادف كلمات وتعابير ومصطلحات غريبة عنك وتحتاج إلى ترجمة أو تفسير أو الرجوع إلى مُعجم وما إلى ذلك. هذا من شأنه أن يصيبك ببعض الملل الذي يمكن تلافيه بالبدء بلغتك الأم ثم الانتقال تدريجيا للغات أخرى بشكل مبسط. يوجد العديد من الكتب الهامة والروايات وغيرها مترجم إلى عدد من اللغات، وبذلك فما زال بإمكانك مطالعة الكثير من الثقافات المختلفة وألوان الأدب والكتابة لكتاب ذوي خلفيات ثقافية متنوعة تمت ترجمة أعمالهم للغتك الأولى مما يجعل القراءة سهلة جداً وممتعة.
إن كنت مثلاً قد قررت قراءة رواية ما وبدأت تستشعر تسلل الملل إليك حاول أن تقوم بتَخَيُّل الأشخاص في الرواية والأحداث والأماكن. الأبطال كيف هو شكلهم؟ كيف يفكرون ويشعرون ويتعاملون؟ ما هو شكل الأماكن التي تقع بها الأحداث وكيف كانت تلك الفترة الزمنية وهكذا. كل هذا من شأنه أن يجعلك تستشعر الأشخاص والأحداث والأبطال بشكل أفضل وتستطيع متابعة القراءة باستمتاع وبعيداً عن الرتابة والملل.
عندما تبدأ بقراءة كتاب ما، فتذكر دائماً أنك لست في سباق مع الزمن وليس عليك أن تنتهي من عدد صفحات معين في وقت محدد أو أن تقرأ بنفس وتيرة صديقك/صديقتك أو شخص تعرفه. لكل كتاب ظروفه ولكل قارئ طبيعته والأفضل أن تسأل نفسك ماذا استفدت بما قرأت اليوم أو كيف جعلني أشعر بدلاً من كم صفحة قمت بقراءتها حتى ولو لم أتذوقها أو أتذكر ما قمت بقراءته. وذكّر نفسك دائما أنه لا فائدة من كثير لا قيمة له، ومن مجرد قراءة سريعة بالعينين لتسجيل رقم قياسي من الصفحات دون وجود أي استفادة من كل التجربة.
كلما مرّ بذهنك فكرة محددة حول موضوع الكتاب أو استفدت منه شيئاً ما، قم بتدوينه في دفتر أو مفكرة جانبية تضعها بجوار الكتاب في شكل نقاط منظمة تساعدك على كسر حاجز أي ملل ويمكنك دوماً العودة إليها للاستفادة كلما رغبت بذلك.
يمكنك دوماً شراء تلك المفكرات اللطيفة المتواجدة بالكثير من المكتبات وتخصيصها للملاحظات التي تحب أن تقوم بتدوينها في وقت القراءة.
الانضمام لمجموعة نقاشية حول الكتاب الذي تقرأه سوف تفيدك في جعل التجربة أكثر امتاعاً. من الجيد أن تشارك برأيك حول الكتاب مع قراء آخرين والاستماع لرأيهم أيضاً وتبادل وجهات النظر والنقد. هناك الكثير من المواقع والمنتديات والمجموعات على شبكة الإنترنت التي تضم عدد كبير من القرّاء المهتمين بمناقشة ما يقومون بقراءته واعطاء النصائح عن الكتب وكتابة تقييمات عنها.
ضع بعض من أقلام التظليل ذات الألوان الجذابة بجانبك وظلل بها الفقرات المفضلة لديك، الاقتباسات الجميلة والسطور المميزة بالكتاب وبذلك تتفادى الوقوع في فخ الملل وقت القراءة.
سيُضفي ذلك القليل من اللون والحياة على صفحات الكتاب وسطوره ويتيح لك سهولة العودة لأية فكرة تريد معاودة مطالعتها بين الحين والآخر.
سيكون من الممتع جداً أن تقوم بالقراءة في حديقة، في النادي، في مكان مفتوح حيث شمس وهواء ومناظر طبيعية أو حتى على شاطئ البحر. ليس بالضرورة أن تكون القراءة على مكتب وكرسي محدد بين جدران غرفة. ربما يبعث هذا الأمر على الملل بعض الشيء وسيكون تغيير مكانك ذو فائدة كبيرة دائماً.
ليس بالضرورة أن تقوم بشراء الكتب الرائجة فقط لمجرد أنها رائجة حتى ولو كان محتواها لا يناسب ذوقك في القراءة. كل شخص لديه ذوقه الخاص، وليس بالضرورة ما رآه الآخرون كتاباً رائعاً أن تجده أنت كذلك. لا تشعر بالصدمة إن لم يرق لك ذلك الكتاب الذي رآه من هم دونك أفضل كتاب على الإطلاق. ربما ليس هو الكتاب المناسب لك ولا بأس بذلك أبداً.
ستساعدك الأجواء التفاعلية والاستماع لمؤلف الكتاب وهو يقوم بمناقشته والحديث عنه على تكوين فكرة أفضل عن محتوى الكتاب وأفكاره واستيضاح بعض النقاط والأفكار التي تتجلى بشكل أوضح من خلال التفاعل المباشر على أرض الواقع. المناقشات الفعلية للكتب من خلال الندوات وحفلات التوقيع سيجعل قراءتك للكتاب يتم في ضوء جديد وستشعر بمتعة مختلفة وينحسر شعورك بالملل.
في ضوء ما سبق، فإن استمتاعك بالقراءة هو أمر سهل جدا لا يلزمه سوى القليل من الاضافات البسيطة لتجربة القراءة وتغيير بعض الأنماط السلبية التي ربما كانت تزعجك وتشعرك بالملل في السابق. كذلك فإن تغيير نظرتك للأمر بصورة شاملة فيما يخص اهتماماتك وذوقك والابتعاد عن المنهجية النمطية في رحلتك مع الكتب سوف يقوم بإحداث فارق كبير في تجربتك مع صفحات الكتب.
و لابد أن تثق دائماً أن الكتب ستضيف شيء جديد لحياتك وتعمل على اثراءك معرفيا وذاتيا وستشعر بمتعة كبيرة مع كل سطر حديد من كتاب تضيفه إلى تجربة قراءتك المميزة والتي سوف تكون ممتعة بلا شك وبعيدة كل البعد عن الملل في حال اتباعك لتلك النصائح.
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.
مقال رااااائع يا نهى.. سلمت يداك?
عزيزتي الرائعة كلماتك دوماً جميلة مثلك تماماً و تشجع على الاستمرار والمثابرة. دمتِ راقية و رائعة. أشكرك كثيراً.❤