أين يأخذنا الأدب، إلى واقع؟ أم خيال؟ أم واقع خيالي؟ هل الأدب كذبة حقيقية تجمع سحر العوالم الخيالية مع رتابة الواقعية؟ أم هو هوس لاكتشاف الواقع من خلال شعوذة وخداع غابات وأدغال العالم الخيالي؟ قد تجد الإجابة في كتب هاروكي موراكامي.
الأدب يُمكن أن يكون كُل شيء سحري وواقعي وكاذب وحقيقي في آن واحد. وبعض الأدباء يبرعون في هذه التركيبة، بل هي العالم الوحيد الذي تطأه أقلام بعضهم. ومن رواد هذه التركيبة المبدع هاروكي موراكامي.
في عام 1949 شهد العالم ولادة أحد أفضل الكُتاب اليابانيين والعالميين، هاروكي موراكامي. الروائي وكاتب المقالات والقصص القصيرة، والذي تُرجمت أعماله لأكثر من 50 لغة عالميًا، بجانب مبيعاته التي تجاوزت الملايين.
ولكن الغريب أن هاروكي موراكامي لم يبدأ الكتابة في سِن مُبكرة، ولم يكن أصلًا كاتبًا، على حد قوله. فقد بدأ الكتابة في سن الـ 29 ولم يَكن قد كتب أي عمل أدبي قبل ذلك قَط.
“كُنت مُجرد شخصًا عاديًا مثل باقي الناس، وكنت أدير نادي للجاز” يقول موراكامي.
والأغرب أنه لم يكتشف وحش الكتابة الخامد بداخله إلا أثناء مشاهدة مباراة بيسبول عادية! ومنذ تلك اللحظة، وعلى مدار الأشهر التالية، بدأ موراكامي العمل على أول رواية له والتي صدرت عام 1979، ومُنذ ذلك الحين أصدر هاروكي موراكامي 14 رواية و6 مجموعات قصصية وأكثر من 40 عمل غير روائي.
تميز موراكامي تحديدًا ببحثه داخل النفس البشرية ومحاولاته لتحليل دوافعها ورغباتها وغرائزها، من خلال خلقه عوالم سحرية غريبة خيالية -ولكن أيضًا متداخلة مع الواقع- في رواياته وقصصه، وهو ما جعل أعماله عالمية ولا تنحسر فقط في الثقافة اليابانية.
حصل هاروكي موراكامي على العديد من الجوائز من أهمها: جائزة فرانز كافكا، وينتظر العديد من مُحبي وقراء موراكامي ترشيحه لجائزة نوبل للأدب.
والآن نعرض لكم قائمة تضم أفضل وأشهر كتب هاروكي موراكامي:
تُعتبر هذه الرواية أشهر روايات موراكامي ومن أكثرها مبيعًا والرواية التي جعلته نجمًا أدبيًا في اليابان -خاصةً بين أوساط الشباب الياباني- ثُم عالميًا.
تدور أحداث الرواية حول انتفاضة الطلاب في فترة الستينات في توكيو، من خلال البطل الرئيسي واتانابي، والذي كان طالبًا في الجامعة في تلك الفترة. فتُتابع القصة زيارة البطل لتلك الذكريات.
على الرغم من أن هذه الرواية هي تصوير مُعاصر لمواضيع ثقيلة مثل الانتحار والاكتئاب والآلام النفسية الناتجة عن الخسارة، لكنها مازالت تترك رسالة إيجابية لقُرائها، وتحمل لغة سهلة واحداث غير متناوبة.
هذه أيضًا واحدة من أفضل روايات موراكامي وأكثرها غرابةً، كعادة موراكامي الذي يحاول دائمًا المزج بين عالمنا الواقعي وعوالم أخرى موازية سريالية الطابع.
تبدأ الأحداث في اليابان عام 1984، وتنقسم تقريبًا إلى ثلاث فترات ما بين أبريل ويونيو، ويوليو وسبتمبر، وأخيرًا من أكتوبر إلى ديسمبر. وينقسم السرد أيضًا ما بين بطليّ الرواية لنتابع رؤية وترجمة الاثنان للأحداث من خلال وجهة نظرهما الخاصة.
اومامه هي سيدة يابانية تكتشف في يوم من الأيام جهلها بالكثير من الحوادث التي جرت حولها والتي عاصرها تقريبًا كُل من حولها، سواها. ومن هُنا تبدأ اومامه في التساؤل: هل أعيش في عالم موازي؟
رمز الـ Q في عنوان الرواية يساوي علامة استفهام، فهو رمز يُعبر عن الحيرة والتساؤل. يقول البعض أن اختيار موراكامي للعنوان يعود إلى التأثر برواية جورج أورويل 1984، وأن موراكامي يعرض في رواياته بالضبط ما حذر منه أورويل في روايته وما آلت إليه الأحوال بعد العام 1984، مُنتقضًا الفساد المُجتمعي والثقافي والأخلاقي.
رواية كافكا على الشاطيء يُمكنها وبكل سهولة أن تحصد مكانًا في قائمة رواياتك المفضلة، فهي رواية سحرية كما نوى كاتبها أن تكون. تدور أحداث الرواية حول فتًا يبلغ من العمر 15 عامًا يُقرر الهرب من عائلته. على الجانب الأخر هُنالك رجل يستطيع التحدث إلى القطط!
يُشعرك موراكامي أن القصتين غير مرتبطتين في البداية وأن السرد غير متناوب ولكن الأحداث تتشابك في النهاية. تُعتبر هذه الرواية هي اتصالًا ما بين عالمين، عالم الوعي واللاوعي وتهدف لتعليمنا الكثير عن طبيعتنا كبشر. وقد حصل هاروكي موراكامي على جائزة فرانز كافكا عن هذه الرواية.
هاجيمي هو رجل يمر بأزمة منتصف العُمر، فعلى الرغم من وجود زوجة وأطفال ومهنة مناسبة يشعر بأن حياته غير مُكتمله، ينقصها شيء ما لا يعرف ما هو. لكن عندما تظهر شيماموتو، صديقة طفولته، تُشعل ثقاب الماضي ويتغير كُل شيء.
تبدأ الأحداث بطفولة هاجيمي وعلاقته بشيماموتو في تلك الفترة وتفاصيل صداقتهما، ثم بعد ذلك فترة انفصالهما ومن ثمَّ لقائهما مُجددًا وتخبط هاجيمي ما بين الماضي والحاضر. هل يترك زوجته وأبناءه من أجل الماضي؟ وهل هذا الماضي لا يزال كما عرفه هاجيمي أم أنه أصبح مُجرد بقايا لحياة بعيدة لا يُمكن لكلاهما لمسها في واقعهما الجديد؟
تستمر واقعية هاروكي موراكامي السحرية وتظهر بشكلٍ جليّ في هذه الرواية. فلا يُمكنك الجزم تمامًا بأن هذه الرواية بوليسية مثلًا أو تنتمي إلى فئة الرعب، بل تتركك مُتحيرًا، كعادة مُعظم روايات موراكامي.
تبدأ الرواية ببحث الشاب تورو أوكادا عن قُط زوجته المفقود، ولكنه يجد نفسه بطريقةٍ ما يبحث عن زوجته هي الأخرى، فيوصله بحثه هذا إلى عالم خفي وتتشابك محاولات بحثه عن الاثنتين. من هُنا يُقابل تورو شخصيات مختلفة، بعضهم أصدقاء والبعض الآخر أعداء.
تُناقش الرواية العديد من جوانب النفس البشرية مثل الرغبة والقوة والاغتراب والتهميش، وبعض هذه الجوانب لا تظهر بشكلٍ إيجابي، على العكس.
يرى البعض أن طائر الزنبرك -الذي تحمل الرواية اسمه- يُمثل اللاوعي عند الإنسان وهو عامل يُحب موراكامي مُناقشته في معظم رواياته. ويرى البعض الآخر أنه قد يكون يُمثل قوى الطبيعة وتأثيرها في بطل الرواية تورو.