Beautiful Boy

نبذة عن Beautiful Boy

بين أبٍ يُحاول أن يُنقـذ ابنه وابنٍ يُحاول أن يُخمد تلك الحربَ التي اندلعت بداخله؛ هُناك الكثير ليُحكى. حكايةٌ عن ذاك الحبّ الذي بينهما، عن تلك العلاقة التي ظنّ دافيد أنها أقوى من أن تُزعزَع، ظنّ أنه يعلمُ كل شيء عن ابنه، ظنّ أنه يعلمُ داخله وخارجَه، ولكن الأمرَ لم يكن كذلك.

لم ينوِ دافيد أبدًا أن يكتبَ عمّا يمرّ به نيكولاس، ولكنه لم يملك شيئًا للتعبير عن كل تلك المشاعر التي تجتاحه سوى الكتابة، شعرَ أن هُناك من يستحق أن يعلم عن تجربتهما، أن يطمئن بأن هناك وسيلة للنجاة. مُذكرات دافيد لم تكن فقط عن رحلةِ ابنه مع الإدمان، بل عن رحلةِ التقبل أيضًا، تقبل تلك التغيرات التي يمرّ بها ابنه، تقبل أن لابنه الحقّ في صنعِ تجربتِه الخاصّة.

يُحدثنا دافيد Beautiful Boy عن تلك اللحظاتِ التي كان ينظر فيها إليه، ذلك الطفل الذي خطا معه أولى خُطواتِه، وكان له رفيقًا في كل ذكرياته، ذلك الفتى الذي صارحه بأعمقِ أسرارِه، ماذا حدث له؟ أين ذهب ابنه الصغير؟ وها هو الٱن يتساءل عن ذاك الذي يقف أمامه، وكأنه يراه للمرةِ الأولى.

لطالما حاول دافيد أن يجعل منه شخصًا مثاليًا، ولم يُدرك أنه كان يُبعده عنه يومًا بعد يوم، شعر نيكولاس بأن كل ما يفعله كان مُحبطًا بشكلٍ أو بٱخر بالنسبة لأبيه، شعر وكأنه يركضُ في حلقةٍ مُفرغة ولا يستطيع الخروج منها أبدًا، كان فقط يُريد أن تمنحه الحياة بعضَ الوقت ليفهم ماذا يجري بداخلِه وحولِه، كان فقط يُريد هُدنة من صخبِ هذا العالم.

أراد دافيد أن يُرينا أن الإدمان لا يعرفُ حدودًا، يأتي فجأةً ويُغادر ببطئ كضيفٍ ثقيل. أراد أن يرينا أن في بعضِ الأحيان لا يكون الإدمان اختيارًا، بل مرضًا قد يُصيب أيًا منّا في أيةِ لحظة. كما رأى أن علينا جميعًا أن نتوقف عن النظرِ إلى المُخدرات نفسها والبدء في إعادةِ النظر إلى تلك الأسبابِ التي أوصلت كل أولئك إلى تعاطيها، النظر إلى كل تلك الأشياء التي يهربون منها ومُحاولة الخوضِ داخل مخاوفهم، مُحاولة النظر إلى المشهدِ من خلالِ أعينهم.

”أريد فقط أن أعثرَ على طريقةٍ لملءِ تلك الحُفرة المُظلمة التي بداخلى“ نيكولاس شيف.

شعر نيكولاس أنه دائمًا في حالةِ هرب، ولكنه لم يعرف أبدًا ممّا أو ممّن كان يهرب، أخذ يُلاحق ذلك الشُعور الذي غابته في أول مرةٍ يتناول مُخدرًا، ولكنه لم يستطع أن يُدركه من جديد مهما حاول. أدرك نيكولاس أن هُناك الكثير من التفاصيل التي يُمكنه استرجاعها مُجددًا عدا ذلك الشُعور الذي لم يستطع أن يصفه، أدركَ أن ما زال هُناك الكثير لتُعلمه إياه الحياة، ما زال هُناك العديد من اللحظاتِ البسيطة التي تنتظره لكي يعيشها، أدرك حينَها أن ما زال للطريق بقيّة.

”ما كنت تمتلكه يومًا، سوف تجدُه مُجددًا“ دافيد شيف.

همسَ بها دافيد في أذنِ ابنِه، وكانت همستُه تلك كفيلة لتُـذكّر نيكولاس بأن دائمًا ما يوجد طريقًا للعودة، مهما طالت الأميال. يُحدثنا الكتاب عن تلك المشاعر الصادقة التي تُراودنا جميعًا بلا استثناء، عن تلك الابتسامات التي ننسى التقاطها، عن كل تلك المرّات التي نتغافل فيها عن إخبار من نُحبهم بأننا هُناك، تمامًا بجانبهم.

أراد دافيد أن يكون صادقًا مع نفسِه، ومع قُـرائِه. وبالأكثر، أراد أن يكون صادقًا تجاه الحياة. فسلّط الضوءَ في Beautiful Boy على كل تلك الخيوط التي أخذت تُطرّز تجربتهما، بكل ما فيها من أخطاءٍ وعثرات. تُحدثنا حكاية دافيد ونيكولاس عن كيف يُمكن للإدمان أن يتحول إلى وحشًا يُهاجم عائلةً كاملة بكل أفرادِها، وليس فردًا واحدًا.

تلك العائلة التي لم تتخلى عن فردٍ منها، لم تستطع أن تتركه لذلك الوحش لكي ينهشه، لم تستطع أن تقفَ هُناك مكتوفة الأيدي وتُشاهده يتلاشى أمامها؛ حدثنا دافيد عن عائلةٍ كهذه.

وقد تحولت مُذكرات دافيد إلى فيلم عام ٢٠١٨.