تمثال الحرية تعتبر حكايته من الحكايات التي يعرفها معظم مثقفي العالم، والمهتمين بالفنون، أما عن شكل التمثال فقد تجد معظم سكان العالم يحفظونه عن ظهر قلب، بل يصل الأمر لاعتباره شعارا للولايات المتحدة الأمريكة، فبمجرد وقوع النظر عليه يقفز إلى الذهن شكل علم الولايات المتحدة الأمريكية فورًا.
الغريب أن في حكاية تمثال الحرية مازال هناك بعض التفاصيل الهامة التي يغفلها أغلب الناس ومنها حكاية اللوحة المنسية أو المفقودة.
هو عبارة عن عمل فني مجسم تمثال قامت فرنسا بإهدائه للولايات المتحدة الأمريكية لتوثيق وتقوية علاقات الصداقة بين البلدين في عام 1886.
واستقر في مكانه الحالي المطل على خليج نيويورك بولاية نيويورك الأمريكية، حيث يظهر بشكل واضح لكل من يزور الولايات المتحدة الأمريكية، والاسم الرسمي للتمثال بالإنجليزية هو (Liberty Enlightening the World ).
بدأت حكاية تمثال الحرية عندما قام فريدريك بارتولدي بتصميم نموذج لمنارة عام 1869 وهو عبارة عن فلاحة مصرية ترتدي الزي الإسلامي الطويل، وتحمل في يديها شعلة لتهتدي بها السفن، وتحمل شعار مكتوب فيه مصر تحمل الضوء لآسيا Egypt Carrying the Light to Asia .
ثم عرض النموذج على الخديوي إسماعيل لكي يتم تنفيذه ووضعه في مدخل قناة السويس التي تم افتتاحها حديثُا في 16 فبراير من عام 1869، لكن بسبب تكاليف تنفيذ التمثال الضخمة، ونظرًا لعدم توفر السيولة اللازمة بسبب التكاليف الباهظة لإنشاء القناة، رفض الخديوي إسماعيل الفكرة وأقام بدلًا منها منارة بارتفاع 180م.
في هذا الوقت كانت الجمهورية الفرسية تدعم تأصيل العلاقات القوية مع الدول الصديقة من خلال إهداء بعض الأعمال التذكارية، فتم الاتفاق بين البلدين ووضع خطة لتنفيذه.
حيث تقوم الجمهورية الفرنسية بإنشاء المجسم ودفع تكاليف الشحن، وتقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتجهيز قاعدة التمثال والمكان الذي سوف يتم وضعه فيه.
يتكون التمثال من رمز لسيدة ترتدي زي متحفظ وقد تحررت من العبودية وتخلصت من القيود التي تقع على إحدى قدميها، وترفع يديها اليمنى ممسكة بمشعل يرمز للحرية، وتحمل في يديها كتاب منقوش عليه بأحرف رومانية 4 يوليو 1776 وهو تاريخ إعلان الاستقلال الأمريكي.
وترتدي على رأسها تاج مكون من سبعة أشعة، ترمز للبحار السبع والقارات السبع، أما أصل فكرة التاج مستقاة من عملة مصرية قديمة تحمل صورة بطليموس الثالث ويخرج من رأسة أشعة، ويبلغ طول التمثال من أسفل القدم إلى قمة المشعل 46 مترًا، وطول القاعدة 47 مترًا أي أن الطول الكلي للتمثال هو 93 مترًا.
أما عرض القاعدة الأسمنتية الجرانيتية هو 46 مترًا، ويتكون من ألواح نحاسية بسمك 2.5مم مثبتة على هيكل حديدي، بوزن إجمالي 125طنًا تقريبًا، ويحيط بالتمثال ككل سور على شكل نجمي ذو عشرة رؤوس تم بناؤه عام 1812 كجزء من حصن ” وود ” الذي استخدم في الدفاع عن مدينة نيويورك أثناء الحرب العالمية الأولى.
كما أشرنا من قبل أن صاحب تصميم التمثال هو الفنان الفرنسي فريدريك بارتولدي، وقام ببداية التنفيذ وتصميم الهيكل للتمثال المهندس الفرنسي لوجيني لو دوك لكن القدر لم يمهله الوقت الكافي ووافته المنية قبل الانتهاء من استكمال التصميم.
فتم تكليف الشهير غوستاف إيفل الذي قام بإنهاء التصميم الهيكلي وهو عبارة عن إطار معدني يتم تثبيته في إطار معدني آخر في القاعدة ليضمن صلابته، أما عن القاعدة فقد قام بتصميمها المعماري الأمريكي ريتشارد موريس هنت.
وصل التمثال إلى الميناء في نيويورك قبل الإنتهاء من إنشاء القاعدة وهو مفكك إلى 350 قطعة وضعت في 214 صندوق وتم نقلها على متن الباخرة الفرنسية الشهيرة إيزري في عام 1885، حيث تم لاحقًا بعد الانتهاء من القاعدة تركيب المجسم وإنهاء إنشائه.
وقام الرئيس الأمريكي جروفر كليفلاند في 28 أكتوبر 1886 بإفتتاح التمثال بتواجد عمدة نيويويرك وليام إيفارتز في هذا الوقت وصاحب حملة التبرعات الخاصة بالتمثال.
يعتبر تمثال الحرية من أشهر مواقع التراث العالمي التي يحرص آلاف السائحين على مستوى العالم على زيارتها كل عام، ويعتبر تصميم تمثال الحرية من أشهر التصاميم التي يحفظها أغلبية البشر في جميع أنحاء العالم.
لكن إذا سألت أي شخص عن شكل تمثال الحرية فقد يصف لك أنه لسيدة تحمل في يديها اليمنى مشعل ، أو قد يتذكر الشكل المميز لقاعدة التمثال، لكن قلما أن تجد من يتذكر أنها تحمل في يدها اليسرى لوحة تحمل تاريخ إعلان الاستقلال الأمريكي في 4 يوليو عام 1776.
وقد يرجع ذلك في رأيي لتركيز معظم الناس على اليد اليمنى وشكل الشعلة الشهير الذي يلفت الانتباه ويستحوذ عليه، مما يجعلنا لا ننظر إلى التفاصيل الأخرى في التصمصم الرائع للتمثال.
يقوم أكثر من 3 ملايين سائح بزيارة تمثال الحرية سنويًا للاستمتاع بهذا المعلم الرائع وأخذ الصور التذكارية والاستمتاع بالرحلة داخل العبارة للوصول لجزيرة الحرية في خليج نيويورك حيث يتواجد التمثال حيث تجد كل ما يجذبك لرؤية التمثال في افضل كتب للقراءة.
بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 قامت السلطات الأمريكية بإيقاف الزيارة لتمثال الحرية والمتحف بل ولجزيرة الحرية كليًا وذلك لمراجعة الاجراءات الأمنية والحفاظ على هذا المعلم التاريخي الهام.
ثم أعادت فتح الجزء الخارجي للزيارة مرة أخرى في 20 ديسمبر عام 2001 وظلت باقي الأجزاء مغلقة حتى أعيد افتتاحها بعد ثلاث سنوات وبالتحديد في الرابع من أغسطس من عام 2003، وتلى ذلك افتتاح التاج للقادرين بدنيًا على الصعود في 29 أكتوبر من عام 2011.
أما عن كيفية الوصول للجزيرة لزيارة تمثال الحرية فيعتبر الطريقة الوحيدة للوصول لهناك هي من خلال ركوب العبارة حيث يتم عمل فحص أمني دقيق لكل الركاب قبل ركوب العبارة كما يحدث في المطارات والأماكن الهامة، وأخيرًا تكاليف الزيارة لمن ينوي أو يحلم بزيارة تمثال الحرية في القريب بإذن الله.
تكلفة الدخول للجزيرة مجانية لكن يتوجب على الشخص البالغ دفع 18 دولار أمريكي كتذكرة لركوب العبارة التي ستحمله لجزيرة الحرية، وتبلغ سعر تذكرة الأطفال 9 دولار أمريكي تقريبًا، أما الأطفال دون الرابعة فركوب العبارة مجانًا.
لكن يتم حجز التذاكر بشكل مسبق، يتم عمل فحص أمني دقيق آخر لمن يريد الدخول للتمثال والصعود للتاج مع دفع تذكرة إضافية مقدارها 3 دولار أمريكي لمشاهدة مدينة نيويورك وخليج نيويورك من ارتفاع يبلغ 90 متر تقريبًا.